يتم التحميل...

كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع أهالي مدينة قم

2022

كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع أهالي مدينة قم

عدد الزوار: 9

كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع أهالي مدينة قم 2022/01/09

عداء أمريكا العميق هو بسبب كون نظام الجمهوريّة الإسلاميّة ناجماً عن نظرة ثوريّة دينيّة

بسم الله الرحمن الرحيم،


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.

السلام عليكِ يا سيدتي يا فاطمة المعصومة، بنت موسى بن جعفر، ورحمة الله وبركاته.

لطالما كان لقائي مع الجمع المفعم بالحماسة لأهالي قم دائماً فرصة مغتنمة بالنسبة إلى هذا العبد. لقد كنا محرومين منذ عامين، واليوم نجدد اللقاء مع الجمع الحاضرين، ونبلغ سلامنا وتحياتنا ونعبّر عن محبتنا لكل أهالي قم الأعزاء.

حديثنا اليوم عن حادثة يوم 19 من شهر دي سنة 1356 المهمة والتاريخية (9/1/1977). بعض الأحداث التاريخية التي لها مضامين عميقة وترسل رسائل مهمة إلى أبناء الأجيال المقبلة يجب أن تبقى حية. لا بدّ من مناقشتها والتحدث عنها. ينبغي ألا ندع غبار النسيان يستقر على هذه الأحداث العظيمة. حادثة «19 دي» هي من هذا القبيل.

«19 دي» دلالة على عمق المعتقد الدّينيّ لدى النّاس
طبعاً عندما نناقش حادثة «19 دي»، في الحقيقة، هذه الحادثة وتبعاتها - [لأنها] كانت منشأ حركة متسلسلة أدت إلى انتصار الثورة الإسلامية - لا يمكن النظر إليها من مجرد كونها حادثة محدودة في يوم أو يومين، [بل] لا بدّ من النظر إلى هذه الحادثة بوصفها المنشأ الأساسي لتحوّل عظيم، أي دلالة على عمق المعتقد الديني للناس. نحن نركّز على هذه النقطة ونؤكدها. [إنها] جزء من السمات الواضحة والبيّنة للثورة الإسلامية، لكن الدعايات من أولئك الذين لا يزالون يكنّون الحقد تجاه الثورة تجعل حتى بيّنات الثورة في موضع التشكيك!

أنا أؤكد أن حادثة «19 دي» في قم وما تلاها تظهر عمق المعتقد الديني لدى الناس. إنّ ارتباط هذه الحادثة بمرجع ديني، بمرجع تقليد، هو الذي خلق هذه الحادثة... أي لو لم يكن محور هذه الحادثة شخص الإمام الراحل (رض) بصفته مرجعاً وقائداً روحانياً وعالماً مناضلاً، ما وقعت هذه الحادثة، وما كان ليحدث شيء من قبيلها. لا يمكن لأي شخص آخر ولا تيار آخر، أن يفعل أي شيء ويكون لديه وضع من شأنه أن يُحرّك بهذه الطريقة مدينة ما، ثم مدينة أخرى، وهكذا باقي المدن الأخرى، وفي نهاية المطاف، يحرّك شعباً بأسره.

كما تعلمون، في نظام الطاغوت، تعرض مئات العظماء والشخصيات من مختلف التيارات السياسية الذين كان بعضهم أو معظمهم من المناضلين، من اليمين واليسار والماركسيين وغيرهم، للتهديد والسجن والتعذيب والإعدام والإهانة، ولم يُحرّك [ذلك الأمر] ساكناً، أي لم يستطع أن يؤثر في البيئة الاجتماعية للناس، لكنهم كتبوا أربعة أسطر في الصحيفة حول الإمام [الخميني] الجليل، وحدثت هذه الحادثة العظيمة في قم. هذا يعني أن تلك الحادثة مرتبطة بمرجع التقليد والعالِم الروحاني، ومرتبطة بالدين والقضايا الدينية.

العلماء الدّينيّون منشأ أساسيّ للأحداث المهمّة في بلادنا خلال آخر 150 سنة
أود أن أقول لكم إن معظم القضايا المهمة التي حدثت في بلدنا خلال الأعوام المئة والخمسين الماضية هي على هذا النحو. تقريباً في الأحداث التاريخية الاجتماعية والأحداث كافة التي دخل فيها الناس إلى الميدان واستطاعوا إنجاح عمل ما وإنجازه - بقدر ما أتذكر – كانت هناك يد لمرجع ديني، وعالم ديني، وعالم شجاع ومناضل وملمّ بالسياسة.

