يتم التحميل...

بركات وفوائد الزواج

العلاقات الزوجية

يُعتبر الزواج عاملاً لإيجاد السكن والإطمئنان النفسي لدى كلٍّ من الرجل والمرأة. ولذلك نجد أحدهما ناقصاً دون الآخر. وهما في الحقيقة يُشكِّلان وجوداً متكاملاً، إذ يستند كلٌّ منهما إلى شريكه. .

عدد الزوار: 16

28- الزواج سكن للنفس:
يُعتبر الزواج عاملاً لإيجاد السكن والإطمئنان النفسي لدى كلٍّ من الرجل والمرأة. ولذلك نجد أحدهما ناقصاً دون الآخر. وهما في الحقيقة يُشكِّلان وجوداً متكاملاً، إذ يستند كلٌّ منهما إلى شريكه. يقول تعالى:

 ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً...1
 
ويقول سماحة الإمام الخامنئي دام ظله:
"عندما يُنهي الزوج والزوجة عملهما اليوميّ، أو يلتقيان في منتصف اليوم ويرى أحدهما الآخر، كلٌّ منهما يتوقّع من الآخر أنْ يكون قد تمكّن من جعل الوسط العائليّ وسط فرح ونشاط وإزالة للتعب، وهذا التوقّع في محلّه. إذا استطعتم افعلوا ذلك حيث ستكون الحياة هانئة"2.

"الكائن البشريّ يبحث في الجوّ المضطرب الناشئ من الاصطدام القهريّ، يبحث عمّا يلجأ إليه. إذا كان هناك زوجان في هذا الاضطراب يلجأ أحدهما إلى الآخر، فالزوجة تلجأ إلى زوجها، والزوج يلجأ إلى زوجته.

الرجل في معترك الحياة يحتاج إلى لحظات سكينة، لكي يتمكَّن من شقّ  طريقه، متى تكون لحظة السكينة تلك؟ إنَّها الأوقات التي يقضيها في وسط مُفعم بالمحبّة والحنان العائليّ مع زوجته التي تتودّدُ إليه، ويشعر بجنبها بأنّهما وجود واحد. اللحظة الّتي يلتقي فيها بزوجته تلك هي لحظة الراحة والسكينة"3.

"المرأة في زحمة حياتها الإنسانيّة تواجه أزمات واضطرابات، سواء كانت مشغولةً في خارج منزلها بالأنشطة المختلفة كالفعاليّات السياسيّة والاجتماعيّة وغيرها، أم في منزلها حيث لا تقلّ مسؤوليّاتها أهميّةً عن العمل خارج المنزل. وحين تواجه المرأة بعض المشاكل في هذا المعترك، ولمّا كانت روحها رقيقة، فإنّها أحوج ما تكون إلى السكينة والراحة والاعتماد على شخص موثوق، وليس هو إلا الزوج"4.

29- المشاركة في الهموم, مساعدة حقيقية:
" المساعدة الحقيقيّة للآخر، هي أن يُزيل كلٌّ منهما الهموم عن قلب صاحبه. فكلُّ إنسان مُعرّض للهموم في مسيرة حياته، حيث يصيبه همّ أو مشكلة أو تردّد أو إبهام، فعلى كلٍّ من الزوجين – في هذه الحالة – أن يُسارع إلى مساعدة الآخر، لكي يُزيل الهمّ عن قلبه ويُرشده ويتدارك خطأه، أو يمنعه إذا لاحظ أنّه في طريقه إلى الوقوع في الخطأ "5.

30- كلا الزوجين زينة للآخر:
مثلما يوضِّح القرآن أنّ كُلاًّ من الرجل والمرأة عاملُ استقرار للآخر يؤكّد كذلك أنّ‏َ كلاًّ منهما زينة للآخر، يقول تعالى: ﴿... هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ...6.  

و"لباس" هنا ثلاثة:

أحدها هو "الزينة"، فيكون المعنى هو أنّ المرأة زينة للرجل مثلما اللّباس زينة له، ونفس الأمر يصدق على الرجل بالنسبة للمرأة.
والمعنى الآخر للآية هو أنّ الزواج يُحصِّن الرجل والمرأة من الانحراف.

والمعنى الثالث هو أن كلاٍّ من الرجل والمرأة سترٌ للآخر.

31- موطن السلوى والسرور:

إضافةً إلى كون كلٍّ من الزوجين سكناً وزينة للآخر، فإنّ كلّاً منهما سلوى وعامل للترفيه عن شريكه، وأفضل عامل في هذا المجال إذا كان البيت هو حقّاً كما يُريده الإسلام، وكان سلوك كلٍّ منهما على وفق تعاليمه.

