يتم التحميل...

طريقنا لبناء مجتمعنا وإنجاز تقدمنا: الإعتماد على الطاقات الذاتية

العلم والتطور

طريقنا لبناء مجتمعنا وإنجاز تقدمنا: الإعتماد على الطاقات الذاتية

عدد الزوار: 16

من كلمة الإمام الخامنئي(حفظه الله) في لقائه وفوداً شعبية من مختلف المناطق01/08/2016
طريقنا لبناء مجتمعنا وإنجاز تقدمنا: الإعتماد على الطاقات الذاتية

أ ــ لإعتماد على الطاقات الذاتية
فليجتمع شبابنا الأعزاء ويتداولوا بهذه الكلمات والأفكار التي تدور في شأن قضايا البلاد وسياساتها العامة. فإنها ناجمة عن تجربة، وعن معرفة العدو ومعرفة الوضع والموقعية. وهي ليست من نمط الكلام الذي يُطلقه شخص ببساطة ومجادلة، لينهض آخر ويقوم إلى الردّ قائلاً: كلا، ليس الأمر على هذا النحو. فعلى الشباب الأعزاء أن يدققوا في هذه المسائل. وأمر جميل أن هناك في بلدنا الكثير من الشباب الذين يتحلون بالذكاء والفطنة والاستعداد. فليجتمعوا ويحلّلوا القضايا، وعندذاك سيتحدد الطريق بوضوح.

أين الطريق؟ هو ما ذكرناه: الاتكاء على الاستعداد الذاتي، وعلى الطاقات الداخلية في البلد، وعلى هؤلاء الشباب، وعلى الإبداعات التي يُنجزونها، والأعمال التي يتابعونها، والمعارف التي يكتسبونها، والعلوم المكتسبة التي يحوّلونها إلى تقنيات. فإن لدينا إمكانيات وقدرات هائلة. وتُفيد الإحصائيات التي جرت قبل عدة أعوام، بأن عندنا مئات الآلاف من الوحدات الإنتاجية الصغيرة، وهذا أمرٌ بالغ الأهمية. ولطالما أكدّت خلال خطاباتي، وطالبتُ المسؤولين الأعزاء أن يولوا اهتمامهم في الشأن الاقتصادي بالوحدات الإنتاجية الصغيرة والمتوسطة. فإن لدينا في البلد مئات الآلاف من هذه الوحدات، التي يجب إحياؤها، لتوفّر فرص العمل، وتوجد الإبداع والابتكار.

ب ــ إعتماد الاقتصاد المبني على المعرفة
كما ونؤكّد على قضية الاقتصاد المبنيّ على المعرفة، وعلى هذه الأنشطة الهامة التي انطلقت منذ عدة سنوات في البلد ولحسن الحظ، ولكن لا بد من توسيعها وتنميتها. ونشدّد أيضاً على الإنتاج المحلي. فإني أؤكّد كل هذا التأكيد على استهلاك المنتجات الداخلية. وأقولها اليوم أيضاً لكم ولأبناء شعبنا الأعزاء: عليكم بشراء واستخدام المنتجات المحلية، والعمل على تشجيع العامل الإيراني، وترويج المنتجات الإيرانية، ولكنّ المؤسف أن واقع الأمر ليست هكذا حالياً. في القطاعات والمجالات المتعددة - كالأدوات المنزلية على سبيل الفرض - نجد المعامل والمصانع الداخلية تمارس عملها، وتُنتج بضائع مطلوبة وجيدة تضاهي البضائع الأجنبية، بل قد تفوقها جودة في بعض الأحيان، ولكن إذا ما جُلْتَ في الأسواق، تجدها مليئة بالسِّلَع الأجنبية! لماذا؟ من أين تأتي هذه السِّلَع؟ هذا هو سبب تأكيدي على الحؤول دون استيراد البضائع التي يوجد ما يماثلها في الداخل، وهو سبيل الحلّ.

ج ــ مكافحة التهريب
وفي قضية التهريب أيضاً، قلتُ للمسؤولين بأنكم حين تقبضون على عصابة المهرّبين، وعلى البضائع المهرّبة الكبيرة التي قد يصل وزنها إلى آلاف الأطنان، أحرقوا هذه البضائع أمام أنظار الجميع، وسدّدوا ضربتكم للمهرّب، وللبضاعة التي لها مثيلها في الداخل. ومن الواضح أنه إذا دخلت البضائع الأجنبية - سواء من المداخل القانونية كالجمارك وأمثالها، أو عن طريق التهريب الموجود بكثرة وللأسف - فإنه سيؤدي إلى تجميد الإنتاج المحلي. وإذا جمد هذا القطاع، ستكون الأوضاع التي نشهدها اليوم هي السائدة، حيث يؤول إلى بطالة الشباب، وقلة فرص العمل، وسيادة الجمود والركود في البلد، وتفاقم أوضاع الناس المعيشية. فإن هذه ليست بالأمور التي يمكن معالجتها عبر إيجاد العلاقات مع أمريكا وأوروبا، وإنما يجب علينا أن نعالجها بأنفسنا، وهي واجبات في أعناقنا. هذا هو السبيل.