في قضية التنباك مثلاً، كان الميرزا الشيرازي. في «المشروطة»(2)، كان مراجع النجف وكبار علماء طهران وتبريز وأصفهان وأماكن أخرى. وبشأن الحادثة المهمة في مسجد جوهرشاد، كان المرحوم الشيخ حسين القمي (رض) وعلماء مشهد. في «30 تير»، كان المرحوم آية الله الكاشاني. في «15 خرداد» 1963، كان الإمام [الخميني] العظيم وبعض العظماء والعلماء الآخرون. ثمة رجل دين شجاع ومناضل وملمّ بالسياسة حاضر في هذه الأحداث كلها، وحضوره هو المنشأ الأساسي للتحرّك الشعبي. نعم، يمكن مثلاً لشخص، شخص ذي نفوذ، أن يجعل عدداً من الناس ينفذون رد فعل ما، بتحرّك ما، لكن الحركة العظيمة للناس ونفض هذا المحيط العظيم وجعل أمواجه تثور ليست سوى عمل عالم ديني، وعمل مرجع روحاني
.
من هنا، يمكن فهم السر في عداوة القوى المستكبرة في العالم لعلماء الدين والعلماء السياسيين وللدين السياسي والفقه السياسي والعالِم السياسي، ومعرفة لماذا يعادون. لأن حضور هؤلاء هو حضورٌ مناهض للاستكبار وللاستعمار، وقد أنشأ هذه القضايا العظيمة. هؤلاء يعلمون، ولذلك هم يعادون العالِم السياسي، والمرجع السياسي، والفقه السياسي، وهم يقولون صراحة إنهم ضد الدين السياسي والإسلام السياسي. إنها حقيقة يجب الالتفات إليها.

النّظرة الثّوريّة والدّينيّة للجمهوريّة الإسلاميّة بشأن القضايا العالميّة هي سبب عداوة أمريكا لنا
مع العلم، يمكن فهم العداء والحقد العميقين لدى أمريكا تجاه نظام جمهورية إيران الإسلامية من هنا. نظام الجمهورية الإسلامية هو مظهر الاعتقاد الديني لدى الناس، وناجم عن النظرة الثورية الناشئة عن الدين تجاه القضايا الجارية في العالم والبلاد. لهذا إن رأس الاستكبار، وهو أمريكا، يعادي الجمهورية الإسلامية. أن يقول بعض الناس الآن: لماذا أنتم تعادون أمريكا، لماذا تقولون: «الموت لأمريكا»؟ في رأينا إنها نظرة ظاهرية وسطحية، فعمق القضية هو أن طبيعة الاستكبار تتعارض بصورة طبيعية مع ظاهرة مثل الجمهورية الإسلامية، حيث كل شيء مرتبط بالدين وبتفسير علماء الدين وبحركة دينية. هذه مسألة ونقطة [مهمة] بشأن «19 دي».

عامل الغيرة الدّينيّة لدى النّاس في نشأة «19 دي»
النقطة الأخرى هي أنه لا ينبغي تجاهل دور الغيرة الدينية للناس في هذه القضية. السبب في أنني أرمز إلى هذا هو أن المرء يرى أن هناك دعاية، وفي الحقيقة، يُبذل جهد ثقافي واسع ليتّهموا الأشياء الناجمة عن الغيرة الدينية باللامنطقية وبالعنف اللامنطقي. أنا أقول: لا، القضية ليست كذلك. فالغيرة الدينية أينما تتجلَّ وتوقعْ أثراً، تكن مصحوبة بالعقلانية. وأساساً الغيرة الدينية ناجمة عن البصيرة، والبصيرة من فروع العقلانية ودلالة عن عمق التدين، وفي معظم الحالات هذه الغيرة الدينية، عندما تنظرون، ترون أنها مصحوبة بالعقلانية. الشخصيات الأكثر امتلاكاً للغيرة الدينية غالباً ما يكون لديهم عقلانية عالية، ومثال ذلك شخص الإمام [الخميني] العظيم. لقد كان ذروة الغيرة الدينية، فنحن في الحقيقة لم نرَ أو نعرف أحداً مثل الإمام في الغيرة تجاه الدين والثقافة الدينية والحياة الدينية ونمط الحياة الديني والأحكام الدينية، وفي الوقت نفسه كان في ذروة العقلانية، حكيماً وعاقلاً وعالماً.

من الجيد أن أذكر في هذه المناسبة الفقيه والفيلسوف المعاصر المرحوم آية الله المصباح اليزدي الذي كان على هذا النحو أيضاً. إنصافاً لقد كان تلميذاً جديراً للإمام، وأيضاً في ذروة الغيرة الدينية، وكذلك العقلانية، وكان فيلسوفاً بالمعنى الحقيقي للكلمة. انتفاضة «19 دي» هي تركيب لامع من الغيرة والعقلانية.

كسر قدسيّة الإمام ومكانته في عيون النّاس هدف نظام الطّاغوت من تشويه الإمام
سأقدم الآن شرحاً موجزاً لإظهار مدى النجاح لهذه الانتفاضة في العقلانية. هدف الطاغوت هو - أي مسألة كتابة تلك المقالة في [صحيفة] «اطلاعات»(2) لم تكن قراراً فجائياً وآنياً قد اتخذوه، كان يروم إلى هدف كبير - كسر قدسية الإمام، كسر تلك العظمة التي كان يملكها الإمام وتحطيمها أمام عيون الناس الذين كانوا يتحرّكون بأمره. لقد كانوا يرون تنامي تأثير الإمام في أفكار الناس وعقولهم. كانوا يلاحظون هذا الأمر. أرادوا الحطّ من مكانة الإمام بين الناس. لذلك بدؤوا هذا الفعل. كان من الممكن أن يستمر الأمر لو أن القبضة القوية لأهالي قم لم تستقر في صدر الطاغوت يوم «19 دي». لم تكن تلك المقالة فقط. كانوا يكتبون عدداً من المقالات والكتب والقصص، ويصنعون الأفلام وما إلى ذلك، من أجل الحطّ من الإمام ومكانته في نظر الناس، وفي الواقع القضاء على مركزية النهضة. ولأن الإمام كان محور هذه الحركة العظيمة للناس التي كانت تتوسع يوماً بعد يوم، والأجهزة الأمنية للطاغوت ترى وتدرك هذه الحقيقة، أرادوا تدمير محور الحركة هذا، والمركز الذي يمد هذه الحركة بالطاقة، عبر ذلك الفعل.

