يتم التحميل...

الموت والحياة

السيد مصطفى الخميني

علم أنّ الكفر من جنود الشّيطان، وأعظم جندٍ في العالم الإنسانيّ والمحيط البشريّ، وضدّه الإيمان، وأمّا الحياة والممات فهما من جنود العقل، ولذلك لم يذكر في حديث سماعة بن مهران المشتمل على جنود العقل والجهل البالغ

عدد الزوار: 8

اعلم أنّ الكفر من جنود الشّيطان، وأعظم جندٍ في العالم الإنسانيّ والمحيط البشريّ، وضدّه الإيمان، وأمّا الحياة والممات فهما من جنود العقل، ولذلك لم يذكر في حديث سماعة بن مهران المشتمل على جنود العقل والجهل البالغ جندهما إلى أكثر من سبعين، لم يذكر فيه الموت من جنود الجهل، فالموت ليس شيئاً مذموماً ولا صفةً شيطانيّةً، ولأجل ذلك عدّ خلق الموت والحياة من صفاته تعالى، فقال: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ1، وقد قدّم الموت عليها، كما قال هنا: ﴿وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ2. فيا عزيزي وشقيقي ويا قرّة عيني وثمرة فؤادي: كيف تكفرون بالله؟! وكيف تكفرون بهذا الموجود العزيز الرّؤوف بالعباد، الذي يهتمّ بهداية البشر نهاية الاهتمام، بإرسال الرّسل وإنزال الكتب وتحمّل رسوله المصائب والبلايا، والمتصبّر في ذات الله سنين كثيرةٍ؟! فكيف تكفرون ولا تذعنون إذعاناً لا باللّسان والألفاظ، ولا بالعلم والعقل، بل بالقلب والرّوح؟! وكيف لا تؤمنون بهذا الإله الخلّاق القادر العالم الذي يقلّبكم مراراً من الموت إلى الحياة، ليصير وجودكم كاملاً حيّاً باقياً بالحياة الطّيّبة الأبديّة، وباقياً بالبقاء الشّامخ السّرمديّ، والّذي يراعي حياتكم بخلق هذه الأنظمة العالميّة والأكوان السّفليّة والعلويّة، والذي يخلق لكم ما تحتاجون إليه من بدوّ ظهوركم في الأصلاب إلى أن تنتقلوا إلى الأرحام، ثمّ إلى الدّنيا والبرزخ والعقبى، فهيّأ لكم تمام الأسباب، وسوّى لكم جميع الحوائج والشّرائط بأحسن النّظام وأسهل الأمر؟! فكيف ترضون بالكفر به وإنكاره وجحوده عبادةً وقولاً ونفساً وروحاً وقلباً؟! ولأيّة جهةٍ تختارون الباطل عليه، وتسيرون سيراً ضد الفطرة، وعلى خلاف الهداية والسّعادة. فعليكم بالتّدبّر والتّفكّر في ألطافه ومراحمه ورأفته ومحبّته، مع غاية استغنائه عنكم، وعن خلقكم وخلق ما في الأرض وما في السّماء، ونهاية بعده عمّا بين أيديكم من الأشياء الخطيرة والمحقّرة، فهل من العدل والإنصاف، أو من شرط التعقّل والإدراك، التغافل عنه والغفلة عن نعمه، بصرف النّظر إلى غيره، ولفت التوجّه إلى ندّه وضدّه؟! كلّا والقمر، حاشا والبشر. فيا أيّها العزيز والأخ في الله: قوموا عن نومتكم، واستيقظوا من غفلتكم، وتوجّهوا وأنيبوا إلى ربّكم، وأسلموا له ولا تكفروا كفراً ولا كفراناً، ولا تلدوا فاجراً ولا كفّاراً3.

* من كتاب بصر الهدى، سلسلة وصايا العلماء، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.


1- سورة الملك، الآية 2.
2- سورة البقرة، الآية 28.
3- الخمينيّ، الشّهيد السّيّد مصطفى، تفسير القرآن الكريم، ج 5، ص 179 -180.

2013-12-27