يتم التحميل...

قاعدة الفراغ

القواعد الفقهية

المعنى: معنى القاعدة هو الحكم بصحة العمل المركب الذي شك في صحته بعد الفراغ منه، كالشك في صحة الصلاة "لاحتمال الخلل"، فيحكم بصحة الصلاة وتماميتها،

عدد الزوار: 15

المعنى: معنى القاعدة هو الحكم بصحة العمل المركب الذي شك في صحته بعد الفراغ منه، كالشك في صحة الصلاة "لاحتمال الخلل"، فيحكم بصحة الصلاة وتماميتها، ولا يترتب الأثر على الشك. ولا تختص القاعدة بالطهارة والصلاة بل تعم جميع العبادات بل المعاملات كما قال سيدنا الاستاذ: أنه نتعدى منهما بواسطة العموم الوارد في موثقة ابن بكير "كلما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو" وبعموم التعليل في قوله "هو حين يتوضأ اذكر منه حين يشك" وبعموم قوله "وكان حين انصرف أقرب إلى الحق" فلا مانع من جريان قاعدة الفراغ في الطواف وغيره، بل لا مانع من جريانها في العقود والايقاعات، فتجري قاعدة الفراغ في الجميع بمقتضى عموم الدليل. ولا يخفى أن قاعدة الفراغ إنما تجري في عمل النفس لا في عمل الغير، وبه تمتاز عن قاعدة الصحة، كما تقدمت الأشارة إليه، ويكون موردها هو الشك في الصحة بعد إحراز أصل العمل، ولا بد أن يكون الشك ناشئا عن الغفلة والسهو، ولم تكن صورة العمل محفوظة، لأن القاعدة بحسب الحقيقة تنشئ عن أصالة عدم الغفلة كما قال سيدنا الاستاذ: أن جريان قاعدة التجاوز والفراغ مختص بما إذا كان الشك ناشئا من احتمال الغفلة والسهو، فلا مجال لجريانهما فيما إذا احتمل ترك الجزء أو الشرط عمدا، لما ذكرناه من أنهما ليستا من القواعد التعبدية بل إمضاء لقاعدة إرتكازية عقلائية، وهي أصالة عدم الغفلة، لظهور حالهم حين الامتثال في عدم الغفلة، ولا يستفاد من الأدلة أزيد من هذا المعنى، مضافا إلى دلالة التعليل المذكور في بعض الروايات على الاختصاص فان كونه اذكر إنما ينافي الترك السهوي لا الترك العمدي كما هو واضح.

والأمر كما أفاده. ومن المعلوم أن مورد قاعدة الفراغ والتجاوز والصحة هو الشك المتعلق بالموضوع وأما في صورة الشك في الحكم الشبهات الحكمية فلا مجال لهذه القواعد وهناك يتمسك بالأمارات والاصول العملية.

المدرك: يمكن الاستدلال على اعتبار القاعدة بما يلي:
1 - الروايات: وهي الواردة في باب الشك في الصلاة وغيرها. منها صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يشك بعد ما ينصرف من صلاته، قال: فقال: "لا يعيد ولا شئ عليه". دلت على عدم الاعتبار بالشك في صحة الصلاة بعد الفراغ عنها، وأن الحكم عندئذ هو الأجزاء. ومنها صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: "كلما شككت فيه بعد ما تفرغ من صلاتك فامض ولا تعد". دلت على أن كل صلاة شك في صحتها بعد الأتيان يحكم بالصحة والتمامية. ومنها موثقة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: "كلما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو".

دلت على الحكم بالصحة والتمامية، بالنسبة إلى العمل الذي شك فيه بعد الفراغ عنه، أعم من أن يكون المشكوك هو جزء العمل أو تمامه، وذلك لعموم الأدلة، ومن الأدلة العامة قوله عليه السلام: كلما شككت، في هذه الرواية، فيشمل جميع أقسام المشكوك. توضيح قد تقدم أن قاعدة التجاوز لا تجري عند الشك في أجزاء الوضوء للنص الخاص، وأما قاعدة الفراغ فهل تجري في ذلك المقام "الشك في أجزاء الوضوء" أم لا؟ التحقيق: هو الجريان، لعموم الأدلة، كما قال سيدنا الاستاذ: التحقيق هو الجريان، لعموم الأدلة وعدم المانع عن العمل بها، أما عموم الأدلة فقد تقدم كلما شككت. وأما عدم المانع فلأن عمدة الأدلة المانعة عن جريان قاعدة التجاوز في الوضوء هي قوله عليه السلام في صحيحة زرارة "فأعد عليها وعلى جميع ما شككت فيه... الخ" ومفادها وجوب الاعتناء بالشك والاتيان بالمشكوك فيه فيما إذا كان الشك في أصل الغسل أو المسح، لا ما إذا كان الشك في صحة الغسل أو المسح. فالصحيحة تدل على عدم جريان قاعدة التجاوز فقط في الوضوء، لا على عدم جريان قاعدة الفراغ أيضا، فإذا شك في غسل الوجه مع الاشتغال بغسل اليد اليسرى مثلا يجب غسل الوجه مع ما بعده، لعدم جريان قاعدة التجاوز. وأما إذا شك في صحة غسل الوجه كما إذا شك في وقوعه من الأعلى مثلا فلا مانع من الرجوع إلى قاعدة الفراغ والحكم بالصحة، ولا فرق في جريان قاعدة الفراغ في أجزاء الوضوء بين الجزء الأخير وغيره، لعموم الأدلة على ما ذكرنا. والأمر كما أفاده.


2 - التسالم: قد تحقق التسالم على مدلول القاعدة "الحكم بالصحة عند الشك بعد الفراغ" عند الفقهاء ولا خلاف فيه بينهم فالأمر متسالم عليه. توضيح: لا يخفى أنه لا فرق بين قاعدتي الفراغ والتجاوز في مقام الثبوت والفرق بينهما إنما هو في مقام الأثبات كما قال سيدنا الاستاذ: أن المستفاد من ظواهر الأدلة مقام الأثبات كون القاعدتين مجعولتين بالاستقلال وأن ملاك إحداهما غير ملاك الاخرى فإن ملاك قاعدة الفراغ هو الشك في صحة الشئ مع إحراز وجوده وملاك قاعدة التجاوز هو الشك في وجود الشئ بعد التجاوز عن محله.

 فرعان الأول: قال السيد اليزدي رحمه الله: وإن شك بعد الفراغ في أنه الحاجب كان موجودا أم لا؟ بني على عدمه ويصح وضوءه، وكذا إذا تيقن أنه كان موجودا وشك في أنه أزاله أو أوصل الماء تحته أم لا؟ وقال السيد الحكيم رحمه الله: أن الحكم يكون كذلك، لقاعدة الفراغ.

 الثاني: قال السيد اليزدي رحمه الله: إذا علم بوجود مانع وعلم زمان حدوثه وشك في أن الوضوء كان قبل حدوثه أو بعده يبني على الصحة لقاعدة الفراغ1.


1-القواعد الفقهية / العلامة مصطفوي..

2012-10-08