يتم التحميل...

رسالة الإنتخابات هذا العام: لا قطبية ثنائية بين النظام والشعب

الحكومة الإسلامية

من كلمة الإمام الخامنئي في لقائه أعضاء مجلس خبراء القيادة 10-03-2016

عدد الزوار: 16

من كلمة الإمام الخامنئي في لقائه أعضاء مجلس خبراء القيادة 10-03-2016
رسالة الإنتخابات هذا العام: لا قطبية ثنائية بين النظام والشعب

انتخابات متألقة : مشاركة واسعة تجدد الثقة بالنظام الإسلامي
وأما الانتخابات فكانت في هذا العام عميقة المعاني بالغة الأهمية. ورغم كل الجهود التي بُذِلت والأعمال التي مورست ضد الانتخابات للتشكيك فيها والتقليل من أهميتها، شارك في كلتا الانتخابات 34 مليون ناخب، وهذا يعني في الحقيقة أن الشعب الإيراني قد أدخل زهاء سبعين مليون ورقة تصويت في صناديق الاقتراع، وهو أمرٌ في غاية القيمة والأهمية، والناس قد تألّقوا حقا[: فأن يشارك 62 بالمئة ممن يحق لهم الاقتراع، تعتبر نسبة مئوية عالية إذا ما قورنت بأكثر البلدان؛ لا ببعضها بل بأكثرها. وبحسب التقارير التي بلغتني، لم تصل نسبة مشاركة الناس في أمريكا خلال الأعوام العشرة المنصرمة، في مختلف الانتخابات؛ سواءٌ الانتخابات النيابية أو الرئاسية، إلى أربعين بالمئة على الإطلاق. فإن هذه المشاركة الجماهيرية ذات مغزى عميق، والناس قد سجّلوا ثقتهم بالنظام الإسلامي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وأثبتوا ذلك عملياً.. هذه واحدة من النقاط الهامة.

شكر للمغادرين ودعاء بالتوقيق للملتحقين
علماً بأن في جميع الانتخابات هناك من يخرج اسمه من صناديق الاقتراع وهناك من لا يخرج اسمه، ولهذا الأمر أسبابٌ مختلفة.ومن هذا المكان أرى من الضروريّ أن أتقدّم بالشكر لأولئك الذين حضروا في هذه الدورة التي طالت تسعة أعوام، وبذلوا جهودهم ومساعيهم وليس لهم حضورٌ في الدورة الـمُقبلة. علماً بأن البعض من علمائنا الأعلام لا يمسّ انتخابهم أو عدم انتخابهم أيّ مساس بشخصيتهم، وهناك البعض ممن ينتفع مجلس الخبراء من حضورهم، لا أن يزيدهم حضورهم في هذا المجلس فائدة ونفعاً؛ أمثال سماحة الشيخ ]محمد[ اليزدي أو الشيخ مصباح ]اليزدي[: يضفي حضورهم على مجلس الخبراء مزيداً من الثقل والوزن، وعدم حضورهم في المجلس لا يتسبب في أن يلحق بهم أي ضرر، بل يُعدّ خسارة لهذا المجلس نفسه. فإن الشخصية البارزة للأفراد تعود إلى معنوياتهم ورصيدهم وثروتهم المعنوية. كما ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يمنّ بالتوفيق على كل من دخل حديثاً إلى هذه الدورة ولم يكن سابقاً، وعلى كافة أعضاء مجلس الخبراء بإذنه ومشيئته.

سمات وخصائص الإنتخابات في بلدنا
إن للانتخابات في بلدنا - ومنها هذه الانتخابات - سمات وخصائص عدة، وسوف أستعرض منها ما أرى فيها أهمية خاصة.

أ ــ حرية المشاركة أو الإمتناع عنها
الأولى، أن الناس أحرار في سلوكهم تجاه المشاركة في هذه الانتخابات وفي سائر الانتخابات التي تُجرى في بلدنا. ولكنها في بعض البلدان، وحتى في البلدان الغربية - الأوروبية منها وغير الأوروبية - مسألة إجبارية، ومعنى ذلك أن عدم المشاركة في الانتخابات مکلف لهم، وأما في بلادنا فإن عدم المشاركة لا يكلّف أي ثمن، والناس يشاركون بحرية واندفاع ورغبة، ويسيرون في ذلك وراء الفكر الذي يحملونه؛ وهذا أمرٌ بالغ الأهمية.

