يتم التحميل...

ضرورة ممارسة الحوزات العلمية الإجتهاد في مختلف قضايا المجتمع

العلم والتطور

ضرورة ممارسة الحوزات العلمية الإجتهاد في مختلف قضايا المجتمع

عدد الزوار: 23

من كلمة الإمام الخامنئي في التعبويين من محافظة قم بمناسبة الزيارة الخاصة لمدينة قم 24-10-2010
ضرورة ممارسة الحوزات العلمية الإجتهاد في مختلف قضايا المجتمع

المحاور الرئيسية
التحوّل في الحوزات: حركة تجديدية في المضمون لا المنهج
أ ــ المنهج الإجتهادي القائم أكثر المناهج منطقية
ب ــ ضرورة الإجتهاد في مختلف قضايا المجتمع
ج ــ عدم إستبدال المناهج التقليدية بالمناهج الغربية
نماذج من التحولات الصحيحة
أ ــــ تقديم إجابات على أسئلة الواقع واحتياجاته
ب ـــ تطوير النظام المسلكي والأخلاقي داخل الحوزة
أهمية تدريس الفلسفة والتفسير في الحوزات

التحوّل في الحوزات: حركة تجديدية في المضمون وليس في المنهج

القضيّة الأخرى المهمّة المطروحة والتي ينبغي تناولها بوضوح، هي قضيّة التحوّل في الحوزات، وهي قضية تُطرح منذ مدّة في الحوزة العلمية المباركة لمدينة قم. فماذا يعني هذا التحوّل؟ أيّ شيء تريد الحوزة القيام به تحت عنوان التحوّل؟ إذا كان التحوّل بمعنى تغيير الخطوط الأساس للحوزات، كتغيير منهج الاجتهاد؛ فهو قطعاً انحراف. إنّه تحوّلٌ لكنّه نحو السقوط.

أ ــ المنهج الإجتهادي القائم أكثر المناهج منطقية
إنّ المنهج الاجتهادي الرائج اليوم في الحوزات العلمية الذي يعتمده علماء الدين هو من أقوى مناهج الاجتهاد وأكثرها منطقية؛ اجتهادٌ يعتمد على اليقين والعلم ويستند إلى الوحي, أي إنه يبتعد عن الظن. واستنباطنا هو استنباط علمي ويقيني. وهذه الظنون الخاصّة الموجودة يجب أن تكون حجّيتها كلّها يقينية وقطعية. حتى أن اعتبار الأصول العملية التي نُعملها في الفقه يجب أن يكون اعتباراً جزمياً وقطعياً. فما لم نصل إلى الجزم بالدليل القطعي باعتبار هذه الأصول العملية: الاستصحاب أو البراءة أو الاشتغال؛ كلٌّ في محلّه، لا يمكننا أن نُعمله. لهذا فإنّ جميع وسائل الاستنباط عندنا في الفقه تنتهي بالواسطة أو بغير الواسطة إلى القطع واليقين.

إن الاجتهاد عند الشيعة لا يعني الاعتماد على الظنون غير المعتبرة, فيكون كما ذكر قدماؤنا اجتهاداً بالرأي يعتمد على الظنون غير المعتبرة كالقياس والاستحسان وأمثالهما، وقد ألّفوا حوله كتباً، ككتاب (الردّ على أصحاب الاجتهاد في الأحكام)، لإسماعيل بن أبي سهل النوبختي، والسيد المرتضى في (الذريعة)، والشيخ في (عدّة الأصول) وغيرهم وغيرهم, رفضوا هذا الاجتهاد المبنيّ على الظنون غير المعتبرة. هذا الاجتهاد مرفوضٌ. واليوم نرفض هذا النوع من الاجتهادات لأيٍّ كان وتحت أي اسمٍ. وإن لم يكن هذا الأمر يرضي الدنيا، لا يهم، فإنّ هذا الكلام الفقهي ليس له زبائن في العالم، إذا ذكروا هذا صراحة أم لا، لكنّهم في أعماقهم يريدون جرّهم إلى هذا الاستنباط الخاطئ وهو مرفوض. وللأسف يُشاهد في بعض الموارد هنا وهناك أنّه ــ لأجل مراعاة عُرف العالم المتمدّن ــ بالبعد المادّي بشكلٍ أساس؛ يتمّ العبث بعملية استنباط الأحكام الشرعية! بل أسوأ من ذلك أحياناً ـــ ومن أجل جلب قلوب أصحاب القِوى المادية، وليس فقط العُرف الشائع للعالم المادّي، بل عُرف القوى المادية والاستكبارية، يقدّمون الفتاوى: فالمساعي السلمية النووية للجمهورية الإسلامية تصبح ممنوعة لأنّها تبعث على سوء ظن القوى العظمى! حسناً، لقد أخطأوا ويسيئون الظن. (فليخسأوا أن يسيئوا الظن).

