يتم التحميل...

قراءة العارفين

السيد مصطفى الخميني

قول: في أهوال القيامة وأحوالها وشدائدها وكيفية العذاب والعقاب، أخبارٌ كثيرة1، لا يناسبها المقام، وإنما المقصود بالأصالة الإيماء والإشارة إلى بعض الجهات الواردة على بعض أهل الإيمان، وإلى أنّ مجرّد قراءة مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ غير جائزٍ عند أرباب اليقين،

عدد الزوار: 16

أقول: في أهوال القيامة وأحوالها وشدائدها وكيفية العذاب والعقاب، أخبارٌ كثيرة1، لا يناسبها المقام، وإنما المقصود بالأصالة الإيماء والإشارة إلى بعض الجهات الواردة على بعض أهل الإيمان، وإلى أنّ مجرّد قراءة ﴿مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ غير جائزٍ عند أرباب اليقين، بل لا بدّ وأن تكون القراءة مشفوعةً بالحالات والآثار، فيكون ناظراً من أوّل الشّروع فيها، ومتفكّراً في التّذكّر بها، إلى أن يكون من أصحاب اليمين من المتّقين، في استجلاب الصّفات الحسنة التي بها تصير الذّات محسنةً وكاملةً ومستكفيةً عن غير الله تعالى، فتكون خائفةً من الله، ومن عقوبته يوم الدّين، وشدائده، وأهواله، وحياء العرض على مالكه، فإنّ ذلك أمرٌ عظيمٌ جداً، والافتضاح على رؤوس الأشهاد.

ومن ذلك ما روي من غشية الصّادق عليه السلام، عند تكرار ﴿مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ2، وما روي عن السّجاد عليه السلام: أنّه إذا قرأه يكرّره حتّى كاد أن يموت3.

وبالجملة: للعارفين عند ذكر أسماء الله تعالى، حالاتٌ سنيّةٌ، ولذّاتٌ فاخرةٌ، وتفرّجاتٌ عاليةٌ في متنزّهات دار الجلال، وتأنّساتٌ ناعمةٌ من تجلّيّات أنوار صفات الجمال في دار الوصال.

وبالجملة، بعد التّوجه إلى الله تعالى، وربوبيّته، ورحمته الرّحمانية والرّحيميّة ومالكيّته، يسير في هذه الأسماء في جميع العوالم، من مبدئها إلى منتهاها، ويتفرّج بالتّدبّر في مالكيّته ليوم العقوبة والدّين في تفاصيل عوالم القيامة، ويتوجّه إلى أنّ جميع صفاته الجلاليّة فانيّة في الجماليّة، وفي الخبر: "قد سبقت رحمتُه غضبَه"4، فلا يكون للعارف الكامل خوفٌ من ناره وجحيمه، بل خوفه من نار فراقه وطول عكوفه عليه، فإذا وصل نوبة قراءته إلى ﴿مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ، تفزع وتضطّربُ جميع أعضائه ومراتبه، حتّى يغشى عليه، ولكنّه طليعة تضمحل بظهور جلوات رحمته ورأفته ولطفه ومحبته5.

* من كتاب بصر الهدى، سلسلة وصايا العلماء، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.


1- راجع بحار الأنوار ، ج 7، كتاب العدل والمعاد، أبواب المعاد، الباب 3 9.
2- انظر: ابن طاووس، فلاح السائل، ص 107، و الفيض الكاشاني، المحجة البيضاء، ج 1، ص 352.
3- الكليني، الكافي، ج 2 ، ص 440.
4- الفيض الكاشاني، علم اليقين، ج 1، ص 57.
5- الخمينيّ، الشّهيد السّيّد مصطفى، تفسير القرآن الكريم، ج 1، ص 454- 457.

2014-02-06