يتم التحميل...

الآمرون بالمعروف والنّاهون عن المنكر

شوال

الآمرون بالمعروف والنّاهون عن المنكر

عدد الزوار: 26

الآمرون بالمعروف والنّاهون عن المنكر


عن أمير المؤمنين علي عليه السلام : «وإِنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ، والنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، لَخُلُقَانِ مِنْ خُلُقِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وإِنَّهُمَا لَا يُقَرِّبَانِ مِنْ أَجَلٍ، ولَا يَنْقُصَانِ مِنْ رِزْقٍ».

لا يقتصرُ الكمالُ الإنسانيُّ المتمثّلُ بالقربِ من اللهِ عزَّ وجلَّ بالعملِ بالعباداتِ والفرائضِ التي ترتبطُ بالإنسانِ بشكلٍ مباشرٍ من صلاةٍ وصومٍ وغيرِها بل يشملُ هذا الكمالُ الفرائضَ الأخرى التي لا يصحُّ تضييعُها، ومن أهمِّها فريضةُ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ.

وهذه الفريضةُ هي من الفرائضِ الواجبةِ على الأمّةِ، والمطلوبُ أن يقومَ بها جماعةٌ من الناسِ قال تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. ولذا كانت أمّةُ الإسلامِ خيرَ أمّةٍ ما دامتْ مواظبةً على هذه الفريضةِ، قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ واللهُ عزَّ وجلَّ في كلِّ شرائعِهِ التي أنزلَها على عبادِهِ أرادَ بذلك أن يُرشدَهم إلى المعروفِ ويُبعدَهم عن المنكراتِ ويُحلِّلَ لهم الطيّباتِ ويُحرّمَ عليهم الخبائثَ.

ولذا كان القيامُ بواجبِ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ من أعظمِ الفرائضِ، ويدفعُ الإمامُ أميرُ المؤمنينَ عليه السلام في كلامِه هذا المحذورَ الذي قد يُشكّلُ مانعاً من القيامِ بهذه الفريضةِ وهو خوفُ الإنسانِ من أن يلحقَ به بسببِ الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ ضررٌ كالقتلِ أو الحرمانِ من الرزقِ، فيؤكّدُ الإمامُ أنَّ قيامَ الإنسانِ بهذه الفريضةِ الإلهيّةِ لن يُنقصَ من عُمرِ الإنسانِ ولا من رزقِه فعلى الإنسانِ أن يُبادرَ إليهما ويرفعَ الخوفَ من نفسِه.

بل إنَّ التقصيرَ في القيامِ بهذا الواجبِ هو سببٌ من أسبابِ هلاكِ هذا الإنسانِ لأنّه يكونُ سبباً للابتعادِ عن الرحمةِ الإلهيّةِ، وفيما جرى على الأممِ السابقة خيرَ عبرةٍ، يقولُ أميرُ المؤمنينَ عليه السلام: «فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَلْعَنِ الْقَرْنَ الْمَاضِيَ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ إِلَّا لِتَرْكِهِمُ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ . فَلَعَنَ اللَّهُ السُّفَهَاءَ لِرُكُوبِ الْمَعَاصِي والْحُلَمَاءَ لِتَرْكِ التَّنَاهِي».

كما إنَّ لذلك تأثيرَه الدنيويَّ على حياةِ المجتمعِ الإسلامي الذي يتركُ هذه الفريضةَ، وقد وردَ في الروايةِ بيانُ أثرين لذلك يتمثّلانِ بأنْ يتصدّى الأشرارُ لتولِّي شؤونِ الناسِ، وهذا يؤدّي إلى انتشارِ الظلمِ والفسادِ، وحيث إنّ الناسَ قصّرتْ عن أداءِ واجبِها فلا يعودُ دعاؤُها مستجاباً، فعن أميرِ المؤمنينَ عليه السلام : «لَا تَتْرُكُوا الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَيُوَلَّى عَلَيْكُمْ شِرَارُكُمْ، ثُمَّ تَدْعُونَ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ».

كما يُبيّنُ الإمامُ أنّ من الشروطِ الأساسيّةِ للعملِ بهذه الفريضةِ أن يكونَ الإنسانُ ملتزماً بالعملِ بالمعروفِ قبلَ الأمرِ وممتنعاً عن فعلِ المنكرِ قبل نهي الناسِ عنه، وإلّا كان من المبعدينَ عن رحمةِ الله عزَّ وجلَّ، قالَ أميرُ المؤمنينَ عليه السلام: «لَعَنَ اللَّهُ الآْمِرِينَ بِالْمَعْرُوفِ، التَّارِكِينَ لَهُ، والنَّاهِينَ عَنِ الْمُنْكَرِ الْعَامِلِينَ بِهِ».

نعم للأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ شروطُه التي لا بدَّ من الالتزامِ بها كما إنّ له مراتبَه والتي تبدأُ من الإنكارِ بالقلبِ إلى الإنكارِ باللسانِ ثمَّ الإنكارِ باليدِ، يقولُ أميرُ المؤمنينَ عليه السلام : «أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، إِنَّهُ مَنْ رَأَى عُدْوَاناً يُعْمَلُ بِهِ ومُنْكَراً يُدْعَى إِلَيْهِ، فَأَنْكَرَهُ بِقَلْبِهِ فَقَدْ سَلِمَ وبَرِئَ ومَنْ أَنْكَرَهُ بِلِسَانِهِ فَقَدْ أُجِرَ، وهُوَ أَفْضَلُ مِنْ صَاحِبِهِ ومَنْ أَنْكَرَهُ بِالسَّيْفِ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وكَلِمَةُ الظَّالِمِينَ هِيَ السُّفْلَى، فَذَلِكَ الَّذِي أَصَابَ سَبِيلَ الْهُدَى، وقَامَ عَلَى الطَّرِيقِ، ونَوَّرَ فِي قَلْبِهِ الْيَقِينُ».

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

2018-07-11