لو تمّ إعمال الاجتهاد وفق المنهج الصحيح المبني على الكتاب والسنّة، وبتلك المنهجية المنطقية المعقولة السليمة المدقّقة الناضجة فهو أمرٌ ممتاز. إن الاجتهادات، ولو استتبعت نتائج مختلفة، تؤدّي إلى الارتقاء والتقدّم. مجتهدونا وفقهاؤنا عبر تاريخ فقهنا، قدّموا آراء متباينة في المسائل المختلفة. فالتلميذ ينقض آراء أستاذه، ويأتي تلميذه لينقض عليه، فلا إشكال في ذلك، فهذا ما يؤدي إلى الارتقاء والتطور, ويجب تقوية هذا الاجتهاد في الحوزة.

ب ــ ضرورة الإجتهاد في مختلف قضايا المجتمع
والاجتهاد لا يختص بالفقه، ففي العلوم العقلية وفي الفلسفة والكلام، اجتهاد أصحاب هذه الفنون ضروريٌّ، ولو لم يكن هذا الاجتهاد لأصبحنا مستنقعاً راكداً.

لا ينبغي أن تغيب الحوزة في هذا الزمان عن الساحات المختلفة للفلسفة والفقه والكلام في العالم. فكلّ هذه الأسئلة المطروحة في العالم وفي القضايا المختلفة تنتظر رد الحوزة، فلا ينبغي لها أن تغيب أو تنفعل, فهما مضرّان. إنّ التفكير المتجدّد ضروريٌّ، والإجابة عن الحاجات المستحدثة ضروريّة وهي تنهمر كالسيل في أرجاء العالم، ويجب أن توفّروا أجوبتها. يجب أن تكون إجاباتكم ناظرة إلى هذا الاحتياج وناظرة إلى الأجوبة التي تقدّمها المذاهب والفرق المختلفة أيضاً. فلو غفلتم عن أجوبتهم، لا يمكن لجوابكم أن يفعل فعله.

يجب أن تستنبطوا الأجوبة القوية والمنطقية والمقنعة، يجب أن تُعرض الأجوبة على العالم. وعلى الدوام يجب أن تُضخّ صادرات قم كما قلنا: هي القلب المعرفي للعالم الإسلامي. واليوم لحسن الحظ فإنّ وسائل الاتصال السريع تحت تصرّف الجميع. وأنتم قادرون على القيام بشيء ها هنا، فيسمعكم ويستفيد منكم من يعيش في أقاصي العالم في نفس الساعة.

إن الحاجة موجودة على صعيد القضايا المختلفة, سواء بالنسبة للنظام الإسلامي أو على مستوى البلد أو العالم. إن تبيين الرؤية المعرفية للإسلام والفكر الاقتصادي والسياسي للإسلام، والمفاهيم الفقهية والحقوقية، التي تشكّل أركان ذلك الفكر الاقتصادي والسياسي، ونظام التعليم والتربية والمفاهيم الأخلاقية والمعنوية وغيرها وغيرها، يجب أن تُعدّ وتُهيّأ بصورة دقيقة وعلمية ومقنعة وناظرة إلى الأفكار الرائجة في العالم. هذا هو عمل الحوزات. وبالاجتهاد يصبح هذا الأمر عملياً. وإذا لم نقم بهذا العمل نكون قد ساعدنا بأيدينا على حذف الدين من ساحة الحياة البشرية، نكون قد ساهمنا بأنفسنا في عزل العلماء. هذا هو معنى التحوّل. وهذه الحركة الاجتهادية المتجددة أساس التحوّل.

