يتم التحميل...

مشكلات البلاد إرث عهود الطاغوت: النظام الإسلامي مؤهل لإنجاز تنمية نموذجية

العلم والتطور

مشكلات البلاد إرث عهود الطاغوت: النظام الإسلامي مؤهل لإنجاز تنمية نموذجية

عدد الزوار: 15

من كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه أهالي محافظة همدان في زيارة لها 2007 م
مشكلات البلاد إرث عهود الطاغوت: النظام الإسلامي مؤهل لإنجاز تنمية نموذجية

مشكلات البلاد من مخلفات عهود الطاغوت
تعلمون جيداً أنّ من أهم أهداف أعداء الثورة الإسلامية في حربهم النفسية هي نسبة مشاكل البلاد إلى النظام الإسلامي، في حين أنّ العمل الذي تم إنجازه في ظرف هذه الخمسة وعشرين سنة من قيام النظام الإسلامي يعدل أضعاف ما تمّ إنجازه طوال القرن الماضي، وهي المدّة التي حكمت فيها الأسرة القاجارية والبهلوية حكومة استبدادية لم تقدم فيها شيئاً لهذا الشعب، بل وأهدرت طاقاته، أو تركتها دون استثمار.

إنّ الذي تحرك بهذا الشعب وهذه البلاد نحو مستقبل زاهر يتناسب وشأنها، هو الثورة والنظام الإسلامي، ولكن في الوقت نفسه لا تزال هناك بعض المشاكل وما هي بالقليلة، ففي استطلاع الرأي الذي قام به أصدقاؤنا من أهالي هذه المحافظة قبيل سفري إليها، هو مطالبتهم في الدرجة الأولى بتوفير فرص العمل، كما كانت مكافحة الإدمان على المخدرات والفساد الإداري، من جملة مطالبهم التي يجب تلبيتها.

النظام الإسلامي مؤهل لإنجاز تنمية نموذجية
إنني على يقين من أنّ ما يتناسب وشأن شعبنا، ويرسم لنا مستقبلنا هو شيء ممكن التحقق وسهل المنال شريطة العمل بشروطه، فهناك وظيفة تقع على عاتق المسؤولين في النظام، وعلى عاتق أفراد الشعب، وهناك وظائف خاصة ومشتركة، وعندي في هذا المجال كلام كثير سأقوله إن شاء الله في مدة بقائي في هذه المحافظة عندما ألتقي بمختلف طبقات هذه المدينة من الشباب والنخب وعلماء الدين وغيرهم.

إنّ ما أرى ضرورة قوله لكم بشكلٍ مجمل، هو أنّ بإمكاننا القيام بتنمية نموذجية تقوم على ثقافتنا الإسلامية والوطنية، وهذه ليست مجرد أمنية واهية، فبالامكان تحويل إيران إلى بلد متطور من خلال مواصلة الطريق الذي سلكته الثورة حتى الآن، ولكن بسرعة أكثر، وتوجيه أقوى وأفضل.

إلاّ أنّ هذا رهن بشروطه من تظافر الجهود الوطنية على نطاق واسع.

إنّ هذه الجهود الشاملة تقوم على ثلاثة أضلاع أساسية:
الأول: عبارة عن همة المسؤولين في البلاد، وبذل جهودهم.

الثاني: إسهام الشعب فيما يعد من وظائفهم الأساسية.

الثالث: إيجاد التناسب الاقتصادي والاجتماعي الصحيح في البلاد، وهذا يقوم على عاتق المسؤولين وأفراد الشعب على السواء. وسأقدم توضيحاً مختصراً عن كل واحدٍ من أضلاع هذا المثلث.

فبالنسبة إلى ما يخص المسؤولين، فعليهم أن يكرسوا اهتمامهم، ويصبّوا جهودهم على إعمار البلاد، وما هو اللازم لتحقيق ذلك في الدرجة الأولى هو التنسيق والانسجام بين السلطات الثلاث، فعليها أن تأتلف وتتكاتف وتتعاون فيما بينها، ويكمل بعضها بعضاً.

