يتم التحميل...

كلمة سماحة السيد حسن نصر الله حفظه الله في المجلس العاشورائي - الليلة التاسعة من محرم

2014

وصلنا إلى النقطة المهمة جداً والنتائج التي نريد أن نصل إليها حول الروايات التي تتحدث عن أخبار المستقبل وما سيأتي في آخر الزمان وصولاً إلى ما يرتبط في قضية الإمام المنتظر (عليه السلام) وسأحاول الليلة أن أنهي البحث.

عدد الزوار: 30

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

السلام عليكم يا سيدي يا أبا عبد الله يا أبا عبد الله الحسين يا بن رسول الله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك عليكم مني جميعًا سلام الله أبدا ما بقيت وبقي الليل والنهار، ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم.

السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين .

السادة العلماء الأخوة والأخوات السلام عليكم جميعًا ورحمة الله وبركاته.

وصلنا إلى النقطة المهمة جداً والنتائج التي نريد أن نصل إليها حول الروايات التي تتحدث عن أخبار المستقبل وما سيأتي في آخر الزمان وصولاً إلى ما يرتبط في قضية الإمام المنتظر (عليه السلام) وسأحاول الليلة أن أنهي البحث.

أولاً عند مجيء الأخبار عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال كذا وكذا وكذا يجب أن نرى هذه الأخبار من نقلها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، في الكتب ترد عن فلان عن فلان عن فلان عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نحن يجب أن نتأكد بالقواعد العلمية والموازنين العلمية وبأن هذه روايات مقبولة ويجوز الاعتماد عليها.

وأنا أريد أن أبسّط المطلب ولا أستعمل المصطلحات العلمية.

الحديث وأي حديث ينقل له متن وسند، وأنا حفظت حديث من أحد العلماء الكبار لجماليته وحسنه علق في ذهني سنده جميل ومتنه جميل، عن أحد الرواة عن أبي الحسن عن أبي الحسن عن أبي الحسن عن الحسن عن الحسن عن الحسن بن علي (عليه السلام) أن أحسن الحسن الخلق الحسن. هنا عندما نقول عن عن وعن هذا اسمه السند، وعندما نقول أحسن الحسن الخلق الحسن هذا هو المتن.

علماء المسلمين اتفقوا وهم مجمعين على ذلك بأنه ليس كل ما روي عن أهل البيت وعن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هي أخبار صحيحة، ولا يقولون بأنه لا يجب علينا أن نتابع وندقق ووو. لذا هناك إجماع من المسلمين أن الأحاديث فيها الصحيحة وغير الصحيحة والمقبول والمعتبر.

ومتفقون أيضاً أن في حياة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعد حياة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هناك أشخاص وضعوا أحاديثًا مخترعة ونسبوها إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، لذلك وضع العلماء علم الرجال وعلم الحديث حتى يدقق ويتبين، مثلاً فلان ورد عنه أنه حفظ 100 ألف حديث، علماؤنا لا يقبلون أن كل أحاديثه صحيحة، ولا أحد من المسلمين يتعاطى مع كل الأحاديث على أنها كلها صحيحة ومقبولة وأنه يجب الاعتماد عليها.

لذا هم يهتمون بدراسة السند أي فلان عن فلان، بأنه صادق ومعروف بصدقه وأنه ثقة، فيدرسون علم الرجال وعلم الحديث ليحكموا عليه وهذا شغل أهل الاختصاص.

ولكن لو أردنا أن نبسّط نحن الأمور، من خلال السيرة العقلائية لعوام الناس، مثلاً إذا قيل أن أخاك توفى فتذهب لتدعو للعزاء والتشييع وغيره، ولكن هل نصدّق هكذا خبر من أي أحد، ولو علمنا مثلاً أنّ المخبر هو كذّاب، بالحد الأدنى نتأكّد من كلامه قبل تصديقه، وحتى لو أخبرنا شخص مجهول بأن أخاك مثلاً صار معه كذا وبيتك صار به الأمر الفلاني، لا نبني حينها مباشرة على المعلومات ابتداءً بل نتأكّد من صحتها.

