يتم التحميل...

مقابلة سماحة السيد حسن نصر الله مع قناة المنار- المحور الثاني

2015

مقابلة سماحة السيد حسن نصر الله مع قناة المنار- المحور الثاني

عدد الزوار: 19

المحور الثاني
 
 - العودة مشاهدينا الكرام إلى متابعة هذا الحوار مع سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. سماحة السيد ما هي حقيقة الاتفاق الذي قيل إنه تم التوصل إليه برعاية الأمم المتحدة مع الفصائل المسلحة لترتيب وضع الزبداني في ريف دمشق وكفريا والفوعة في ريف إدلب؟ بداية حتى نمنهج الأمور، من كان يقود المفاوضات فعلاً، هل صحيح أن الإيراني كان يفاوض؟
 سماحة السيد نصرالله: أنظر، بداية التفاوض كان، يعني القصة الكاملة إذا صح التعبير، السيد ديميستورا مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في الملف السوري كان في زيارة إلى طهران، تكلم مع المسؤولين الإيرانيين، قال إن هذه الجهات المعنية في المعارضة السورية المسلحة طلبت منا أن نتكلم معكم من أجل أن نقوم بوساطة ترتبط بالفوعة ـ كفريا ـ الزبداني، والفكرة كانت بالبداية فكرة بسيطة، وهي وقف القصف على الفوعة وكفريا مقابل وقف القصف على الزبداني، هم كانوا يقصفوا الفوعة ـ كفريا، فقالوا إنهم يوقفون قصف الفوعة ـ كفريا وأنتم أوقفوا قصف الزبداني، بدأت من هنا.
 
 الإيراني هنا دوره وسيط فقط، هو لا يتخذ أي قرار وليس مفوضاً حتى من حليفه السوري باتخاذ القرار، لنكن واضحين، الإيرانيون اتصلوا بالأخوة السوريين، قالوا لهم هناك فكرة بهذا العرض. بعد التداول، طبعاً نحن طرف بالمشورة أيضاً، بعد التداول قيل إنه فلنطور الفكرة، يعني طالما هم يتكلمون عن معادلة من هذا النوع، ونحن إذا هناك فرصة أن موضوع الزبداني ينتهي وموضوع الفوعة ـ كفريا يتعالج مع حقن دماء من دون خسائر ومن خلال التفاوض فليكن، لماذا لا.
 الإيرانيون حكوا هم والأمم المتحدة، فلنقل هنا مندوب الأمم المتحدة، أن النظام جاهز للتفاوض بالواسطة، يعني النظام لا يتفاوض مباشرة.
 
 حول كل هذا الملف، الطرف الثاني قبل، صار هناك لقاء بتركيا بين الوسيط الإيراني ـ أعود وأؤكد هنا أن الإيراني وسيط لم يكن جهة مفوضة أن تأخذ قراراً ـ والأمم المتحدة ومندوبين عن الجماعات المسلحة. وخلال التفاوض، مراحل التفاوض المختلفة، كل ما كان يقدم في تلك الطاولة من أفكار ومن اقتراحات كان الوسيط الإيراني هو الذي كان معنياً بالاتصال بالنظام، ليست الأمم المتحدة، والأمم المتحدة معنية بأن تتصل بالمسلحين، يعني الإيراني لم يكن يتكلم مع المسلحين بشكل مباشر إلا على الطاولة، لكن خارج الطاولة لما يكون هناك تبادل آراء أو تبادل أجوبة أو أسئلة، كان الإيراني هو وسيط بين النظام وبين مندوب الأمم المتحدة، ومندوب الأمم المتحدة هو وسيط مع الجماعات المسلحة.
 
 هكذا بدأ التفاوض، لذلك ما قيل في وسائل الإعلام وقتها إن هناك إشرافاً إيرانياً تركياً هو غير صحيح، التركي كان خارج الموضوع والموضوع كان يتابع مع الأمم المتحدة ومندوب الأمم المتحدة الموجود بتركيا. نعم بالآونة الأخيرة، والأتراك لم يكن لهم أي دور في عملية التفاوض، يمكن من خلف الستار يمكن كان لهم دور سلبي، الله أعلم، لأنه أحياناً كان يحصل اتفاق على مجموعة مبادئ أو أفكار، بعد ذلك الطرف الآخر يعدل فيها أو يعيد النظر فيها بحجة أن بقية الأطراف المعارضة لم توافق. لاحقاً قيل لنا إنه يمكن أن يكون هذا الموضوع عند التركي. بالآونة الأخيرة بهذا الاتفاق الأخير صار هناك اتصال مع الأتراك أيضاً من قبل الإيرانيين وتمني على الأتراك أن يعطوا دعماً إيجابياً أو توجيهاً إيجابياً لأطراف في المعارضة المسلحة، والجماعة قالوا نحن جاهزون أن ندفع الأمور بهذا الاتجاه الإيجابي. إذاً هذه أطراف التفاوض.
 
 - في ما خص المضمون سماحة السيد، يعني ما هي بنود هذا الاتفاق؟ هل يلبي الاتفاق شروط المقاومة والجيش السوري، أم أنه ينطوي على تنازلات متبادلة؟
 سماحة السيد نصرالله: هو يلبي شروط ويحل المشاكل عند الطرفين، مثلاً لو لم تكن معركة الزبداني لن تقبل المعارضة المسلحة بحل مسألة الفوعة ـ كفريا كما هي الآن، وأنما سيكون الحل عند الجماعات المسلحة الفوعة ـ كفريا هي أن يستسلم المسلحون مثلاً، من دون قتل، يستسلم المسلحون ويسلّمون أسلحتهم، ويقبلون بهذه السلطة، هذا إذا حكينا إنسانياً. وإذا على الذي شاهدناه في سوريا والذي شاهدناه أيضاً عن بعض الفيديوهات عن بعض مشايخ التيار التكفيري، الذي يحكي عن القتل والذبح وسبي النساء وتوزيع الغنائم وما شاكل، واضح ما هو الأفق الذي كانوا يفكرون فيه، وهناك خطابات لبعض القادة الكبار الذين خرجوا ليحكوا عن هذا الاتفاق، كان يهدد ويرعد بذبح أهل الفوعة ـ كفريا وبسبي نسائهم وبكذا وبكذا.
 
 إذاً التفكير عندهم للفوعة - كفريا هو كان هكذا، معركة الزبداني - طبعاً هذا لا يعني أن النظام وحلفاءه ليس عندهم خيارات كان تحضر أو يفكر فيها أو تدرس لموضوع الفوعة - كفريا - هنا بين هلالين أنا أحب أن أوجه رسالة لأهلنا في الفوعة - كفريا أنه ولا لحظة من اللحظات وارد عند القيادة السورية وعند الحلفاء أن يتخلوا عن أهل الفوعة وكفريا، على الإطلاق، وهذا هم كما هو هم أي بلدة سورية قد تكون محاصرة أو تتعرض بذات الشيء الذي له علاقة بنبل والزهراء، ذات الشيء له علاقة بالحسكة، ذات الشيء له علاقة بالقامشلي، بكل الأماكن التي قد تتعرض لحصار ضيق أو حصار واسع، ممكن أن لا يكون حصاراً ضيقاً، لكن الطريق البري مقطوع عليه.
 