إنّ لدى البلد طاقات وإمكانيات كبيرة وطاقات إبداع كثيرة. بلدٌ يبلغ عدد سكانه ثمانين مليون نسمة، وبمقدوره أن يصل بالطبع إلى مئة وخمسين مليون نسمة أيضاً، وكما ذكرنا مراراً، سوف يعمل المسؤولون إن شاء الله على رفع الموانع أمام تزايد ظاهرة شبابية البلد المتوافرة اليوم والحمد لله، وعدم إيقاف الإنجاب، وعدم إصابة البلد بالشيخوخة تدريجياً وعلى مرّ الأعوام. فإن هذا البلد، بهذا العدد من السكان، وبهذه الطاقات، وبهذه الإمكانيات المتاحة في فصوله الأربعة، بوسعه أن يتقدم من الناحية المادية، وأن يعالج مشاكل الناس المعيشية، وهذا هو السبيل.

أنا العبد أفكر كثيراً في مسائل الناس المعيشية، وأحمل هاجساً كبيراً تجاه معيشة الناس، لكني كلما فكرت في هذا الموضوع، وقمت باستشارة الخبراء والمتخصصين بالأمر، أجد أنه لا سبيل للحل إلا في الاتكاء بشكل حاسم على الطاقات الداخلية. فما الفائدة والنفع من توافد التجار الأجانب إلى بلادنا الذي لا ولم يُجدِ نفعاً حتى الآن؟ منذ سنة وهؤلاء يتردّدون على بلادنا باستمرار من دون أن يفعلوا شيئاً. ولو أرادوا فعل شيء، لكان ذلك هو السيطرة على الأسواق الإيرانية التي لا تؤدي إلا إلى ضررنا. فلا بد أن تكون نتيجة تردد هذه الوفود هي الاستثمار، وتفعيل الإنتاج، والتكنولوجيا الجديدة في المجالات التي نحتاجها فيها. هذه هي الثمرة المطلوبة، وهي إما مفقودة أو قليلة. وعلى المسؤولين المحترمين الالتزام بهذه الأمور ومتابعتها، وهذا هو المراد من قولنا: مبادرة وعمل، بالتأكيد فإن المسؤولين مشغولون ويقومون بأعمالهم، ولكن ينبغي أن تكون حصيلة هذه الأعمال محسوسة وملموسة لدى الناس إن شاء الله، وهذا هو السبيل.

بالطبع في مجال القضايا الثقافية والمعنوية فالكلام طويل، ولا نريد الآن الخوض في هذه المسائل والبحث فيها، ولا بد من تناولها في محلها. وإنما الكلام في القضايا الاقتصادية والمعيشية.

د ــ مكافحة الفساد
إذا إردنا إصلاح معيشة الناس، ومعالجة المشاكل التي يعانون منها، والقضاء على الفوارق الطبقية، علينا الاهتمام بالأمور المشار إليها.

من أهم هذه الأمور: مكافحة ومنع الفساد الداخلي الذي طُرح وذُكر في الآونة الأخيرة. وقد أعلن المسؤولون بصراحة والحمد لله، أنهم يقفون في وجه هذه المفاسد والمطامع وحالات الجشع والرواتب الباهظة. وهذا ما تم تنفيذه عملياً في بعض الأماكن والقطاعات والمؤسسات بحسب التقارير التي بلغتنا. ولا بد من اتساع دائرة هذه المكافحة ومتابعتها وعدم التخلي عنها، يجب الوقوف أمام الفساد ومواجهته.

هـ ــ مواجهة النزعة الأرستقراطية
يجب مواجهة النزعة الأرستقراطية؛ إنها من البلايا الحالّة على البلد. فإن سادت هذه النزعة في قمم المجتمع، فسترشح إلى القاعدة أيضاً، وعندها ستلاحظون أن الأسرة الفلانية التي لا تتمتع بوضعٍ معيشيٍّ مناسب، إذا ما أرادت تزويج ابنها أو ابنتها أو أرادت دعوة ضيوف إليها، ستضطر إلى التشبه بالأثرياء والنمط الأرستقراطي. فإن تبدّلت النزعة الأرستقراطية إلى ثقافة، يكون هذا هو الناتج. ولذا لا بد من مواجهة هذه النزعة ومنعها، ويجب أن تكون أفعال المسؤولين وأقوالهم وإرشاداتهم وأوامرهم على الضدّ من هذه الظاهرة، فإن الإسلام ضد هذه النزعة الأرستقراطية.

هذا كلامي فيما يرتبط بقضايا البلد، وهذه هي النقاط التي دوماً ما طرحتها على المسؤولين وكذلك على أبناء الشعب فيما يخص الشؤون الاقتصادية، وهي أن نعتمد على أنفسنا، وأن نكتشف طاقاتنا، فقد تم اكتشاف المشاكل التي يعاني منها البلد، وكذلك سبل حلّها ومعالجتها، ولكن يحتاج هذا الحلّ إلى تخطيط وبرمجة وإلى حثّ الخطى نحو الأمام.

2017-02-24