خطأ حسابات الطّاغوت وأمريكا في خططهم
كان ظَهْرُ الطاغوت مستنداً إلى أمريكا، أي كان مطمئن البال إلى أنه مهما كانت تحركاته في هذا الصدد وتبعاتها، فإنهم سيتهمون الإمام بعمل متطرف وعنيف، ثم يجعلون كل شخص يناصر هذا الجليل تحت الضغط، فأمريكا تسند ظهره، فلا يحدث رد فعل عالمي ولا رد فعل دولي ونحو ذلك.

كما تعلمون، في تلك الأيام من مطلع ذلك العام، [أي] العاشر من دِي 1356 (31/12/1977)، كان كارتر في طهران، واحتفلوا بعيد رأس السَّنة مع الشّاه. ألقى كلمة هناك وقال إنّ إيران، إيران البهلويّة، هي «جزيرة الاستقرار». اتّضح من الأخطاء التي ارتكبها كم أنّ حساباتهم غير صحيحة، ولا تزال حسابات الأمريكيّين غير صحيحة، والمثال على ذلك تصريحه حين قال إنّ إيران «جزيرة الاستقرار». إذاً، كان الطاغوت يشعر، كان محمّد رضا يشعر بأنّ الظروف مواتية تماماً لقمع النّهضة عبر كسر الإمام الجليل، وبالطبع كان جسدياً بعيداً عن متناولهم، فالإمام كان في النّجف، لكن كان في مقدورهم تعريض ذكر الإمام وذكراه وحرمته للخدش والنقاش والإهانة. رأوا أنّ الفرصة مواتية وانطلقوا في هذا الأمر. إذاً، هذا العمل كان ضمن حساباتهم، أي كانوا قد أجروا حساباتهم في هذه المسألة وجلسوا ووضعوا خطّة.

القوّة والمتانة الأكبر للإمام والثّورة الإسلاميّة نتيجةٌ للخطأ في حسابات العدوّ
لقد بعثر أهالي قم هذه الحسبة. في الحقيقة، فعل أهالي قم ما أحبط حسابات العدوّ؛ {فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ} (الطور، 42). هؤلاء حاكوا المؤامرة لكنّها انقلبت عليهم في النهاية. لقد أرادوا كسر الإمام، [لكن] هذا أدى إلى بروز الإمام بمتانة أكبر وأكثر إشراقاً في الميدان. أرادوا أن يضعفوا علاقة النّاس بالإمام فتوطّدت هذه العلاقة. أرادوا إضعاف النّهضة فازدادت هذه النّهضة قوّة. لقد تضمّنت حركة النّاس في الواقع مثل هذه الحسابات. لا أدّعي أنّ كلّ الأفراد الذين نزلوا إلى الشارع أجروا هذه الحسابات، لكن خلف هذه الحركة الجماعيّة، في الواقع، كان الله المتعالي قد ألهمَ الناس بهذا التحرّك، وكانت حسبةً مهمّة أحبطت حسابات العدوّ وأبادت خطّتهّ. فذاك الشخص نفسه الذي وصف إيران في الأوّل من تموز/يوليو 1977 بأنّها «جزيرة الاستقرار»، أي [جيمي] كارتر نفسه، أُجبر في تمّوز/يوليو من العام التالي على أن يرسل [الجنرال] هايزر(3) إلى طهران لكي يُطفئ النّهضة بأيّ وسيلة ممكنة وبأيّ أسلوب ممكن... عبر الانقلاب والقتل وارتكاب المجازر بحق النّاس، لكن - بحمد الله - أخفق في هذا الأمر أيضاً، ولم يتمكنوا من إيقاف انطلاق الثورة الإسلامية.

عظمة الإحياء لذكرى الشّهيد سليماني لدى مختلف الفئات في إيران وخارجها
يستمر هذا الخطأ الأمريكي في نظام الحساب لديهم. إنه الشيء نفسه الآن. فالآن أيضاً، يجرون حسابات حول قضايا مختلفة [لكنهم يفشلون] ومثال ذلك قضية بقاء استشهاد شهيدنا العزيز، الشهيد سليماني، نَدِيَّةً. ماذا كانوا يظنون، وماذا حدث! كانوا يظنون أنه بالقضاء على الشهيد سليماني، ستنطفئ النهضة والحركة العظيمة التي كان يمثلها وكان مؤشّرها ورمزها. ترون أنها قد زادت! هذا العام، في الذكرى الثانية لاستشهاد الشهيد سليماني، هذه الحركة العظيمة، كانت بفعل مَن؟ يد من كانت؟ من يستطيع أن يدعي: أنا فعلت ذلك أو نحن فعلناه؟ لم تكن سوى فعل القدرة الإلهية ويد القدرة الإلهية. هذه الحركة العظيمة، وهذا التعبير عن المحبة والإخلاص العام للشهيد سليماني في إيران وخارج إيران. لم يستطع العدو، ولا يستطيع، حساب هذه الأشياء. حقاً وإنصافاً إن نظام الحسابات للعدو غافل ومعطّل. لا يمكنهم فهم الحقائق حول الجمهورية الإسلامية كما هي. عندما يكون حساب الوضع الحالي خطأً ستكون القرارات خطأٌ أيضاً. القرار الخطأ يتسبب في فشلهم، وهو ما حدث حتى الآن، وسيفشلون بعد ذلك، إن شاء الله.

