يتم التحميل...

المثل الثاني عشر: الكفر والإيمان

الأمثال في القرآن

يشير الله تعالى إلى هذا المثل في الآية 112 من سورة الأنعام، حيث يقول: أَوَ مَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورَاً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِج مِنْهَا كَذَلك زُيِّنِ لِلْكَافِريِنَ مَا كَانُواَ يَعْمَلُونَ

عدد الزوار: 30

يشير الله تعالى إلى هذا المثل في الآية 122 من سورة الأنعام، حيث يقول: ﴿أَوَ مَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورَاً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِج مِنْهَا كَذَلك زُيِّنِ لِلْكَافِريِنَ مَا كَانُواَ يَعْمَلُونَ. في الآية مثلان كلاهما عن الكفر والايمان . شبّه القرآن الإيمان في المثل الأول بالحياة، والكفر بالموت. وفي المثل الثاني شبّه الله الايمان بالنور والكفر بالظلمات.

وذُكر شأنان لنزول الآية:

1- نزلت الآية في حمزة العم الجليل لرسول الله صلى الله عليه وآله وفي أبي جهل العدوّ اللدود للرسول صلى الله عليه وآله. إنّ حمزة لم يؤمن في صدر الإسلام، وقد يكون ذلك تأنياً منه لدراسة الدين الجديد بشكل افضل، فهو في صدر الإسلام سلك سبيل السكوت تجاه الدعوة. أما أبو جهل فكان يؤذي الرسول دائماً بشكل وآخر وكان يضع أمام الرسول العقبات لأجل إيذائه.

في يوم كان حمزة قد ذهب للصيد، وفي نفس اليوم كان أبو جهل قد آذى الرسول بشدة بحيث تأثر من جراء ذلك حتى عبدة الأصنام، وقد وصل خبر إيذاء الرسول صلى الله عليه وآله لحمزة بعد أن قدم من الصيد، فذهب إلى أبي جهل وضربه على أنفه بحيث رعف أنفه دماً، ورغم ما كان لأبي جهل من قوم وأنصار، إلاّ أنه هاب حمزة، ولم يصدر منه أي ردّ فعل، وفي هذه الاثناء استسلم حمزة.

إنّ الآية نزلت هنا، وكأنها تريد القول: إنَّ حمزة حيى عندما أسلم، وبذلك تنوَّر قلبه، عكس ما كان عليه ابوجهل في تورّطه بالظلمات، وأنَّ تعصبه ولجّه حال دون الخروج منها.

الكفار يعتقدون بصحة أعمالهم ورفعة شأنها رغم أنهم يزدادون كل يوم غطساً في طين الشقاء والكفر.

2- الشأن الآخر هو أنَّها نزلت في عمار بن ياسر وأبي جهل. إنّ عمار من الشباب الشجعان ومن أوائل الذين أسلموا ونوروا قلوبهم بالايمان، فهو من أنصار رسول الله صلى الله عليه وآله، وأصبح نصيراً للإمام أمير المؤمنين عليه السلام بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله، وقد استشهد في صفين.

عندما أسلم هذا الشاب ذمّه الكثير من المشركين، منهم أبو جهل، وقد تعرّض آنذاك لأنواع من العذاب. ومن هنا قيل: إنَّ الآية نزلت في إيمان عمار وكفر أبي جهل، باعتبار أنَّ عمار قبل الإسلام كان ميتاً وحيى بعد الإسلام وتنوّر قلبه به، أما أبو جهل فظل في وادي الظلمات باصراره على الكفر ولجه في ذلك، ولا أمل له في النجاح والسعادة; لأنَّه كان يعتبر أعماله القبيحة حسنة.

ولا شك في أنَّ المراد من الحياة في الآية الشريفة هو الحياة الإنسانية، أي أنَّ حمزة أو عمار أو أي شخص آخر يحيى إذا ما أسلم، فتظهر فيه علائم الحياة الإنسانية، أي العلم والمعرفة والاخلاق والايمان والحب والارادة. ومن هنا كان امثال عمار وحمزة والشهداء في سبيل الله أحياء وأمّا أمثال أبي جهل فأموات غير أحياء .1


1- الأمثال في القرأن / مكارم الشيرازي _ المثل الثاني عشر

2011-11-04