يتم التحميل...

الصفقة الخاسرة

فلسفات أخلاقية

قال الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) في حكمة 424 من حكم النهج: أخسر الناس صفقة، وأخيبهم سعياً رجل أخلق بدنه في طلب ماله، ولم تساعده المقادير على ارادته.

عدد الزوار: 17

قال الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) في حكمة 424 من حكم النهج: أخسر الناس صفقة، وأخيبهم سعياً رجل أخلق بدنه في طلب ماله، ولم تساعده المقادير على ارادته.

وللفيلسوف الألماني الشهير شبنهور كلام منقول عن كتابه حكمة الحياة كأنه يشرح هذه الحكمة العلوية الخالدة، قال: ((اننا حتى إذا نجحنا في تكوين ثروة ضخمة فاننا قلما نفطن إلى عوامل التغيير التي يدخلها الزمن علينا.. وآية ذلك أن الأموال التي نجمعها على حساب صحتنا وراحتنا أو التي سهرنا الليالي الطوال في سبيل الحصول عليها، قد تجيئنا بعد فوات الأوان، فلا تعود تنفعنا بشيء، وعندئذ لا نلبث أن نتحقق من أننا قد أضنينا نفوسنا في سبيل الآخرين ممن لا يعرفون قيمة هذه الثروة)).

وكلنا يشعر من أعماقه أن ما زاد عن نفقته وحاجته من المال فهو لغيره لا محالة، ومع هذا يحرص الكثير منا على المزيد، ويسعى له جاهداً، ويناضل كادحاً!. فهل يكمن السر في نفس المال أو في داخل الإنسان وأعماقه؟.

وما من شك أن السر يكمن فيهما معاً تماماً كجمال الحسناء وغريزة الجنس، ولكن المال بما هو في ذاته على وتيرة واحدة سواء أنسبته إلى طامع أم إلى قانع، لأنه رسم على كاغد أو من حجر جامد وانما الفرق والتفاوت في الاتجاهات والغايات، فمن الناس من لا يبتغي من المال إلا حفظ البقاء وسد الحاجة واليأس مما في أيدي الناس، فيقتنع بما يحقق هذه الغاية، ومنهم من يطلب المال للجاه والمباهاة.. ولا يقف عند حد معين، ومثله من إذا تحققت له رغبة من مال أو جاه تجددت له رغبة أخرى. وقد صور ذلك الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) أجمع وأبلغ تصوير حيث قال: لو كان لابن آدم جبلان من ذهب لتمنى لهما ثالثاً الخ.

وقال رسل: لا هدف لإنسان الولايات المتحدة من المال إلا أن ينتج المال مالاً وكفى. وآخر ما قرأت عن هذا الإنسان مقالاً كتبه الدكتور فؤاد زكريا ونشرته مجلة العربي في العدد 212، جاء فيه: ((من الخبرات التي صدمتني للوهلة الأولى في أمريكا أن المجتمع لا يقيم وزناً كبيراً لرجل العلم، بل المثل الأعلى عند الأمريكي العادي هو رجل المال والأعمال الناجح. وهذا هو النمط الذي يحتل القمة في تقديرهم واحترامهم، أما العلماء والأساتذة فلا يلقون من الناس تقديراً كبيراً، بل ربما أحس الناس نحوهم بنوع من السخرية الخفية)).

2016-03-09