وهذه هي النقطة المقابلة لما يسعى إليه أعداؤنا من إلقاء شبهة السلطة المزدوجة، حيث يركز الإعلام المعادي والذي تديره الأصابع الصهيونية والأمريكية على وجود حكومة مزدوجة، في محاولة منه إلى إيجادها فعلاً.

فعلى المسؤولين أن يتحركوا في النقطة المقابلة لما يرومه العدو، ولا يقوموا بما يساعد العدو فيما يسعى إليه، فقد حصلت أخطاء وتفوه البعض بكلام، وقام بأشياء انتهت لصالح العدو، فينبغي الكف عن هذه الأمور، فعلى السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية ان تتكاتف في دائرة أعمالها، وأن يكون هناك تنسيق فيما بينها.

وهذا لا يعني عدم قيام السلطة التشريعية باستجواب السلطة التنفيذية، ولا يعني عدم قيام السلطة القضائية بمؤاخذة العاملين في سائر السلطات على اخطائهم، وإنما معناه: أن تقوم كل واحدة من هذه السلطات في دائرة صلاحياتها بالتعاون مع سائر السلطات بشكل صادق، وأن يصبّوا توجيهاتهم بنحو يكمّل بعضهم، فيهتموا بأولويات البلاد، حيث إنّ هناك أولويات في كافة أنحاء البلاد، ومنها محافظتكم هذه، فلابد من تقديمها على غيرها، وهي الأمور التي تصب في المصالح العامة والعدالة الاجتماعية وانتعاش الطبقات الضعيفة، وعليهم ان يتجنبوا هدر الوقت والثروات.

فقد استهلك جماعة مدة زمنية بالبحث والنقاش لاثبات تقدّم التنمية السياسية على التنمية الاقتصادية، وهو بحث عديم الجدوى، فما هو المهم والمقدّم هو القضاء على مشاكل العباد وتطوير البلاد، فمن حق الشعب ان يطالب مسؤوليه بالعمل وبذل الجهد والإبداع والسلوك المسؤول، ووظيفة المسؤولين ان يلبوا ما يطلب منهم، هذا هو الضلع الأول، إلاّ أنه ليس كافياً.

فإنّ هذا الضلع إنما يكون مثمراً إذا حضي بدعم الضلع الثاني، فلابد من إظهار الثقافة العامة لدى الشعب ومعتقداته وثرواته المعنوية والمادية والإتيان بها إلى ساحة العمل، فالذي يقع على عاتق الشعب هو أن يثمن العمل ويستثمر الأموال، ويجب على الطالب والمتعلم أن يثمّن الدراسة والإيثار والجهاد، وتقديم المصالح العامة على المصالح الفردية، وأن يثمن وحدة الشعب وتكاتفه، وأن يثمن التواجد على المسرح السياسي.

هذه هي الثروات المعنوية للبلاد والأمة، وبها يمكن للشعوب ان تحقق النصر على أعدائها.

أعزائي من الشباب، يا من لم تستوعبوا مرحلة الدفاع المقدس، أو لم تستوعبوها بشكل جيد، إنّ الدفاع المقدس إنما آتى أُكله بهذه الثروات المعنوية، فقد أجمع العالم الاستكباري كله على دعم صدام الذي يحاكم حالياً بوصفه مجرماً عالمياً، لمحاربة النظام الإسلامي والشعب الإيراني، إلاّ أن الشعب الإيراني انتصر بفضل هذه الثروات في حرب غير متكافئة؛ حيث جاء هذا الشعب بإيمانه وشجاعته وتضحيته، وتدينه وحميته الوطنية إلى الشارع.

كما أخرج شبابه وثرواته وإمكاناته إلى الساحة، مما أدى في مجموعه إلى إنقاذ هذا الشعب، ولو لم يكتب النصر لهذا الشعب في دفاعه المقدس، لكان من الممكن أن لا ترى إيران وجه السعادة لقرون طويلة.

