يتم التحميل...

مظاهر التقدم تبدو للعيان في مختلف أنحاء البلاد

العلم والتطور

مظاهر التقدم تبدو للعيان في مختلف أنحاء البلاد

عدد الزوار: 18

من كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في حشود من أبناء مدينة گرمسار بمناسبة زيارته لمحافظة سمنان الزمان: 21/8/1385هـ.ش ـ 20/ 10/1427هـ. ق ـ 12/11/2006م

مظاهر التقدم تبدو للعيان في مختلف أنحاء البلاد
إننا نلاحظ في الملامح المختلفة لكل أنحاء البلاد أمارات التقدّم.

وإنّ ذلك التقرير الذي قدّمه رئيس الجمهورية المحترم قبل عدة أسابيع حول الأوضاع الاقتصادية للبلاد وما إلى ذلك يحظى بقبول الخبراء المنصفين, وحتى قبول المراكز الدولية في الكثير من الجوانب؛ رغم أنها ليست نزيهة في حكمها على أوضاعنا، وعلى سبيل المثال: قضايا التضخّم ونسبة البطالة ومجالات مكافحة الفساد.

إنّ لهذه المراكز أهدافاً مغرضة، وإننا نلاحظ أنّ الكثير من الإحصائيات لا يتمتع بالعلمية ولا يستند إلى الواقع، فهي سياسية في الحقيقة.

إنهم يرغبون في إعطاء صورة سيّئة عن أوضاعنا؛ ومع ذلك فقد اعترفوا بصحة أغلب ما جاء في هذا التقرير.

إنّ فئات الشعب المختلفة اليوم ـ وخصوصاً المستضعفة ـ تشعر بالأمل، لا لأن المشكلات قد وجدت حلاًّ، فقد تبقى سنوات بدون حل؛ لأن الإنجازات الكبرى تحتاج عادةً إلى فترة طويلة من عمر الحكومات، ومع ذلك فأبناء شعبنا يشعرون بالأمل والسعادة، فلماذا؟ لأنهم يلاحظون أن جهوداً تُبذل، وأنّ هناك تقدّماً في تذويب الهوّة بين الطبقات ومساعدة المحرمين؛ وهذا ما يثلج صدورهم.

لقد كنتُ دائماً خلال الأعوام الماضية أوصي المسؤولين والحكومات المختلفة: بأن عليهم أن يُنجزوا شيئاً؛ حتى يفهم المواطنون أنكم تعملون, وأنكم تتجهون نحو تحقيق الأهداف، فشعبنا شعب نبيل.

لقد قرأتُ التاريخ كثيراً، وإنني على معرفة بقضايا الأمم والشعوب، فلاحظتُ أنّ العديد من الشعوب لا تتحلّى بهذا النبل وهذا الصبر وهذه الواقعية وهذا التآلف والتضامن، كما أنها لا تتمتع أيضاً بكل هذه المعرفة وهذا الوعي الذي يتحلّى به شعبنا.

إنّ مواطنينا يعلمون بأن المسؤولين يريدون أن يعملوا لصالحهم، وأنهم متواجدون في الساحة، وأنهم لا يتكاسلون عن العمل، وأنهم لا يجمعون شيئاً لأنفسهم.

إننا نؤكّد دائماً على المسؤولين أن يعيشوا ببساطة؛ حتى يبرهنوا للمواطنين أنهم لا يسعون إلى الكسب المادي والحصول على الغنى والثراء، فهذا يجلب ثقتهم ويزرع الأمل في قلوبهم.

إنّ ثمة بوناً شاسعاً بين هذا المسؤول الذي يقضي فترة مسؤوليته القصيرة في تأمين مستقبله المادي ونهب الأموال والمخصصات من هنا وهناك؛ وربما استطاع تحسين مستقبله المالي وحياته المادية، وذلك المسؤول الذي لا يفكر أثناء مدة مسؤوليته ولا حتى في نفسه أو في حياته الشخصية.

إنّ هناك فرقاً كبيراً بين الاثنين.

إنّ كل من يتسلّم وزارة أو رئاسة أو إدارة في العالم اليوم يضع على رأس أولوياته وأهدافه تأمين مستقبله، ويتوسّل لذلك بكل الطرق والأساليب؛ حتى ولو كانت قانونية في الظاهر، فإذا تنحّى عن منصبه في الغد أصبحت له سهام في هذه الشركة أو تلك المؤسسة الاسثتمارية.

إنه لا يروق لنا في نظام الجمهورية الإسلامية أن يكون مسؤولونا على هذه الشاكلة. ولحسن الحظ فإنكم تجدون أنّ المسؤولين عندنا اليوم، وعلى رأسهم نفس رئيس الجمهورية، ينفقون كل ما لديهم من وقت في خدمة الجماهير بالمعنى الحقيقي للكلمة.