حسناً، يا أعزائي، تلك الأيام قد مضت، و«19 دي» لن يُنسى أيضاً. بحمد الله إنه حي حتى يومنا، ولن يُنسى بعد ذلك أيضاً. بعد حادثة «19 دي» في قم بلغت النهضة ذروتها. لقد بارك الله حركة القميين وبلغت هذه النهضة ذروتها وأدت إلى الثورة وإلى الأيام العظيمة للثورة، وعاد الإمام العظيم إلى البلاد منتصراً، وانتصرت الثورة وتأسست وأُرسيت الجمهورية الإسلامية، وهي نظام السيادة الشعبية الدينية.

معرفة الواجب الحاليّ والتّطلّع إلى المستقبل مع العبرة من الماضي
لقد مرّت 43 سنة منذ ذلك اليوم، وقد كانت هذه السنوات الـ43 مصحوبة بالجهاد، وبالصعود والهبوط، وبمختلف أنواع التحركات. هذه الأحداث هي أحداثنا الماضية التي يجب أن نأخذ العبرة والدرس منها، لكن الشعب الحي لا ينظر إلى الماضي فقط؛ الشعب الحي ينظر في كل مرحلة من تاريخه إلى اقتضاءات زمانه والواجب عليه في تلك اللحظة، وإلى الخطوة التالية - ما يجب أن يفعله بعد ذلك - وإلى الآفاق أيضاً. ينبغي أن نعرف واجب اللحظة الحالية، وأن نحدد خطواتنا للمستقبل، وأن نوضح الأفق، وأن نمعن النظرة إلى ذلك الأفق، وأن نتحرك نحوه بقوتنا وقدرتنا كلها. بهذه الطريقة، ستنجح هذه النهضة بالمعنى الحقيقي للكلمة، وستحقق النصر النهائي، وهو الحياة الطيبة للشعب الإيراني في المقام الأول - إذا تعلّم الآخرون، فهذا أمر آخر، وإذا صار أنموذجاً، فهذا أمر آخر - ونصل إن شاء الله إلى السعادة والعيش الإسلامي وهو الحياة الطيبة، ففيها الدنيا والدين والرفاه والجسد والروح، وفيها كل ذلك. نحن الآن في منتصف الطريق. طبعاً تم اجتياز مسافات من الطريق حتى اليوم، والشعب الإيراني فعل هذا. لقد سعى فتقدّمنا مقداراً قليلاً، لكن يجب أن نعرف واجبنا اليوم وواجبنا غداً وأفقنا أيضاً.

تشييع جثمان الشّهيد سليماني هو المؤشّر لوضع الشّعب الإيرانيّ وحقيقته
الآن يرى المرء أحياناً... افترضوا على سبيل المثال أنهم يظهرون استطلاعات رأي حول آراء الناس، [لكنها] لا تظهر حقيقة الشعب الإيراني. هذه الحقيقة تظهرها قضية تشييع الشهيد سليماني. هي التي تظهر مزاج الشعب الإيراني، وما هي الأحوال التي يقضونها، وما مشاعرهم، وما بواطنهم. فساحة بعظمة دولة إيران ووسعتها والشعب الإيراني يجب أن تكون قادرة على أن تظهر حقيقة هذا الشعب وباطنه. لا يمكن لهذه الاستطلاعات التي يجريها الآن بعض الأشخاص في الجوانب والهوامش لغرض أو دونه أن تكون معياراً.

تذكيرات للنّاس
لحسن الحظ، اتسع اليوم فكر الشباب الحزب-اللهيين المؤمنين في البلاد. لحسن الحظ، يرافقنا اليوم فكر ثوري ومؤمن، وفكر منتج، وفكر تقدمي لدى عدد كبير من الشباب. لذلك، وعلى هذا الأساس، أود أن أقول بعض التذكيرات. طبعاً، التذكيرات كثيرة [لكن] اقتضاء هذا اللقاء لا يتيح التحدث على نحو واسع. [لذلك] سأقول عدداً من التذكيرات.

1- الحفاظ على الغيرة الدّينيّة بصفتها محوّل التّهديد إلى فرصة
التذكير الأول هو: أعزائي، الأشخاص الذين يسمعون هذا الكلام من هذا العبد الذليل لله، حافظوا على الغيرة الدينية. حافظوا على الغيرة الدينية. لقد كانت الغيرة الدينية لدى الشعب الإيراني عاملَ إنقاذ البلاد في اللحظات المصيرية. الغيرة الدينية هي التي تحول التهديدات إلى فرص. ومن الأمثلة على ذلك الحرب المفروضة ودفاع السنوات الثماني، [الحرب] التي كانت تشكل تهديداً كبيراً، [لكن] الغيرة الدينية لدى الناس، الغيرة الدينية لدى الشباب، الغيرة الدينية لدى الآباء والأمهات والزوجات، جعلت الشباب يذهبون إلى الجبهة وإلى هذه الحرب الدولية حقاً، إذ إن أمريكا في ذلك اليوم، والسوفييت في ذلك اليوم، و«الناتو» في ذلك اليوم، والرجعية الإقليمية في ذلك اليوم، تواطؤوا معاً لكي يهزموا إيران ويُخضعوا الإمام ويدمروا النهضة، فهزمتهم [إيران] جميعاً واستطاعت أن تنتصر. ذلك كان منشؤه الغيرة الدينية. حسناً، هذا بشأن «الدفاع المقدس». أيضاً كانت هناك أحداث مختلفة في السنوات التالية.