ففي الحياة العادية لا يقبل الإنسان ابتداءًا إلاّ من الثقاة، كذلك فيما يتعلق بالأحاديث الشريفة خصوصاً ما يتعلق بأحكام ديننا وشريعتنا وجهادنا وسلوكنا وصومنا وصلاتنا، وليس أي شخص يأتي ليخبرنا بشيء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعني أنّه أمر قابل للتصديق.

وخصوصًا عندما نتعرض لموضوع أخبار المستقبل ففي هذا المجال نحتاج إلى تدقيق أكثر لأنه متسالم بين علماء المسلمين أن هذا المجال من الأحاديث تم الوضع فيه.

ويقال عند العلماء المتخصصين في هذا المجال أنه أكثر مجالين صار فيهما وضع للأحاديث، 1- الملاحم والفتن، 2- الفضائل، وأيضًا بعض أحبار اليهود الذين دخلوا في الإسلام لاحقًا نقل من أخبار اليهود قصصًا ونسبها لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو أنه لم ينسبها ولكن البعض تعاطى معها وكأنها إخبارات عن الأنبياء (عليه السلام) وهذا غير مقبول. فالخبر لكي يكون مقبولاً يجب أن يكون نقلة هذه الأحاديث من الرجال من المعروفين والموثقين بالحد الأدنى لنستطيع القول بأنّ نقلهم معتبر وصحيح. ولاحقًا نأتي إلى فهم المتن وفقه الحديث وما شاكل.

إذًا أولاً التوصية لكل الأخوة والأخوات في هذا الزمان بأنه ليس أي كتاب وقع بين أيديكم ورأيتم رواية تتحدث عن آخر الزمان على أنّها موجودة ونبني عليها.

اعلموا أن هناك الكثير من الأحاديث الموضوعة أو التي لا أسانيد لها أو نقلها أشخاص مجهولون ولا نستطيع التعويل عليها والبناء عليها.

ثانياً بالتعاطي مع هذه الإخبارات بأنه على ضوء المتون والنصوص وما هو واضح من خلال بعض الروايات المتواترة من حيث المعنى أو المستفيضة بحيث عندما يأتي شخص ويرى بأن أصل موضوع الإمام المهدي (عليه السلام) هو مسلّم، فعلى المستوى الشيعي نحن نعتقد بأن محمد بن الحسن من سلالة الحسين (عليه السلام) ومن ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنه ولد وأن مواصفاته كذا وكذا موجودة في الروايات وعند عموم المسلمين أصل أن المهدي من ولد فاطمة يبدو أنه متسالم عليه، فأصل المهدي لا نقاش فيه.

موضوع السفياني فيه الكثير من الروايات ويستطيع الشخص أن يقول بأن أصل السفياني من خلال كثرة الروايات الموجودة في كتب المسلمين فهو محتوم، بالنسبة للتفاصيل هناك رواية ضعيفة متفاوتة هذا يحتاج إلى التدقيق.

أصل خروج اليماني في الروايات هذا الأمر واضح، أو الخرساني، أو الرايات الآتية من المشرق الممهدة لهذا الأمر. مثلاً موضوع الصيحة، أنا أركز على خمسة أو ستة علامات لأن هناك علامات يوجد فيها الكثير من التفصيل وإذا أردنا التركيز على كل علامة نجد العشرات من الروايات فيها، الصيحة أو النداء من السماء أو الفزعة من السماء، والخسف في البيداء بجيش السفياني الخارج من المدينة إلى مكة.

حتى الروايات الحاكية عن سيد حسني يخرج قبل صاحب الزمان (عليه السلام)، إذًا هناك شخصيات محكي عنها في الروايات، والحذر هنا يجب أن يكون بأن هذا باب أيضًا للإدّعاء، وهذا الباب كأي باب مثلاً القرآن الكريم يتاجر به والسلاح يستعمل للخير والشر، كذلك هذا العالم يتم استخدامه للأمور السيئة بالادعاءات الكاذبة.