إنّ اقتدار شعبنا على الصعيد الدولي رفع من روحه المعنوية، وهذه هي قضية الملف النووي ـ وهي ليست سوى واحدة من قضايانا ـ حيث بات الجميع على المستوى الدولي مقتنعين بأن إيران دافعت بقوة عن هذا الحق, والذي يعتبر من حقوقها الطبيعية.

إنّ هذا الاقتدار في المحافل الدولية يرفع بدوره الروح المعنوية للشعب.

إنّ التقدّم العلمي والتطور الصناعي والتقني داخل البلاد أوجد فرصاً ثمينة لحلّ المشاكل.

إنّ مشكلة البطالة تحتل المرتبة الأولى اليوم في قائمة المشاكل التي يسعى إلى حلّها المسؤولون.

إنهم يبذلون قصارى جهدهم لحلّ هذه المشكلة العويصة على أفضل وجه, وإن كانت من المشاكل التي ابتُلي بها شعبنا منذ سنوات خلت.

إنّ مكافحة الفساد من القضايا البارزة، فالفساد الإداري والمالي يعتبر من أسوأ العراقيل، وهي من القضايا التي اعترفت المراكز الدولية بأن إيران حققت نجاحاً ملحوظاً بخصوصها، حيث احتلّت مرتبة متقدّمة في مكافحة الفساد خلال العام والنصف الأخير.

ولكننا لا نكتفي بهذا، فلابدّ من اجتثاث جذور الفساد الإداري والمالي والتدليس في الأمانات الوطنية للبلاد.

ولا يتعلّق هذا بعمليات الاستثمار الصحيحة والنزيهة؛ فنحن نوصي أصحاب رؤوس الأموال الوطنية بخوض ميدان الاستثمار, وأن يعملوا في إطار القانون.

إنّ البعض يخلط بين هذين الموضوعين.

إننا نعارض الفساد والاستغلال, ونعارض التدليس والسطو على الأموال الوطنية ـ والتي يؤتمن عليها غالباً المسؤولون والمدراء في المؤسسات الحكومية المختلفة ـ ونعتقد بأنه لا بدّ من مكافحة مثل هذه الظواهر.

لقد بدأت هذه المكافحة وبصورة جادّة والحمد لله، ويجب أن تكون عامة وشاملة.

وأما على الصعيد السياسي فإن ظاهرة الوحدة والتآلف بين أفراد الشعب باتت اليوم أكثر وضوحاً عن ذي قبل، لقد كان البعض يطلقون شعارات تنادي بالفرقة ليس إلاّ، ولم يكتفوا بذلك، بل أخذوا يرفعون شعارات تدعوا إلى الحاكمية المزدوجة، بمعنى أن يكون هناك فصيلان في الحكومة يأخذ أحدهما بتلابيب الآخر، وكانوا يطلقون مثل هذه الشعارات بلا مواربة ولا خجل.

لقد إنطفأ بريقهم والحمد لله.

واليوم فإن الوحدة والتضامن في إدارة البلاد لمن أكبر النِعَم.

إنّ قلوب المواطنين متآلفة، والاتحاد بين الشعب والحكومة يتجلّى في صورة بهيّة.

ولكن هناك نفثاً للدعايات، وقد لامَ رئيس الجمهورية المحترم بعض الصحف منذ فترة على ما تنشره من إساءات وإهانات وترّهات، فاعترضت بعض هذه الصحف.

إنني عادة أطالع الصحف، وقد وجدت أنّ الحق مع رئيس الجمهورية.

إنني أعتقد أنّ بعض الصحف ـ وليس كلها ـ لا تمارس النقد. فالنقد ليس عيباً ، بل إنها تمارس الظلم وعدم الإنصاف، فتستخدم بعض الأساليب الدعائية الشائعة في العالم لتضع علامة استفهام أمام المكاسب التي حققتها الحكومة لصالح الشعب، بل إنها تتجاهلها، وإذا ما كان هناك عيب ـ ولو كان ضئيلاً ـ فإنها تضخّمه.

إننا نلاحظ هذه الظاهرة في العديد من الصحف.

ولكن لا يهمّ، فهذا موجود، غير أنّ شعبنا على وعي وبصيرة من أمره.

لقد أطلقت التحذيرات منذ سنوات، وأوضحت لأبناء الشعب الدور الذي تمارسه الأيادي الأجنبية داخل المؤسسات الثقافية والإعلامية في البلاد، فأنكر البعض ذلك، ولكن الجميع ما لبثوا أن صدّقوا.

