يتم التحميل...

مسؤولية الحكومة الإهتمام بهداية الناس وأخلاقهم كمسؤوليتها بأمور معيشتهم

وصايا القائد

مسؤولية الحكومة الإهتمام بهداية الناس وأخلاقهم كمسؤوليتها بأمور معيشتهم

عدد الزوار: 28

من كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في الاجتماع العام لمسؤولي السلطة التنفيذية في البلاد. الزمان: 9/4/1386هـ. ش ـ 15/6/1428هـ.ق ـ 30/6/2007م.
مسؤولية الحكومة الإهتمام بهداية الناس وأخلاقهم كمسؤوليتها بأمور معيشتهم

زيارة المحافظات وتفقد أحوال أهلها عملا عظيما يستحق التقدير
إنّ ثمة موضوعاً على قدر كبير من الأهمية والتقدير في نظري، ومن المستحسن أن أصرّح برأيي فيه على الملأ من الأصدقاء، وهو موضوع زيارة المحافظات.

إنّ القيام بزيارات للمحافظات يعتبر من الأعمال الجيدة والبارزة والضرورية. وإنني لأشعر بالدهشة والعجب من بعض أولئك الذين ينتقدون مثل هذا الإجراء الجيد والصريح.

إنّ في هذا العمل مشقّة للوزراء ورئيس الجمهورية والكادر التنفيذي، وإنّ الحكومة تتحمّل في سبيله جهداً عظيماً لا يطاق، ولكن أفضل ما في هذا العمل هو إيضاح الفرق بين النظر إلى قضايا البلاد عن بُعد والتحقق منها عن قرب، وهو تفاوت جليّ.

إنني على معرفة بالأمور التنفيذية حيث عملت سنوات طوالاً في هذا المجال.

إنّ من الممكن الاطلاع على ما يجري من طريقين: إما عن طريق التقارير الواردة، وهي تقارير دقيقة وصحيحة على ما يبدو، فنقرأها ونناقشها، ولكن البون واسع بين ثمرة هذه التقارير وثمرة الاطلاع عن قرب على مجريات الأحداث.

إنّ الفرق كبير للغاية.

إنّ مشاهدة الواقع، وتفقّد المناطق التي لم تكن تحلم أن يتذكّرها المسؤولون الكبار، يعتبر عملاً عظيماً جداً يستحق الإكبار والتقدير.

إنّ بعض المدن التي زارها المسؤولون ـ رئيس الجمهورية والورزاء ـ لم يحدث أن زارها أو تفقّدها حتى مدير عام على طول السنوات الماضية، ولكنها ما تلبث أن ترى رئيس الجمهورية فجأة ماثلاً بين أهاليها. فهذه بادرة طيبة جداً، وعليكم ألا تفسدوها.

إنّ ما حدث كان بداية لحركة مباركة، ولكنها يجب أن تستمر حتى تؤتي أكلها بشكل جيد.

إنّ المسؤولية من الآن فصاعداً تقع على كاهل مسؤولي السلطة التنفيذية. فكل قرارات هذه الزيارات يجب أن تخرج بدقة إلى حيّز التنفيذ دون تقصير ولا قصور، وإذا واجهتم صعوبة في التنفيذ لعدم كفاية التشخيص أو الدراسة العلمية الكاملة، فعليكم التصريح بذلك للمواطنين بلا مواربة مع توضيح الأدلة والأسباب. لا تؤخّروا عملكم، ولا تدعوا الشعب يفقد ثقته وأمله في إخلاص واهتمام وقوة الحكومة.

إنّ على المحافظين ورؤساء المراكز والأقاليم والمدراء في مختلف الأجهزة والمؤسسات ـ ومعظمهم من الحضور ـ أن يتابعوا أعمالهم بجِدّ واجتهاد. لقد علمت أنهم قاموا بإنجازات جيدة خلال فترة زمنية قصيرة، فعليهم بالاستمرار. وطبعاً فإن هذه الزيارات لا تخلوا من بركات ثانوية كثيرة.

ليحذو مسؤولي المحافظات حذو الحكومة في تفقد مناطقهم
وأما النقطة الثانية فهي: أنّ باستطاعة المسؤولين في المحافظات والأقاليم أن يقوموا هم أيضاً بمثل هذه التفقّدات.