مثلاً وقت بني العباس وحتى الآن من الادعاءات المهدوية، وهذا غير صحيح، لأنّ المهدي الموعود بحسب الروايات هو الذي يملأ الأرض قسطًا وعدلاً بعدما ملئت ظلمًا وجوراً، وهذا أيضًا ما ورد في الآيات الكريمة بخصوص دولة العدل بينما كل الذين خرجوا لم تتحقق دولة العدل على أيديهم.

وأنا أذكر قبل سنوات بسنة 1979، في 20- تشرين الثاني، بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران بعدة أشهر ويتزامن هجريًا مع 1 محرم 1400 هـ، يعني اليوم الأول من السنة الأولى الهجرية من القرن الجديد الهجري 1400 ماذا جرى في هذا التوقيت؟ هناك شخصيتان جمعت مسلحين واجتمعت في المسجد الحرام في مكة عند الكعبة أحدهم اسمه جهيمان العتيبي وآخر محمد بن عبد الله القحطاني، وجهيمان دعا المسلحين الذين معه إلى بيعة محمد بن عبد الله القحطاني على أنه المهدي الموعود، وجرت معركة وقتل القحطاني، واعتقل جهيمان وأُعدم لاحقًا، وهذا ما أشيع في ذلك الوقت بأن القحطاني ادعى أنه المهدي، وهذا جاء بعد انتصار الثورة في إيران فيمكن أن تطبق قصة رايات المشرق، وبأن الخرساني خرج من إيران، والمهدي خرج من مكة، وهذا ملفت من حيث الزمان والظروف والحادثة والتوقيت بعدها، وهذا موجود وسيبقى موجودًا.

ولقد ورد في الروايات عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه هناك أشخاصًا يدعون المهدوية، (والذين يخوّفون هم السادة لأن الشرط أن يكون من ولد فاطمة ومن ولد الحسن والحسين وخصوصًا إذا أحدهم اسمه محمد وأبوه الحسن)، لذا هناك أشخاص ادعوا المهدوية في إيران.

في زمن بني العباس جرى هذا الأمر أكثر، كما أنّ ادعاءات السفياني أقل فرايته ضلال بإجماع المسلمين وهذا صعب، ولكن الانطباع العام بأن الروايات حول الشخصيات الجيدة يمكن الادعاء حولها.

ويكفي القول أن كل من ادعى المهدوية أو الخرساني أو اليماني أو الحسني أو النفس الزكية لم يقدم أي دليل، فدليله ماذا؟ ولا يمكن التصديق بلا دليل وعلم، لأنه لم يتم تقديم أي دليل يفيد علمًا، وهذا طبعًا كان تاريخيًا يحصل لإثارة العاطفة واستغلالها واستقطاب الأنصار والمؤيدين.

إذًا العنوان الثاني إذا سلمنا بالخبر والعلامة والشخصية وأن هذا الحدث سيحصل في آخر الزمان هذا الأمر يحتاج إلى حذر وانتباه ولعل هذا واحد من فوائد الحديث عن العلامات وفهمها وفهم أخبار آخر الزمان.

العنوان الثالث الذي أحب الإلفات إليه وهو من أخطر العناوين وأتمنى من الأخوة أن يسمعوني جيدًا فهذا من الأمور المبتلى بها.

وهي مشكلة تطبيق العلامات يعني أن نأتي لنقول بأن هذه العلامة تحققت أو هذه الشخصية التي ذكرت في الروايات هي فلان أي بأن يطبّق، وهذا غير الادعاء فالمدعون ثبت كذبهم طوال التاريخ، ولكن أحياناً الناس يدعون انطباق أحداث وعناوين على شخصيات معاصرة لنا وقد لا تدعي هذه الشخصيات ذلك، بل لا تدعي الشخصيات لنفسها ذلك بل نقوم نحن بتطبيق الأحداث على هذه الشخصيات.