 فهذا الموضوع لم يكن متروكاً، إذا موقعة الزبداني فتحت باباً أو فرضت على الطرف الآخر أنه بالنهاية عنده أعداد كبيرة من المسلحين إذا لم يقبل بحل، هؤلاء سيتعرضون جميعاً من خلال المعركة إما للقتل أو للأسر، مع العلم أنه أخلاقياً وأدبياً بهذه الجبهة لا يوجد شيء اسمه لا سبي نساء ولا سبايا نساء، بالعكس موضوع المدنيين وموضوع النساء والأموال كل هذا له احترامه الشرعي الكامل، المشكلة هي فقط مع المسلحين الذين يحملون السلاح ويقاتلون في إطار هذا المشروع.
 
 حسناً، لما جاء هذا الاتفاق، هم عندهم مشكلة أن مسلحيهم بالزبداني محاصرون ولم يعودوا قادرين على الصمود، يعني إما أن يسلموا أنفسهم للجيش، وهذا لا يناسبهم، وإما أن يقتلوا في المعركة، وطريق الخروج غير مفتوح. جاء الحل، ماذا يفعل؟ أولاً، يعني لأقول من هنا ماذا سيحصل وهنا ماذا سيحصل؟ هذا النهائي، الآن "شو بدي" من سياق التفاوض، لأن هذا يحتاج للوقت وشرح طويل. لكن بسياق التفاوض أنا أحب أن أقول ملاحظة عامة، الأداء الميداني في الزبداني كان يراعي إعطاء فرصة للتفاوض أن تنجح. ثانياً، أنا أيضاً أريد أن أشهد، أن القيادة السورية كانت إيجابية بدرجة عالية في كل ما يمكن أن يؤدي إلى النجاح بهذا التفاوض. إذا كان يحصل أحياناً تعقيد بسبب الشروط غير المنطقية، ليس أنه غير منطقي، لا يمكن تنفيذها، يعني مثلاً بقي التفاوض معقد بمرحلة طويلة على أنهم يريدون بإطار المرحلة الأولى ألف معتقل من النساء والأطفال، لا يوجد ألف معتقل، من أين آتي له بألف معتقل؟! حتى أحد القادة يعني أحد المسؤولين السوريين الكبار قال ماذا يريدون أنزل على الشارع وأقبض على نساء وأطفال لأقول له هؤلاء ألف معتقل، يعني لا يوجد ألف معتقل، ليس أنه شرط يمكن تحقيقه والنظام هو لا يحققه، لا.
 
 على كلّ، المحصلة الآن. من الزبداني ضمن الاتفاق، الاتفاق على مرحلتين، المرحلة الأولى تشمل ما يلي:
 
 المرحلة الأولى تشمل، أولاً خروج المسلحين والجرحى من الزبداني. عفواً داخل المرحلة الأولى فيه دور إجرائي، هذا ليس لنا عمل فيه الآن. كل المسلحين يخرجون، يعني لن يبقى مسلح في الزبداني، وبالتالي الجيش سيدخل إلى هذا الكيلومتر مربع الذي بعده، يعني ليس الزبداني، الآن الجيش السوري في كل الزبداني، باستثناء كيلومتر مربع. فالزبداني ومحيط الزبداني وسهل الزبداني كل هذا يصبح تحت سيطرة الجيش السوري.
 
 الجرحى أيضاً يخرجون، المسلحون والجرحى يخرجون إلى منطقة إدلب، طبعاً هذه إلى أين يخرجون؟ أيضاً أخذ جدلاً طويلاً، أنه على القنيطرة أو على درعا، فحسم باتجاه منطقة إدلب.
 
 المدنيون في الزبداني، وإن كان بهذا الكيلومتر مربع الباقي يمكن هناك عدد ضئيل جداً من المدنيين، إذا كان هناك بعد مدنيين. لأنه ببداية العركة أُعطيت فرصة للمدنيين أن يخرجوا من المدينة، يعني هليكوبتر وزعت مناشير وحصل اتصال بالناس وخرج المدنيون. لكن بالزبداني، الموجودون في محيط الزبداني أو بمضايا أو ببلودان أو بريف دمشق، من يريد أن يخرج مع المسلحين إلى منطقة إدلب يؤمن له هذا الخروج. لكن النظام ليس عنده شرط اسمه يجب خروج المدنيين، لا، المدني بإرادته، يحب أن يبقى في الزبداني بالمنطقة يبقى يحب أن يغادر ليس هناك مشكلة. ولذلك هذه الادعاءات حول التغيير الديمغرافي هذا كلام ظلم، ليس له أي أساس.
 
 ثانياً، هذا من هذه الناحية، إذاً الجرحى والمقاتلون هؤلاء قطعاً يخرجون جميعاً وعائلاتهم، من يرغب من العائلات بالخروج فليخرج. هناك بعض عائلات المسلحين بالزبداني التي دخلت إلى لبنان، صار هناك تعهد أنه نحن نريد أن نتابع مع الحكومة اللبنانية من أجل تأمين عودتهم أيضاً، وهذا ليس بمشكلة لأنه ينسجم مع سياسة الحكومة اللبنانية بأن يعودوا إلى بلدهم، هذا ليس بمشكلة، هو أنهم دخلوا خلاف القانون، يحصل تسوية.
 
 بالمقابل، بهذه المرحلة الأولى، يخرج عشرة آلاف مدني من الفوعة - كفريا، يعني النساء من مختلف الأعمار، من الذكور ما دون 18 وما فوق 50، زائد الجرحى، الآن، هناك تفصيل بموضوع الجرحى، هؤلاء يخرجون أيضاً بشكل متقابل في المرحلة الأولى.
 
 - إلى أين يذهبون؟
 سماحة السيد نصرالله: إلى حيث يحبون، المهم يأتون إلى مناطق سيطرة الدولة السورية، هذا أصبح شأنهم، ناس ممكن أن يذهبوا على حمص، ناس على دمشق، ناس عند أقربائهم، يعني هناك ترتيب معين لهذا الموضوع،، هناك جهات معنية بترتيب هذا الموضوع.
 
 وقف إطلاق نار خلال المرحلة الأولى، بعد تنفيذ المرحلة الأولى يحصل هناك هدنة لمدة ستة أشهر تشمل ـ طبعاً الزبداني تصبح منتفية لأنه لم يعد هناك مسلحون ـ بقين، سرغايا، مضايا، بمنطقة الزبداني، وبمنطقة إدلب، إذا تأخذ على الخريطة الفوعة - كفريا، البلدات المحيطة بها، مثلا ًإدلب، بنش، تفتناز، إلى آخره، الأسماء موجودة في الاتفاق. في هاتين المنطقتين يصبح هناك هدوء، يعني هدنة لمدة ستة أشهر.
 
