يتم التحميل...

عِلم الحَديث عِندَ الإمَاميَّة

تعرّف على الشيعة

الف علماء اللغة كتباً جمعوا فيها ألفاظ المفردات مع بيان معانيها، وكتباً دونوا فيها القواعد العربية كالصرف والنحو، والف الإمامية كتباً لجمع الحديث،

عدد الزوار: 36

عِلم الحَديث عِندَ الإمَاميَّة *

الف علماء اللغة كتباً جمعوا فيها ألفاظ المفردات مع بيان معانيها، وكتباً دونوا فيها القواعد العربية كالصرف والنحو، والف الإمامية كتباً لجمع الحديث، وكتباً لرواة الحديث، وكتباً لنقد الحديث، ويحوي النوع الأول المعتقدات والانباء، والأوامر والنواهي، وأنواع المعاملات تتصل بالتسلسل إلى المعصوم، والنوع الثاني يشتمل على أسماء الرواة، فيذكر كل راوٍ باسمه وصفاته، ويسمى هذا علم الرجال، وفي النوع الثالث يذكر فيه النظم العامة والقواعد الكلية لمعرفة الأحاديث الصحيحة من غيرها، ويسمى علم الدراية، والغرض من هذه الأنواع الثلاثة واحد، وهو إِثبات السنة النبوية بالطريق الصحيح.

كتب الحديث

ومن كتب الحديث الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني "ت 328 هجري" وفيه 16099 حديثاً وكتاب من لا يحضره الفقيه لمحمد بن بابويه المعروف بالصدوق "ت 381 هجري" وفيه 9044 حديثاً وكتاب التهذيب لمحمد بن الحسين الطوسي "ت 461 هجري" وفيه 13095 حديثاً، وكتاب الاستبصار للشيخ الطوسي المذكور، وفيه 5511 حديثاً، وكتاب الوافي المعروف بمحسن الفيض "ت 1091 هجري" وهو 14 جزءاً، وكتاب الوسائل للحر العاملي "ت 1033 هجري" وهو 6 مجلدات وغير ذلك مما يضيق المقام عن ذكره، وهذه الكتب مبوبة مرتبة، يذكر في كل باب جميع ما يتصل به من الأحاديث، والكتب الستة الآنفة الذكر معروضة للبيع مع غيرها في المكتبات العامة بإِيران والعراق.

كتب الرجال

ومن كتب الرجال المطبوعة : كتاب الرجال لأحمد بن علي النجاشي "ت 450 هجري" وكتاب الرجال للشيخ الطوسي، وكتاب معالم العلماء لمحمد بن علي بن شهر اشوب "ت 588 هجري" وكتاب منهج المقال للميرزا محمد الاسترابادي "1020 هجري" وكتاب إتقان المقال للشيخ محمد طه نجف "1323 هجري" وكتاب الرجال الكبير للشيخ عبد اللّه المقمقاني من علماء هذا القرن، إلى غير ذلك مما كتب علماء الشيعة في هذا الموضوع.

ومن الكتب المطبوعة في نقد الحديث كتاب البداية في علم الدراية للشيخ زين الدين بن علي العاملي "966" وكتاب الوجيزة للشيخ البهائي العاملي "1032" وكتاب شرح الوجيزة للسيد حسن الصدر من علماء هذا القرن، وكتاب مقياس الهداية للشيخ عبد اللّه المقمقاني، إلى غير ذلك من الكتب.

أقسام الحديث

وقسم الشيعة الحديث إلى قسمين متواتر، وآحاد، والمتواتر أن ينقله جماعة بلغوا من الكثرة حداً يمتنع اتفاقهم وتواطؤهم على الكذب. وهذا النوع من الحديث حجة يجب العمل به. أما حديث الآحاد فهو ما لا ينتهي إلى حد التواتر، سواء أكان الراوي واحداً أم أكثر، وينقسم حديث الآحاد إلى أربعة أقسام :
1 - صحيح، وهو ما إذا كان الراوي إِمامياً ثبتت عدالته بالطريق الصحيح.
2 - الحسن، وهو ما إذا كان الراوي إمامياً ممدوحاً، ولم ينص أحد على ذمه أو عدالته.
3 - الموثق، وهو ما إذا كان الراوي مسلماً غير شيعي، ولكنه ثقة أمين في النقل.
4 - الضعيف وهو غير الأنواع المتقدمة، كما لو كان الراوي غير مسلم أو مسلماً فاسقاً أو مجهول الحال أو لم يذكر في سند الحديث جميع رواته.