تكلمنا سابقًا بالتقسيم أن القسم الأول هو الأخبار العامة الذي تكلم فيه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عن آخر الزمان عن الحكام والمساجد والعادات والتقاليد والملوك والأمراء والنساء والمصاحف والأوضاع الكونية والحروب والأمراض وو.. ولكنه لم يربطها بقيام المهدي (عليه السلام)، نعم هذا النوع من الأحاديث بلا خلاف وإن رأى الأزمنة التي نعيشها يراه واقعًا وهذا لا يناقش فيه اثنان بأن بعضها قد صار.

مثلاً الحديث القائل بأن يتزي الرجال بزي النساء والنساء بزي الرجال نعم الآن هذا الأمر كائن، مثلاً زوال مملكة بني أمية ومملكة بني العباس نعم هذا قد صار وتحقق ولا نقاش فيها لأن المتحقق عندنا هو علم وليس شبهة وشك قطعًا هناك جزء كبير من هذه الأخبار قد تمت وتحققت.

والقسم الثاني من العلامات هي التي تتصل بالظهور ولكن ليست محددة بزمن الظهور، وهذه العلامات العامة مثلاً يمكن القول بأن زوال مملكة بني العباس هي من العلامات العامة، أو مثلاً بعض الروايات الموجودة بأن العلم ينضب في الكوفة ويزدهر في بلدة اسمها قم، ولكن هذا الشيء متى يكون ؟ هذا غير معلوم، أيضًا بعض العلامات العامة قد تحققت ولا إشكال وبعضها حتى الآن لم يتحقق.

ولكن الأهم هو القسم الثالث وهو قسم العلامات الخاصة أي ما ذكر في الروايات أنها متصلة بظهور المهدي (عليه السلام) والتي هي بشكل خاص السفياني واليماني والخرساني والصيحة في السماء والخسف في البيداء، هنا يوجد زمن في يوم واحد في شهر واحد، الصيحة مثلاً تتكلم عن شهر رجب وشهر رمضان قد تكون صيحة واحدة وقد تكون صيحات متعددة.

الخسف في البيداء معلوم أنه يخرج من المدينة باتجاه مكة ليعتقل الإمام المهدي (عليه السلام) فيخسف به الأرض.

هنا المشكلة تكون بالتطبيق فنحن لا نعرف هذه الأحداث المتلاحقة والمتزامنة متى ستحصل؟ من لديه العلم ؟ لا يستطيع أحد أن يدعي، إلا إذا كان هناك رجال خاصون لديهم علم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يصل إلينا.
المشكلة أين ؟ هو عندما يأتي بعض الأشخاص ليطبقوا الشخصيات في الروايات على شخصيات موجودة في الواقع، لأنه تلك العلامات ليس لازمها قيام المهدي ودولة الحق ودولة العدل الإلهي ستظهر في العام المقبل، لذا فالمخاطر التي أود التكلم بها عن القسم الثالث هي أهم.

فعندما أقول مثلاً للناس فلان هو السفياني يعني انتظروا المهدي (عليه السلام) بعد ستة أشهر أو خمسة أشهر أو ثلاثة أشهر لأن هذا موجود في الروايات وإذا قلت للناس أن فلانًا هو اليماني أو الخرساني أو أن الدوي الذي سمعناه البارحة هو الصيحة في السماء هذا وكأنني أقول انتظروا المهدي بعد أسبوع أو أسبوعين وهذا أهمية هذا الموضوع، المشكلة هنا في التطبيق، أي تطبيق بعض العناوين على بعض الشخصيات وهذا خطأ لأنه تطبيق بلا علم وهذا ظن والظن لا يغني عن الحق شيئاً لأننا لا نعلم أن هذا هو فعلاً اليماني أو الخرساني أو السفياني، ثانيًا من مخاطر هذا التطبيق أنه يؤدي إلى تضليل الناس لأنه إن كانت الراية ممدوحة وكأنك تقول للناس انصروها وإذا كانت مذمومة أي كأنك تقول للناس قاتلوها، ثالثاً وهو الأخطر عند تطبيق العناوين على الأشخاص، فعندما تموت الشخصية هذا يؤدي إلى الشك بالعلامات والأخبار والروايات، بل قد يؤدي إلى الشك بأصل الإيمان بالمهدوية وهذا الخطأ في التطبيق والمسارعة إلى التطبيقات الخاطئة وهذا من مخاطره الأكيدة.