 الآن هناك تفاصيل أخرى، مثلاً على سبيل المثال، أنه يفتح الطريق للإغاثة، يعني الناس الباقون بالفوعة - كفريا، يجب أن يصل إليهم الأكل والشرب والدواء والمازوت والبنزين وكذا، ليس بالهليكوبتر مثل ما يحصل الآن، وإنما من الطرق العادية، لأنه بالاتفاق هناك تعهد بأن لا يقطع الطريق على الامدادات الغذائية والطبية وهذا ذات الشيء سيحصل على مضايا وسرغايا.
 
 - بالنسبة للمسلحين الموجودين في الفوعة وكفريا، ماذا يحصل فيهم؟
 سماحة السيد نصرالله: بالمرحلة الأولى هم موجودون بداخل الفوعة - كفريا، هناك تفاصيل أخرى، الآن ليس هناك داع أن نأخذ الوقت فيها، لكن هذا الشيء الجوهري والأساسي.
 
 - هذا الاتفاق بضمانة الأمم المتحدة، يعني من يضمن التنفيذ؟
 سماحة السيد نصرالله: الأمم المتحدة، ضمانة الأمم المتحدة.
 
 بالنهاية، عمل جدول فيه تكافؤ، يعني جدول وهناك مراحل داخلة المرحلة الأولى بحيث أنه كلا الطرفين معنيان أن يكونوا جديين، والمناخ واضح، يعني أنا بحسب متابعتي التفصيلية، المناخ إيجابي.
 
 - لكن بعض رموز الجماعات المسلحة المعنية بهذا الأمر أوحت من خلال إطلالات إعلامية وكأن هذا الاتفاق هو إنجاز لها؟
 سماحة السيد نصرالله: فليتكلموا بالذي يريدونه، وكل واحد يستطيع أن يقدم الموضوع الذي يريده، نحن الذي يهمنا كنتيجة، هناك مشكلة إنسانية كبيرة اسمها الفوعة - كفريا، جزء منها يعالج بالمرحلة الأولى والجزء بالمرحلة الثانية على طريق الحل، الزبداني تعود إلى سيطرة الدولة، طريق المصنع دمشق يصبح آمناً، استكمال أمن الحدود اللبنانية - السورية، هذا كله يكون تحقق بالنتيجة من خلال هذا الموضوع.
 
 المرحلة الثانية، تبدأ عند انتهاء المرحلة الأولى، تعود العالم وتتفاوض. بالمرحلة الثانية هناك نقاش له علاقة ببقية الفوعة كفريا الموجودين فيها، له علاقة بوضع مضايا وبقية المنطقة بالزبداني، هناك موضوع المعتقلين في المعارضة أو هم عندهم معتقلون عند النظام، أيضاً هم عندهم معتقلون للنظام، ضباط وجنود وأهالي، مدنيون موجودون عند الجماعات المسلحة، هذه من الموضوعات التي ستتم معالجتها بالمرحلة الثانية أيضاً من خلال التفاوض، ولذلك عندما عملت الهدنة هي لإعطاء فرصة لأن هذه المرحلة الثانية ستأخذ القليل من الوقت، يعني عندما تتكلم بالجداول وتتكلم بالأسماء، يجب أن تتثبت إن كان هؤلاء موجودين أو غير موجودين، ممكن أن يأخذ الموضوع القليل من الوقت.
 
 - سماحة السيد بصراحة وشفافية وحضرتك معروف فيهم، هل كانت الكلفة البشرية لمعركة الزبداني باهظة على حزب الله وبالتالي هل سيخرج الحزب من هذه المعركة متعباً ومنهكاً أم لا؟
 سماحة السيد نصرالله: أولاً الأرقام التي تتداول في وسائل الإعلام هي غير صحيحة، أقول لك نكتة من أربعة أيام، كان صار لها الهدنة بالزبداني، وقف إطلاق النار كان صار له يومين، يعني لم يكن هناك أي طلقة نار، لا بالزبداني ولا بالفوعة - كفريا، تلفزيون لبناني الحرف الأول من اسمه المستقبل، يقول كلفة غالية على حزب الله اليوم قتل له 17 مقاتل، هو أصلاً لا يوجد إطلاق نار بالزبداني، يعني أصلاً لا يوجد قتال بالزبداني، منذ أيام وضعوا لنا بالحسبة 17 مقاتل".
 هناك ادعاءات غير صحيحة. ثانياً، لا هذه الكلفة هي كلفة متوقعة، بل هي أقل من المتوقع، لأن عدد المقاتلين داخل المدنية عدد كبير وهو كان تجميع لمقاتلي الزبداني ولأغلب المقاتلين، يعني عندما حصلت معركة القلمون الأولى والثانية إلى أين هرب هؤلاء المقاتلين، إما إلى الزبداني أو إلى بقية جرود عرسال. لا هذه معركة طبيعية وكلفتها طبيعية، وأنا أحب هنا فقط، إذا ما زال عندك شيء بهذا الملف، لأقول جملة في موضوع الزبداني.
 
 - هناك نقطة أيضاً أثيرت في إحدى الصحف وانطلاقاً منها سأبني السؤال، ما مدى دقة الكلام عن أنه أنتم أبلغتم القيادة السورية بأن موقعة الزبداني ستكون الأخيرة بالمعنى الهجومي وأنه من الآن وصاعداً ستكتفون بالدفاع عن المواقع التي تتواجدون فيها؟
 سماحة السيد نصرالله: غير صحيح، ليس له أي أًصل، نحن ما زلنا مثل ما نحن. حيث يجب أن نكون سنكون، في الدفاع أو الهجوم، لأن هذه المعركة لا تتجزأ، يعني هي الزبداني جزء من معركة كبيرة موجودة في سوريا والمنطقة، نعم لها خصوصية أنها قريبة من الحدود اللبنانية، نتكلم عليها بهذه الخصوصية. لكن المبدأ الذي انطلقنا منه سنكون حيث يجب أن نكون في هذه المعركة، هذا لا يوجد تخلّ عنه.
 
 - ألا يمكن تعميم نموذج اتفاق الزبداني على جرود عرسال والقلمون؟
 سماحة السيد نصرالله: ممكن إذا يفتحون هم، يعني مثلاً في مرحلة من المراحل كان صار هناك تفاوض من هذا النوع. انظر نحن ليس همّنا أن هؤلاء المسلحين نريد أن نتخلص منهم بأي ثمن، هناك موضوع الجغرافيا، هناك موضوع الأمن، هناك موضوع مجمل المعركة، هذا أساسي وحساس. حسناً، بالقصير، نحن كنا نستطيع، نحن كنا محاصرين القصير، كنا نستطيع أن نبقى محاصرين لها ومن بقي فيها نبقى نقاتله حتى نقضي عليهم جميعاً، لكن نحن فتحنا لهم طريق وخرجوا، وبعد ذلك هناك أماكن عندما وصلوا إليها وكان معهم جرحى وكنا نتفاوض، يعني حتى على الجرحى أن نجد لهم علاج بلبنان أو بسوريا أو ما شاكل. وبعد أن خرجوا إلى القرى الأخرى الني سقطت لاحقاً بيد النظام ولم يستطيعوا أن ينقلوا الجرحى نحن إسعافاتنا هي التي نقلت جرحى مقاتلي القصير وجاءت بهم إلى لبنان، طبعاً بالتنسيق مع الدولة اللبنانية، الذين نحن كنا نقاتلهم.
 