ولهذا يقول النبيُّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم:"ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة تسرُّه إذا نظر إليها "7.

ويُروى أنّ رجلاً جاء إلى الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأخبره أنّ لديه زوجة تتعامل معه على وفق تلك الصورة المتقدِّمة، الباعثة للسرور في قلبه، المزيلة للتعب والنَصَب عنه، فقال‏ صلى الله عليه وآله وسلم:"... خيرُ نسائكم... الهيّنة الليّنة المؤاتية التي إذا غضب زوجها لم تكتحل(عينها) بغمض، حتّى يرضى وإذا غاب(عنها) زوجها حفظته في غيبته، فتلك عامل من عمّال الله وعامل الله لا يخيب"8.

يقول وليّ أمر المسلمين السيّد علي الخامنئي دام ظله:
"الزواج والإستقرار في كنف العائلة، إحدى الفرص المهمّة في الحياة، فهو وسيلة للإطمئنان والراحة النفسيّة، ومبعث للنشاط في الحياة وإزاحة للهموم، ووسيلة للحصول على مشاطرة الهموم، وهو أمرٌ ضروريٌّ طيلة الحياة.
 

وبغضِّ النظر عن الحاجة التكوينيّة للإنسان – وهي حاجة الغريزة الجنسيّة – فإنَّ مسألة الإنجاب والأُبوّة هي من السعادات الكبيرة أيضاً في هذه الدنيا.

إذاً تُلاحظون أنّه، وبالنظر إلى كلا الطرفين، فإنّ الزواج أمرٌ مبارك، وظاهرة مفيدة جدّاً، وأهمّ فائدة تُرجى من الزواج هي تكوين الأُسرة، وأمّا بقيّة الأُمور فهي فرعيّة وتأتي في الدرجة الثانية، أو أنّها تُعزِّز تلك المسألة، مثل الإنجاب وإشباع الغرائز البشريّة، هذه كلُّها تقع في الدرجة الثانية. وتكوين الأُسرة هو الذي يقع في الدرجة الأولى"9.

"فقِوام العالم بالزواج، وانتقال الحضارات والثقافات، وثبات واستقلال المجتمعات سواء بلحاظٍ سياسيّ أم باللِّحاظات الأُخرى هو بالزواج أيضاً، وللزواج بركات أُخرى كثيرة"10.

32- فرصةٌ لاستعادة النشاط:
ويقول دام ظله:
"في الأسرة يستطيع الرجل والمرأة – اللذان يعيشان كزوجين – أنْ يستعيدا نشاطهما ويُعدّان نفسيهما لمواصلة الطريق. تعلمون أنّ الحياة كفاح. كلّ الحياة عبارة عن جهاد طويل الأمد، صراع مع العوامل الطبيعيّة والموانع الاجتماعيّة، وجهاد مع النفس، فالإنسان دائماً في حالة صراع، كما أنّ البدن في صراعٍ أيضاً مع العوامل الضّارّة. فعندما تكون القدرة على الصِّراع موجودة في الجسم فهذا يعني سلامة الجسم، ولا بُدَّ أنْ يكون هذا الصِّراع صحيحاً ومنطقيّاً، وهذا الصِّراع في الاتِّجاه وفي السلوك، وفي الوسائل، هذا الصِّراع يحتاج أحياناً إلى استراحة، وأحياناً إلى القوّة العضليّة، وفي هذه الرحلة وهذه الحركة تكون نقطة الإستراحة هي الأسرة بلا شكّ"11.

33- تكوين الاسرة:

إنّ تكوين الأسرة بحدِّ ذاته أمرٌ هامٌّ جدّاً، وله في الإسلام أبعاد لا يُمكن احصاؤها ولا تعداد فوائدها ويصغر في مقابلها أمر تلبية الغريزة على الرغم من أنّه مطلوب في قناته الصحيحة وحيثما أراده الله تعالى.

ويقول دام ظله:

"مسألة الزواج وتكوين الأسرة مهمّة جدّاً في الشّرع المقدّس، ولها فوائد كثيرة، إلا أنّ أهمّ فائدة وهدف للزواج هو عبارة عن تكوين الأسرة، فنفس تلك العُلْقَة الزوجيّة وتشكيل وحدة جديدة هي الّتي تكون سبب راحة الرجل والمرأة، وسبب لكمال وتمام شخصيّتهما. وبدونهما فهناك نقص في المرأة والرجل. وكلّ المسائل الأخرى هي فرعٌ لهذه المسألة، فإذا كان هذا التجمُّع سليماً وثابتاً فسيكون له تأثير على المستقبل وعلى الوضع الراهن للمجتمع"12.