والخطأ في التطبيق في كل زمن موجود، إما للإستغلال أو أن البعض يريد أن يضفي مشروعية على من يحب، أو البعض يريد أن تشتهر كتبه وهذا للتجارة، ولكن الأمر له مخاطر كبيرة جدًا، لذا فالتطبيق خطأ وخطئية وله مخاطر كبيرة جدًا.
مثال: في مرحلة من المراحل قالوا بأن السفياني هو صدام حسين وبأنه قام بكذا وكذا، الآن مات صدام حسين، أي أنّ السفياني ذهب، ماذا نفعل ؟ وأيضًا في العراق مثلاً قال كثيرون بأن أبو مصعب الزرقاوي الذي قام بالتكفير والقتل والذبح وسفك الدماء بأنّه السفياني وبأن راية السفياني ظهرت، واشتبه الأمر أكثر لأن السفياني يخرج من المنطقة المسماة بالوادي اليابس وهي واقعة بالمثلث بين سوريا والأردن وفلسطين، والزرقاوي كان هناك، والآن مات الزرقاوي.

المشكلة أنهم يثقِّفون العالم على هذا الأمر، والآن مثلاً أبو بكر البغدادي (زعيم داعش) هو السفياني عند بعض الناس، ولكن هو منذ يومين على بعض الروايات قد قتل 70 شخص سني من عشيرة أبو النمر وعلى بعض الروايات 200 شخص وعلى بعضها 300 بين قتل وذبح للرجال والنساء والأطفال.

مثلاً بمرحلة من المراحل كثير من الناس تأثرت براية إيران وبأن الخميني هو الخرساني باعتبار أنه سيد وأن كل إيران تعدّ خرسان، فخمين أو قم جزء من خرسان والإمام الخميني هو الخرساني وهو الذي سيسلم الراية للإمام المهدي (عليه السلام)، وقد توفاه الله تعالى، وحتى البعض ادّعى عندما رأى الإمام مريضًا في المشفى بأن المنتظري هو الخرساني، والآن توفاه الله.

والآن البعض ممكن أن يقول أن سماحة السيد القائد هو السيد الخرساني وأنا أكثر شخص أحب أن يكون الواقع هكذا، ولكن على أي دليل وعلى أي أساس وأين القرينة؟

نعم أحيانًا ممكن أن نقوم بتطبيق بعض الصفات على بعض الأشخاص ولكن تبقى في دائرة الظن وليس العلم واليقين.

وعندما نأتي إلى اليماني هناك ادّعاءات أكثر بكثير، في العراق مثلاً هناك شخصان أو ثلاثة يدعون أنهم اليماني.

حتى في لبنان بعض المحبين لحزب الله ادّعوا أن راية حزب الله هي راية اليماني وأنّ فلانًا هو اليماني، نعم ليته كذلك ولكن ما الدليل؟ ونحن مطلوب منّا أن لا نقفوا ما ليس لنا به علم.

ثانيًا الخطأ في التطبيق يؤدي إلى نتائج غير سليمة. وثالثاً تكرار الخطأ في التطبيق يؤدي إلى التشكيك في كل هذه العلامات، وهذا ما يجب أن نجتنبه بشكل حاسم وخاطئ.

والنية لا تكفي أن تكون طيبة فهذا خطأ ويؤدي إلى الحرام والخلل في الموازين.

مثلاً ممكن أن يقول شخص بأنه يضيف نوع من الشرعية والقداسة لسماحة السيد القائد؟ وهل السيد القائد يحتاج لإضافة الشرعية.

إنّما شرعيته أهم لأنها مبنية على قواعد، وسلوكه وأدائه وورعه وزهده وحكمته وشجاعته وتجربته الراقية والمشرقة هي التي تزيده محبة وقداسة عند المؤمنين.

