يتم التحميل...

الهدى والضّلال ودرجاتهما

السيد مصطفى الخميني

فيا أيّها العزيز، قد اهتدينا بهداياتكم البليغة، وإرشاداتكم الرّشيدة، فشكراً لكم وجزاكم الله جزاء المحسنين. ونرجو من الله ومن وليّه الصّالح وبقيّته في الأرض أن يمنّ علينا، ويمدّنا ويعيننا حتى لا نضلّ ولا نشقى،

عدد الزوار: 9

﴿ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ1.

 فيا أيّها العزيز، قد اهتدينا بهداياتكم البليغة، وإرشاداتكم الرّشيدة، فشكراً لكم وجزاكم الله جزاء المحسنين. ونرجو من الله ومن وليّه الصّالح وبقيّته في الأرض أن يمنّ علينا، ويمدّنا ويعيننا حتى لا نضلّ ولا نشقى، فإنّ الشّياطين من كلّ جانبٍ تحيط بنا، وتمرّ علينا في كلّ صباحٍ ومساءٍ، وتدعونا إلى الشّرور والسّيّئات، ولا تقنع إلا بالكفر والنّفاق، وبعد أن نشتري الضّلالة بالهدى، فإنّ الضّلالة والهدى ذوا مراتب كثيرةٍ، ومن كان في الدّرجة الثّانية من الهداية، الّتي هي ذات درجاتٍ عشرٍ، فقد اشترى ثماني درجاتٍ من الضّلالة بالهدى...

وهكذا إلى أن يكون في الدّرجة العاشرة، فإنّه - عندئذٍ - باع الضّلالة بالهدى، فأصبح من المؤمنين الموقنين، ومن أصحاب اليمين ومن المقرّبين. فتكون تجارتهم رابحةً، ومن المهتدين حسب الحقيقة والواقع النّفس الأمري. فيا أخي ويا شقيقي: ألا ولا تظنّ أنّ مجرّد الإيمان بالله وباليوم الآخر والإقرار بالإسلام وعقد القلب على أحكامه يكفيك، فإنّ الضّلالات ودرجاتها هي الدّنيا، وحبّها هي الدّنيا، ومراتبها من زخارفها ومشاغلها ولذاتها وكيفيّاتها، وما دام القلب - الذي هو عرش الرّحمن - فيه حبّها وحبّ مظاهرها وجمالاتها وكمالاتها، فهو في الضّلالة، وهو من الذين اشتروا الضّلالة بالهدى، فلا بدّ وأن تقوم قياماً لا فتور فيه، وتنهض نهوضاً لا ضعف ولا مرض ولا عرض يعتريه، حتى تتمكّن من إخراج الشّبهات الإبليسيّة والتّسويلات الشّيطانيّة والوهميّة.. إلى أن تتمكّن من إخراج حبّ المقام والجاه والبقاء، حتّى تتجافى جنوبكم عن المضاجع، ولا تكون من الخالدين.

* من كتاب بصر الهدى، سلسلة وصايا العلماء، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.


1- سورة يوسف، الآية 88.

2014-01-16