الخطبة ومنشأ الاصطلاح

من الشائع في مجتمعاتنا إطلاق "الخطيب" على من تقدم للزواج من فتاة، كما يطلق عليها "خطيبة" أو "مخطوبة"، ويبقى هذا المصطلح سارياً إلى حين زفافهم، بعدها يصبح الاصطلاح العرفي زوج وزوجة.

فما هو منشأ اصطلاح الخطيب والمخطوبة؟
يقال: كان من عادة العرب حينما يقدم الرجل على الزواج من فتاة، يذهب إلى ذويها برفقة عائلته أو عشيرته، وهناك يقوم ويخطب معرِّفاً عن نفسه، طالباً يد الفتاة بخطبته، لذا كان يقال: جاء فلان وخطبه، فهو خطيبها وهي مخطوبته.

الخطوبة بين السرّ والعلن
قد يقدم الشاب على طلب يد الفتاة، دون أن يكون قد أحرز سابقاً موافقة أهلها على ذلك، بل موافقتها في بعض الأحيان، وعليه فقد يتم رفضه، وهذا ما قد يسبب نوعاً من الحرج، وإثارة الأسئلة حول الموضوع، ولعله لأجل ذلك نبَّه رسول الله صلى الله عليه واله كما ورد عنه إلى عدم الإعلان عن الخطبة في أول الأمر فعنه صلى الله عليه واله : "أخفوا الخطبة"^1.

أما حينما تتم الموافقة، والاتفاق على عقد الزواج فإن الأمر ينعكس، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه واله : "أشيدوا بالنكاح وأعلنوه"².

لا تخطب هؤلاء
نهى الإسلام الشاب عن التقدم بطلب يد بعض النساء اللواتي هنَّ في دائرة الارتباط بغيره. ففضلاً عن حرمة الحديث مع المرأة المتزوجة بهذا الأمر، بحيث يغريها بالزواج منها في حال طلاقها من زوجه، فإن الشرع الحنيف لم يجوِّز التعرض بالخطبة، ولو بالإشارة للمرأة المطلقة خلال عدتها الرجعية؛ لأنها ما زالت من جهة ما مرتبطة بمطلِّقها الذي يجوز له أثناء العدة أن يرجع إليها ويتزوجها من دون عقد جديد. وبالتالي فهي بحكم المتزوجة في هذا الأمر.
كما نهى رسول الله صلى الله عليه واله في بعض ما ورد عنه أن يتقدم الشاب بخطبة فتاة تقدم غيره لخطبته، ولم يتم الرفض، بل تم القبول، أو ما زالت الأمور عالقة، فعنه صلى الله عليه واله : "لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك"³.

الخطوبة قبل عقد الزواج
شاع في بعض المجتمعات ومنه مجتمعنا في لبنان أن يتقدم الشاب بخطبة الفتاة وطلب يده، ثم بعد ذلك بفترة قد تطول يتم عقد الزواج، وكأن هذا الأمر هو نوع من نوع من حجز العروس للعريس، حتى لا يتقدم آخر لخطبته، لذا قامت بعض الأعراف على إلباس العروس محبساً سمى بمحبس الخطوبة، وكما قلت قبل عقد الزواج.والشرع الإسلامي، وإن كان لا يمانع أصل هذا الموضوع، إلا أنه يُحذِّر من ترتيب أي أثر شرعي عليه، فلا هي تصبح حلالاً له كزوجة، ولا هو كذلك، بل يبقى كل منها أجنبياً عن الآخر.

الخطبة المواكبة لعقد الزواج
حافظ رسول الله صلى الله عليه واله على أن يسبق العقد خطبة، لكنه صلى الله عليه واله جعلها في إطار تعزيز رسالة الإسلام، وتحقيق غاياته في المجتمع، وهذا ما نلاحظه في المضامين العالية التي وردت عن النبي صلى الله عليه واله وأهل بيته عليهم السلام في خطب الزواج الصادرة عنهم.

^{*كتاب دليل العروسين1-الشيخ أكرم بركات}

^{1- الوحيدي، محمد، أحكام الأسرة، ط1، بيروت، دار المصطفى العالمية، 2010، ج1.
2- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج 138، ص 45.
3- الطوسي، أبو جعفر، المبسوط، ط2، طهران، الحيدرية، 1388، ج4، ص 218.}