ج ــ عدم الإعراض عن المناهج التقليدية لصالح المناهج الغربية
وأعرض هنا ما يُعدّ تحوّلاً وما لا يُعدّ كذلك في المجالات الأخرى. أو بتعبيرٍ أفضل ما يُعدّ تحوّلاً صحيحاً وتحوّلاً خاطئاً. فكلامي دائماً كان وسيبقى ـــ في السابق ذكرته عبر اللقاءات المختلفة مع فضلاء الحوزة ـــ أنّ التحوّل والتغيّر أمرٌ حتمي وسيحصل. وفي يومنا هذا لا يوجد حصنٌ مانعٌ يحيط بأيّة مجموعة داخلية أو غيرها. غاية الأمر أن هذا التحوّل والتغير إمّا أن نديره ونوجّهه أو لا؛ بل نهمله. إذا تركناه خسرنا. يجب على أكابر الحوزة ومراجع التقليد والعلماء والمفكّرين والفضلاء أن يشمّروا عن ساعد الهمّة ويخطّطوا لهذا التحوّل ويقوموا بتوجيهه وإدارته. لهذا، فإنّ المعنى الأساس للتحوّل هو: الحركة التجديدية على صعيد المضمون.

من الممكن أن يُراد من التحوّل أو أن يُفهم له معنىً خاطئ؛ والذي يجب اجتنابه بشكل حتمي. لا يعني التحوّل الإعراض عن المناهج التقليدية شديدة الفعالية للحوزة في التعليم والتعلّم وتبديلها بالأساليب الرائجة في الجامعات اليوم. فمثل هذا التحوّل والتغير خطأٌ في خطأ، هو تراجعٌ.

في يومنا هذا بدأت مناهجنا التقليدية القديمة المختلفة تُعرف في كل العالم. بعضهم يروّج لهذه الأساليب من خلال التقليد أو الابتكار؛ فهل نأتي بالمناهج الجامعية المعتمدة عندنا والمستنسخة عن المناهج الغربية إلى الحوزة فنحكّمها؟ كلا، هذا لا نعدّه تحوّلاً. ولو حدث مثل هذا التغيير فإنّنا حتماً نعتبره رجعيّة وتخلّفاً. نحن لا نقبل هذا. لدينا في الحوزة العلمية مناهج ممتازة رائجة يُعمل بها منذ القِدم.

أسلوب الاختيار الحرّ للأستاذ من قبل الطالب. عندما يأتي الطالب إلى الحوزة يفتّش عن الأستاذ الذي يرغب به ويذهب إلى درسه. وأساس حركة الطالب هو التفكير والتدقيق والدراسة لا الحفظ. ومحورية الحفظ هي هذا الشيء الذي نعدّه اليوم بلاء التربية والتعليم الموجود عندنا. ونحن منذ مدّة نواجهه ونحاربه, ولم تتحقّق بعد النتيجة المطلوبة. في الحوزة، فإنّ الأساس الذي نعتمد عليه هو التفكير. والطالب عندما يدرس فإنه قبل الدراسة يجري مطالعات مسبقة ويهيئ ذهنه لكي يسمع من أستاذه كلاماً جديداً وبعد الدرس يتباحث مع زميله فمرّة يدرّسه ومرّة يدرس عنده. لهذا يقر في الذهن. وفي بعض الحوزات، كحوزة النجف، كانت كتابة تقرير الدرس أمراً رائجاً. وفي قم قليلاً ما يُعمل بهذا أو نادراً، حيث يقوم أحد الطلبة الفضلاء بعد درس الأستاذ بشرحه للطلاب المحتاجين مرّة أخرى. ولهذا ترون كم لهذا العمل من تأثيرٍ في تعميق العلم والمعلومات عند طلاب العلم. لا ينبغي تضييع هذه الأساليب، فهذا خسارة.

واحترام الأستاذ قضيّة أخرى. فإحدى السنن الرائجة في الحوزات العلمية هي تواضع التلميذ للأستاذ واحترامه.

يُكتب (آداب المتعلمين) ويُذكر فيه مسؤوليات المتعلّم تجاه المعلّم وحقوقه، وفي المقابل ما للمتعلّم من حقوقٍ على المعلّم. فلا يكفي أن يأتي الأستاذ ويقول كلمته ثمّ يمشي. كلا، بل يستمع إلى كلام التلميذ ويصغي. فهذه أمورٌ كان يُعمل بها منذ القدم. ومنذ زماننا كان هناك بعض الأعاظم وهم اليوم موجودون أيضاً، فالتلميذ يلازم الأستاذ بعد الدرس إلى بيته، يباحثه ويتحدّث معه ويسأله، وتكون "الكعدة"، "كعدة علميّة" (ذكرها القائد باللهجة العراقية)، فالجلسة تكون جلسة تحقيقٍ وسؤالٍ وجواب. هذه من السنن الجيّدة لحوزاتنا. الآخرون يريدون أن يتعلّموها منا، فهل نقوم نحن باستبدالها بأساليب وسنن الآخرين المنسوخة والبالية؟! لهذا ينبغي أن تبقى هذه السنن وتزداد قوّة. التحوّل لا يعني تغييرها.

