">
"/>
يتم التحميل...

صدى الولاية - العدد 220 - شعبان 1442 هـ

شعبان

عدد الزوار: 47

 

1- إنّ حضور ذلك الوجود المقدَّس الحجَّة (أرواحنا فداه) بين الناس، يُعدُّ مصدراً للبركة والعلم والنورانيَّة والجمال وجميع الخيرات.
2- فليجعل كلّ واحدٍ من أبناء مجتمعنا توسُّله بوليّ العصر وارتباطه به، ومناجاته معه، وسلامه عليه، وتوجّهه إليه، تكليفاً وفريضةً.
3- عندما يكون ذلك العصر المُنتظَر هو عصر الحقّ والتوحيد والإخلاص والعبوديّة لله، علينا أن نُقرّب أنفسنا من مثل هذه الأمور، ونُعرّف أنفسنا إلى العدل، ونُهيّئها له، ولقبول الحقّ.
4- الشعب الذي يؤمن باللّه ويعتمد عليه سبحانه وتعالى، والشعب الذي يمتلك الأمل بالمستقبل، والشعب الذي يرتبط بما وراء الغيب، والشعب الذي أشرقت في قلبه شمس الأمل بالمستقبل وبالحياة وبالإمداد الإلهيّ، هذا الشعب لن يستسلم ولن يخاف أبداً.

 
 

خطاب القائد

 

بسم الله الرحمن الرحيم

* الارتباط المعنويّ بالإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

١- بركات صاحب الزمان وعنايته (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)
إنّ البشريّة اليوم –على الرغم من الضعف والابتلاءات والضلالات- تقتبس من بركات وإشعاعات تلك الشمس المعنويّة والإلهيّة التي هي بقيّة أهل البيت (عليهم السلام).
إنّ حضور ذلك الوجود المقدَّس الحجَّة (أرواحنا فداه) بين الناس، يُعدُّ مصدراً للبركة والعلم والنورانيَّة والجمال وجميع الخيرات. إنّ عيوننا المظلمة وغير المؤهَّلة لا يمكنها رؤية ذلك الوجه الملكوتيّ من قريب، لكنّه كالشمس المضيئة، يرتبط بالقلوب ويتَّصل بالبواطن والأرواح. ولا موهبة لإنسان عارف أفضل من شعوره بأنّ وليّ الله، والإمام الحقّ، والعبد الصالح، والعبد المصطفى من بين جميع العباد، والمخاطَب بخطاب الخلافة الإلهيّة على الأرض، موجود إلى جنبه، فيراه ويتواصل معه.
إنّ أمل جميع البشر هو وجود عنصر فاضل بينهم يحلّ عُقد الإنسان المبطّنة على طول التاريخ، حيث ترنو العيون إلى نهاية هذا الأفق، وإلى مجيء مَن اصطفاه الله واختاره ليُمزِّق نسيج الظلم الذي حاكته أيدي الظلمة على مدى التاريخ.
إنّ البشريّة اليوم ابتُليت بالظلم أكثر ممّا ابتليت به في العصور الماضية، كما أنّ معرفتها تطوَّرت كثيراً؛ لقد قربنا من زمان ظهور إمام الزمان (أرواحنا فداه) محبوب الناس الحقيقيّ؛ وذلك لأنَّ معرفتنا تطوَّرت وازدادت.

٢- الالتفات إلى كونه (عجل الله تعالى فرجه الشريف) حيّاً يعيش بيننا
فيما يتعلّق بضرورة الارتباط العاطفيّ والمعنويّ والروحيّ بإمامنا العظيم وليّ الله المعصوم، بالنسبة لكلّ واحدٍ منّا؛ القضيّة لا ينبغي أن نجعلها محدودة في إطار التحليل الفكريّ والاستنارة الفكريّة. فذاك المعصوم، الّذي هو صفيّ الله، يعيش اليوم بيننا نحن البشر في مكانٍ ما من هذا العالم ونحن لا نعلمه. إنّه موجودٌ، ويقرأ القرآن، ويبيّن المواقف الإلهيّة، إنّه يركع ويسجد ويعبد ويدعو ويظهر في المجامع ويساعد البشر. فله وجودٌ خارجيّ ووجودٌ عينيّ، غاية الأمر أنّنا نحن لا نعرفه. إنّ هذا الإنسان الّذي اصطفاه الله، موجودٌ اليوم، ويجب أن نقوّي علاقتنا به من الناحية الشخصيّة والقلبيّة والروحيّة، مضافاً إلى الجانب الاجتماعيّ والسياسيّ، والّذي بحمد الله صار نظامنا متوجّهاً نحو ما يريده هذا الإنسان العظيم، إن شاء الله.

