يتم التحميل...

الديانة البوذية

أديان

تعتبر الديانة البوذية إحدى فروع الديانة الهندوسية، إلا أنها تجاوزت حدود الهند وزحفت نحو الشرق الأقصى، واستطاعت أن تجذب أتباعاً كثيرين، وأخيراً اتسع نطاقها لتشمل أمريكا وأوروبا .

عدد الزوار: 30

تعريف البوذية

تعتبر الديانة البوذية إحدى فروع الديانة الهندوسية، إلا أنها تجاوزت حدود الهند وزحفت نحو الشرق الأقصى، واستطاعت أن تجذب أتباعاً كثيرين، وأخيراً اتسع نطاقها لتشمل أمريكا وأوروبا . وظهر في القرن الثامن والتاسع عالمان هندوسيان قاما بإصلاح الديانة الهندوسية، الأمر الذي أدّى إلى اختفاء الديانة البوذية من الهند شيئاً فشيئاً، وحلت محلها الديانة الهندوسية، وبقي انتشار البوذية الواسع خارج الهند .

من هو بوذا؟
  بوذا Buddha تعني الملهَم، وهو لقب غوتاما ساكياموني Gautama Sakya-muni مؤسس الديانة البوذية الإصلاحية، وحسب معتقدات البوذية فإن بوذا هو ابن ملك مدينة كبيلا فاستو Kapila-Vastu الواقعة شمال الهند، ولد عام 563 ق .م . وأطلق عليه في البداية اسم سيذارتا Siddhartha يعني الذي حقق غايته، وكان في شبابه قد تزوج وعاش حياة رغيدة، ولكن في سن 29 من عمره تسلل ليلاً من القصر وانخرط في سلك الرهبان، وبعد ست سنوات من الرياضة الشاقة والصارمة في الغابة خاب أمله في الوصول إلى الحقيقة عن طريقها فتخلى عنها وأخذ بالتأمل والتفكر والمراقبة الروحية، واستغرق هذا ست سنوات أخرى، ومن ثم أمضى ما يقرب من سبعة أسابيع في صراع عنيف مع مارا Mara يعني الشيطان، تحت شجرة عرفت في ما بعد بشجرة اليقظة، وفي النهاية رصد الحقيقة وتنورت بصيرته وصار بوذا عصره .

وجاب بوذا البلاد لمدة 40 سنة في سبيل نشر دعوته، والتفت حوله مجموعة من الشباب علّمهم مبادئه ولقنهم دعوته، وأخيراً التحق بالنيرفانا عام 483 ق .م . وهو في سن الثمانين .

أفكار بوذا
لما وصل بوذا إلى الحقيقة كما يُدّعى، انطلق إلى مدينة بنارس للعثور على الرهبان الخمسة الذين أعرضوا عنه، وكان يعتقد أنهم يبحثون مثله عن الحقيقة، الأمر الذي يتيح له تلقينهم مبادئه، وما أن وطأت قدماه أرض بنارس حتى التقى بهم، ودارت بينهم محاورة تتضمن مبادئه وأفكاره، سنعرض هذه المحاورة ضمن العنوانين التاليين :

فلسفة بوذا

ـ قالوا له : هل استنارت عيناك بالحقيقة أخيراً؟

ـ بوذا : نعم .

ـ الرهبان : ما هو سر الوجود وحقيقته؟

 ـ بوذا : هل تعتقدون بالكارما قانون جزاء الأعمال ؟

ـ الرهبان : نعم .

ـ بوذا : فاعلموا أنه بداية الحكمة ومعرفة الحقيقة، الخير يجلب الخير والشر يجلب الشر، هذا هو القانون الأول للحياة، وكل ما سواه قائم به .

ـ الرهبان : لم تأت بجديد .

ـ بوذا : لو كانت الحقيقة هذه، فالتضرع والدعاء والقربان للرب لا يجدي نفعاً .

ـ الرهبان : وكيف ؟

ـ بوذا : إن الماء ينحدر نحو الأسفل دائماً، والنار حارة أبداً، والثلج بارد دائماً، فلو تضرعتم بين يدي آلهة الهندوس جميعها لما أثر ذلك في تغيير مجرى الماء نحو الأعلى، وفي جعل النار باردة والثلج حاراً، فقوانين هذه الظاهرة لا تبطل، والتضرع والدعاء أمام الآلهة لا يجديان في إبطالها .