إنّ أعين أعدائنا الطامعة قد استهدفت ثرواتنا الإنسانية ـ التي هي مصدر قوتنا ـ قبل استهدافها ثرواتنا الطبيعية، فإنّهم يدركون أنّهم لو تمكنوا من تجريد الشعب من هذه الثروة الاجتماعية، ولو أنّ الشعب تجرد من حميته الوطنية، وتجرد من إيمانه واتحاده وتكاتفه، ولو فقد النشاط في العمل والإبداع، ولو تنصل عن حركته العلمية الآخذة في التقدّم، فسوف يكون تحت رحمتهم وفي قبضتهم، ويغدو من السهل ابتزازه والتسلط عليه، ونهب خيراته وثرواته الطبيعية والمادية.

فالذي يقف سدّاً منيعاً بوجه الأعداء هي هذه الثروات المعنوية، التي يجب علينا صونها من الغارات.

لقد شاهدت ـ للأسف الشديد ـ كثيراً من أولئك الذين يدعون أنّهم عملوا لصالح الشعب في الميادين السياسية والثقافية، ألاّ أنّهم لا يقومون بصيانة هذه الثروات، فتشاهدون ما يكتب في بعض صحفنا ضد الجهاد والإيثار والتضحية والبطولة والإيمان، مما يصب في مصلحة الأعداء، حيث إنّه يجرد الشعب من إيمانه، كما يجرد المقاتل من درعه في ساحة المعركة. فلو تم تجريد الأمة من حميتها الوطنية، ومن استقامتها وثباتها، فقد تم تجريدها من سلاحها أمام أعدائها، فلا يحق لأحدٍ أن يحتقر الجهاد والاستشهاد، ولا يجوز له إنكار معتقدات الناس الدينية والتشكيك بها، ولا ينبغي له التقليل من معطيات الثورة.

على حملة الأقلام والمثقفين ان يعملوا على نشر العلم، فقد رفعنا شعار نهضة الإبداع العلمي وحركة البرمجة، وكنا نتوقع من العلماء والمتدينيين والمثقفين والجامعيين والحوزويين ان يتحركوا في هذا المجال، وقد تحرك الكثير منهم، إلاّ أن بعضهم قد تخلّف عن هذه القافلة، فلم يقدّم دلائل إيجابية في هذا المجال.

نحن بحاجة إلى تجهيز الناس بثرواتهم المعنوية، ولاعلامنا من الإذاعة والتلفاز، ووزارة الإرشاد، ومنظمة الأعلام، وعلماء الدين، والخطباء والمؤلفين مسؤولية كبيرة في هذا المجال، فعلينا أن نجعل من هذه الثروات المعنوية والاجتماعية سنداً للثروات المادية، وحصناً لاستقلال البلاد وتقدّمها، هذا هو الضلع الثاني من مثلث تنمية البلاد.

الضلع الثالث: إصلاح العلاقات الاقتصادية والاجتماعية، ويقع هذا على عاتق المسؤولين في البلاد والسلطات الثلاث، وعلى عاتق كافة أفراد الشعب.

إنّ العلاقات الاقتصادية والاجتماعية الخاطئة تعني شيوع التهريب، وأكل الربا، والإسراف في الاستهلاك والتباهي به باستعمال المنتوجات الأجنبية في قبال المنتجات الوطنية، وهذا يعني تعطيل العامل الإيراني عن العمل لصالح العامل الأجنبي، فلابد من تشجيع الناس على الاستفادة من المنتوجات الوطنية.

عندما تسيطر الأوضاع الاقتصادية الخاطئة في المجتمع ويشيع الربا، ويساء استعمال القدرة للوصول إلى الثروات الطائلة، ويرى ذلك المنتج الحقيقي والفلاح والعامل والمعدّن والمعلم واستاذ الجامعة والقاضي الذي يعطي من وقته وأعصابه من أجل العمل الصالح، سوف يصيبهم الإحباط ويحتويهم اليأس.

إنّ السبب الذي دفعنا إلى التأكيد على مكافحة المفاسد الاقتصادية، هو ما تجرّه هذه المفاسد من الويلات على تقدّم البلاد.