٣- اهتمام إمام الزمان ونظره إلى سلوكنا وأعمالنا
إنّ الإمام المهديّ (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ناظر إلى أعمالنا وسلوكيّاتنا، وأنّ أعمالنا تُعرَض عليه.
إنّ شبابنا المؤمنين، الذين يعملون بإخلاص ونشاط في مختلف الميادين -سواءٌ في الميادين الروحيّة والعباديّة والمعرفيّة أو في ميادين العمل وبذل الجهود، أو في الميادين السياسيّة والجهاد حيث كان الجهاد ضرورة- إنّما يُدخلون السرور إلى قلب إمام العصر (عجل الله تعالى فرجه الشريف).

فإمام العصر(عجل الله تعالى فرجه الشريف) حاضر وناظر، وإنّه (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ليُسرُّ لأدنى بادرة مصبوغة بالإيمان والعزم الراسخ، ولو صدر عنّا عكس ذلك، معاذ الله، فإنّ هذا سوف يسوء الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف).

٤- الدعاء للإمام والتوسُّل والأنس المعنويّ به
إنّ لهذه التوسُّلات الموجودة في الزيارات المختلفة -والتي لبعضها أسانيد جيّدة- قيمة عالية. فالتوسُّل والتوجّه والأُنس بهذا الإنسان العظيم عن بُعد لا يعني أن يدّعي أحدٌ أنّني سأصل إلى محضره أو أسمع صوته؛ أبداً ليس الأمر كذلك، فأغلب ما يُقال في هذا المجال ادّعاءاتٌ: إمّا أن تكون كذباً، أو أنّ مَن يقولها لا يكذب ولكن يتخيّل. لقد شاهدنا أشخاصاً لم يكونوا كاذبين، ولكن كانوا يتخيّلون، وقد نُقلت تخيّلاتهم لهذا وذاك كوقائع! فلا ينبغي الإذعان لمثل هذه الأمور. إنّ الطريق الصحيح هو الطريق المنطقيّ. وذاك التوسُّل توسُّلٌ عن بُعد. والتوسُّل الذي يسمعه الإمام منّا سيقبله إن شاء الله، ولو كنّا نتحدّث مع مخاطبنا عن بُعد، فلا إشكال في ذلك. والله تعالى يوصل سلام المسلّمين ونداء المنادين إلى هذا الجليل. فهذه التوسُّلات وهذا الأُنس المعنويّ جيدٌ جدّاً وضروريّ.

فليجعل كلّ واحدٍ من أبناء مجتمعنا توسُّله بوليّ العصر وارتباطه به، ومناجاته معه، وسلامه عليه، وتوجّهه إليه، تكليفاً وفريضةً، ولْيَدْعُ له كما لدينا في الروايات، وهو الدعاء المعروف «اللهمّ كن لوليّك»، الّذي يُعدّ من الأدعية الكثيرة الموجودة، ويوجد زياراتٌ في الكتب هي جميعاً، مضافاً إلى وجود البعد الفكريّ والوعي والمعرفة، يوجد فيها أيضاً بعدٌ روحيّ وقلبيّ وعاطفيّ وشعوريّ وهو ما نحتاج إليه أيضاً.

إنّ أطفالنا وشبابنا ومجاهدينا في الجبهة يحصلون على الروحيّة والمعنويّات بالتوجّه والتوسُّل بإمام الزمان، ويفرحون ويتفاءلون. وببكاء الشوق ودموعه المنهمرة يقرّبون قلوبهم إليه، وهم بذلك يعطفون نظر الحقّ وعنايته إليهم، مثلما أنّ ذلك يتحقّق مع الإمام ويجب أن يكون موجوداً.