"الزواج في الحقيقة هو بوّابة الدخول إلى تكوين الأسرة، وتكوين الأسرة هو الأساس لكلِّ تربية اجتماعيّة وإنسانيّة"13.
"الأصل في الزواج عبارة عن ذلك الارتباط والعلاقة بين البنت والابن وتكوين الأسرة. فهذا المقدار: أي أن يرى البنت والإبن أحدهما الآخر، وتجري صيغة العقد الشرعيّ ويُصبحا زوجاً وزوجة، فقد تكّّونَ جمعٌ جديد وتشكّلت أسرة، والشارع المقدّس يُحبُّ الأسرة المسلمة السليمة، ففي تكوين الأسرة بركات كثيرة تؤمِّن حاجات الزوج والزوجة ويستمّر التنوُّع البشريّ.
نفس إيجاد الأسرة وتكوين جمع جديد أهمُّ من كلِّ شيء. أساس خلقة المرأة والرجل أن يعيشا معاً في كيانٍ واحد، ويُكوِّنا خليّة لكي تكون الحياة مريحة وخالية من القلق، تؤمَّن فيها احتياجات الإنسان، فإذا لم يحصل ذلك فإنَّ هناك نقصاً مهمّاً في أساسيّات الحياة"14.

تهذيب النفس البشريّة:
ومن الفوائد المهمّة للزواج أنّه عاملٌ قويٌّ ومساعدٌ على برنامج الإسلام في تهذيب النفس وتحلّيها بالأخلاق الفاضلة وتخلّيها عن الأخلاق الرذيلة.

يقول النبيُّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم:"أيُّما شابّ تزوّج في حداثة سنّه عجّ شيطانه: يا ويله! عصم مني دينه"15.

وفي الحديث:

"إذا تزوّج العبد فقد استكمل نصف الدين، فليتّق الله في النصف الباقي"
16.
وروي: "منْ تزوّج فقد أُعطي نصف العبادة"17.

وعن مولانا الصادق عليه السلام:"إنَّ ركعتين يصلّيهما رجلٌ متزوّجٌ أفضل من رجلٍ يقوم ليله ويصوم نهاره أعزب"18.

وفي حديثٍ عن نومِ المتزوِّج وما أعطاه الله تعالى عليه يقول رسول الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم:"المتزوِّج النائم أفضل عند الله من الصائم القائم العزب"19.

34- دخول الجنّة:

وبالطبع اذا هذّب الإنسان نفسه دخل الجنّة، وأرضى ربّه، وأسخط عدوّ الله وعدوّه،

ويقول دام ظله:
الزواج وانتخاب الزوج يؤثِّر أحياناً في مصير الإنسان. كثيرٌ من النساء اللّاتي يُدخِلنَ أزواجهنّ الجنّة وكثيرٌ من الرجال الذين يُدخِلون زوجاتهم الجنّة،
ويوجد عكس ذلك أيضاً. إذا عرف الزوج والزوجة قيمة الأسرة واهتمّا بها سيكون العيش في أمن وراحة، ويتحقّق الكمال البشريّ للمرأة والرجل في ظلّ الزواج الموفّق"20.
 
"أحياناً يصل الرجل إلى مفترق طرق في نشاطاته الحياتيّة، لا بُدَّ أنْ يختار إمّا الدنيا وإمّا الطريق السليم والأمانة والصدق، لا بُدَّ أنْ يختار أحدهما، هنا تستطيع المرأة أنْ توجِّهه إلى الطريق الأوّل أو الطريق الثاني، وفي المقابل فعكس ذلك صحيح أيضاً، يُمكن للأزواج أنْ يكون لهم ذلك التأثير في حياة زوجاتهم. حاولوا أنْ تكونوا هكذا بعضكم مع بعض بأنْ يدعو أحدكم الآخر إلى التديُّن ويجعله في المسير الإلهيّ والإسلاميّ، وفي طريق الحقيقة والأمانة والصدق والمنع من الانحراف"21.

