يتم التحميل...

الخوف والرجاء وترسيخ العبودية لله عز وجل

إضاءات إسلامية

الخوف والرجاء وترسيخ العبودية لله عز وجل

عدد الزوار: 18


 
من الحوافز النفسية التي تعمل على ترسيخ العبودية في النفس والشعور الذاتي بها، هو شعور الإنسان بأنه حقير تافه أمام عظمة الله، وليس من حقه التمرد والعصيان، فيمتزج هذا الشعور النفسي، شعور التصاغر أمام عظمة الله، وعظم جلاله مع الخوف والرهبة في نفس المؤمن فينتج التسليم والخضوع، والتعلق بالمعبود خوفاً من ضياع الحب وحلول الغضب والعذاب.

ومثل ما يعمل الخوف من ضياع الحب وانفصام العلاقة بالله عمله الايجابي في نفس المؤمن، كذلك يعمل الرجاء - وهو استمرار الأمل وعدم اليأس من رحمة الله، وعطفه وحنانه وعدله - عمله المكمل لدور الخوف في ضبط موازنة النفس البشرية، واتجاه حركتها نحو الله.

فالمؤمن دوماً تنمو أحاسيسه ومشاعره في ظل الرجاء، وانتظار العطف الالهي بعيداً عن اليأس والقنوط الذي يسد أمام الإنسان أبواب الأمل ويقطع عليه حركة الإصلاح وتغيير المواقف.

ولبواعث الخوف والرجاء هذه آثار نفسية وقوة حركية مؤثرة في سلوك الإنسان واندفاعه نحو الخير أو تباعده عن الشر.

ذلك لأن الخوف والرجاء يشكلان في أعماق النفس المؤمنة طرفي معادلة متوازنين يتقاسمان الدوافع والسلوك الإنساني بأكمله.

وقد شرح لنا الإمام محمد الباقر عليه السلام أثر هذين الحافزين في نفس المؤمن، والعلاقة النفسية بينهما بقوله "ليس من عبد مؤمن إلاّ وفي قلبه نوران، نور خيفة ونور رجاء، لو وزن هذا لم يزد على هذا. وقد جمع الله بينهما في وصف من أثنى عليهم فقال: يدعون ربهم خوفاً وطمعاً. وقال: يدعوننا رغباً ورهباً"([1]).

وقد أضاء الامام الصادق عليه السلام جوانب هذا المفهوم وأغناه بقوله: "الخوف رقيب القلب والرجاء شفيع النفس، ومن كان بالله عارفاً كان من الله خائفاً وإليه راجياً. وهما جناحا الايمان. يطير العبد المحق بهما الى الله"([2]) .

فمن هذا العرض الموجز للحوافز والقوى النفسية الباعثة على إقامة العبودية الصادقة في النفس ندرك أن الحب، والشوق، والخوف، والرجاء، هي البواعث النفسية المتفاعلة في أعماق النفس والدافعة الى التعلق، والارتباط بالله سبحانه وتعالى والباعثة على السعي بكل ممكنات الإنسان السلوكية، من فكر وشعور وعمل من أجل تحصيل مرضاة الله، ونيل ثوابه وإخلاص العبودية له.
 
بين العبادة والعبودية، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


([1]) جامع السعادات للنراقي، ج1، ص 253.
([2]) المصدر السابق ص254.

2021-10-27