«عزيزٌ عليّ أن أرى الخلق ولا تُرى»، يا إمام الزمان إنّه لصعبٌ جدّاً علينا أن نرى أعداء الله في هذا العالم وفي هذه الطبيعة المترامية الّتي هي لعباد الله الصالحين، ونتلمّس آثار وجود أعداء الله، ولكن لا نراك أنت ولا ندرك فيض حضورك.
أوصي بالمداومة على الأدعية والمناجاة، لكي نوفَّق لنيل ألطاف ذلك الإمام العظيم. فالإمام المعصوم حاضر وغير غافل أو منعزل عن أمّته وشيعته، إنّه حاضر بيننا، ومن خلال التوسُّل والاستغاثة به سيوفق الناس لإصابة طريق الرشاد والهداية والفتح إن شاء اللّه.

٥- معرفة الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ومكانته
إنّ أذهان البشر اليوم مؤهّلة للفهم والعلم واليقين بمجيء إنسان عظيم ينقذها من الظلم، الأمر الذي سعى لأجله جميع الأنبياء (عليهم السلام). وهو ذات الأمر الذي وعد به رسول الإسلام في آيات القرآن ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ (الأعراف: 157).

إنّ يد القدرة الإلهيّة تستطيع أن تحقّق هذا الأمل للبشريّة بوساطة إنسان عرشيّ، إنسان إلهيّ، إنسان متَّصل بعوالم الغيب والمعنويّة، العوالم التي لا يمكن لأناس قاصرين مثلنا أن يدركوها. ولهذا كانت القلوب والأشواق تتّجه نحو تلك النقطة وتزداد توجُّهاً كلّ يوم.

لم يكن الشيعة وحدهم ينتظرون المهديّ الموعود، بل المسلمون جميعهم ينتظرونه، ويمتاز الشيعة من مذاهب المسلمين، بل من كلّ الأديان الإلهيّة في أنّهم يعرفونه بالاسم والخصائص والسيرة الذاتيّة.

لقد زار عن قرب الكثير من عظمائنا في زمن الغيبة ذلك العزيز ومحبوب قلوب العشّاق والمشتاقين، لقد بايعه الكثير عن قرب، ولقد سمع الكثير حديثاً مشجّعاً منه، لقد رأى الكثير تسكيناً وملاطفة منه، كما أنّ الكثير تلقّى منه الحبّ والإحسان بدون أن يعرفه. في الحرب المفروضة وفي لحظات حسّاسة، أحسّ بعض الشباب بنورانيّة ومعنويّة كبيرة تلامس قلوبهم من عالم الغيب بدون أن يعرفوا صاحبها، وقد حصل ذلك كثيراً، كما يحصل ذلك حاليّاً.
 

 
 

من صفات المنتظرين

 

 ١- التوجّه نحو المعنويّات
الشبّان الخيّرون المؤمنون من أبناء حزب اللّه قد سحقوا شهواتهم النفسيّة، وتجاوزوا مطامع المال والثروة، وساروا بكلّ ورع وهمّة وبصيرة غير آبهين لأمثال هذه الزخارف.
ههذه الظواهر وأمثالها نادر وجودها في العالم، وهي ذات قيمة عُليا، وجاءت نتيجة للتربية الإسلاميّة. وهي طبعاً تزرع الأمل في النفوس، وقد أدّت بحمد اللّه، إلى ما تشاهدون نتائجه اليوم، وهو ما أكّدنا عليه مراراً وتكراراً.

٢- الإعداد الذاتيّ
الإعداد الذاتي هو أن نعلم أنّ ثمّة واقعة كبرى ستَحدُث ونكون منتظرين دوماً. فلا يصحّ أبداً أن يُقال إنّه قد بقي سنواتٌ أو فترات محدّدة لوقوع الأمر، ولا يصحّ أبداً أن يُقال إنّ هذه الحادثة قريبة وسوف تقع في هذه الأيّام المقبلة. وعلينا أن نكون مترصّدين دائماً ومنتظرين دوماً.

الانتظار يوجب على الإنسان أن يُعدّ نفسه بطريقة وهيئة وخُلُقٍ يُقارب الشاكلة والهيئة والخُلُق المتوقّع في الزمان الذي ينتظره. فعندما يكون ذلك العصر المُنتظَر هو عصر الحقّ والتوحيد والإخلاص والعبوديّة لله وهو منتظَرٌ، فعلينا أن نُقرّب أنفسنا من مثل هذه الأمور، ونُعرّف أنفسنا إلى العدل ونُهيّئها له ولقبول الحقّ.