إظهار الهويّة الحقيقيّة للشّعب الإيرانيّ في تشييع الشّهيد سليماني
خلال مرحلتنا المعاصرة هذه أضحت شهادة شهيدنا العزيز، الشهيد سليماني، حدثاً تاريخيّاً مذهلاً حقّاً. لم يكن يتوقّع أحد - حتى الأصدقاء لم يتوقّعوا أيضاً - أن يكتسب هذا الحدث مثل هذه العظمة وأن يبارك الله المتعالي هذا الحدث، فتتجلى الهويّة الدينيّة والثوريّة للنّاس أمام أعين الجميع ويرونها. لقد عرض الشعب الإيراني هويّته ووحدته بالمعنى الحقيقي للكلمة تحت تابوت الشهيد سليماني. جرى تشييعٌ في طهران، وتشييع في كرمان، وتشييع في تبريز ومختلف المدن الأخرى، وأيضاً ذاك التشييع المهيب في العراق، ولو تقرّر أن يحملوا جثمان هذا الشّهيد المقدّس إلى سوريا ولبنان، لوقع الأمر نفسه هناك أيضاً، ولو أخذوه إلى باكستان أيضاً، لوقع هذا الحدث كذلك بالشّكل نفسه. إنّ هذا الحدث أبرز الحركة العظيمة للأمّة المسلمة، فلقد كان حدثاً عظيماً. إنّ استشهاد شخصية عظيمة مثل الشهيد سليماني كان بمثابة تهديد من العدو ومن الجميع، لكن غيرة الشعب المسلم، الشعب الإيراني، حوّلت هذا التهديد إلى فرصة، وصار فرصة. لدينا مثل هذه [الأحداث] في تاريخنا الماضي. حادثة «19 دي» هي من هذا القبيل أيضاً. حادثة «9 دي» سنة 1388 (30/12/2009) هي من هذا القبيل، إذْ كان هناك تهديد كبير أيضاً، واستمر أشهراً عدة، ولكن غيرة الناس برزت إلى الساحة يوم 9 دي وقضت على تلك الحادثة، بل قضت على آثارها السلبية وحوّلت ذلك التهديد إلى فرصة. هذه النقطة، أي العامل الرئيسي لهذه الانتصارات، هذه النجاحات، وتحويل التهديدات إلى فرص، كان الغيرة الدينية لدى الناس. يجب الحفاظ عليها. وعلى المتحدثين والكُتّاب والأشخاص المؤثرين في المجالات الذهنية والفكرية للناس الانتباه إلى هذه النقطة. طبعاً من الواضح أن المخالفين والأعداء يؤدّون عملهم في هذا المجال أيضاً. سوف يعترضون على حديثي في هذا الصدد أيضاً، ويتكلّمون، لكن هذه هي الحقيقة. الحقيقة هي أن هذه الغيرة الدينية يجب أن تُحفظ في نفوس الناس، وستبقى محفوظة بالتوفيق الإلهي.

2- الوقوف في وجه نزع الحساسيّة تجاه مبادئ الثّورة الإسلاميّة
التذكير الثاني الذي أود قول: التفتوا! إن أحد الأمور التي تطرح بقوة اليوم في مخططات أعداء الثورة الإسلامية أعداء نظام الجمهورية الإسلامية هو نزع الحساسية تجاه أصول الثورة وبيّناتها ومبادئها. فالناس حسّاسون. الناس حسّاسون تجاه القضايا الأساسية للثورة الإسلامية. إذا تعرّض شخص ما إلى هذه المبادئ، فسوف يتخذ الناس موقفاً. هم يريدون تقليل هذه الحساسية تدريجياً. هذا أيضاً عن طريق الدعاية الواسعة النطاق الجارية هذه الأيام في الفضاء المجازي، وفي وسائل التواصل الاجتماعي الأجنبية بمختلف أنواعها. في بعض الأحيان، يجري الإبراز والتعظيم لكلام بعض الأشخاص. حتى أشخاص ليس لهم قيمة كبيرة، لا كلامهم ولا أفكارهم. أشخاص قليلو الاطلاع والمعرفة، وكثيرو الادعاء، يشككون في هذه المبادئ للثورة وأصول الثورة الإسلامية.

