يتم التحميل...

زوال الفساد عن طريق الحكومة الإلهيّة

السيد مصطفى الخميني

يا أيّها العزيز، ويا أخا الحقيقة، ويا رفيقي الأعلى وشقيقي في الله: إذا قيل لكم: لا تفسدوا في الأرض وفي هذه النّشأة، فانتهوا وامتثلوا أوامر مولاكم ونواهيه، ولا تفسدوا فيها بارتكاب المحرّمات والمعاصي وترك الواجبات،

عدد الزوار: 23

يا أيّها العزيز، ويا أخا الحقيقة، ويا رفيقي الأعلى وشقيقي في الله: إذا قيل لكم: لا تفسدوا في الأرض وفي هذه النّشأة، فانتهوا وامتثلوا أوامر مولاكم ونواهيه، ولا تفسدوا فيها بارتكاب المحرّمات والمعاصي وترك الواجبات، ولا توجبوا الاختلال في النّظام الكلّيّ والجزئيّ، ولا تخلّوا في أركان سياسة المنزل والبلاد إلى سياسة الملك والمملكة الإسلاميّة والإنسانيّة.

وحافظوا على النّظامات المحرّرة الإلهيّة في جميع الشؤون الشّخصيّة والنّوعيّة، ولا تكونوا من المفسدين في الأراضي والصّياصيّ1 الربانيّة، فلا تتجاوزوا في أرض بدنكم وأرض الله تعالى إلى محارمه وحدوده، فتكونوا من الهالكين. فإنّ هذه الصّياصيّة والأراضي المتّصلة والمنفصلة والجزئيّة والكلّيّة، مقرّ الأمانات الإلهيّة والتّكاليف الغيبيّة والوظائف الشّرعيّة، ومحطّ تنفيذ هذه الودائع الرّبّانيّة، فعليك الإصلاح وتطبيقها حتّى تعدّ من المصلحين، وتسمّى بالمصلح الكبير على وجه الحقيقة والأحقّيّة، دون الدّعوى والمجاز ومجرّد التّسويل والخيال، كما ترونها اليوم بالنّسبة إلى رجالات السّياسة، فإنّهم اقتنعوا بذلك، فسرقوا ألقابهم، وهم مفسدون في الأرض، ولكن لا يشعرون بأنّ الشّعب والمِلل يعلمون فسادهم في جميع الزّوايا والأقطار، وفي كافّة الأمصار والأعصار. فالمصلح الكبير الذي تشهد بمصلحيّته الأمّة الإسلاميّة، هو القائم بالوظائف الفرديّة والاجتماعيّة والسّياسات المدنيّة وغيرها، وهو الذي ينهض لتنجيز الآمال والطّموحات، وتحقيق الحكومة الإسلاميّة والمدنيّة الإلهيّة الفاضلة، حتّى تكون هذه النّشأة بجميع شؤونها مرآةً كاملةً للنّظام الرّبّانيّ، الذي هو من رشحات النّظام الإلهيّ والذّاتيّ. فأحسن الأنظمة والنّظامات القابلة للاعتماد عليها، والكافلة لسعادات البشر وغيره بأنواعها الدّنيويّة والأخرويّة، هي المنظّمة والحكومة الّتي تكون انعكاساً عن الحكومة الإلهيّة التّكوينيّة، في نشآت الغيب والشّهود ومراتب الملكوت والنّاسوت، فاللّهم ارزقناه بظهور الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف2.

* من كتاب بصر الهدى، سلسلة وصايا العلماء، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.


1- الصياصي: الحصون والقلاع وكل ما امتنع بها، وصياصي الجبال: أطرافها العالية.
2- الخمينيّ الشّهيد السّيّد مصطفى: تفسير القرآن الكريم، ج 3، ص 431- 433.

2013-12-25