"في الفترة الصعبة وسنيِّ المعارضة، وكذلك سنيِّ الثورة، أَدْخَلَتَ كثيرٌ من النساء أزواجهنّ الجنّة بالصبر والتعاون. ذهب الرجال إلى الجبهات المختلفة وتحمّلوا الشدائد، وعانت النساء من الخوف والوحدة والغربة إلّا أنّهن لم يشتكين بكلمة، بل شجّعن أزواجهنّ وأدخلنهم إلى الجنّة، وإلّا كان بوسعهنّ العمل بحيث يندمون على الذهاب إلى الجبهة وميادين الجهاد وعلى الاستمرار بالقتال. كان بإمكانهنّ فعل ذلك، لكنّهنَّ لم يفعلن، لم يُظهِرن الضجر.
كذلك هناك رجالٌ أدخلوا نساءهم الجنّة وأرشدوهنّ وساعدوهنّ وتعاونوا معهنّ، بحيث أدّت مساعدتهم إلى أن تسير هذه النساء في سبيل الله. كذلك يوجد عكس ذلك نساء أدخلن أزواجهنّ إلى جهنّم، ورجال أدخلوا زوجاتهم إلى جهنّم.
عليكم أن تتعاونوا ويجعل أحدكم الآخر من أهل الجنّة، ويُسعد أحدكم الآخر، ويُساعد أحدكم الآخر في تحصيل العلم والكمال والتقوى وبساطة العيش"22.

"هناك الكثير من النساط يجعلنَ أزواجهنَّ من أهل الجنّة، وكثير من الرجال الذين يجعلون زوجاتهم سعيدات حقّاً، وهناك عكس ذلك، يُمكن أن يكون هناك رجالٌ خيِّرون تُدخِلهم نساؤهم جهنّم، ونساءٌ خيِّرات يُدخلهنّ أزواجهنّ جهنّم. إذا كان كلٌّ من المرأة والرجل ملتفتين إلى العمل بالنصيحة الحسنة، وبالعمل المشترك، والدين والأخلاق في محيط البيت، وكان تطبيقهم العمليّ أوضح من ادّعائهم اللسانيّّ. هكذا يُعين أحدهما الآخر، وعندها ستكون الحياة كاملة ووافية وشافية حقّاً"23.

ويقول دام ظله:
"يستطيع الرّجل أنْ يجعل زوجته من أهل الجنّة، وذلك بإرشادها وتذكيرها في الوقت المناسب، والتذكير والمنع من الإسراف والانحراف، وطبعاً يوجد عكس ذلك، أي: يستطيع جعلها من أهل جهنّم، بالطلبات الكثيرة والتوقُّعات والأساليب الخاطئة الموجودة"24.

زيادة للرزق:
يقول تعالى:
﴿وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ25.

ويقول النبيُّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: " اتّخذوا الأهل فإنّه أرزق لكم"26.

ويقول مولانا الصادق عليه السلام: "من ترك التزويج مخافة الفقر فقد أساء الظنَّ بالله عزّ وجلّ، إن الله عزّ وجلّ يقول: ﴿إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ"27.

وفي الحديث:"من ترك التزويج مخافة العيلة فليس منّا"28.

35- شكر نعمة الزواج:
وإذا كان للزواج هذه الأهميّة والفوائد ألا ينبغي لنا أنْ نشكر الله على نعمة الزواج؟

ويقول
دام ظله: "في هذه المرحلة من حياتكم حيث تدخلون الحياة المشتركة وتكوين الأُسرة، اعتبروا هذا من النعم الإلهيّة العظيمة، وأدُّوا شكرها؛ إذ كلُّ ما لدينا فمن الله تعالى ﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ29.

ومعرفة هذه النعم مهمّة جدّاً. هناك نعمٌ كثيرة لا يلتفت إليها الإنسان، وبعض الناس يقترن بشريك جيّد ويعيش حياة سعيدة، لكنَّه لا يعرف قدْرَ هذه النعمة، ويُحرمون – بالتالي – من الرحمة الإلهيّة التي تنزل بالشكر؛ لذا فلا بُدَّ للإنسان أنْ يلتفت إلى أنّها نعمة كبيرة ويُفكِّر كيف يؤدّي شُكرها.

أحياناً يقول الإنسان بلسانه فقط: شُكراً لله، ولا شيء منه في القلب، فهذا يُصبح لقلقة لسان لا قيمة لها، أمَّا عندما يكون الإنسان شاكراً لله تعالى من قلبه حقيقة، فهذا ما يكون له قيمة كبيرة.

يعرف أنّ الله تعالى أنعم عليه ويُظهر شكره حقيقةً. هذا هو الشُّكر المطلوب. غاية الأمر أنّنا عندما نشكر الله فمن الواجب أن نُنجز عملاً، أو نتّخذ موقفاً بنّاءً على هذا الشكر، وهذا أمرٌ حسنٌ جدّاً.