 فلا، نحن منفتحون، والنظام بهذا الموضوع يتجاوب بدرجة كبيرة جداً بالأماكن التي نحن متواجدون فيها بشكل أساسي.
 
 أحببت ملاحظة الزبداني التي أريد أن أختم فيها أقول، أن الذين قاتلوا في الزبداني إلى أول أسبوعين هم يقاتلون للأهداف التي ذكرتها قبل قليل، تحرير الزبداني من المسلحين، تأمين الحدود اللبنانية السورية، تأمين طريق المصنع - دمشق، وهذا جزء من المعركة الكبيرة التي في المنطقة. لكن بعد الأسبوعين، عندما اتخذ قرار أنه نريد أن ندير معركة الزبداني الميدانية بما يتناسب مع فرصة المفاوضات لمعالجة قضية الفوعة - كفريا، هنا طبعاً إدارة مختلفة للمعركة، الذين استشهدوا من الجيش السوري والقوات الشعبية ومن المقاومة، هم شهداء تحقيق الأهداف الأولى، وهم شهداء تحرير أهل الفوعة وكفريا، يعني هذا يجب أن يكون واضحاً. والشيء الثاني الذي يجب أن يكون واضحاً، أنه أيضاً هذه النتيجة ما كنا لنصل إليها لولا صمود أهل الفوعة - كفريا، صمود المدنيين الأسطوري، وصمود المقاتلين، لأن المفاوضات الأولى فشلت، المفاوضات الثانية فشلت، الذي أنجح المفاوضات الثالثة يا أستاذ عماد هو فشل هجومين كبيرين على الفوعة وكفريا، يوم الجمعة الذي مضى، مثل اليوم، ويوم السبت. يوم الجمعة آلاف مؤلفة من المسلحين هاجمت الفوعة - كفريا من كل الجهات، سبع حاملات جند مفخخة، انتحاريون حاولوا أن يكسروا الخطوط، حصلت معركة طاحنة جداً، وتجددت أيضاً يوم السبت. عندما فشل الهجومان، يعني صمود الفوعة - كفريا والثبات في معركة الزبداني وباب التفاوض الذي يأخذ ويعطي، هو الذي أوصل إلى هذه النتيجة التي نحرص عليها.
 
 - سماحة السيد أريد أن أختم هذا المحور بسؤال استراتيجي لو سمحت، هل يخوض حزب الله الحرب في سوريا بالقناعة واليقين اللتين كان يتسلح بهما في مواجهة ولا يزال يتسلح بهما في مواجهة إسرائيل، أم أن التجربة السورية مغايرة كون العدو هنا ولو نظرياً يحمل، نظرياً، هوية عربية وإسلامية، أتكلم معك هكذا بالمستوى النفسي يعني للمعركة، ذات الشعور؟
 سماحة السيد نصرالله: لا، أكيد، أكيد، أكيد، يعني عندما تقاتل الإسرائيلي شعورك مختلف، نحن عندما نقاتل في مواجهة إسرائيل نقاتل بفرح، هنا نحن نقاتل بحزن، هنا نتمنى لو لم تكن هذه المعركة، نتمنى لو لم تكن هذه الحرب على سوريا، نتمنى لو لم يتم استخدام هؤلاء الشباب الذين جيئ بهم من كل أنحاء العالم لخدمة مشروع هم لا يعرفون أنهم يخدمونه، كنا نتمنى لو يتم الاستفادة من هذه الأعداد الهائلة من المقاتلين لتحرير الأقصى وفلسطين والمقدسات. لا، هنا هذا قتال نحن مجبرون عليه بغصّة، أما مع الإسرائيلي لا، نقاتل عدواً مكشوفاً بفرح، لا يوجد أي تردد.
 
 - لو عاد الزمن إلى الوراء، هل يتخذ حزب الله القرار ذاته بالتدخل العسكري في سوريا؟
 سماحة السيد نصرالله: بالتأكيد، ولو عاد الزمن إلى الوراء لكان حزب الله عجّل، ولم يتأخر، يعني الآن يتضح أكثر من أي وقت مضى، أن الخيارات هذه، هذا المسار كان صحيحاً، وكل ما قيل في السنة الأولى، الآن العالم يعود إليه، الغرب والدول وشعوب المنطقة. ما هو سبب التحول اليوم، حتى بالعالم العربي، بالرأي العام العربي، بالدول العربية، هناك الكثير من التحول بالموقف اتجاه الأحداث بسوريا، لأن الأمور تقدمت بالسنة الأولى، في الأشهر الأولى، بطريقة غير صحيحة، وبطريقة مضللة، لكن مع الوقت أصبحت الأمور واضحة جداً.
 
 - على كل حال من باب المزح والجد، البعض يقول هذه الأيام إن الروس على خطى حزب الله، أنهم بدأوا قليلاً قليلاً، والآن تمددوا في سوريا بنفس طريقة التدحرج التي حصلت مع حزب الله.
 سماحة السيد نصرالله: ليس هناك مشكلة.
 
 - سماحة السيد ننتقل إلى الجانب الإٍسرائيلي من كل ما يجري في المنطقة، هل هذه المعادلات الجديدة التي ترتسم في الشرق الأوسط من البوابة السورية تحديداً، تلحق الضرر بالمصالح الاستراتيجية الإسرائيلية على المديين المتوسط والطويل، أم أن تل أبيب هي المستفيد الأول والأكبر ممّا يجري في الإقليم، حتى نكون واقعيين، يعني هي ماذا تريد أفضل من ذلك التي تراه الآن، الناس كلها متداخلة في بعضها، كل أعدائها يتقاتلون؟
 سماحة السيد نصرالله: هي المستفيد الأول وما زالت، لكن مسار الأمور كيف سيذهب، هذا يؤثر. يعني، ليس هناك شك، أنا تابعت الإسرائيلي وأتابعه عادة، الإسرائيليون بموضوع سوريا بالبداية لم يكن عندهم (رأي واحد)، يعني كان عندهم تناقض في الرأي أو تشتت أو عدم وضوح، بعد ذلك هم استقروا على رؤية تقول ما يلي، وهذه الخلاصة الرسمية الإسرائيلية، إن إسرائيل ما هي مصلحتها في سوريا؟ قالوا نحن لدينا خياران: الخيار الأول، أن ينتصر النظام ويبقى الرئيس بشار الأسد ويبقى الجيش السوري وبالتالي هذا انتصار لمحور المقاومة، حتى ولو كان هذا يعني أن سوريا ضعفت بطبيعة الحال، شهداء وجرحى وخراب ودمار واستنزاف للجيش السوري ووو.. واستنزاف أيضاً للمقاومة، لكن هذا كله يمكن أن يتم ترميمه وهذا يعني أيضاً إذا خرجت سوريا من هذه المعركة منتصرة فهذا يعني مزيداً من القوة لمحور المقاومة، هذا تهديد استراتيجي لإسرائيل.
 