العمل بالحديث

وقد أوجبوا العمل بالحديث الصحيح والحسن والموثق لقوة السند، والاعراض عن الضعيف لضعف السند، ولكنهم قالوا : إن الضعيف يصبح قوياً إذا اشتهر العمل به بين الفقهاء القدامى، لأن أخذهم بالضعيف مع علمنا بورعهم وحرصهم على الدين وقربهم من الصدر الأول يكشف عن وجود قرينة في الواقع اطلع أولئك الفقهاء عليها، وخفيت علينا نحن، ومن شأن هذه القرينة أن تجبر هذا الحديث.

وتدل على صدقه في نفسه مع قطع النظر عن الراوي، كما أن القوي يصبح ضعيفاً إذا أهمله الفقهاء القدامى، فإن عدم عملهم به مع أنه منهم على مرأى ومسمع يكشف عن وجود قرينة تستدعي الاعراض عن هذا الحديث بالخصوص، وإن كان الراوي له صادقاً.

ومن علامات وضع الحديث عند الشيعة أن يكون مخالفاً لنص القرآن الكريم، أو لما ثبت في السنة النبوية، أو للعقل، أو ركيكاً غير فصيح، أو يكون إِخباراً عن أمر هام تتوافر الدواعي لنقله، ومع ذلك لم ينقله إلا واحد، أو يكون الراوي مناصراً للحاكم الجائر.

تعارض الحديثين

إذا ورد حديثان، وأثبت أحدهما ما نفاه الآخر، فإن كان أحد الحديثين معتبر السند دون الثاني، أخذنا بالمعتبر وطرحنا غيره، ولا يتحقق التعارض في هذه الحال، وإنما يقع التعارض إذا كان معاً معتبرين بحيث يعمل بكل منهما، لو كان بدون معارض.

ومتى تم التعارض يؤخذ بأشهر الحديثين، والمراد بالأشهر أن يكون معروفاً عند الرواة، ومدوناً في كتب الحديث أكثر من الطرف الثاني، وإن تساويا بالشهرة، أخذ بالأعدل والأوثق، وقال المرزا النائيني في تقريرات الخراساني "باب التعارض" : ليس المراد بالأعدل والأوثق من كان أكثر زهداً في الدنيا، بل من كان أعدل في صدق القول وأوثق في النقل، وإذا تساويا في الصدق عرض الحديثان على كتاب اللّه، وأخذ بالحديث الموافق دون المخالف، وإذا كانا معاً لا يتنافيان مع ظاهر الكتاب، وتساويا في سائر الجهات، فالقاعدة المستفادة من الأحاديث الثابتة الصحيحة تستدعي التخيير في العمل بأحدهما، وترك الآخر، وقيل : تعارضا تساقطا كما هو الأصل، أي يترك العمل بهما معاً وتصير الواقعة مما لا نص فيها.

وبالتالي إن الإمامية يعتقدون أن الحديث مصدر من مصادر العقيدة الإسلامية، وأصل من أصول الشريعة المحمدية، وإن إِهماله إهمال للدين ومبادئه. لذا كانوا وما زالوا يجدون ويجتهدون في نقد الحديث وتمحيصه والاحتفاظ به، وبكل ما يمت إلى الإسلام بسبب قريب أو بعيد1.


* - نشر في العرفان كانون الأول 1954.
1- المصادر : كتاب تأسيس الشيعة للسيد حسن الصدر، والجزء الأول من أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين. وكتاب منهج المقال للمرزا محمد، وكتاب مقياس الهداية للشيخ عبد اللّه المقمقاني، وتقريرات النائيني للخراساني، ورسائل الشيخ الأنصاري.

2016-03-08