لقد كنا حتى ما قبل ثلاث سنوات نقوم باستيراد الحنطة، حيث كانت الدولة تنفق سنوياً على استيراد الحنطة حوالي مليار دولار أو أكثر، إلاّ أننا استطعنا حالياً بفضل الله ورحمته وجهود الفلاحين، وتخطيط المسؤولين في الجهاد الزراعي وغيرهم أن نستغني عن استيراد الحنطة، بل قد أوشكنا على تصديرها، فلابد من تكريم وتشجيع الذين وفرّوا لنا هذا المليار من الدولارات، فلابد من تكريم الفلاح والمخطط الناجح، والمسؤول الذي تابع المسائل.

وهذا الكلام منّي ليس مجرد نصيحة للمسؤولين، وإنّما أقوله لكم لكي تعوه، وتطالبوا به، واُذكّر بما أقوله نفسي وسائر المسؤولين في السلطات الثلاث؛ لنكون على مستوى الواجب، ونكون مسؤولين عن أعمالنا.



نحن أمة لها تأريخها الثفافي العريق، ونحن أمة مقدامة، وقد أثبتنا شجاعتنا في الميادين السياسية والعسكرية، وهذا ليس ادعاء، فقد جسدنا ذلك على الواقع العملي، ومضافاً إلى ذلك فنحن أمة مؤمنة، فشبابنا يميل على العموم نحو الدين، فما ظنك بكبارنا.

إنّ هذا الحشد الكبير الذي تجمع هنا لاستقبال مسؤوليه، وما يقومون به من الاجتماعات والمظاهرات خير دليل على عمق تعلّق الشعب بالنظام الإسلامي.

إنّ علاقة الناس وأحاسيسهم لا تتعلق بشخصيات من أمثالي، وإذا أظهروا عواطفهم لنا، فلأنهم يروننا خداماً للإسلام والثورة والنظام، وإلاّ لو انحرف الذين هم من أمثالي عن الصراط المستقيم قيد شعرة، فانهم في المقابل سيولوننا أدبارهم، فلتأت وسائل الاعلام المعادية، ولترصد هذه العواطف الجياشة، وليفتح الطابور الخامس أعينه الضعيفة جيداً ليدرك مطالب هذه الجماهير، ويعي مدى حبهم للنظام الإسلامي.

نحن نريد إعمار بلادنا، وقد عقد الشعب عزمه على الوقوف على رجليه، وأن يدير بلده بيده، منطلقاً نحو قمم الفخر والشموخ بما يتناسب وشأنه، وأن لا يكون تابعاً للقوى العظمى، ولا يأتمر بأمرها.

وعلى المسؤولين أن يتصرفوا بشكل يضاعف ثقة الناس بهم؛ لأنّ صمود الناس دعامة أساسية للوقوف بوجه أي اعتداء، وعلى أي مستوى كان.

نحن لا نتعامل على مصالح بلادنا وشعبنا مع أي شخص في الدنيا، ولكي يبرر أعداء هذه البلاد وهذا الشعب عداوتهم يقولون: إنّ نظام الجمهورية الإسلامية قد عرض مصالحنا للخطر..

إنّ الجماهير الإيرانية في الداخل تبادر إلى قطع كل يد تعتد على مصالحنا العلمية والطبيعية والإنسانية والفنية، ولا نسمح بتقديم أي مصلحة على مصالحنا الوطنية، ولكن لو تجرأ العدو وتعرض لنا بالعداوة، فإن ردّنا عليه سوف لا يكون مقصوراً على الداخل، بل سنعرض مصالح المعتدي إلى الخطر في كل نقطة من العالم.

وأقول لكم أيها الشعب الإيراني، انكم قادرون على ذلك، وقد أثبتموه في ميادين الدفاع والمقاومة والإعمار.. وما عليكم إلاّ التوكل على الله والاستعانة به، وطلب الفلاح والصلاح منه، وقد ذكرت مراراً: تراحموا فيما بينكم، حتى ينزل الله رحمته عليكم.

لقد أثبت شعبنا كفاءته في التقدم، وفي اتخاذ المواقف، ولذلك سيكون المستقبل إن شاء الله زاهراً وساطعاً.

 

2017-02-24