مثلاً بعض الأشخاص يقولون بأن القتال في سوريا هو قتال للسفياني، نحن لا نحتاج إلى هذا الكلام، فهذا غير معلوم، فشرعية قتالنا يستند إلى أسس فهقية وشرعية وعملية وواقعية، ولا نحتاج إلى هذا النوع من التعبئة، نحن نقاوم في سوريا حماية للبنان ولسوريا ولفلسطين وللمنطقة ولشعوب المنطقة من الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية وهيمنة التكفيريون الذين إن أمسكوا بزمام الحكم لفعلوا بنا ما يفعله أبو بكر البغدادي بعشيرة أبو النمر.

ومن الممكن أن تكون كل القصة (أي الخرساني واليماني والسفياني) بعد خمسين عامًا وممكن أن نكون غير موجودين حينها.

ونحن لا نحتاج إلى هذا، فنحن لدينا عقل ومنطق وقواعد وأصول ومباني، ولدينا قرآن وسنة نبوية ومنهج استدلال واستنباط وأصول متينة ونبني عليها حركتنا وسلوكنا وفهمنا للأحكام الشرعية ولتكليفنا الشرعي وهذه القصص كلها التي تسنتند إلى الظنون والاحتمالات والتوهمات لا نستند إليها كما تكلمنا في الليلة السابقة بأن التبصير والضرب بالرمل والفنجان والتنجيم لا نريد هذه القصص فنحن لدينا العلم والمعرفة لذا يجب علينا أن نكون في هذا العالم حذرين ومنتبهين.

نعم يبقى لدينا احتمال وهذا لا بأس فكل شيء محتمل، مثلاً أن نقول بأن فلان المذكور في الروايات هو الشخص الفلاني والحدث الفلاني، نعم أن نقوله كاحتمال لا إشكال، ولكن المشكلة أن الاحتمالات تقدم للناس على أنها قطعيات وبأنّ هذا كلام نهائي، ويخطب فيها في الحسينيات والمساجد وتقدّم للناس وهذا خطاب تعبوي.

رابعًا فيما يتعلق بالعلامات الخاصة، (ممكن أن يقول البعض بأنك يا سيد قد صعّبتها علينا)، العلامات الخاصة بحسب الروايات والصحيح منها والمعتبر منها على اختلاف رأي العلماء في الموضوع، نعم بأنه سوف يحصل في سنة الخروج يماني وخرساني وسفياني وصيحة في السماء وخسف في البيداء، عندما نقترب من هذه العلامات لن نضيع ويكفي أن يكون لدينا معرفة بهذه العلامات، لأن هذه العلامات ستصير متلاحقة والأحداث تتلو بعضها البعض والأمور ستكون واضحة جدًا.
ثانياً وهو الأهم وهذا موجود في بعض الروايات بأنه عندما يأتي فلان ولا نعرفه، تأتي الرواية لتقول مثلاً أن السفياني لن تضيع بأمره فهو واضح جلي وبيّن ومع ذلك تكمل الرواية بأنّه لو ضيّعتم معرفة أمر السفياني لن تضيعوا بالصيحة في السماء، فتسمعها كل أذن في كل العالم، وكل أهل لغة بلغتهم، بعض الناس يقول أن النداء من السماء يعني الفضائيات، فمن الممكن الرد عليهم بأن هناك بعض البلدان لا يوجد فيها دشّ ولا فضائيات، والدوبلاج لا يستطيع أن يدبلج كل لغات الأرض في نفس الوقت، لذا فالصيحة من السماء لها عنوان وطابع المعجزة وهي العلامة الحاسمة، فإذا أضعنا أي علامة تأتي الصيحة لتكون علامة واضحة لا يضيع فيها أحد.