نماذج من التحولات الصحيحة
أ ــــ تقديم إجابات على حاجات المجتمع
من الأشياء الضرورية في التحوّل الإيجابي أن نطبّق أنفسنا وسعينا ونشاطنا العلمي على الاحتياجات. فالناس يريدون منّا أن نجيب عن الأشياء التي يحتاجون إليها وعلينا نحن تأمينها. وهناك أشياء ليست مورد حاجة الناس، وهي من الإضافات والهدر في السعي، فلا ينبغي أن نشغل أنفسنا بها. إنّ هذه قضايا أساس جداً ومهمّة.

نحن نريد من الجامعات أن تطبّق نشاطها على حاجات المجتمع. فكلما التقينا بالجامعات والأساتذة والجامعيين نكرّر الأمر على مسامعهم، ونقول لهم طبّقوا فروعكم العلمية على حاجات المجتمع، وانظروا ما هي الأشياء المطلوبة، ومثل هذا الأمر يصدق على الحوزات بطريقٍ أولى.

ب ـــ تطوير النظام المسلكي والأخلاقي داخل الحوزة
القضية اللاحقة ترتبط بالنظام المسلكي والأخلاقي للحوزات. حيث ينبغي أن يكون هذا التحوّل ـــ فيما لو تحقّق ـــ ناظراً إلى هذه الجهة أيضاً. ويوجد هنا عدّة عناوين بهذا الخصوص دوّنتها, منها تكريم الأساتذة. يجب أن يتحرّك نظامنا المسلكي والأخلاقي في الحوزات بهذا الاتجاه، تكريم الأستاذ وتكريم العناصر الفاضلة وخصوصاً تكريم مراجع التقليد. فليس كل إنسان بمقدوره أن يصل بسهولة إلى مستوى مراجع التقليد المعظّمين، فهذا يتطلّب مؤهلات كثيرة. وفي الغالب فإن المراجع يُعدّون القمم العلمية للحوزات العلمية. لهذا يجب الحفاظ على احترام المراجع وتكريمهم.

القضية الأخرى في النظام المسلكي والأخلاقي في الحوزات هي الاستفاضة من المعنويات والتهذيب، وهذا مهمٌّ جداً. إن الشباب اليوم يحتاجون أكثر من أي وقتٍ مضى إلى التهذيب. فأولئك الذين يدرسون ويعملون في فروع علم السلوك العام، يؤيّدون هذا. في يومنا هذا أضحى الوضع في كل العالم حيث النظام المادي وضغط الماديات الذي يجعل الشباب يشعرون بالضيق والكآبة. في مثل هذا الوضع، يكون منقذ الشباب التوجّه إلى المعنويات والأخلاق.

إن السبب وراء نمو وانتشار أنواع العرفان الكاذب واستقطابها هو هذا, أي الاحتياج. إن شبابنا في الحوزات العلمية ـــ سواء الذكور أو الإناث ـــ يحتاجون إلى التهذيب. لدينا قممٌ في التهذيب. في نفس قم كان المرحوم الحاج الميرزا جواد الملكي والمرحوم العلامة الطباطبائي، والمرحوم بهجت والمرحوم بهاء الديني (قدس الله أسرارهم)، قمم التهذيب في الحوزة. فسلوكهم ومعرفة حياتهم وكلماتهم تُعدّ بذاتها من أكثر الأمور شفاء وباعثة على اطمئنان الإنسان ومانحة للسكينة والبصيرة ونورانية القلب. وكان في النجف أعاظم, سلسلة تلامذة المرحوم الآخوند الملا حسينقُلي إلى المرحوم السيّد القاضي وغيرهما، فهؤلاء عظماء، بمعزل عن مشاربهم الفكرية والعرفانية. والقضية هنا ليست قضية نظرية.