فعلى المحافظين ألاّ يقطعوا الصلة بينهم وبين المراكز والأقاليم ومدراء الأقسام المختلفة والمواطنين على اختلاف طبقاتهم.

وهناك مسألة أخرى ضرورية، وهي: أنّ على المسؤولين، ولاسيّما الكبار، ألاّ يضيّعوا وقتهم فيما يدور من همهمات في الساحات السياسية والجناحية، فذلك من الآفات.

إننا لا نقول بتجاهل هذه الأمور، فنحن كثيراً ما أكّدنا أنه لابد من ردّ الشبهات وتوضيحها، ولكن بدون أن يغرقوا في دوامة هذه الإثارات والتحرّكات الجناحية المختلفة، فذلك يحدّ من جهودهم ويعطّل أعمالهم، وإنّ الابتعاد عن مثل هذه الظواهر أمر ضروري جداً في تقديرنا.

ضرورة إهتمام الحكومة بهداية الناس وأخلاقهم إلى جانب أمور معيشتهم
وهناك نقطة أخرى أيضاً: تتعلق بمتطلبات المواطنين المعنوية والمادية، فلا ينبغي التضحية بهذه على حساب تلك، بل من الضروري تلبيتها جميعاً دون استثناء. أي أنّ الحكومة الإسلامية لا تُقصر اهتماماتها على توفير المأكل والمسكن والرفاهية المادية والأمان الظاهري للمواطنين، بل إنها تُولي الأهمية أيضاً لأخلاقهم ودينهم وهداية الشباب إلى سبيل الرشاد، وتبذل مساعيها للرقي بمستواهم التربوي والعلمي والديني والسلوكي.

وليس الأمر كذلك أن تقول الحكومة: إنّ هذه الأمور ليست من اختصاصها، كلا، فعلى الحكومة أن تُهيّئ الأجواء اللازمة لنشر الأفكار الصحيحة والأخلاق الفاضلة في المجتمع. وهذا العمل مع أنه نشاط ثقافي إلا أنه سياسي أيضاً.

إنّ إحدى السياسات الشائعة والمتداولة اليوم التي تقوم بأدائها الشبكات الصهيونية الخطيرة وعناصرها المنبثّة في كافة أرجاء العالم هو تجريد الشباب من النظرة الجادّة للحياة، ولاسيّما شباب البلدان الإسلامية، وخصوصاً شباب البلدان التي يمكن أن تمثّل تحدّياً علمياً أو سياسياً أمامها مما يهدد مصالحها المختلفة بالخطر.

إنهم يبغون الضياع لهؤلاء الشباب، وقد وضعوا لذلك الخطط اللازمة.

إنّ مواجهة مثل هذه الخطط يعدّ حركة سياسية شجاعة، فضلاً عن كونها واجباً وطنياً وشرعياً، ولذلك فإن الأجهزة المعنيّة بالشؤون الدينية، وكذلك وزارة الإرشاد والأبحاث العلمية، والأقسام المختصّة في وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والطبّي، تعتبر جميعاً من الدوائر الحساسة في التخطيط الواسع للحكومة، وهي تتحمّل مسؤوليات جِساماً في الآن ذاته.

إنّ قضية الأمن الأخلاقي التي تهتمّ بها الشرطة ووزارة الداخلية هذه الأيام تعدّ قضية في منتهى الأهمية. نعم, إنّ البعض يثيرون الضجيج والصخب ـ كما في موضوع البنزين وغيره من الأمور ـ ولكن لا ينبغي إعطاء أهمية لمثل هذا الشَغَب، بل يجب معرفة الواجب، ومن ثم أداء هذا الواجب.

لمكافحة الفساد الإقتصادي داخل المؤسسات الحكومية بالحيلولة دون حدوثه
وعلى الصعيد نفسه، هناك موضوع مكافحة الفساد الاقتصادي.

إنّ مكافحة الفساد الاقتصادي تزداد أهمية داخل المؤسسات الحكومية أكثر منها في السلطة القضائية.

إنّ من واجب الجهاز القضائي إنزال العقاب بالمفسدين، ولكنّ واجب السلطة التنفيذية هو الحيلولة دون حدوث الفساد، وهنا تزداد أهميته؛ لأنه وقاية.

