يتم التحميل...

نظرية التكامل والايمان

العلم والدين

الكثير ممّن يحاولون تصوير نوع من التضاد بين هذه الفرضية ومسألة الإِيمان باللّه، ولعل الحق يعطى لهم من جهة، حيث أنّ العقيدة الداروينية في واقعها قد أوجدت حرباً شعواء بين أصحاب الكنيسة من جانب ومؤيدي داروين من جانب آخر،

عدد الزوار: 20

و.. الإِيمان باللّه:
الكثير ممّن يحاولون تصوير نوع من التضاد بين هذه الفرضية ومسألة الإِيمان باللّه، ولعل الحق يعطى لهم من جهة، حيث أنّ العقيدة الداروينية في واقعها قد أوجدت حرباً شعواء بين أصحاب الكنيسة من جانب ومؤيدي داروين من جانب آخر، حتى وصل الصراع ذروته بين الطرفين في تلك الفترة بعدما لعب الظرف السياسي وكذا الإِجتماعي دورهما (ممّا لا يسع المجال لشرح ذلك هنا)، فكانت النتيجة أن اتهم أصحاب الكنيسة الداروينية بأنّها لا تنسجم مع الإِيمان باللّه.

وقد كشفت الأيّام عن عدم وجود تضاد بين الأمرين، فإِنّنا سواء قبلنا بفرضية التكامل أو نفيناها لفقدانها الدليل، فلا يمنع من الإِيمان باللّه بكلا الإِحتمالين.

فإذا قبلنا بالفرضية فلكونها قانوناً علمياً مبنياً على العلة والمعلول، ولا فرق في العلاقة بين العلة والمعلول في عالم الكائنات الحية وبقية الموجودات، فهل يعتبر اكتشاف العلل الطبيعية من قبيل نزول الأمطار، المد والجزر في البحار، الزلازل وما شابهها، مانعاً من الإِيمان باللّه؟ الجواب بالنفي قطعاً. إَذن فاكتشاف وجود رابطة وعلاقة تكاملية بين أنواع الموجودات الحية لا يؤدي إِلى تعارض مع مسألة الإِيمان باللّه كذلك.

إذن، فالأشخاص الذين يتصورون أن كشف العلل الطبيعية ينافي الإِيمان بوجود اللّه هم الذين يذهبون هذا المذهب وإلاّ فإِنّ كشف هذه العلل ليس ـ فقط ـ لا يتعارض مع التوحيد، وإِنّما سيعطينا أدلة جديدة من عالم الخليقة لإِثبات وجوده سبحانه وتعالى.

وممّا ينبغي ذكره: أنّ داروين قد تبرأ من تهمة الإِلحاد وصرح في كتابه (أصل الأنواع) قائلا: إنّني مع قبولي لتكامل الأنواع فإنّي اعتقد بوجود اللّه، واساساً فإنّه بدون الاعتقاد بوجود اللّه لا يمكن توجيه مسألة التكامل.

وقد كُتب عن داروين بما نصه: (إِنّه بقي مؤمناً باللّه الواحد رغم قبوله بالعلل الطبيعية في ظهور الأنواع المختلفة من الأحياء، وقد كان إِحساسه بوجود قدرة مافوق البشر يشتد في أعماقه كلما تقدم في السن، معتبراً أن لغز الخلق يبقى لغزاً محيراً للإِنسان).

كان يعتقد أن توجيه هذا التكامل النوعي المعقد والعجيب، وتحويل كائن حي بسيط جدّاً إِلى كل هذه الأنواع المختلفة من الأحياء لا يتمّ إِلاّ بوجود خطة دقيقة يضعها ويسيرها عقل كلي.

وهو كذلك.. إِذ كيف يمكن إِيجاد كل هذه الأنواع العجيبة والمحيرة والتي لكل منها تفصيلات وشؤون واسعة، من مادة واحدة بسيطة جداً وحقيرة.. كيف يمكن ذلك بدون الإِستناد على علم وقدرة مطلقين؟!

النتيجة: إِنّ الضجّة المفتعلة في وجود تضاد بين عقيدة التكامل النوعي وبين مسألة الإِيمان باللّه إنّما هي بلا أساس وفاقدة للدليل (سواء قبلنا بالفرضية أو لم نقبلها).

تبقى أمامنا مسألة جديرة بالبحث وهي: هل أنّ فرضية تطور الأنواع تتعارض مع ما ذكره القرآن حول قصة خلق آدم، أو لا؟

2016-05-03