بعض أصول الثّورة الإسلاميّة
أصول الثورة الإسلامية في المقام الأول مثل حكم الدين. في الأساس، تشكلت الجمهورية الإسلامية والثورة الإسلامية من أجل حاكمية دين الله... أساساً لكي يعيش وينتظم المجتمع بالشكل والهندسة الدينية، وأن تُنَظًّم وتتحرك وتتقدم وتتصرف الحكومةُ بالهندسة الدينية. هذا جزء من بيّنات الثورة الإسلامية. فالناس ضحوا بأرواحهم وقدّموا دماءهم وضحّوا لكي يتحقق ذلك. هذا من أصول الثورة الإسلامية. إنهم يعملون على تقويضه. أو مثلاً رفض الاستسلام للعدو المستكبر. هذا من أصول الثورة الإسلامية. ينبغي رفض الاستسلام، لا ينبغي تحمّل تجبّر العدو. نحن في وقت من الأوقات، على سبيل المثال، عندما نتفاوض مع العدو ونتحدث ونتواصل معه، فهذا مقال آخر. الثورة الإسلامية تقول لنا: لا ينبغي الاستسلام أمام التجبّر والإكراه من العدو، ولم نستسلم حتى الآن بالتوفيق الإلهي، وبعد ذلك سوف تكون [الحال] نفسها أيضاً. فهذا من الأصول، إنهم يعملون على تقويضه، [فيقولون] على سبيل المثال: «يا سيّد، لماذا؟ وما المانع؟ وما الإشكال؟»، أي التقليل من أهمية مثل هذا الأساس البارز... أو استقلال البلاد ومحاربة الفساد ومحاربة الظلم وما إلى ذلك. إنها أصول الثورة الإسلامية.

مسؤوليّات أهل الفكر والقلم تجاه التّقليل من أهميّة الحساسيّات
هذه جزء من حرب ناعمة واسعة ومتنوعة للعدو الذي يسعى إلى ذلك. يجب أن يؤخذ هذا بالاعتبار، فلا بدّ من الوقوف في وجه نزع الحساسية هذه. أهل الفكر، وأهل القلم، وأهل البيان، والأشخاص من مختلف الأنشطة الاجتماعية، والأشخاص الناشطون في الفضاء المجازي، وأولئك الذين يستطيعون [العمل] وأيديهم مفتوحة، عليهم مسؤولية في هذا الصدد. عليهم ألّا يدعوا الأعداء يقللون تدريجياً من أهمية هذه الحساسية والحميّة الشعبية.

التمسّك بأصول الثّورة الإسلاميّة من أهم الوسائل لتقدّم البلاد
دعونا نعرف أيضاً أن التصور القائل إن هذه الأصول ليست مفيدة للشعب والبلاد والمستقبل هو تصوّر خطأ جداً وخلاف للواقع. إنه إجحاف محض. في بلدنا، في هذه السنوات الـ43، أينما أحرزنا تقدماً وكانت لدينا حركة موفقة، وكانت يدنا مقتدرة، فقد كان ذلك أين ما تحرك الأشخاص الثوريون بالروحية والمجاهَدة ودخلوا إلى الميدان وعملوا، ومن ثم تقدّمنا. لقد تمكّنا من إحراز تقدم في مجال التقدم العلمي، والتقدم الصناعي، والتقدم التقني، والتقدم السياسي، ومختلف القطاعات... أين ما كان في الميدان أشخاص مؤمنون مُدركون خبيرون ثوريّون. [لكن] أينما بقي العمل مكانه على الأرض، عندما ينظر الإنسان، يرى أنه هناك أياديَ للانتهازية والفساد والأرستقراطية والآراء والحركات غير الثورية. هذا ما يُبقي الأعمال على الأرض ولا تتقدم. لذلك إن التمسك بأصول الثورة الإسلامية هو بالتأكيد من أهم الوسائل والأدوات لتقدم البلاد والشعب. وهذا تذكير أيضاً، فالتفتوا إليه.

3- المحافظة على الوحدة وتجنّب التّفرقة
التذكير التالي - هو أيضاً مهمّ جدّاً في رأيي - مسألة صون الوحدة في البلاد. علينا أن نقلّل ما استطعنا من أسباب التفرقة. طبعاً هناك اختلافٌ في الأذواق طبعاً واختلافٌ في الآراء واختلافٌ في الأساليب والمناهج. هذه [أمورٌ] موجودة لكن علينا ألا ندعها تؤولنا إلى التموضع في جبهات مقابل بعضنا بعضاً. لا ينبغي أن يزول ذاك التلاحم الشعبي العام جراء هذه الأمور. ينبغي أن نحول دون تعاظم هذه الخلافات.

طبعاً هناك بعض مَن يقفون على نحو طبيعي في وجه الثورة الإسلامية، ولا خيار أمام الثورة سوى أن تتصدّى لهم. لكن في حال كان النقاش يدور حول الاختلاف في الرّأي والذوق ووجهة النّظر، [فإذا] كانت هذه الخلافات موجودة في المجتمع، ينبغي ألا يؤدّي ذلك إلى زوال التلاحم الوطني. فلا بدّ من بقاء القرار الجماعي بالدّفاع عن البلد من أجل تقدّمها وضخّ الأمل في شبابها، وأمثال هذه الأمور.