الآن وقد أنعم الله تعالى عليكم فماذا أنتم فاعلون؟ الله سبحانه وتعالى لم يطلب منّا الكثير. المطلوب هو أن نُحسن التعامل مع هذه النعمة. هذا السلوك الحسن قد وضّحه الدين الإسلاميّ، وهو أخلاق العائلة وحكمة العائلة. الحياة السعيدة هي أنْ
نعرف كيف نتصرّف في هذه الحياة"30.

36- الشُّكر العمليُّ:
"الشُّكر ليس قول (أشكُرُك يا إلهي)، أو سجدةَ الشُّكر فقط.. شُكر النِّعمة هو أنْ يعرف الإنسان قَدْر النعمة، ويعرف أنّها نعمة من الله وينتفع بها ويتعامل معها في ما يُرضي الله تعالى. هذا هو معنى شُكر النِّعمة. فإذا قُلتم (شُكراً لله) لكنّ قلوبكم لا تُدرك المفاهيم التي تتلفّظون بها فهذا ليس بشُكر، والزواج أيضاً نعمة إلهيّة، فالله جلّ وعلا قد هيّأ لكم زوجاً حسناً، إذاً، لا بُدَّ أنْ تشكُرُوا هذه النِّعمة بما يُناسبها"31 .

يقول الله تعالى في كتابه الكريم:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون32 .

تُعتبر الأسرة أهمّ بيئة في ص
ياغة الإنسان، وتكوينه النفسيّ والسلوكيّ، الذي سيترك آثاره في مجتمعه الذي يعيش فيه. وعلماء الاجتماع على تباين مذاهبهم يُجمعون على أنَّ الأسرة عماد المجتمع، وأنَّها إذا قامت على أُسس قويمة سليمة، استقرّت أحوال المجتمع وتوطّدت أركانه، وإذا وهنت قواعد الأسرة، ولم يتحقّق لها أسباب القوّة على اختلافها اضطربت حياة المجتمع واختلَّ توازنه.

إنَّ الأسرة هي الخلايا الأولى التي يتألّف منها جسم المجتمع وبصلاحها يصلح هذا الجسم، وبفسادها يدبُّ إليها السقم والانحلال.
ولخطورة هذه المسألة كان لوليّ أمر المسلمين السيّد علي الخامنئيّ دام ظله اهتمامه الكبير فيها.


1-  سورة الروم: 2.
2- خطبة العقد المؤرخة 24/1/1378 هـ.ش.
3-  خطبة العقد المؤرخة 6/6/1381 هـ.ش.
4- خطبة العقد المؤرخة 6/6/1381 هـ.ش. 
5- خطبة العقد المؤرخة 2/9/1378 هـ.ش.
6 سورة البقرة: 187
7- وسائل الشيعة، ج14، ص230. 
8- جامع أحاديث الشيعة، ج‏20، ص‏38، حديث رقم 132.131.130.
9- خطبة العقد المؤرخة 9/12/1380 هـ.ش.
10- خطبة العقد المؤرخة 26/1/1377 هـ.ش.
11- خطبة العقد المؤرخة 8/3/1380 هـ.ش.
12-خطبة العقد المؤرخة 10/2/1376 هـ.ش.
13- خطبة العقد المؤرخة 18/5/1374 هـ.ش.
14-  خطبة العقد المؤرخة 16/5/1379 هـ.ش.
15-  ميزان الحكمة، حديث 7805. 
16-  م.ن. ح‏7807.
17- م.ن. ح‏7808. 
18- م.ن. ح 7810. 
19- م.ن. ح‏7812.
20-خطبة العقد المؤرخة 10/2/1375 هـ.ش.
21- خطبة العقد المؤرخة 21/12/1379 هـ.ش. 
22- خطبة العقد المؤرخة 23/12/1379 هـ.ش.
23-خطبة العقد المؤرخة 11/12/1377 هـ. ش. 
24- خطبة العقد المؤرخة 9/4/1378 هـ.ش. 
25- سورة النور، الآية: 32.
26-ميزان الحكمة، حديث 7813.
27- م.ن. حديث 7817.
28- م.ن. حديث 7815.
29- بحار الأنوار, ج49,ص269
30- خطبة العقد المؤرخة 29/3/1381 هـ.ش   
31- خطبة العقد المؤرخة 16/1/1379 هـ.ش.
 32- سورة التحريم، الآية: 6.

2013-01-08