فبهتوا وأبدوا موافقة لهذا الكلام، فاسترسل بوذا قائلاً : إذا كان ما نطقت به حقاً فإن كتاب الفيدات الذي يرسم أسلوب الدعاء والتضرع والقربان بعيد عن الصواب، وأُعلن ـ وخلافاً لزعماء الدين ـ أن الفيدات ليست مقدسة .

تعجب الرهبان لهذه الجرأة وساورتهم الحيرة، وراحوا يسألون بوذا : هل تريد من ذلك القول أن برهما حينما خلق العالم لم يصنف الناس إلى طبقات اجتماعية مختلفة؟

ـ بوذا : لا أعتقد بالمرة أن برهما خلق شيئاً كي يكون العالم من صنعه .

ـ الرهبان : فمن هو صانع العالم؟ ـ

بوذا : اعتقد أن العالم أزلي مستمر، ليس له مبدأ ولا نهاية، أيها الرهبان :

 هناك حدان متناقضان يجب أن يبتعد عنهما الذين تخلوا عن الحياة الدنيا، الأول : الانسياق في الملذات، وهذا أمر سافل وعقيم، والثاني : هو طريق التقشف وإماتة الجسد، وهذا أمر مؤلم وعقيم أيضاً .

الأخلاق البوذية
ـ وأخيراً سأل الرهبان بوذا : فأيهما الصواب؟
ـ بوذا : وجدت بعد تفكير طويل طريقاً وسطاً يفتح العيون ويحفّز العقول، ويقود إلى الراحة والمعرفة والإشراق والنيرفانا، إنه طريق طويل ذو ثمانية مسالك هي :
1-الاعتقاد الصحيح، ويعني الاعتقاد بأن الصدق يقود الإنسان نحو الفلاح .
2-العزم الصحيح، ويعني التحلي بطبيعة هادئة تمنعه من إلحاق الأذى بالحشرات والحيوانات .
3-القول الصحيح، بالابتعاد عن الكذب والتفوه بالكلام البذيء .
4-العمل الصحيح، بالاحتراز عن السرقة وتلطيخ الأيدي بدماء الآخرين .
5-العيش الصحيح، بتجنب ارتكاب الأفعال القبيحة، كأكل الربا، والاكتساب بمال السرقة .
6-الجهد الصحيح، بالسعي إلى الخير والهرب من الشر .
7- الفكر الصحيح، ويعني غلبة الهدوء وعدم إفساح المجال للفرح والحزن بأن يأخذهما إلى الفكر .
8-التأمل الصحيح، وهو ثمرة الخضوع للمسالك السبعة، وعندها سينال الهدوء الواقعي .

وهناك قيود تسعة تحدث عنها بوذا، وهي : الاجتناب عن أذى الدواب، الاجتناب عن السرقة، الاجتناب عن الخيانة، الاجتناب عن الكذب، الاجتناب عن المسكرات، الاجتناب عن الغرور، الاجتناب عن التفوه بالكلام البذيء، الاجتناب عن الجهل، الاجتناب عن العداء .

الكتب البوذية المقدسة
ويعد ثري بيتكا Tri-Pitaka وتعني السلال الثلاث، من أقدم الكتب المقدسة عند البوذيين، ويشتمل على ثلاثة أقسام : قواعد الرهبنة، منهج الفلاح والصلاح، المفاهيم الفلسفية والنفسية وثمّة كتب مقدسة تختص بفرق بوذية مختلفة .

الفرق البوذية
انقسمت الديانة البوذية إلى ثلاث فرق :

1-المهايانا Maha-Yana وتعني العجلة الكبيرة، وتنتشر هذه الفرقة في الصين، حيث اصطبغت ببعض سنن ديانات صينية ويابانية، ومن طقوسها التي حزت على شهرة عالمية الدهيانة، وتعني بالسانسكريتية التأمل، وتسمى في الصين جانغ Chang وفي اليابان زين Zeَ .

