يتم التحميل...

نظرية التطور على ضوء القرآن الكريم

شبهات حول القرآن الكريم

تعتبر نظرية التطور والنشوء والارتقاء أو تبدل الأنواع من النظريات التي أثارت جدلا كبيرا بين المتدينين والملحدين فاعتبر الملحدون أن نظرية التطور هي من أهم النظريات التي تثبت عدم وجود خالق للكون

عدد الزوار: 38

تعتبر نظرية التطور والنشوء والارتقاء أو تبدل الأنواع من النظريات التي أثارت جدلا كبيرا بين المتدينين والملحدين فاعتبر الملحدون أن نظرية التطور هي من أهم النظريات التي تثبت عدم وجود خالق للكون وفي المقابل أصر بعض المتدينين على ربط وجود الله تعالى بنظرية ثبات الأنواع أي برفض نظرية التطور فهل هناك تناف بين نظرية التطور وبين التوحيد ؟ وهل تتنافى نظرية التطور في حال ثبوتها مع ما ورد في القرآن الكريم؟

قبل البدء في الاجابة عن الأسئلة نبين بشكل مختصر المقصود من نظرية تبدل الأنواع التي تتحدث عن اشتقاق المخلوقات بعضها من بعض بحيث ترجع كل هذه الأنواع من المخلوقات الى عدة أنواع أو إلى نوع واحد كالقول أن أول حيوان وجد في العالم هو حيوان بحري واشتقت منه بقية الأنواع ومنها الإنسان!

ونحن في هذه المقالة لا نريد مناقشة نظرية التطور كما أننا لا نريد اثبات نظرية ثبات الأنواع بل إن البحث يتركز حول دعوى وجود تناقض بين تلك النظرية وبين التوحيد أو بينها وبين ما ورد في القرآن الكريم.

من الواضح إن الاعتقاد بوجود الله تعالى لا يلازم القول بثبات الأنواع كما أن القول بتطور وتبدل الأنواع لا يعني نفي وجود الله تعالى وبعبارة أخرى إن الاعتراف بوجود الخالق ينسجم مع كلتا النظريتين أي نظرية ثبات الأنواع ونظرية تبدل الأنواع ففي حال كانت المخلوقات ثابتة أو مخلوقة من صنف آخر فهي محتاجة إلى خالق ومن غير المنطقي والمعقول أن توجد تلك المخلوقات عن طريق الصدفة .

إن أصحاب نظرية التطور والمدافعين عنها قد وقعوا في اشتباه كبير حين اعتبروا أن وجود المخلوقات بشكل تدريجي ووجود الأنواع تدريجيا يتنافى مع الاعتقاد بوجود الله تعالى علما أن نظرية الخلق التدريجي لا تحل اشكالية وجود المخلوقات إلا إذا قلنا بوجود الخالق فكيف يمكن أن توجد تلك المخلوقات من مخلوق واحد دون القول بوجود الخالق؟!

وبعبارة أخرى فإن وجود الكون والمخلوقات يحتاج إلى تفسير والقول بالخلق التدريجي كبديل عن الخالق لا يعطي تفسيرا منطقيا لوجود المخلوقات والكون ولا يوجد تعارض بين تأثيرات العلل التي أدت إلى وجود هذا التنوع في الخلق بحسب نظرية التطور على فرض صحتها وبين القول بالتأثير الإلهي في خلقها وذلك أن القول بوجود الله تعالى ونسبة الخلق إليه لا ينافي دور الأسباب والعلل المادية وغيرها ومن يعتقد وجود المنافاة بين الأمرين يشبه في اعتقاده من يقول بأن دور الميكروب في المرض ودور الدواء في الشفاء يتعارضان مع وجود الله تعالى ومن الواضح سذاجة هذا القول وبساطة من يقول به هذا أولا.

ثانيا على مستوى دعوى التعارض بين نظرية التطور وبين ما يقوله القران الكريم في قضية الخلق ولنأخذ قصة خلق الإنسان أي خلق آدم وحواء تحديدا فإنه وبحسب نظرية التطور يعتبر خلق آدم وحواء مشتقا من مخلوق آخر أي أن وجودهما كان تدريجيا ولم يخلقا دفعة واحدة ونحن هنا لا نريد نفي أو تأييد هذا الكلام ولكن نريد أن نوضح أن ما ورد في القرآن الكريم لا يتعارض مطلقا – ولا نقول أنه يؤيدها - مع نظرية التطور أو الخلق التدريجي وكذلك مع النظرية المقابلة لنظرية التطور وهي نظرية ثبات الأنواع فالقرآن الكريم يتحدث عن خلق الانسان الأول باعتباره آية ودليلا على وجود الله تعالى ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإنْسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِين (السجدة:16-17) وكذلك قوله تعالى ﴿ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين (سورة المؤمنون:12-13)

والخلاصة أن نظرية الخلق التدريجي أو التطور لا تتعارض عقلا مع المباحث التوحيدية ولا نقلا مع الآيات الكريمة كما يحاول البعض ترويج ذلك سواء من المغرضين أو من بسطاء المتدينين.


* مقتبس من كتاب التوحيد للشهيد مرتضى مطهري
 

2016-12-01