يتم التحميل...

المثل الحادي والعشرون والثاني والعشرون

الأمثال في القرآن

من أجمل امثال القرآن هو مثل الحق والباطل، يقول الله تعالى في بيان هذا المثل ذات المغزى العميق في الآية 17 من سورة الرعد: أنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أوْدِيةٌ بِقَدَرِهَا فاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدَاً رَابِياً وَمِمّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَة أوْ مَتَاع زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلك يَضْرِبُ اللهُ الحقَّ والبَاطِلُ فأمَّا...

عدد الزوار: 36

المثل الحادي والعشرون: الحق والباطل


من أجمل امثال القرآن هو مثل الحق والباطل، يقول الله تعالى في بيان هذا المثل ذات المغزى العميق في الآية 17 من سورة الرعد:﴿ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ

إنَّ الحديث في هذا المثل عن الحقّ والباطل وسعتهما ومجاليهما وعلائمهما وآثارهما وتعريفهما، وفي النهاية المواجهة الطويلة والمتواصلة بينهما التي كانت على طول التاريخ.

﴿أنْزَلَ مِنَ السّمَاءِ مَاءً فسالَتْ أوْدِيةٌ بِقَدَرِهَا إنَّ نتيجة هطول الامطار على الجبال ونزوله منها هو تجمع المياه في الاودية حسب حجمها، وجريانه وصيرورته أنهاراً صغاراً، وإذا التقت صنعت نهراً كبيراً، واذا تجاوز الماء سعة النهر تبدّل إلى سيول عظيمة ومخرّبة.

﴿فاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَابِياً هذه الانهار كثيراً ما يحصل فيها أمواج تضرب الاحجار والموانع التي تقع في طريقها، وهذه العملية توجد زبداً في الماء يشبه الزبد الذي يوجده مسحوق الغسيل، يتجمّع على سطح النهر يبدو ساكناً، أمّا النهر فيستمر في حركته تحت الزبد.

﴿ومِمّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِليَة أو مَتَاع زَبَدٌ مِثْلُهُ هذا الزبد الاجوف والمتكبّر لا يختص بالماء بل قد يحصل للفلزات عند الصهر والذوبان مثل الحديد والنحاس وغيرهما.

ما يلفت النظر هنا هو أنَّ عبارة﴿مِمَّا يُوْقِدُونَ عَلَيْه أشارت بظاهرها إلى أنَّ النار تُسلّط من الفوق على هذه المعادن رغم أنَّ النار في السابق كانت توقد على الفلزات من تحت أمّا حالياً فمعامل الصهر المتطوّرة تسلّط النار من فوق ومن تحت أي لم تستغن عن تسليط النار على الفلز من الاعلى، وهو أمر أشار له القرآن منذ ذلك الحين.

﴿كَذَلك يَضْرِبُ اللهُ الحَقَّ والبَاطِل أي أنَّ الله لأجل إيضاح المواجهة بين الحق والباطل والتي يمتد عمرها إلى طول التاريخ يضرب هذا المثل، فيشبّه الحق بالماء والباطل بالزبد الأجوف.

﴿فأمّا الزّبدُ فيَذْهَبُ جُفَاء فإنَّ الزبد، رغم تفوقه على الماء ورغم علوه عليه، يذهب جفاء وكأنَّه لا شيء. إنّ الأمواج التي توجدها السيول هي السبب في ايجاد هذا الزبد، وبمجرد أن تصل المياه المتلاطمة إلى سهول تصبح آسنة وسرعان ما يذهب الزبد وتترسب الاوساخ العالقة في الماء ولا يبقى إلاَّ الماء الخالص; ذلك لأنّ عمر الباطل قصير، والهلاك هو نهايته.

﴿وأمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأرْضِ فالذي يبقى هو ما ينفع الناس من الماء الصافي والفلزات الخالصة. فالماء، إمَّا أن يركد في مكان يستخدم للشرب والسقي وإمَّا أن ينفذ في الأرض ليلتحق بالمياه الجوفية ذخراً للمستقبل، يستخدم بعد ما يخرج كعيون تلقائياً أو من خلال حفر الآبار.

﴿كَذَلك يَضْرِبُ اللهُ الأمْثَالَ أي يبيّن الله هذه الأمور للناس في صورة أمثال لكي تدرك بشكل أفضل.

المثل الثاني والعشرون: التقوى جواز دخول الجنة

يقول الله تعالى في الآية 35 من سورة الرعد: ﴿ مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُُ. الآية ، رغم بساطة ظاهرها، تعدّ من أعقد الأمثال القرآنية، إنها بتّت بتشبيه الجنة - التي هي مأوى المتقين - وذكرت لها ثلاث خصال. إنَّ التشبيه المستخدم في الآية يبدو تشبيهاً بسيطاً، إلاّ أنَّه في الواقع من أعقد التشابيه المستخدمة في القرآن المجيد. وتفيد الآية التي هي في صدد عرض تشابيه للجنة، وبيان أو ترسيم موقع المتقين فيها أن ﴿مَثَلُ الجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ المُتَّقُونَ كجنة تََجْرِي... أي أنَّ في الجنة بساتين ليست مثل بساتين دنيانا; لأنّه:

 أولا: أن منابع المياه فيها ذاتية وتلقائية، وتوجد عين قرب كل شجرة ولا حاجة لتأمين المياه من الخارج.
ثانياً: أنَّ ثمار الجنة دائمية وفي جميع الفصول.
ثالثاً: أنَّ ظل الاشجار هناك دائمي وخالد، أي أنَّ أوراق الاشجار لا تتساقط أبداً. ﴿تلكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقوا وعُقبى الكَافِرِيْنَ النَّارُ فالجنة هذه هي دار المتقين وجهنم دار ومأوى الكافرين 1.


1-الامثال في القرأن/ مكارم الشيرازي _ المثل الحادي والثاني والعشرون .

2011-11-04