والعنوان ما قبل الأخير بحديثنا هو موضوع التوقيت، بأن البعض يأتي ليوقّت الظهور، وكأنّه يعلم علم الغيب، مثلاً بأنه بعد ستة أشهر أو يوم الجمعة بكذا وكذا، أو في 21 صفر، هذا كله كذب ومن يقول هذا هو كاذب وبدون احتياط وبكل بساطة أقولها.

أئمتنا (عليه السلام) نهوا عن هذا ونقلوا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) النهي عن ذلك، في الرواية عن الإمام الصادق (عليه السلام): "يا أبا محمّد إنّا أهل بيت لا نوقّت" وقال النبي محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم): "كذب الوقاتون" وهذا محسوم بالنهي عن التوقيت والنفي عن التوقيت وكذب الوقاتين والروايات كثيرة في ذلك، وأيضًا ورد في الرواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) لمحمد بن مسلم: يا محمد من أخبرك عنا توقيتًا فلا تهابنّ أن تكذّبه وإنّا لا نوقّت لأحد وقتًا".

ومن أخطر المسائل في هذا الملف هو موضوع التوقيت، من أين جاء به؟

فلان مثلاً رأى منامًا وقلنا بأن المنام ليس حجة، أو العالم الفلاني قال كذا، من أين أتى به؟ في بعض الروايات أن أمر الظهور هو علم يختص بالله ولا يعلمه غيره، وأن هذا من علم الساعة، وبعض الناس يتجرأ حتى إلى هذا المستوى ويقول بالتوقيت ويصنع سيناريو للخروج.

إذًا النقطة الأولى بالعنوان الأخير هو نفي التوقيت بشكل مطلق والنهي عن التوقيت وتكذيب من يوقّت، فحتى لو أتى أحد عندنا ليقول بالتوقيت فننهاه عن ذلك، والحكمة منه والله العالم قد يكون هو لمنع التضليل.

والنقطة الثانية في هذا العنوان بعد النهي عن التوقيت، هو ما يفعله البعض بالتوقيت أو شبه التوقيت ليقول للناس مثلاً أحقيقة أنتم منتظرون للمهدي (عليه السلام) وقيام دولة العدل؟ هذا أمر طويل ولا يوجد شيء بالقريب بل هو أمر بعيد، هذا أيضًا هو توقيت وتيئيس للناس وهذا أيضًا خاطئ. وقد ذكرت سابقًا بفوائد العلامات أنه عندما بدأ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بذكر العلامات لما بعد وفاته ومن فوائد هذه العلامات هو الأمل أنّنا نقترب، ولكن عندما تقول لأحد بأن وقت الخروج أقلها بعد 200 سنة وشخص آخر يقول بأن الظهور مثلاً الأسبوع القادم، كلتا الحالتين هو كلام بلا علم وهو خاطئ وله مخاطر فكرية وعقائدية ونفسية، فإمّا يؤدي إلى التيئيس والإحباط وإمّا إلى النكران.
فما هو التعاطي السوي بحسب التوجيه والروايات؟ وهذه النقطة الأخيرة.

نحن فيما جاءنا من أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وفيما جاء في القرآن لدينا عقيدة قاطعة وحاسمة بأن مستقبل الأرض هو مستقبل غلبة التوحيد وغلبة الدين الإلهي والمستضعفين وأن مستقبل الأرض هو مستقبل الحكمة والرخاء والرفاه، وبالتالي كلما جاهد وناضل وضحى وجهد لأجله وجاء به أنبياء الله (عليهم السلام) طوال التاريخ سيتحقق على مستوى الدنيا قبل مستوى الآخرة.

وما جاءنا من أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما ثبت لدينا بأنه صحيح ومقبول ومن الممكن أن يعوّل عليه ننتظره وأثناء انتظارنا لا نوقّت، نعم التعاطي الصحيح مع الأمر هو كالتالي: بأن ننتظر الأمر صباح مساء، فلا نستبعده فهو محتمل كل ليلة وكل ساعة وكل يوم، والأمر أيضًا خاضع لمشيئة الله سبحانه وتعالى فإذا شاء الليلة أن يحقق وعده لحققه، فهل يد الله مغلولة؟ كلا، لذا فعلى مدار الساعات والأيام والأسابيع والشهور والسنين ممكن أن يشاء الله تحقيقه، هل نحن نعلم الغيب؟ هل نحيط علمًا بما يريده الله؟ لذا يجب أن ننتظر الأمر صباح مساء، وأن ندعو الله تعالى أن يقربه ويعجله.

