يتم التحميل...

التوحيد في الطاعة

التوحيد

انحصار حق الطَّاعة في الله سبحانه: إنَّ انحصار حق الطَّاعة في الله سبحانه من شؤون انحصار الرّبوبية فيه سبحانه. فإنَّ الربَّ بما هو صاحب الإِنسان ومدبر حياته ومخطط مساره، وخالقه على وجه، له حق الطاعة كما له حق الحاكمية، فليس هناك مُطاع بالذات إلاَّ هو فهو الّذي يجب أنْ يُطاع ويمتثل أمره ولا يجب إطاعة غيره...

عدد الزوار: 39

انحصار حق الطَّاعة في الله سبحانه
إنَّ انحصار حق الطَّاعة في الله سبحانه من شؤون انحصار الرّبوبية فيه سبحانه. فإنَّ الربَّ بما هو صاحب الإِنسان ومدبر حياته ومخطط مساره، وخالقه على وجه، له حق الطاعة كما له حق الحاكمية، فليس هناك مُطاع بالذات إلاَّ هو فهو الّذي يجب أنْ يُطاع ويمتثل أمره ولا يجب إطاعة غيره إلاّ إذا كان بإذنه وأمره.

وبعبارة أُخرى
: إنَّ المالك للوجود بأسره وربّ الكون الّذي منه وإليه الإِنسان يجب أنْ يُطاع دون سواه.والمراد من الطاعة هو أنْ نضع ما وهبنا من الآلاء، حتى وجودنا وإردتنا، في الموضع الّذي يرضاه. والمروق من هذه الطَّاعة عدوان على المولى وظلم له، الّذي يقبحه العقل.

وأمَّا غيره تعالى، فبما أنَّه لا دخْل له في وجود الإِنسان وحياته ونعمه وآلائه بل هو أيضاً إنسان محتاج مثله، فلا يتصور له حق الطاعة إلاّ إذا أمر المطاع بالذات بإطاعته.

ولأجل ذلك نجد الآيات على صنفين صنف يعرفه سبحانه مطاعاً ويقول: ﴿وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ(البقرة:285).

وصنف يعطف على إطاعة الله سبحانه إطاعة رسوله ولكن يجعل لزوم إطاعته مقيداً بإذنه سبحانه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُول إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ(النساء:64) ويقول: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ(النساء:80).

لا شك أَنَّ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وأُولي الأمر، والوالدين، وغيرهم يجب طاعتهم، وتحرم معصيتهم ومخالفتهم، لكن وجوب إطاعتهم إنما هو بأمر من الله سبحانه ولولا أمره لما كان لأحد على أحد حقّ الطاعة وبذلك تقدر على تصنيف الآيات وجمعها.

نعم، ليست طاعة الرسول منحصرة في سماع الأحكام الّتي جاء بها والعمل على طبقها، بل للرسول الأعظم مناصب وراء بيان الوحي وتبيين الأحكام، ووراء تعليم القرآن وتلاوة آياته، ومنها إصدار الأوامر والنواهي إلى المؤمنين في مختلف شؤون الحياة فإذا أمر بتجهيز الجيش والنفر إلى الجهاد ومكافحة الظالمين فله حق الطاعة عليهم، ومن خالفه فقد خالف الرسول وعصاه. وهذا بخلاف ما إذا بلّغ الرسولُ أحكام الله ورسالاته إلى الناس كالصلاة والصيام فتركهما يُعَدّ معصية لله سبحانه لا معصية للرسول. فيجب على المُوَحّد الإِمعان في هذه المجالات المختلفة ويعترف:

أوَّلاً
: إنَّ الطَّاعة على وجه الإِطلاق مختصة بالله سبحانه ولا طاعة لغيره بالذات.

وثانيا
ً: إنَّ الرسول الأعظم له مقامات فهو في مقام مبلغ وبشير ونذير، كما في إبلاغ رسالاته. وهو في الوقت نفسه في مقام آخر آمِر وناه له حق الأمر والنهي، كما هو في مقام ثالث فاصل للخصومات وقاض بين الناس فيجب تنفيذ حكمه.وتمييز هذه المقامات غير خفي لمن أمْعَن وَتَدَبّر.

*الإلهيات،آية الله جعفر السبحاني،مؤسسة الامام الصادق عليه السلام.ج2،ص79-80

2009-07-31