ب ـــ الطابع التنافسي
والنقطة الثانية التي تتسم بها أغلب انتخاباتنا، وهذه الانتخابات أيضاً بشكل جليّ وواضح، هي الطابع التنافسي للانتخابات. ولقد حاول البعض القول بأن هذه الانتخابات غير تنافسية، وهذا قولٌ يخالف الواقع، بل اتخذت هذه الانتخابات طابعاً تنافسياً، حيث شارك فيها مختلف التيارات والأفراد برايات وعناوين وشعارات متنوعة، وطرحوا آراءهم، ومنحت الإذاعة والتلفزيون الفرصة لمرشحي مجلس الخبراء، وقام مرشحو مجلس الشورى الإسلامي بممارسة الدعاية الانتخابية في مدنهم وبذلوا قصارى جهدهم في ذلك. ومن هنا فإن الانتخابات تنافسية بالكامل، والناتج منها كان حصيلة منافسة تامة.

ج ــــ سيادة الأمن والإستقرار
والسمة الهامة الأخرى الجديرة بالالتفات، والتي تعد من مواطن شكر الله حقاً، هي سيادة الأمن والاستقرار في أجواء الانتخابات، حتى في الأماكن التي تحمل بعض الدوافع والمحفزات لنشوب الاختلاف، كوجود الاختلاف والتنافس بين القوميات وبين المدن، وهذا ما له وجوده في كافة أنحاء البلاد، وعلى الرغم من ذلك لم تقع أيّ حادثة مرّة. وهذا بالطبع واضحٌ بالنسبة إلى المدن الكبيرة وما شابهها، ولكن الأمر كان كذلك حتى في أطراف البلاد أيضاً، إذ لم يطرأ أيّ حدث يعكّر أجواء الانتخابات، ويؤدي إلى خسائر في الأرواح لا قدّر الله. ولكم أن تلاحظوا انعدام الأمن في البلدان المحيطة بنا شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً. ولا أقصد من هذا أنهم لا يستطيعون إجراء انتخابات هادئة ونزيهة وحسب، بل إنهم لا ينعمون بحياة سليمة ومستقرة أيضاً، فالمرء حين يخرج من داره لا يعلم أنه سيعود إليها أم لا. هذه هي الأوضاع السائدة تقريباً في البلدان المحيطة بنا من انعدام الأمن. وفي بلدنا والحمد لله تقام انتخابات بهذه العظمة، وبهذه المشاركة الواسعة، حتى إن الناس في طهران شاركوا منذ الثامنة صباحاً وحتى الثانية من منتصف الليل - ففي بعض الدوائر الانتخابية بطهران، كما في التقارير التي بلغتني، شارك الناس وأدلوا بأصواتهم لا إلى الثانية عشرة مساءً، بل وحتى الثانية من منتصف الليل كانوا يأتون ويذهبون ـــــ بمنتهى الهدوء والاستقرار والأمن. وهذا غاية في الأهمية، ويعتبر لبلدنا رصيداً ونعمة إلهية كبرى، فلنعرف قدرها. ومن هنا يتحتم علينا حقاً أن نتقدم بالشكر إلى الذين تمكّنوا من توفير هذا الأمن لنا، بما فيهم وزارة الداخلية وقوات الشرطة والحرس الثوري وقوات التعبئة، وكل من ساهم في هذا الموضوع.