وهذا الفهم السوي والإحساس السوي.

ومن الممكن هناك أن يقول بعض العلماء أن هذا الأمر لن يكون قبل السفياني والخرساني واليماني والصيحة وكذا، حتى في الروايات تقسمت العلامات إلى قسمين محتومة وموقوفة غير محتومة أي ممكن حصولها وعدمه.

ولكن كل شيء خاضع لإرادة الله تعالى كما في قوله (يمحو الله ما يشاء يثبت) ولا سيطرة على إرادته وعلمه وحكمته سبحانه وتعالى، وما هو غير محتوم خاضع لهذا، أما ما هو محتوم أيضاً بعض العلماء يقولون بأنه يخضع لقاعدة يمحو الله ما يشاء ويثبت أي ممكن أن تحصل وممكن أن لا تحصل، هناك رواية يُسأل فيها الإمام الجواد (عليه السلام) هل السفياني من المحتوم؟ قال نعم من المحتوم، فقال هل يخضع ليمحو الله ما يشاء ويثبت؟ قال نعم، فقال هل المهدي يخضع؟ قال له لا، فالمهدي من الميعاد والله لا يخلف الميعاد.

حتى البعض هناك يناقش بالرواية ولو قلنا أن ما هو محتوم سيتحقق والتفاصيل غير محتومة فيمكن في ليلة واحد أن يُخرج الله اليماني والسفياني والخرساني ويُخرج جبرئيل للصيحة في السماء ويأذن الله بظهور وليه المخفي في خلقه لتحقيق الوعد الإلهي، ويكفي أن يكون لا مانع من هذا الأمر حتى يكون بالنسبة لنا مقبول.

وهذا هو معنى أن نترقّب وأن ننتظر وأن ندعو وأن نحضر وأن نمهّد وأن نتوقع هذا الأمر صباح مساء.

والآن نكتفي بهذا المقدار وأعتقد أن الفكرة صارت واضحة جدًا، وهذا الملف الذي هو على درجة عالية من الحساسية في الزمن الحاضر والذي هو مادة كبيرة جدًا لكثير من الذين يحاولون بأن يسيئوا الاستفادة منه سياسياً وثقافيًا وتجاريًا، أطلب من الناس الطيبين أهل الرجاء وأهل الأمل والانتظار، بناءً على ما شرحت وقدّمت يجب أن نحرص على أن يكون تعاطينا مع هذا الأمر يستند إلى أدقّ وأفضل الموازين العلمية والشرعية والعقلية وأن لا نجنح لا إلى عالم الخرافات ولا إلى عالم الأساطير ولا إلى استخدام كل الطرق التي لا توصل إلى علم ولا تكون حجة بيننا وبين الله تعالى.

الحسين (عليه السلام) فعل كذلك وأخبره جده (صلى الله عليه وآله وسلم) وهذه القصة معروفة عن أم سلمة، فالإمام الحسين (عليه السلام) قام بتكليفه.

بعض الأشخاص كل شغلهم هو درس العلامات نعم أهل الاختصاص من الجيد أن يدرسوا العلامات ولكن نحن لدينا مسؤولية وتكليف شرعي وهذا من أهم دروس الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء.

السلام عليكم يا سيدي يا أبا عبد الله يا أبا عبد الله الحسين يا بن رسول الله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك عليكم مني جميعًا سلام الله أبدا ما بقيت وبقي الليل والنهار، ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم.

السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين .

والسلام عليكم جميعًا ورحمة الله وبركاته.

للإستماع إلى كلمة سماحة السيد حسن نصر الله حفظه الله في المجلس العاشورائي - الليلة التاسعة من محرم 1436هـ

2014-11-01