يتم التحميل...

توزيع الثروة

فلسفات أخلاقية

وقال آخر: ساوى الإسلام بين الناس من جهة، ومن جهة ثانية أقرّ تقسّمهم إلى طبقات بعضها فوق بعض على أساس المال والاقتصاد (أي الغنى والفقر) ولو وزع الثروة، وسكت عن المساواة في كل الجهات ـ لكان خيراً وأفضل.

عدد الزوار: 11

وقال آخر: ساوى الإسلام بين الناس من جهة، ومن جهة ثانية أقرّ تقسّمهم إلى طبقات بعضها فوق بعض على أساس المال والاقتصاد (أي الغنى والفقر) ولو وزع الثروة، وسكت عن المساواة في كل الجهات ـ لكان خيراً وأفضل.

الجواب:
ان الحرية أصل من أصول الإسلام تماماً كالعدالة حيث لا إنسانية بلا حرية، ومن أخص خصائص الحرية للفرد وثمارها أن ينعم بحق التملك في نطاق عدم الإضرار بالآخرين، وأقر هذا الحق الاعلان العالمي في المادة 17 لكي يبذل الإنسان أقصى ما يملك من نشاط وطاقات في ميدان الإبداع والتعمير والانتاج والاختراع، فينفع وينتفع.

وأسباب التملك التي أقرها الإسلام ترجع إلى ثلاثة، وكلها نتيجة حتمية لمبدأ الاختيار والحرية، وهي كالآتي:

1 ـ العمل، ومنه احراز المباحثات واحياء الموات بقصد التملك حيث لا مانع شرعي من ذلك.. وما من شك أن للإنسان كل الحق في اختيار عمله لأنه الركن الركين في شخصيته بل في كيانه، وأيضاً له وحده ثمار جهده وكدحه بحكم الطبيعة والبديهة.

2 ـ العقود والتعامل مع الآخرين بالبيع والإجارة والهبة ونحوها، أيضاً على أساس الحرية والاختيار، ولذا يحكم الإسلام ببطلان المعاملة متى شابها ضغط وإكراه أو غش وخديعة.

3 ـ الإرث، وهو حق طبيعي اتفقت عليه جميع الأمم والشرائع السماوية والأرضية في كل عصر وقطر.. هذا إلى أن المال الموروث هو من جهد الميت وثمراته، ومن أولى بسعيه؟ الدولة أو الأباعد أو أرملته وشريكة حياته وأيتامه واولاده الذين وجودهم امتداد لوجوده!.

وفي سفينة البحار مادة (و. ص. ي): أن الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) قال: ((ما أبالي أضررت بورثتي أو سرقتهم)). ومات رجل من الأنصار، وله صبية صغار، وكان قد تصدق بكل ما يملك حين ظهرت له دلائل الموت، ولما علم رسول الله(صلى الله عليه وآله) بذلك قال لقوم الميت: ماذا صنعتم بصاحبكم؟ قالوا: دفناه. قال: ((لو كنت علمت ما تركتكم تدفنوه مع أهل الإسلام، ترك صغاراً يتكففون الناس)).

وأخيراً نسأل من ينكر مبدأ الإرث: هل يرضى أن ينعم الأباعد في أمواله من بعده دون عياله وأطفاله؟ فان قال: أجل. قلنا في جوابه: هذا خروج على الفطرة والطبيعة البشرية، وصدق الله العلي العظيم: (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة) (74 ـ البقرة).

هذي هي أسباب التملك، والناس فيها كلهم شرع وسواء بلا تمايز وتفاضل، من شاء منهم أن يتقدم أو يتأخر، أما أن يعمل الكادح المجاهد، ويأكل ثمرة عمله وكدحه الكسول المخنث ـ فلن يرضى بذلك إلا اتكالي مخناث.. أبداً لا شيء للإنسان إلا ما سعى.

خرافة وطرافة

ولمجرد الترفيه والتسلية نختم هذا الفصل بأمثلة على التفرقة والإجحاف في تقسيم الناس والتركة.. تحتم بعض الأنظمة الغربية في هذا العصر ـ خاصة في انكلترا ـ أن يختص الولد الأكبر بالتركة كلها دون أمه وأخوته، والشريعة اليهودية تعطي البكر مثل حظ الذكرين من إخوته!.

واشتهر عن المجتمع الهندوسي أنه خمس طبقات بعضها فوق بعض (1) رجال الدين لأن الله ـ بزعمهم ـ خلقهم من رأسه (2) رجال الحرب والإدارة لأن الله خلقهم من ذراعه (3) الفلاحون وأصحاب الحرف لأن الله خلقهم من وسطه (4) العمال لأنه خلقهم من قدمه (5) المنبوذون، وهم الأنجاس والأرجاس!.

ومن هذه البيئة خرج غاندي.. ولا تفسير لذلك ـ فيما نظن ـ إلا طهارة نفسه من أدران الحقد والظلم والفساد في الأرض.

2016-03-09