الحرص على تجنّب الخلافات المذهبيّة
هناك أعداء - علينا أن نأخذ ذلك دائماً بالاعتبار وسط جبهة العداء التي نواجهها - هناك في العالم أعداءٌ تخصّصهم هو خلق الخلافات. تخصّصهم: فرّق تحكُم أو تسُد. هذه من الأمور القديمة ذات الصّلة ببعض هؤلاء، فهم يتقنون هذا الأمر. والمرء يلاحظ أنّهم فعلوا ذلك أين ما تسنّى لهم. ومن جملتها الخلافات الطائفيّة، أي الخلاف بين الشيعة والسنّة. علينا ألا نسمح أن تقع هذه الأمور داخل بلادنا وتتعاظم، فقد عاش الشيعة والسنّة داخل هذه البلاد على مدى قرون. عاشوا سنين [طويلة] ولم يواجهوا أيّ مشكلة. لقد شهدنا أحياناً خلافات بين القوميّات، ونزاعات بين مختلف القوميّات، فلدينا قوميات متنوعة [لكن] لم نشهد خلافاً وصراعاً بين الشيعة والسنّة. قد تُخلق ذريعة، وقد تحدث أشياء من هذا القبيل، لكن لحُسن الحظّ وبحمد الله، لم يحدث مثل هذا الأمر، فعلينا ألا نسمح بوقوعه، وعلينا أن نحرص [على منعه]. حسناً، قد ينطق أحدهم بكلام خطأ ويشعر أحدهم بالتكليف حياله، فلا ينبغي إطالة هذا ولا استمراره. لذلك على الجميع الحفاظ على هذه اللحمة.
التفتوا! إن حكومة الجمهورية الإسلامية هي حكومة إسلامية ورايتها هي راية التشيّع، ولكن الآن في البلدان الإسلامية حيث يعيش أهل السنة، يشاهد الإنسان أحياناً مدى اهتمامهم والتعبير عن محبّتهم وحميّتهم وتعاونهم ودعمهم الجمهوريّةَ الإسلاميّة. هناك من يتصرّف بهذا الأسلوب مع الجمهورية الإسلامية في عدد من البلدان، من شرق آسيا إلى غرب أفريقيا، وهم ليسوا من الشيعة. لذلك إن الجمهورية الإسلامية في العالم الإسلامي اليوم هي مظهر من مظاهر الإسلام، ومظهر من مظاهر الأمة الإسلامية، ومظهر لحاكميّة الأمة الإسلامية. قلت... لقد رأيتم ذلك في الذكرى السنوية للشهيد سليماني هذه كيف نظّموا تلك المظاهرات الضخمة وأمثالها في بلدان مختلفة، وكثيرون منهم من السنة أيضاً. لا ينبغي أن نتصوّر أنّ من حقنا اليوم أن نتعامل بعدم مبالاة مع قضية التلاحم الوطني هذه.

4- تعزيز الثّقة والأمل في المستقبل
بالطبع هناك تذكيرات أخرى قيلت مرّات عدّة: [أولاً] تعزيز الأمل والرؤية للمستقبل؛ هذه واحدة من القضايا المهمّة لنا اليوم. هناك من يحاول تقويض الأمل لدى الشباب وجعلهم لا يثقون بالمستقبل ويائسين منه، حتى لا يكون هناك أيّ آفاق أمامهم. من واجبنا تعزيز هذا الأمل في القلوب. لا يمكن [تعزيز] هذا الأمل بالكلام فقط، [بل] بالجهد والحركة. ينبغي لمسؤولي البلاد الذين هم منشغلون بالعمل والنشاط - بحمد الله - أن يلتفتوا إلى حقيقة أن كثيراً من أعمالهم الإيجابية يمكن أن تملأ قلوب الشباب وتشبعها بالأمل وتجعلهم متفائلين. عندما يمتلك الشاب الأمل يعمل جيّداً في مختلف المجالات، ويبذل الجهد المكثّف، ويدرس ويجري الأبحاث جيّداً. أولى هذه [التذكيرات] منع وسوسة بعضهم في الاتجاه المعاكس لبث الأمل لدى الشباب في الفضاء الافتراضي وغيره.

5- تبيان نجاحات الجمهوريّة الإسلاميّة واجتناب تجاهلها
نقطة أخرى وتذكير آخر هو أننا يجب ألا نسمح بأن تظل نجاحات الجمهورية الإسلامية طيّ الكتمان. هذه واحدة من القضايا المهمة حقاً. حسناً، لدينا مشكلات اقتصادية اليوم... لنفترض مشكلة التضخم، ومشكلة غلاء بعض السلع، ومعيشة الناس وبخاصة الطبقات الفقيرة، ومشكلات البنوك والضرائب وأمثالها. حسناً، هذه هي مشكلاتنا. هناك من يصف هذه المشكلات بطريقة كأنه لم تتحقّق أيّ نجاحات في الجمهورية الإسلامية، [ويُبقي النجاحات] طي الكتمان. هناك عشرات النجاحات في أقسام مختلفة من نظام الجمهورية الإسلامية، وقد أشرت إلى بعضها في بيان الخطوة الثانية (4). يجب أنّ نتحدث عن هذه الإنجازات العظيمة للجمهورية الإسلامية، ونذكّر بها الناس وأولئك الذين يغفلون عنها. لذا هذه نقطة يجب أخذها بالاعتبار.