بعضهم كان له مشارب مختلفة. كان المرحوم السيّد مرتضى الكشميري قدس سره من أساتذة المرحوم الحاج الميرزا علي القاضي, ولكن مشربهما كان متفاوتاً بالكامل. فهو كان يمنع بشدّة من الحصول على كتابٍ بينما الآخر كان يعشقه, فلا مشكلة. هؤلاء الأعاظم الذين كانوا في مشهد، كانوا رجالاً عرفناهم بالتقوى والطهارة والنزاهة. المرحوم الحاج الميرزا جواد الطهراني، والمرحوم الحاج الشيخ مجتبى وأمثالهما كانوا كذلك. والأساس هو شفاء القلب الصدئ بلسانٍ معنوي وكلامٍ نابعٍ من القلب يزيله، لهذا فنحن لا دخل لنا هنا في أنواع العرفان النظري.

وقضية أخرى في مجال النظام المسلكي والأخلاقي للحوزة هي قضية التوجّهات والمشاعر الثورية في الحوزة.

أعزائي: إنّ لأجواء الثورة في البلد أعداء معاندين وحقودين. يعارضون حاكمية الجو الثوري في البلد, ويريدون القضاء عليه. لقد رأيتم كيف أن الشهادة في بعض الأزمنة أضحت مورد تشكيك ومساءلة وكذلك الجهاد والشهيد وآراء الإمام والأنبياء. ليست القضية أنّ فلاناً أو فلاناً مخالفان لهذه المفاهيم، بل إن هذه المخالفة والمعارضة كما يرى العدو يجب أن تُطرح في المجتمع لخلق بيئة وتحطيم الجو الثوري. وفي الحوزة العلمية يجب على الجميع الالتفات إلى هذه القضية. في صلب المجتمع على هذا المنوال وكذلك طبعاً في الحوزات العلمية. يعلمون أنكم لستم أفراداً معزولين بل لكم جمهوركم ومحبوكم، لهذا أنتم تؤثرون في محيطكم. يريدون شقّ هذا الجو الثوري وعزل العالِم الثوري. فاستحقار التعبئة والشهداء والشهادة والتشكيك بالجهاد المديد لهذا الشعب فيما لو حصل ـــ لا سمح الله ـــ في زوايا الحوزة لكان كارثة.على كبار الحوزة أن يراقبوا دائماً وينتبهوا ويمنعوا من حصولها.

أهمية تدريس الفلسفة والتفسير في الحوزات
وأذكر نقطتين أخريين لأنهي كلمتي. فلقاؤنا طال كثيراً، وإنّني أعتذر منكم أيها الإخوة والأخوات حيث إنّه بالرغم من وجود هذا المكان الوسيع جلستم بصعوبة وانزعاج، كحال الإخوة والأخوات في الخارج جالسين في صحن المسجد الأعظم وحجراته.

إحدى القضايا هي قضية درس الفلسفة وفروعها. انتبهوا، إن أهمية الفقه وعظمته لا ينبغي أن تجعلنا غافلين عن أهمية دراسة الفلسفة وفروعها، فلكلٍّ أعباؤه. فلفرع الفقه مسؤوليات وللفلسفة مسؤوليات كبرى. كانت راية الفلسفة الإسلامية بيد الحوزات العلمية وينبغي أن تكون كذلك، وتبقى. لو أنّكم تركتم هذه الراية على الأرض فإنّ الآخرين الذين قد لا يكونون مؤهلين سيحملونها, فيقع تدريس الفلسفة وعلم الفلسفة بأيدي أولئك الذين قد لا يتمتّعون بالمؤهلات اللازمة لذلك. اليوم، لو أنّ نظامنا ومجتمعنا حُرم من الفلسفة فإنّه سيصبح مقابل هذه الشبهات المختلفة وتلك الفلسفات الواردة عارياً بلا دفاع. ذاك الشيء الذي يمكن أن يقدّم لكم الأجوبة ليس في الفقه في الأغلب، بل العلوم العقلية؛ الفلسفة والكلام. فهي ضرورية، وفي الحوزة تُعدّ من الفروع المهمة. والفرع المهم الآخر هو التفسير والأنس بالقرآن والمعارف القرآنية، لا ينبغي أن نبقى محرومين من التفسير. إن درس التفسير مهم وكذلك درس الفلسفة فهما فرعان ذوا قيمة عظيمة.

2017-02-24