يتم التحميل...

طرق منحرفة للتقدم

العلم والتطور

طرق منحرفة للتقدم

عدد الزوار: 16

كلمة الإمام الخامنئي في الشباب النخبة والطلبة الجامعيين 28/09/2008
 

طرق منحرفة للتقدم
أ ــ طريق العهد البهلوي للتقدم

وكما قلت ينبغي الحذر من طرق التيه والضياع. أحياناً يقترحون أشياءً وطرقاً للتقدم هي طرق ضياع. وقد ذكرت مثالاً لذلك. كطرق التقدم في العهد البهلوي التي كان بعضها بحق طرق مراوحة، وبعضها طرق تراجع وانهيار، ولا مجال للتفصيل في ذلك الآن لأن الوقت لا يسمح. كان ذلك نموذجاً يعد طريقاً منحرفاً بحق.. الرضا بالمظاهر والقشور، واعتبار الغربيين معياراً وملاكاً والسير وراءهم، وستكون النتيجة ما شهدناه في تلك الأعوام الخمسين السوداء المشؤومة خلال العهد البهلوي.

ب ــ طريق اليائسين: التبعية وتقليد الغربيين
ومن نماذج هذه الطرق المنحرفة ما يمكن أن نشهده حتى في أيامنا هذه.. ينبغي الحذر والتفطن.. في هذا النموذج الثاني لا تذكر المظاهر والقشور، ولا ترفض الهوية الإيرانية الإسلامية كما حصل في النموذج المنحرف الأول، ولكن تلاحظ أجواء اليأس من العمل والتقدم في هذا السباق لدى الساسة والمدراء وأصحاب الرأي والقرار في المجتمع. بمعنى أن نظرتهم للغرب نظرة لقطب رفيع جداً لا يمكن بلوغه.. وهم يسمون هذا نظرة واقعية.. يقولون: ما هو واقع القضية يا سيدي؟ أولئك متقدمون اليوم كل هذا التقدم علمياً.. متقدمون كل هذا التقدم في شتى الميادين.. كل هذه النظريات في العلوم الإنسانية، والقضايا الاجتماعية، والشؤون السياسية.. كل هذه الآراء، والأفكار، والنظريات الجديدة المبتكرة.. متى نستطيع اللحاق حتى بغبارهم؟ يعيشون مثل هذه الروح الانهزامية. لقد واجهت شخصياً مثل هؤلاء الأشخاص طوال هذه الأعوام الثلاثين كانوا يعبرون عن هذا المعنى بشكل صريح أو نصف صريح، أو بلسان الحال، ويقولون: يا سيدي نحن يجب أن نتقدم طبعاً، ولكن ينبغي لنا السير وراء هؤلاء! نحن لا نستطيع اللحاق حتى بغبارهم، ناهيك عن أن نستطيع التفوق عليهم وسبقهم.. لماذا تشقون على أنفسكم دون طائل؟ هذا أيضاً طريق تيه وانحراف.

معنى هذا الكلام أن الشعب - وشعبنا نموذج لذلك - وشعوب الشرق ومنها الشعوب المسلمة محكوم عليها دوماً باتباع مسيرة الغرب وأن تبقى دوماً تلميذة للغرب، ولا يكون لديها إطلاقاً الأمل في الرقي إلى مستواهم، ناهيك عن أن نتقدم عليهم.. معناه أن لا تتوفر هذه الشعوب أبداً على روح الأمل. هذا طريق منحرف خطير جداً يشاع اليوم للأسف من قبل بعض أساتذة الجامعات، أو المفكرين السياسيين، أو الخطباء الدينيين. هذا على الضد تماماً من تجربة الإنسانية الطويلة.. لماذا؟ هل خلق الله تعالى جماعة معينة من البشر على أن تكون المتوفقة دوماً؟ أي واقع تاريخي يدل على هذا؟ هؤلاء المتقدمون اليوم في العالم، ألم يكونوا قبل قرون من الزمان شعوباً متخلفة على كافة الصعد؟ هل نسي التاريخ فترة القرون الوسطى في أوربا؟ فترة القرون الوسطى - وقد قلت هذا مراراً - فترة ظلام وجهل وعتمة في أوربا، وليس في البلدان المسلمة وإيران. الحقبة التي أطلقوا عليها اسم حقبة الجهل والغفلة والظلام والسبات كانت تمثل بالنسبة لبلادنا والبلدان الإسلامية حقبة عظمة وتقدم في مجالات العلوم والفلسفة والسياسة والاقتدار السياسي.

هذه النظرة نظرة جد خطيرة. في هذه الميادين العلمية التي تلاحظون اليوم أن بلادكم تتقدم إلى الأمام، في هذه الميادين على وجه الخصوص كان البعض يأتون ويقولون: يا سيدي لا فائدة من هذا. لكن الشاب الإيراني المسلم نزل إلى الساحة بهمة وتحفز وبلغ مستويات الآخرين، بل وتقدم أحياناً على الآخرين. أي إنه تفوق عليهم قياساً إلى الوقت الذي أنفقه. إذن، هذا النمط من التفكير هو من طرق التيه والخطأ. يجب أن لا تسود النظرة اليائسة أبداً. نظرة الدين، والإسلام، والقرآن للإنسان هي أن الإنسان يجب أن يسعى بشكل منظم ومبرمج وبلا توقف حتى يتسنى له بلوغ النتائج.
 

2017-02-24