2- الهينايانا Hina-Yana وتعني العجلة الصغيرة، وتنتشر هذه الفرقة في سريلانكا ودول جنوب شرق آسيا . ويطلق أتباع هذه الفرقة على ديانتهم اسم ثيرفاده Theravada أي ديانة السلف والعظماء .

3-الفيجريانا Vajra-Yana وتعني عجلة الألماس، وتنتشر هذه الفرقة في التيبت، حيث اختلطت الديانة البوذية هناك بالسحر والكهانة، وأوجدت لها مؤسسات دينية مقتدرة، ويطلق على هذه الفرقة أيضاً اسم اللامائية Lamaism ، ويعرف زعيمها الديني باسم الدالاي لاما Dalai Lama ، وقد اضطر الدالاي لاما في هذا العصر إلى مغادرة التيبت بعد زحف الشيوعيين إليها من الصين، والاستقرار في الهند، والمواظبة فيها على العبادة والإرشاد .

ديانة السيخ

تعريف السيخ
تشعبت الديانة الهندوسية إلى فروع أخرى، أشهرها ديانة السيخ sikh وتعني التلميذ . فقد أدى التقاء الإسلام بالهندوسية في الهند عبر عصور مختلفة إلى إيجاد مذاهب مزدوجة، وفي هذا الإطار قام أحد عرفاء المسلمين الكبار ويدعى كبير 1440ـ 1518 م بإضفاء صبغة التوحيد الإسلامي على بعض العقائد الهندوسية، والتف حوله جمع غفير من الموالين والتلاميذ وأسس أحد هؤلاء التلامذة ويدعى نانك Nanak ديانة السيخ، وهو أوّل غورو Guru وتعني المعلم، تولى زعامة الطائفة السيخية، ثم أعقبه خلفاؤه التسعة، وازداد نفوذ هذه الطائفة شيئاً فشيئاً حتى أصبحت كياناً سياسياً ودينياً مقتدراً .

ولد نانك عام 1469 م لأسرة تنتمي إلى طبقة الكشتريا، وتقطن إحدى قرى لاهور، تتلمذ على عرفان مسلمين وهندوس، وزار الدول الإسلامية، وقصد مكة للحج، وانتهى به المطاف إلى تأسيس الديانة السيخية، وبنى تعاليمه على أساس أقوال وتعاليم الأولياء والصوفيين من المسلمين والهندوس، توفي عام 1539 م .

التعاليم
أطلق نانك اسم الحق على الله تعالى، وكان يقول : إن الله مهما أطلق عليه من اسم فهو الحق القادر المتعال فقط، وإن السعادة والوصول إلى النيرفانا تكمنان في الاستغراق في ذكر الحق، وآمن بدوامة التناسخ، والكارما قانون جزاء الأعمال ، وأباح لأتباعه أكل اللحوم، وألغى الفوارق الطبقية .

الآثار الدينية

شيّد الغورو أرجان خامس زعماء الطائفة معبداً وهيكلاً ضخماً مطلياً بالذهب في مدينة أمريتسار Amritsar بالهند، وألّف كتاب غرانت صاحب Granth-Sahib الذي يعد من أهم الكتب المقدسة عند السيخ .

التاريخ السياسي للسيخ
راجت بين السيخ على عهد الغورو غوبند سنغ عاشر زعماء الطائفة مسألة البيعة في القضايا السياسية، وأخذت هذه الطائفة تسلك طريق العنف، بعد أن كانت سلمية في البداية، ومنذ ذلك الوقت أطلقت على نفسها اسم الخالصة، أي العارية من التكلف، رفعت شعارات خمسة تبدأ كلها بحرف الكاف باللغة البنجابية :
1-الكيسا : إرسال شعر الرأس واللحى .
2-الكانكا : حيازة المشط .
3-الكاشا : ارتداء سروال قصير لا يتجاوز الركبة .
4-كارا : لبس سوار من الفولاذ .
5-كيَرْبان : حمل سيف أو خنجر من الفولاذ .

وقد شهد عهد الغورو العاشر وقوع صراع عنيف مع المغول، قتل فيه عدد كبير من أتباعه بينهم أبناؤه الأربعة، وطُرد من البنجاب، وكان قد أعلن انتهاء تعاقب المرشدين الغورو من السيخ بعده .


*دروس في الأديان, سلسلة المعارف الإسلامية , نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

2013-02-09