إنّ ميكروب الفساد ينشأ ويتولّد في دهاليز ومراحل العمل المختلفة في السلطة التنفيذية، سواء أكان ذلك في مرحلة التخطيط، أو في مرحلة التطبيق. وهناك تنمو تلك الجراثيم وتتكاثر، فلابد من الوقاية منها.

وطبعاً، فإن مكافحة الفساد تتطلب التقوى والصلاح، فلنبدأ بأنفسنا ولنكن صالحين أولاً حتى نستطيع مكافحة الفساد على أفضل وجه.

وإذا ما شعرنا في داخلنا بنقطة ضعف يمكن أن نتقبّل الفساد من خلالها فلن يكون لدينا الاستعداد اللازم لنزول الميدان، فيجب أن نحافظ جيداً على أنفسنا.

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، حافظوا على أنفسكم.

إنّ الذين سمعتم عن أسمائهم من المفسدين أو الذين تسمعون عن صفاتهم، لم يكونوا في الأصل فاسدين، بل تدرّجوا من لقمة هنيئة عابرة أطعمهم إيّاها الآخرون ـ علموا بذلك أو لم يعلموا ـ فاستطعموها، فتناولوها بأيديهم لقمة بعد أخرى، حتى باتوا من الفاسدين.

فراقبوا أنفسكم وحاسبوها جيداً خلال فترة مسؤوليتكم طالت أم قصرت. وهذه هي التقوى، فالتقوى مراقبة النفس.

التخطيط طويل الأمد يحفظ مسيرة التطبيق في الإتجاه المنشود
وأما النقطة التالية فهي: ضرورة النظر إلى الأمام بعيون ثاقبة في التخطيط وعلى كافة المستويات, ولابد من وثيقة كورقة عمل للمستقبل.

إنّ الثبات في التخطيط هو سرّ النجاح. فإذا ما افتقدنا الثبات في التخطيط وأضعنا الاتجاه الصحيح في المسيرة، فإننا لن نصل إلى نتيجة على صعيد البناء والتقدم. مع أنّ هذه الحركة ستصبح صحيحة على طول الطريق، إلاّ أنّ الاتجاه واحد وله استمرارية وامتداد. خذوا باعتباركم عشرين عاماً قادمة.

إنّ لدينا خطة كل عام ـ خطة سنوية تُعطى للمجلس مع الميزانية ـ فإذا لم يكن الاتجاه صحيحاً ودقيقاً فمن الممكن أن يحدث تناقض بين هذه الخطط والبرامج, فتصبح بلا فاعلية أو جدوى, وتؤثّر سلباً على كافة النشاطات.

ولدينا أيضاً خطة خمسية ، كالمعمول به في كافة أنحاء العالم. ولكن إذا ما تعارضت الخطة الخمسية الحالية مع الخطة الخمسية السابقة أو اللاحقة، فستقضي إحداها على الأخرى ولن يحدث تطور ولا إصلاح مطلقاً؛ لأن النشاطات سيُبطل أحدها الآخر, فتتبخّر فاعليتها، ويُصار بالنتيجة إلى ضياع رؤوس الأموال الوطنية. وللحيلولة دون وقوع هذه الكارثة فإننا أعددنا خطة طويلة الأمد وشاملة لكي تكون وثيقة للمستقبل.

إنها خطة عامة للسنوات العشرين القادمة، فينبغي أن توضع الخطط والبرامج الأخرى الأقل مدة على ضوئها، ومن ذلك الخطط الخمسية التي يجب أن لا تخرج عن هذا الإطار أو تنحرف عن هذا الاتجاه.

إنّ على كل حكومة تتسلّم مقاليد الأمور أن تسير في نفس الاتجاه، فتُصبح الخطط جميعاً مكملةً إحداها للأخرى. وطبعاً فإن الحكومات ليست كلها على نسقٍ واحد، فبعضها يعمل ببطء، والآخر سريع الأداء، وبعضها يستخدم كافة كوادره ويفعّلها، والبعض الآخر يهملها، وبعضها ربما يرتكب أخطاءً، والبعض الآخر لا يرتكب، ولكنّ كافة هذه الأمور يمكن إصلاحها، بشرط أن يكون المسار واحداً.

ولهذا فإن عليكم مراعاة ذلك عند وضع كافة الخطط والبرامج.

2017-03-03