إنّ أعداءنا لا يجلسون مكتوفي الأيدي، فَهُم يستخدمون الصحافة، ويستغلون الإعلام والأساليب الدعائية المختلفة؛ حتى يحطّوا من قدر تلك القيم والمبادئ التي تتمسّك بها جماهير الشعب والتي لا تروق لهم.

إنهم يبذلون جهودهم.

وأما نحن فقد أقمنا الدليل عملياً على حرية الصحافة، فهذه الممارسات التي نعتقد بأنها سلبية للغاية موجودة، ولكن الصحافة مازالت تواصل عملها بحرية.

إنّ هذا في حدّ ذاته هو الرد العملي على من يعتقدون بأنه لا وجود لحرية الرأي.

كلا، فحرية الرأي موجودة، والدليل على ذلك تلك الصحف التي تنشر مقالات ضد الحكومة, وضد النظام, وضد السياسات العامة بحرية كاملة دون أن يتعرّض لها أحد، وفي الحقيقة، فإن الناس لا تعير هؤلاء أهمية كبيرة.

وهذا فضل من الله، فالقاعدة السياسية للبلاد والمكانة الاجتماعية للشعب الإيراني قد صعد نجمها كثيراً في العالم والحمد لله.

لقد كان يظنّ أعداؤنا فيما سبق أنّ بمقدورهم تمهيد السبيل, أو أنهم مهّدوا السبل لقلب أوضاع البلاد بمجرد إشارة منهم.

إنّ الأمريكيين صرّحوا بذلك، فمنذ بضع سنوات جاء عدد من السياسيين الأمريكيين سرّاً وفي الخفاء إلى إيران ـ ولم نعلم بذلك إلاّ بعد عودتهم ـ واجتمعوا ببعض الفصائل المعارضة للنظام، ثم عادوا إلى بلادهم وقالوا: إنّ لنا في إيران مَنْ ينتظر إشارة منّا حتى ينقضّ على النظام.

لقد اتّضحت لهم الحقيقة الآن، فَهُم لا يستطيعون أن تكون لهم سلطة، بل إنهم لا يستطيعون حتى مجرد المساس بنا.

إنّ شعبنا متيقّظ ومتّحد.

إنّ قلوبنا متآلفة.

وإنّ شعبنا يُولي الثقة لمسؤوليه, ويعلم جيداً أنّ كل ما يقومون به, وجميع ما يقولونه ليس من أجل مصلحة شخصية أو مكانة وسلطة أو شهرة ومال.

إنّهم ينظرون إلى متطلبات ومصالح البلاد بعيون مفتوحة، والمواطنون يميّزون ذلك.

إنّ وضعنا اليوم وضع قوي والحمد لله، بخلاف أعدائنا ومعارضينا فإن وضعهم متزعزع. لقد صرّحت أمس وقبل الأمس: أنّ الأمريكيين اليوم ليسوا هم الأمريكيين قبل عشرة أعوام أو خمسة عشر عاماً، وإنّ الكيان الصهيوني ليس كما كان منذ بضعة أعوام.

لقد فشل هذا الكيان فشلاً ذريعاً.

وفي الواقع، فإنهم لن يكفّوا عن الخلاف والخصومة والعداء.

لا يهم، فلسوف يطالهم المكر الإلهي؛ حتى يتبيّن للجميع في أنحاء العالم أنّ سلطة القوى العظمى لا تعدوا أن تكون سطحية وفارغة. لقد تغيّر مسار السياسة في العالم اليوم.

إنّ حكومات مخالفة لأمريكا تأتي في مناطق كان يعتبرها الأمريكيون حكراً عليهم وميداناً لهم, وكلما حاولت حكومة الولايات المتحدة الحيلولة دون مجيء هذه الحكومات، فإنها تُمنى بالفشل.

وهذا يدلّ على أنّ تطوراً حدث في وضع العالم السياسي.

أيها المواطنون الأعزاء، ويا أهالي گرمسار الأعزاء! لقد قطع الله عهداً، ووعد قائلاً ? إنّ الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألاّ تخافوا ولا تخزنوا?[1] وإنّ السبيل التي اختزناها هي سبيل الله، ولا تعني هذه السبيل مجرد العبادة والتبتّل، بل إنها تعني: الأخذ بِيَد المجتمع الإنساني نحو السعادة.

ولقد اختار شعبنا هذا الطريق، أي طريق العدالة والإنصاف والعبودية الإلهية والمساواة بين البشر والأخوة الإنسانية والأخلاق الحميدة والفضائل الإنسانية، وقد تمسّك والتزم بهذا الطريق، وذلّل ما عليه من عقبات دون خشية أو هلع، وسيرزقه الله تعالى نعمة التمتع بحلاوة هذه الثمار الشهيّة جزاءً على صبره وصموده.

2017-02-24