 الخيار الثاني، أن تنتصر الجماعات المسلحة الأخرى. الرؤية الإسرائيلية ماذا تقول، وهي رؤية واقعية، حتى لو كانوا الإسرائيليين، هم أيضاً يفهمون، لا بأس بهم، أن سوريا إذا سقط فيها النظام وانتصرت الجماعات المسلحة لن تقوم لسوريا قائمة لتشكل تهديداً لإسرائيل، لأنها ستبقى في تقاتل داخلي، كما هو الحال في ليبيا وفي غير ليبيا، وكما هو الحال في مناطق المعارضة المسلحة.
 
 حسناً، هؤلاء المهاجرون، اللاجئون من سوريا، الأغلبية ليسوا من مناطق النظام، الأغلبية مهاجرون من مناطق المعارضة المسلحة، لأنه في مناطق النظام هناك جيش وهناك قضاء وهناك أمن وشرطة ودولة وهناك إدارات، هناك ما تريد، لكن بمناطق المسلحين هناك قتال دامي، بين الفصائل وبين التنظيمات المسلحة. فيقول لك إذا هؤلاء تقاتلوا بين بعضهم، فسوريا "خلاص لم يعد لها شغل معنا"، أولويتهم ستكون كل فريق كيف سوف يسيطر ويمحو الطرف الآخر. ولاحقاً إذا جاءوا ليهاجمونا، فإمكانية ضرب هؤلاء سهلة، وهؤلاء لن يكونوا حلفاء حزب الله الذي يشكل أيضاً عموداً فقرياً أساسياً في حركة المقاومة بالمنطقة، لذلك الإسرئيلي ضمناً هو مع الخيار الثاني، ليس مع الخيار الأول. يعني هو مع سقوط الرئيس الأسد، مع سقوط النظام، مع تفتت سوريا وتمزقها ودخولها في ظلام قتال الجماعات المسلحة فيما بينها.
 
 حسناً، المسار الجديد، الذي بدأت الأمور الآن تأخذه، تحول بالموقف الدولي، بالموقف الإقليمي، مجيء الروسي إلى سوريا، هذا إذا كان يعني بقاء النظام، وهو يعني ذلك، لأنه الآن بالسياسة بدأ الحدث عن بقاء الرئيس الأسد، وعن حكومة وحدة وطنية، لم يعد هناك حديث عن مجلس انتقالي، لكن الآن سينزلون قليلاً قليلاً، يعني بالأول كان يقول لك شرط مسبق، الآن يقول لك ليس هناك مشكلة، يبقى في المرحلة الانتقالية لكن بروتوكولي، أيضاً هذه انتهت، يكون جزءاً من الحل ولكن في المرحلة الانتقالية،لاحقاً هذا يُعالج.
 
 الإسرائيلي بالتأكيد لن تسعده هذه النتيجة، لأن بقاء النظام في سوريا، بقاء الرئيس الأسد في سوريا بالنسبة للإسرائيلي هو انتصار لمحور المقاومة الذي يشكل تهديداً استراتيجياً له.
 
 - في هذا السياق ماذا تعني زيارة رئيس وزراء العدو بنيامين نتانياهو إلى موسكو في هذا التوقيت بالذات، وهل تعتقد أنه نجح في جعل الاندفاعة العسكرية الروسية في سوريا تراعي الأجندة الإسرائيلية؟
 سماحة السيد نصرالله: الآن أنا ليس عندي معلومات خاصة، إنما الشيء الذي حكى الإسرئيليون أنفسهم عنه علناً، طبعاً أنا أعتقد أنه أولاً هو راح ليرى ما هو الأفق؟ يعني إلى أين يريد أن يصل الرئيس بوتين في سوريا؟ هذا واحد، يعني أولاً استطلاع عن قرب، ولذلك أخذ معه القيادات الأمنية والعسكرية المعنية.
 
 اثنين، على ما قالوا في وسائل الإعلام، إن هناك موضوعاً يريد أن يأخذ ضمانة فيه، أن هذا السلاح الروسي الذي جاء إلى سوريا، أن لا يصل إلى يد حزب الله، هذا الحضور الإقليمي يعني، الإسرائيلي ذهب إلى موسكو ليطمئن على أن هذه الأسلحة الروسية التي جاءت إلى سوريا لا تصل إلى حزب الله.
 
 - لكن هي وصلت، يمكن؟
 سماحة السيد نصرالله: الآن، إذا وصلت أو لم تصل، لن أقول لك.
 
 الشيء الثالث الذي يريد هو أن يناقش فيه، هو الوجود الروسي في سوريا والدفاعات الجوية وسلاح الجو، هذا كم سيمنع أو سيحد من هامش الحركة عند سلاح الجو الإٍسرائيلي. هذه الأهداف المعلنة للزيارة وهذا منطقي. لكن ما هي النتيجة التي وصلوا إليها، أنا الآن ليس عندي معلومات.
 
 - يعني هل تتوقع أن تكون قدرة تل أبيب على التحرك ضد أهداف لحزب الله والنظام في الداخل السوري قد أصبحت محدودة قياساً إلى الماضي بعد تمدد المظلة الروسية فوق سوريا؟
 سماحة السيد نصرالله: يعني بالحد الأدنى، القدر المتيقن لن تكون كما كانت، لكن هل ستنتفي أم كم سيكون هامشها، غير واضح عندي.
 
 - قواعد الاشتباك التي حضرتك أرسيتها بعد الاعتداءات التي صارت على حزب الله في سوريا ما تزال سارية المفعول؟
 سماحة السيد نصرالله: كل شيء ما زال قائماً.
 
 - جبهة واحدة؟
 سماحة السيد نصرالله: نحن على ما نحن عليه، ليس عندنا أي شيء جديد.
 
 - بما أننا نتكلم عن ممارسات العدو الإٍسرائيلي لا بد أن نسألك عن رأيك في تمادي الانتهاكات للمسجد الأقصى في القدس المحتلة؟ أيضاً إلى أي حد تعتقد بأن إسرائيل تستفيد من هذا التشتت في العالم العربي كي تتمادى في انتهاكاتها للمقدسات والمحرمات من دون أن تخشى أي رد فعل؟
 سماحة السيد نصرالله: واضح هي مستفيدة، ليس فقط بموضوع المسجد الأقصى، بكل الملف الفلسطيني، إسرائيل مستفيدة من التشتت العربي لتثبيت الاستيطان، الهيمنة، السيطرة، تهويد القدس، بل تهويد الضفة الغربية أيضاً، معاناة المعتقلين واضحة، الأفق واضح أن الإسرائيلي لا يعتبر أن هناك شيئاً اسمه عالم عربي. بل أنا بافتتاح المؤتمر العلمائي لما قلت إن الحكومات العربية باعوا فلسطين للإسرائيليين، خرج الإسرائيليون ليقولوا صحيح، الحكومات العربية باعتنا فسلطين وانتهى هذا الموضوع.
 فليس هناك شك أنهم مستفيدين.
 