6- القرب من النّاس والتّواصل معهم
نقطة أخرى هي مسألة الشعبية. حسناً، إن الحكومة الحاليّة تتمتع بعلاقات جيدة مع الناس، بحمد الله. تحضر بين الناس وتذهب إليهم؛ هناك حركة شعبية ونزعة شعبية ملموسة يجب استكمالها. أولاً استمرارها. طبعاً هناك من يضع مشكلة على هذا الشيء نفسه، فلا ينبغي الالتفات إليهم. في الحقيقة إن الحضور بين الناس متعب حتّى للمسؤولين الحكوميين - هذا عمل صعب وليس سهلاً – لكنّه مؤثر وجيّد للغاية ويجب أن يستمرّ. ثانياً الوفاء بالوعود المقطوعة للناس. يجب الوفاء بهذه الوعود في موعدها حتى يعرف الناس أن هناك جدّية. وفي المواضع التي يكون من غير الممكن الوفاء بهذا الوعد - هناك حالات تم فيها تقديم وعد ما لكن في الممارسة العملية لم تتوفّر الإمكانات – فليذهبوا إلى الأشخاص الذين وعدوهم عندئذ، وليشرحوا لهم بوضوح وشفّافية السبب في عجزهم عن إنجاز هذا العمل، و[ليقولوا] إننا سنعمل [على إنجازه] إن شاء الله. هذه أيضاً مسألة الوفاء بالوعود.

إيجاد آليّة مناسبة للاستفادة من الطّاقات النّخبويّة والشّعبيّة
[تذكير] آخر هو أنه في بعض الأحيان يقدّم الخبراء والمتخصصون الذين هم جزء من الناس أفكاراً وأساليب حول العمل في القطاعات المختلفة إلى المسؤولين الحكوميين، فليقدّم [المسؤولون] آلية حتى يتمكنوا من استخدام هذه الآراء التي تجعل الناس يشاركون فعلياً في قرارات الأجهزة المسؤولة في البلاد. هذا أولاً. وليتم أيضاً إيجاد آلية للاستفادة من الطاقات الشعبية في الممارسة من أجل إشراك الناس في العمل. هناك كثيرون ممن يريدون مساعدة الحكومة في بعض الأمور. يجب تحديد الطريقة، أي مثلاً طريقة اتصال الناس للمساعدة في هذا القسم هي كذلك. عليهم أن يجلسوا ويفكّروا. إنهم بحاجة إلى التفكير والمطالعة وما شابه.

إنشاء آليّة مناسبة للاستفادة من الرّقابة العامّة
وكذلك الاستفادة من القدرة الشعبية في الرقابة العامة. هناك حالات فساد ومحسوبيّة في بعض زوايا البلاد قد تبقى بعيدةً عن أعين الجهات المختصة وتخفى عنهم. الناس يرونها ويشاهدونها. [لذلك] فلتتم الاستفادة من قدرة الناس في هذا الصدد أيضاً. هكذا، إن الشعبيّة هي أحد الأمور الأساسية جدّاً، وعلى الحكومة أن تتابع ذلك بالطريقة نفسها التي طُرحت [هنا] على نحو الإيجاز.

واجبات المسؤولين مقابل واجبات النّاس
عموماً، ومقابل هذه التوصيات التي نقدمها إلى شعبنا الأعزاء، يجب أن يرى المسؤولون الموقّرون في البلاد أنفسهم ملزمين حقّاً العملَ بطاقاتهم كلها. بالطبع، ما أراه اليوم هو أن المسؤولين المحترمين - من أعلى إلى أسفل – يعملون ويبذلون الجهد والعناء، بحمد الله. وبقدر ما يمكن أن تراه أعيننا ونشاهد إنهم يبذلون الجهود ويتكبدون العناء حقاً. نسأل الله - تعالى - أن تشمل البركة الإلهية هذه الجهود. فليكملوا هذه الجهود، وليعملوا من أجل الناس، وليخلصوا نيّتهم لله - تعالى - حتى تصير هذه الحركة عبادةً عظيمة. سوف أنهي كلامي.

نسأل الله - تعالى - أن يوفق الشعب الإيراني في المجالات والساحات كافّة، وأن ينصره على أعدائه. نسأل الله - تعالى - أن يحشر الروح الطاهرة للإمام [الخميني] العظيم مع أوليائه، وأن يُرضيه عنّا حتى لا نخجل من إمامنا العظيم، وأن يُرضي الأرواح الطيبة للشهداء عنا، وأن يحشرهم مع أوليائه ولا يُخجلنا أمامهم.

أجدّد التحيّة والتقدير مرّة أخرى لأهالي قم الأعزاء، ولكم أيها الحضور الكرام في هذا اللقاء، وأرجو الله - تعالى - أن يشملكم جميعاً بلطفه ورحمته وبركاته، إن شاء الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


* اجتمع الحاضرون في هذا اللقاء في صحن الإمام الخميني (قده) في مرقد السيد فاطمة المعصومة (ع).
1- الثورة الدستورية.
2- «إيران والاستعمار الأحمر والأسود» هو عنوان مقالة نشرتها صحيفة «اطلاعات» في 7/1/1978 بأمر من الشاه وعملائه، لكاتب باسم مستعار هو أحمد رشيدي مطلق، وتعرّض فيها للإمام الخميني بالإهانة والاتهامات كما وصفه بأنه عميل للخارج!
3- كان هايزر جنرالاً في سلاح الجو الأمريكي، ودخل إيران في 4/1/1979 لتنفيذ انقلاب عسكري وقيادة الجيش الشاهنشاهي لمنع انتصار الثورة الإسلامية، وبعد شهر أخفقت خطة الانقلاب وفرّ من إيران.
4- رسالة إلى الشعب الإيراني بمناسبة الذكرى السنويّة الأربعين لانتصار للثورة الإسلاميّة (11/02/2019).

2022-07-28