د ــــ النزاهة والأمانة
والخصوصية الأخرى لهذه الانتخابات، كما هي حال الانتخابات الأخرى عندنا، هي النزاهة والأمانة؛ ومعنى ذلك أن الانتخابات قد أُجريت بصورة نزيهة، وهذا مخالف تماماً لما يروّج له الأعداء دوماً على مرّ هذه الأعوام، وغالباً ما تتصاعد وتيرة هذا الترويج عند الاقتراب من موعد الانتخابات قائلين بأنه يُرتكب خيانة وغش، حيث يدخل في صناديق الاقتراع اسم شخصٍ، ويخرج منها اسم شخص آخر! وهذه أقوالٌ سمعتموها، ودوماً ما يردّدها البعض في الخارج، ويعيدها البعض الآخر ويكررها في الداخل أيضاً. ومع هذا فقد كانت الانتخابات نزيهة والحمد لله، بل كانت نزيهة على الدوام. وهذا ما أثبت بطلان قول وعمل أولئك الذي اعتبروا في فترة ما بطلان الانتخابات، كالذي حدث في سنة 2009، وأججوا تلك الفتنة المضرّة والرهيبة للبلاد، والسبب في ذلك أنهم رشقوا البلد بتهمة عدم نزاهة الانتخابات.. كلا، بل كانت الانتخابات وما تزال نزيهة، وكذلك الحال في الدورات السابقة وفي سنة 2009 و2005، فقد كانت الانتخابات فيها تتسم بالنزاهة والسلامة، ولم تسقط الانتخابات عن النزاهة مطلقاً. أجل، قد يتم التلاعب بعشرة أصوات أو عشرين صوتاً أو مئة صوت في زاوية من الزوايا وفي صندوقٍ من الصناديق؛ سواء عن غفلة أو عن قصد، ولكن لا توجد في بلادنا أي حركة منظمة تؤدي إلى التغيير في نتائج الانتخابات، لا في الماضي ولا في الحاضر، ويحدونا الأمل أن لا تحدث أبداً في المستقبل أيضاً إن شاء الله.

هــ ــــ السلوك الشريف للخاسرين
والنقطة الأخرى التي ظهرت بكل وضوح وتجلّت في هذه الانتخابات، هي السلوك الشريف والنبيل تماماً لأولئك الذين لم يحصلوا على أغلبيّة الأصوات؛ فلو قام هؤلاء بالاعتراض والاشتباك والشكوى والعتاب والتحدث في الأبواق الإعلامية، لارتبك الوضع ولسادت البلبلة والاضطرابات بالتأكيد. ولقد عبّر سماحة الشيخ اليزدي (أدام الله بقاءه) في بداية هذا الاجتماع، - كما قالها سابقاً - عن فرحه وابتهاجه ورضاه، وبارك للذين فازوا في الانتخابات، وهذه مسائلُ في غاية الأهمية والعظمة والقيمة، وقيمٌ لا بد من معرفة قدرها. هذا على خلاف السلوك الرذيل والذميم لأولئك الذين لم يحروزا الأصوات في سنة 2009، ما أدى إلى أن يثيروا الضجيج، ويجرّوا الناس إلى الشوارع، ويسوقوا الأمور إلى المواجهة والاشتباك، ويكلّفوا البلد ثمناً باهظاً، ويُطمّعوا العدو ويمنحوه الجرأة والجسارة؛ وهذا ما تحقق بالفعل. وإن الله سبحانه وتعالى هو الذي أخمد نيران تلك الفتنة، وإلا فالفتنة التي أججوها لم تكن صغيرة.. هذه أيضاً خصوصية أخرى.

إنني لم أذكر اسم وزارة الأمن من ضمن الذين ساهموا مساهمة جادة في إحلال الأمن للانتخابات، وأعتذر منهم عن ذلك، فإن حضورهم كان بالتأكيد حضوراً مؤثراً في تكريس الأمن والحؤول دون بروز بعض الأحداث التي كان من الممكن وقوعها.

رسالة الإنتخابات: لا قطبية ثنائية بين النظام والشعب
إن ما يمكن أن نقوله في حصيلة هذا الجانب من الحديث، هو أن الشعب في هذه الانتخابات، قد أبدى ثقته بالنظام الإسلامي وتبعيّـته له، وأثبت أنه تابع للجمهورية الإسلامية، ويؤمن بقوانينها، ويتصرف ويعمل وفق هذه القوانين، وهذا على جانب كبير من الأهمية، وهو يقف موقفاً مخالفاً تماماً مما يهدف إليه أعداؤنا من خلق قطبية ثنائية بين الحكومة والنظام من جانب، والشعب من جانب آخر. والناس قد أثبتوا بطلان ذلك لا بالقول، بل بالنزول إلى الساحة، كما كانوا قد أثبتوا ذلك من قبل، من خلال مشاركتهم الحاشدة في مسيرة الثاني والعشرين من بهمن ]ذكرى انتصار الثورة الإسلامي، بتلك العظمة، وبذلك الوعي والاندفاع.. هكذا هم الناس حقاً. ومن هنا ولحسن الحظ، فقد أخفقت مساعي العدو الرامية إلى إسقاط الانتخابات عن القيمة والاعتبار، حيث أُجريت الانتخابات بكامل قيمتها واعتبارها.
 

2017-02-22