 - ما هي الخيارات المتاحة لحماية المسجد الأقصى؟
 سماحة السيد نصرالله: في موضوع المسجد الأقصى هم يعملون اختبارات، يعني هذا الذي يحصل هو اختبار، نحن نحكي من سنوات أن المسجد الأقصى في دائرة التهديد ، لكن الإسرئيلي يحاول أن يستغل ظروفاً معينة، معطيات معينة، يعمل اختبارات ليحقق مشروعه، حتى موضوع الاستيطان، لا يذهب مباشرة على المناطق الحساسة، يبدأ بالقضم، يقتحم اقتحاماً.
 
 الآن مثلاً، الخطر الذي نتوقعه للمسجد الأقصى على المدى المتوسط أو البعيد هو الهدم، هم يريدون أن يهدموا أي أثر، أي مقدس إسلامي في هذه البقعة ويقيموا ما يسمونه الهيكل مثلاً. لكن هم يعرفون أن هذا الموضوع الآن صعب ومكلف، لذلك يذهب قليلاً قليلاً، يكسر حرمة المسجد، يكسر هيبته، يتعود الناس أن الإسرائيليين يستطيعون أن يفعلوا ما يريدون، وصولاً إلى ما يسمى الآن بالتقسيم الزماني والمكاني، يعني مثل ما فعلوا بالحرم الإبراهيمي مثلاً.
 نعم هذا خطر جدي، الآن الخيارات المتاحة، موقف الفلسطينيين، المرابطين في داخل المسجد الأقصى، المقدسيين، الموقف ممتاز. صلاة العيد، عندما يأتون من كل الضفة كي يصلوا في المسجد الأقصى رغم المخاطر والتهديدات، هذا في الحقيقة ليس فقط صلاة، هي شكل من أشكال المقاومة والدفاع عن المسجد الأقصى. الإسرائيلي يعرف أنه إذا ذهبت الأمور على تهديد جدي للمسجد الأقصى قد تحصل تطورات في فلسطين وفي محيط فلسطين غير معلوم إذا كان يستطيع أن يتحملها في المرحلة الحالية، الآن لا يمكننا أن نفصل بهذا الموضوع، لكن إذا سألتني الآن بالسياسة ما الذي يمنع؟ الذي يمنع واضح، أن هذه الدول العربية والدول الإسلامية تستطيع أن تتكلم مع الأميركان، تتكلم مع الأوروبيين، أنه اعملوا معروف احكوا مع هؤلاء الجماعة "يقعدوا عاقلين: لأن هذا الموضوع لا يُلعب به، هذا ممكن أن يفجر العالم العربي والإسلامي كله في وجه إسرائيل، وفي وجه من يحمي إسرائيل أيضاً.
 
 - يعني في حال تطورت الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى وذهبنا إلى أسوأ الاحتمالات مثل ما حضرتك متخوف، الهدم، بهذه اللحظ يعتبر نفسه حزب الله أنه معني مباشرة بالموضوع، معني بالمعنى العملي؟
 سماحة السيد نصرالله: نحن جزء من المعنيين في المنطقة وفي هذه الأمة بهذا المقدس، وبالتالي في مواجهة التهديد الجدي أو لحظات الخطر نحن سنكون جزءاً من أي حراك حقيقي يعمل معادلة تحمي هذا المسجد، كيف بالتحديد، هذا ليس وقته أن نحكيه.
 
 - سماحة السيد روجت مؤخراً بعض الأوساط العسكرية والإعلامية الإسرائيلية بأن الحرب مع لبنان وحزب الله آتية آتية، وقيل ـ أكثر من ذلك ـ إن الاستعدادات التي تقومون بها أنتم أيضاً هي تحت الرصد، هل فعلاً هذه الحرب حتمية وأوانها يقترب؟
 سماحة السيد نصرالله: لا أحد يستطيع أن يقول إنها حتمية، حتى عندما يحكي الإسرائيلي عن حتميتها، يمكن أن يكون هذا جزءاً من الحرب النفسية، أو جزءاً من التحريض الداخلي، من أجل جهوزية الجيش ومن أجل الموازنة التي فيها مشكلة داخل الحكومة الإسرئيلية، موازنة الجيش.
 
 الحرب ممكنة؟ نعم، هي ممكنة في أي وقت وممكنة في أي ظرف، لأن هذه هي إسرائيل وهذه طبيعتها العدوانية. فأنا لا أستطيع أن أتحدث عن حتمية الحرب ولكن أتحدث عن إمكانية الحرب، نعم هذه حرب ممكنة، لا أحد يستطيع أن يقول هي ليست ممكنة، ويمكن أن تحصل في أي وقت بسبب وبدون سبب، يعني الإسرائيلي والأميركاني عندما يركب عنده مشروع هو لا يحتاج إلى سبب، هو يستطيع أن يخترع السبب الذي يريده، وهذا يتطلب بالمقابل منا نحن، للدفاع عن بلدنا وعن شعبنا وعن أهلنا، أن لا نكون محكومين للتحليل السياسي، يجب أن نبني دائماً على أسوأ الاحتمالات. يعني أنا لا يمكنني أن اجلس هكذا والمقاومة تجلس وتقول الآن نظراً لأوضاع المنطقة والترتيبات وانشغال الأميركان ومصلحة اسرائيل، العالم متداخلة ببعضها وحزب الله يقاتل في سوريا إذاً حيث وحيث وحيث إذاً لا يوجد شيء، اذهبوا يا شباب أريحوا أعصابكم وناموا. ممكن أن يكون هذا التحليل صحيحاً، أنا لا أنفي.
 
 - لكن لا تبني عليه؟
 سماحة السيد نصرالله: لا نبني عليه ولا لحظة من اللحظات. في المقاومة البناء هو أن أي عدوان إسرائيلي، أي حرب إسرائيلية يمكن أن تحصل في أي لحظة من اللحظات بدون سبب أو لأي سبب من الأسباب التافهة، علينا أن نكون مستعدين وعلينا أن نكون جاهزين لنحمي بلدنا وشعبنا وأهلنا، وهذا هو مسار وعمل المقاومة في لبنان.
 
 - هل لا تزال المقاومة بهذا المعنى تعمل على تعزيز ترسانتها العسكرية أم يمكننا القول إنكم وصلتم إلى مرحلة الاكتفاء والاشباع؟
 سماحة السيد نصرالله: في مواجهة إسرائيل أنا لا أعتقد أن هناك مرحلة اسمها اكتفاء وإشباع، أنت تتكلم عن مواجهة عدو مسلح من رأسه إلى أخمص قدميه، أي سلاح، أي إمكانية، أي تطوير مادي أو بشري أو بالخبرة أو بنوع السلاح ممكن أن تحصل عليه المقاومة تفعل ذلك وتسعى لذلك، ولا يجوز أن تكتفي بسقف من الأسقف على الإطلاق.
 