وومن الخصائص المُودعة في حقيقة الانتظار، أن لا يقنع الإنسان بمقدار التقدّم الحاصل في وضعه الحاليّ، بل يسعى للإكثار منه يوماً بعد يوم، وأن يزيد من تحقّق الحقائق، ومن الخصال المعنويّة والإلهيّة في نفسه وفي المجتمع.

٣- معرفة قيمة الأمل والحفاظ عليه
إنّ النصف من شعبان هو مظهر الأمل بالمستقبل؛ أي أنّ الآمال كلّها التي نعلّقها على شيء، قد تتحقّق وقد لا تتحقّق؛ أمّا الأمل بالإصلاح النهائيّ على يدي الوليّ المطلق للحقّ تعالى، صاحب الزمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) فهو أمل لا يقبل الخلف.

«السلام عليك يا وعد الله الذي ضمنه، السلام عليك أيّها العَلَم المنصوب، والعلم المصبوب، والغوث والرحمة الواسعة، وعداً غير مكذوب». هذا هو وعد الله الذي لا يقبل الخلف. لسنا وحدنا نحن الشيعة من نقول بهذا، ولسنا وحدنا نحن المسلمين من نقول بهذا، بل جميع أديان العالم تنتظر مثل ذلك اليوم. ميزتنا أنّنا نعرف الشخص، نحسّ بوجوده، نسلّم بحضوره، نتكلّم معه، نخاطبه، نطلب منه ويجيبنا؛ هذا ما يميّزنا عن الآخرين.

فلتعرفوا قيمة الأمل؛ ولتحافظوا على الأمل في قلوبكم؛ الأمل بتغيير وجه الدنيا المظلم والمعتم والمَعيب، المحكوم اليوم لسلطة القوى الكبرى. اعلموا وثقوا بأنّ هذا الوضع سيتغيّر، ثقوا بأنّ جوّ الظلم والجور هذا الذي تشاهدونه اليوم في العالم، من الاستبداد، والافتراء، والخبث والرذيلة -ومظهره الأتمّ رؤساء أميركا والكيان الصهيونيّ- سيتغيّر من دون أدنى شكّ؛ هذا هو الأمل الذي لدينا. علينا أن نساعد، ونطلب من الله ونسعى أنفسنا من أجل تقريب ذلك اليوم إن شاء الله تعالى.

 

 
 

من توجيهات القائد (دام ظلّه)

 

أيّها المهدويّون: لا تستسلموا

إنّ الاعتقاد بالإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه الشريف) حائل أمام استسلام أبناء الأمّة؛ شريطة أن يُفهم هذا الاعتقاد بالشكل الصحيح، فحينما تترسّخ هذه الحقيقة في القلوب سيشعر الناس بتواجد الإمام الغائب فيما بينهم.

فعلى الرغم من أنّ الإمام العظيم والعزيز والمعصوم وقطب رحى الوجود ما زال غائباً ولم يظهر إلى الآن إلّا أنّه حاضر بيننا، وهل يمكن أن لا يكون حاضراً؟ فالمؤمن يشعر بهذا الوجود والحضور بقلبه ووجوده، والمؤمنون حينما يجتمعون ويناجون ويقرأون دعاء الندبة بحضور قلب، ويقرأون زيارة آل ياسين ويضجّون بالبكاء فإنّهم في تلك اللحظات يدركون ما يقولون ويشعرون بحضور ذلك الإمام العظيم، وإن كان لا زال غائباً.

فغيبته لا تنفي الشعور بحضوره وتواجده؛ إذ إنّه (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) حاضر ومتواجد في القلوب وفي صميم حياة شعوبنا، وهل يمكن أن لا يكون حاضراً؟ الشيعيّ المؤمن هو الذي يشعر بهذا الحضور ويشعر بحضوره بين يدَيه(عجل الله تعالى فرجه الشريف). وهذا الشعور يبعث في الإنسان الأمل والنشاط.

فالشعب الذي يؤمن باللّه ويعتمد عليه سبحانه وتعالى، والشعب الذي يمتلك الأمل بالمستقبل، والشعب الذي يرتبط بما وراء الغيب، والشعب الذي أشرقت في قلبه شمس الأمل بالمستقبل وبالحياة وبالإمداد الإلهيّ، هذا الشعب لن يستسلم ولن يخاف أبداً، ومثل هذه الصيحات الخافتة لن تبعده عن ساحة المواجهة.

2021-04-07