يتم التحميل...

المثل الخامس عشر: البلد الطيّب

الأمثال في القرآن

يقول الله في مثله الخامس العشر، في الآية 58 من سورة الاعراف: وَالبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بإذْنِ رَبِّهِ وَالّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إلاَّ نَكِداً كَذَلك نُصَرِّفُ الآياتِ لِقَوْم يَشْكُرُونَ. إنَّ هَذه الآية الشريفة التي جاءت مباشرة بعد المثل الرابع عشر هي في الواقع استمرار لبحث المعاد وجواب عن سؤال مقدّر قد تتداعى معانيه في أذهان البعض.

عدد الزوار: 35

يقول الله في مثله الخامس العشر، في الآية 58 من سورة الاعراف: ﴿وَالبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بإذْنِ رَبِّهِ وَالّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إلاَّ نَكِداً كَذَلك نُصَرِّفُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ. إنَّ هَذه الآية الشريفة التي جاءت مباشرة بعد المثل الرابع عشر هي في الواقع استمرار لبحث المعاد وجواب عن سؤال مقدّر قد تتداعى معانيه في أذهان البعض.

إنّ الآية الشريفة جواب لسؤال مقدّر يمكن أن يتداعى في ذهن الذي يلتفت إلى الآية السابقة، وهو: إذا كان الماء واحداً والهواء واحداً والتراب واحداً فلماذا تنبت الزهور والنباتات في بعض البقاع، وتنبت الأدغال والأشواك في البعض الآخر؟ وإذا كان وابل الرحمة الإلهية يصبُّ على القلوب جميعاً بشكل متساو، فكيف أنَّ بعض القلوب تهتدي وتكون مصداقاً للبلد الطيّب وبعضها الآخر يكون مصداقاً للبلد الخبيث، لأنها ظلّت ولم تهتدِ؟

إنّ الآية في صدد الأجابة على هذا السؤال، حيث تقول:

﴿
وَالبَلَدُ الطَّيِّبَ يَخرُجُ نَبَاتُهُ بإذنِ رَبِّه فإنَّ التربة الطاهرة وغير المالحة تكون مناسبة ولائقة وتُخرج باذن الله نباتات مناسبة وجيّدة، كذلك القلوب المستعدة والطاهرة ينمو فيها الثمار الحلو من الاخلاص والصفاء، ذلك كله بوحي من الله.

﴿والَّذي خَبُثَ لا يَخْرِجُ إلاَّ نَكِداً فإنَّ الأرض غير المناسبة لا تنبت إلاّ النكد. والنكد يعني الإنسان البخيل، ويُطلق على النباتات غير المفيدة التي تنمو في الأراضي المالحة. فكما أنَّ البخيل لا يصل نفعه إلى غيره، كذلك الأراضي المالحة لا يخرج منها الشيء المفيد ولا ينتفع بها أحد.

﴿كَذَلك نُصَرِّفُ الآياتِ لِقَوْم يَشْكُرُونَ أي أنا نبيّن آيات الله للناس بعبارات وأمثله بسيطة ليستفيدوا منها ويشكروا ربّهم عليها. وعلى هذا، فلا اشكال على وابل الرحمة الإلهيّة ولا على الوحي السماوي; وذلك لأنَّ هذين الرحمتين تنزلان على القلوب كلها بشكل متساو، واذا كان هناك قصور أو تقصير فمن نفس القلوب والأراضي ذاتها، فإنَّ بعض الأراضي غير مستعدة وغير مؤهّلة لنمّو النباتات فتنمو فيها الأشواك والأدغال فحسب، كذلك بعض القلوب فإنَّها غير مؤهلة للهداية وترى نفسها في غنى عن الوحي الإلهي.

ففي هذا المثل شُبِّه الوحي الإلهي هنا بالغيث، باعتباره ينزل على جميع القلوب، لكن لا يستفيد منه إلاّ ذلك البعض الذي يكون مصداقاً للبلد الطيّب، أي يحضى بقلب طاهر، وتكون ثمار هذه الاراضي الطاهرة هي الاخلاق الحسنة والايمان القوي والشوق إلى أولياء الله، والاخلاص في العمل، والعمل بما تستدعيه الوظيفة و... وفي مقابل هؤلاء هم الكفّار الذين قلوبهم تشبه الأراضي الملوّثة التي لا تستفيد من المطر شيئاً1.


1- _الامثال ي القرأن /مكارم الشيرازي _ المثل الخامس عشر .

2011-11-04