 - سماحة السيد نحن اقتربنا إلى نصل إلى نهاية القسم الثاني من الحلقة، أريد أن أسألك عن اليمن، اليمن أيضاً، بعد مرور ستة أشهر تقريباً على هذه الحرب، يبدو متأرجحاً بين كل الاحتمالات، ما هي توقعاتك بالنسبة إلى مستقبل الأحداث في اليمن في ضوء العدوان السعودي المستمر، وهل من أفق لحل سياسي أم يبدو أن هذا الأفق مسدود؟
 سماحة السيد نصرالله: هناك اعتقد كبير الآن سائد بين المتابعين بضرورة انتظار معركة مأرب، فمعركة مأرب واضح الاندفاع فيها، اندفاعة كبيرة جداً، السعوديون لهم حضور مباشر، الإماراتيون، بعض الدول الخليجية الأخرى، البحرين أرسلت قوات، قطر أرسلت قوات. أنا معلوماتي أنه طبعاً استقدم، قد لا تكون قوات رسمية، قد تكون قوات رسمية لا أعرف، لكن من جنسيات متعددة، يعني مثل ما بعثوا إلى سوريا، الآن على أرض اليمن هناك من جنسيات متنوعة ومتعددة الآن تقاتل في اليمن وفي مأرب.
 
 هناك كلام، هناك تقدير يقول إن هذه المعركة قد ترسم الاتجاه، صمود الجيش اليمني واللجان الشعبية في هذه المنطقة، وفشل الهجوم الذي حتى الآن فشل، يعني فشل وكانت خسائره ضخمة جداً، وخسائره بالقوات، الجيوش المشاركة، المرتزقة لم يظهروا بالاحصائيات، هؤلاء عادة لا يحسبونهم. حتى الآن الهجوم فشل، فإذا فشل هذا الهجوم ولم يعد له أفق، لم يعد عنده أمل، هذا قد يفتح الباب بشكل كبير أمام الحل السياسي.
 
 طبعاً الميدان هو ميدان معقد، مثلاً الآن أنت ترى بحركة الجيش واللجان الشعبية، يعني يجب أن تأخذ المشهد ككل، البعض يأتي ويقدم لك موضوع عدن، أن هذا إنجاز وحسم المعركة، لا هذا لم يحسم المعركة، نعم هذا إنجاز، يعني نحن يجب أن نكون موضوعيين وواقعيين. وكان عبء المعركة في عدن عبئاً ضخم، أنت يجب أن تفترض ستة أشهر هناك الجيش اليمني واللجان الشعبية والقوى السياسية المؤيدة هي تحت الحصار منذ ستة أشهر، في البر والبحر والجو، وهناك جيوش وتكنولوجيا عالمية وتحالف يقاتل هؤلاء المحاصرين وحتى الآن هؤلاء ما زالوا صامدين. القوات المقابلة حققت إنجازات في الميدان، ولكن بالمقابل أيضاً الجيش واللجان الشعبية الآن هي في داخل الأراضي السعودية، بالسابق كانوا يأخذون مواقع وينسحبون منها، الآن على امتداد الحدود هناك مواقع دخلوها، ما زالوا فيها، هناك مدينة سيطروا عليها، هناك دخول في العمق السعودي، وأنا هنا طبعاً أستغرب أن المشاهد التي صار لنا من أشهر نشاهدها، تضعها تلفزيون المسيرة وتنقلها العديد من الفضائيات، أنه أي جيش في الدنيا، هذا الذي يترك هذه الدبابات والملالات والآليات والمواقع ويهرب، يعني هذا الجيش كيف يمكن تقييمه؟ على كل حال هذا يؤكد أن هذا الجيش قوته قوة جوية، لأن اليمنيين ليس عندهم القدرة الكافية لمواجهة سلاح الجو، لكن بالميدان واضح أن اليد العليا هي لليمنيين بشكل مباشر.
 
 إذاً، هناك انجازات كبيرة، الآن القتال يختلف عن المرحلة التي مضت، في المحافظات الجنوبية، مثلاً هم خرجوا من عدن، بعض المحافظات اتفقوا هم والحراك الجنوبي، سلموهم إياها، انسحبوا منها، الآن الجيش واللجان الشعبية تقاتل في ظروف أفضل، جغرافياً، بالمساحة، بالديموغرافيا، بالبيئة الحاضنة، بمعرفة الأرض، بدوافع القتال بحجم تورط القوات المحتلة والغازية، بالمأزق الذي بدأ يبان في الجنوب، حيث خرج الجيش واللجان الشعبية الآن ومحاولة القاعدة وداعش وقوى أخرى السيطرة على تلك المناطق، التعقيد الميداني كبير جداً. طبعاً المعركة مستمرة الآن، ولذلك أنا أعتقد أن أفق الحل السياسي يكبر لكن هو مرهون بنتائج المعركة القريبة. حتى المجتمع الدولي، هو تحمّل وسكت وصمت وأيّد للأسف الشديد، يعين الاستباحة السعودية لليمن ولشعب اليمن ولكل شيء في اليمن، مسجد ومدرسة وجامعة وآثار تاريخية وأطفال ونساء وكبار وأسواق، لا يوجد مشكلة، يعني اليوم بعد الخسائر (التي تعرض لها المحتلون) في منطقة صافر، جاء وقصف البيوت بصنعاء، يعني انتقم من النساء والأطفال، لأنه هناك فشل، كان عنده فشل ذريع.
 
 الحل السياسي مفتوح الباب إليه، والذي يعطل الآن الحل السياسي هو فقط السعودية، لأنها تريد شروطاً أفضل للتفاوض.
 
 - سماحة السيد هناك سؤال يراود بعض اللبنانيين ومفاده، أنه إذا كان حزب الله يرى أن هناك ضرورات وجودية واستراتيجية تحتم عليه التدخل في سوريا التي تشكل عمقاً حيوياً له، فلماذا في المقابل تعتبرون أنفسكم معنيين إلى هذا الحد بما يجري في اليمن الذي يبعد آلاف الأميال عن لبنان، ولماذا ذهبتم بعيداً في معاداة السعودية، وربما أبعد من ما ذهبت إليه إيران حتى؟
 سماحة السيد نصرالله: معركة اليمن معركة مختلفة، في اليمن من البداية هناك ظلم كبير جداً ناجم عن أن الجماعة في اليمن لم يقولوا نحن لا نريد علاقة مع السعودية، ولا نريد علاقة مع دول الجوار ولا نريد حلاً سياسياً، بالعكس قالوا نحن نريد حلاً سياسياً، ومن البداية قالوا نحن لا نريد كل السلطة، نحن نريد شراكة وطنية في اليمن. إنما كانت الحرب على هؤلاء في اليمن نتيجة خطهم السياسي، الذي له علاقة بالموقف من إسرائيل، له علاقة بالموقف من أميركا، من المشروع الأميركي في المنطقة، من الحضور الأميركي والإسرائيلي في المنطقة، وتأييدهم للمقاومة ولمحور المقاومة، ولذلك ماذا كان عنوان الحرب؟ أن إيران تبسط نفوذها في اليمن، وهذا غير صحيح وهذا كذب وافتراء، لكن هذا يبين لك الوجه الحقيقي، أنه أنتم، لأن خياركم السياسي وخطكم السياسي هو خارج المشروع الأميركي والانصياع للشروط الاسرائيلية ووو... الذي يمثلها ما يسمى اليوم بالاعتدال العربي، نحن لا نسمح لكم أن تكونوا موجودين باليمن، ليست المعركة منع مثلاً أنصار الله أو قوى وطنية وإسلامية أخرى في اليمن من أن تشارك في السلطة، هم لا يريدوا أن يكونوا موجودين أصلاً.
 
 - يعني هذا الذي دفع حزب الله إلى اتخاذ هذا الموقف المبدئي؟
 سماحة السيد نصرالله: بالتأكيد نحن نعتبر أن المعركة باليمن مختلفة عن المعركة في ليبيا، المعركة في ليبيا جزء منها حرب داخلية بين الليبيين وصراع محاور، ليس لها علاقة بالموضوع الإسرائيلي لا من قريب ولا من بعيد، حرب اليمن لها علاقة بإسرائيل.
 
 - سماحة السيد حتى نختم المحور الإقليمي، وأنا أعرف تأخرنا قليلاً عن الفاصل، لكن حتى ننظم الحلقة أفضل أن ننهي المحور الإقليمي الآن. البحرين، أيضاً إلى أين تتجه الأمور في البحرين وهل حجب غبار الحروب في المنطقة ما يجري في البحرين؟
 سماحة السيد نصرالله: هو من مظلومية البحرين وشعب البحرين أنه من البداية، لما بدأ التحرك الشعبي أو انتفاضة الثورة الشعبية، سمّيها ما شئت، كان هناك أحداث كبيرة تحدث في المنطقة، هذا أكيد حجب (الحراك البحريني). ثانياً، هو الاتهام المباشر لهذا الحراك، يعني توصيفه طائفياً، أصبح كثر يعتبرون أنه أخذ خانة محددة ومحدودة. كان هناك رهان أن الشعب البحريني بالنهاية سيتعب، نعتقل قادته ورموزه وعلماءه وشبابه ونساءه، نقيلهم من الوظائف، نحرمهم من الجنسية، هذا كله يحصل، نقتلهم بالطرقات، نمنعهم أن يذهبوا منح طلابية، نحرمهم من المنح الطلابية، نفرض ضغطاً اجتماعياً، ضغطاً أمنياً وضغطاً نفسياً، وفي النهاية سيستسلمون. يعني في يوم من الأيام لما كان يحصل نوع من النقاش، وهذا أنا حكينه في واحدة من المقابلات، بزمن الأمير نايف مع أحد المسؤولين الإيرانيين، الأمير نايف هو يطرح حلاً لموضوع البحرين، ماذا الحل؟ أن ترجع الناس إلى بيوتها. مثلاً بسوريا، حتى النظام بسوريا هو لا يتبنى حلاً أن ترجع الناس إلى بيوتها أو حلفاء سوريا، بالعكس الكل يقول فليحصل حوار سوري - سوري، يحصل إًصلاحات، ويصبح هناك حكومة وحدة وطنية والمعارضة تشارك، طبعاً المعارضة غير التكفيرية.
 
 لكن الحل المطروح للبحرين عند النظام بالسعودية والنظام بالبحرين أن ترجع الناس إلى بيوتها، وطبعاً المساجين يبقون في السجن، والذين سحبوا جنسياتهم انقطعت جنسياتهم، شيء غير منطقي على الإطلاق.
 
 هذا الرهان طبعاً لم ينجح، الشعب البحريني يكمل، وسيكمل وأنا أقول لك، أنا أعرف جيداً إرادتهم ونَفَسهم الطويل وصبرهم وهمّتهم العالية، علماؤهم وشبابهم ونساؤهم وتوصيات قادتهم ورموزهم وعلماؤهم في السجون ـ المفترض أن الذين بالسجن يهبطون العزائم، بينما الذين في السجن هم الذين يعطون معنويات، أن أكملوا هذا الطريق وواصلوا العمل.
 
 طبعاً سوف يأتي وقت بالنهاية، هذا النظام عنده مأزق حقيقي، يعني الآن مثلاً لما يصل النظام لأن يقول إنه يريد أن يشكّل حكومة مصغرة، بالمناسبة رئيس الحكومة يمكن أًصبح له 43 سنة رئيس حكومة، يعني أقدم رئيس حكومة في العالم، وحتى الملك نفسه لا يستطيع أن يقترب منه، معروف بالبحرين. فلماذا يريدون أن يشكلوا حكومة مصغرة؟ لمواجهة الأزمة المالية، هذا ليس له علاقة فقط بهبوط أسعار النفط، منذ متى البحرين معتمدة، كم هو تصدير نفطها. لكن في نهاية المطاف لما تكون البحرين مأزومة داخلياً وأمنياً وشعبياً واجتماعياً سيؤثر هذا على كل وضعها الاقتصادي والمالي.
 
 بنهاية المطاف، النظام سيجد نفسه أمام واقع حقيقي، أنه لا بد من الحوار الوطني والتفاهم مع شعبه والوصول إلى معالجات تحقق مطالب هذا الشعب المحقة. أما الرهان على تعب هؤلاء الناس، وعلى مللهم وعلى تراجعهم هو رهان خاسر. مثلاً قبل أيام سماحة الشيخ علي سلمان الذي بالمناسبة محاكمته شكلية صورية، تصور محاكمة ممنوع أن يدافع عن نفسه، حسناً، لا يريد أن يتكلم يا أخي، ممنوع أن يتكلم، محامو الدفاع ممنوعون من أن يفتحوا فمهم ويتكلموا، يعني لا يوجد محاكمة مماثلة بالدنيا ، وأنا أعتقد السابقين الذين دخلوا إلى السجون وحوكموا من رموز وقادة تعرضوا لمحاكمات شكلية من هذا النوع.
 
 الرسائل الذي بعثها (الشيخ علي السلمان) للشعب البحريني، طبعاً بقية العلماء والقادة والرموز، النفس العام هو نفس تداوم واستمرار، وبالنهاية هذا سيوصل لنتيجة على قاعدة المعروف، الشعر الذي يحكيه الجميع في المنطقة العربية "إذا الشعب يوماً أراد الحياة"، هؤلاء يريدون الحياة وبكرامة ويتحملون التضحيات والسجون والشهادة والظلم والمظلومية من القريب والبعيد ولكنهم سيفرضون خيارهم في نهاية المطاف.
 
 - سماحة السيد نريد أن نريحك قليلاً ونتوقف مع فاصل آخر، مشاهدينا الكرام نتوقف مع فاصل نعود من بعده لمابعة الحوار، بالجزء الثاني سنغوص في المحور اللبناني، وسماحة السيد سيضع النقاط على حروف طاولة الحوار والرئاسة الجمهوية وغيرها من الملفات وسيقول كلاماً واضحاً وجريئاً في موضوع اعتماد مبدأ النسبية في الانتخابات النيابية والحراك الشعبي، انتظرونا.

1 2 3
2015-09-20