يتم التحميل...

في صفات الإمام

بحوث عامة

أنّ الإمام كالنبي يجب أن يكون معصوماً من جميع الرذائل والفواحش، ما ظهر منها وما بطن، من سنِّ الطفولة إلى الموت، عمداً وسهواً.كما يجب أن يكون معصوماً من السهو والخطأ والنسيان، لأنّ الأئمة حفظة الشرع والقوَّامون عليه، حالهم في ذلك حال النبي...

عدد الزوار: 68

عقيدتنا في عصمة الإمام
نعتقد: أنّ الإمام كالنبي يجب أن يكون معصوماً من جميع الرذائل والفواحش، ما ظهر منها وما بطن، من سنِّ الطفولة إلى الموت، عمداً وسهواً.

كما يجب أن يكون معصوماً من السهو والخطأ والنسيان، لأنّ الأئمة حفظة الشرع والقوَّامون عليه، حالهم في ذلك حال النبي، والدليل الذي اقتضانا أن نعتقد بعصمة الأنبياء هو نفسه يقتضينا أن نعتقد بعصمة الأئمة بلا فرق.

أن يَجمعَ العالَمَ في واحدِ1 ... ليسَ عَلى اللهِ بمُستَنكَرِ عقيدتنا في صفات الإمام وعلمه:

ونعتقد: أنّ الامام كالنبي يجب أن يكون أفضل الناس في صفات الكمال: من شجاعة، وكرم، وعفّة، وصدق، وعدل، ومن تدبير، وعقل، وحكمة وخلق.

والدليل في النبي هو نفسه الدليل في الإمام.

أمّا علمه: فهو يتلقّى المعارف والأحكام الإلهية وجميع المعلومات من طريق النبي أو الإمام من قبله.

وإذا استجدّ شيء لابدّ أن يعلمه من طريق الإلهام بالقوة القدسية التي أودعها الله تعالى فيه، فإن توجّه إلى شيء وشاء أن يعلمه على وجهه الحقيقي، لا يخطئ فيه ولا يشتبه، ولا يحتاج في كلّ ذلك إلى البراهين العقلية، ولا إلى تلقينات المعلّمين، وإن كان علمه قابلاً للزيادة والاشتداد، ولذا قال صلّى الله عليه وآله في دعائه:
"رَبِّ زدني علماً".

أقول: لقد ثبت في الأبحاث النفسيّة أنّ كل إنسان له ساعة أو ساعات في حياته قد يعلم فيها ببعض الأشياء من طريق الحدس الذي هو فرع من الإلهام، بسبب ما أودع الله تعالى فيه من قوّة على ذلك، وهذه القوة تختلف شدّة وضعفاً وزيادة ونقيصة في البشر باختلاف أفرادهم، فيطفر ذهن الإنسان في تلك الساعة إلى المعرفة من دون أن يحتاج إلى التفكير وترتيب المقدّمات والبراهين أو تلقين المعلّمين، ويجد كل إنسان من نفسه ذلك في فرص كثيرة في حياته.

وإذا كان الأمر كذلك، فيجوز أن يبلغ الإنسان من قوّته الإلهامية أعلى الدرجات وأكملها، وهذا أمر قرَّره الفلاسفة المتقدّمون والمتأخرون.

فلذلك نقول ـ وهو ممكن في حدِّ ذاته ـ: إنّ قوّة الإلهام عند الإمام ـ التي تسمّى بالقوة القدسية ـ تبلغ الكمال في أعلى درجاته، فيكون في صفاء نفسه القدسية على استعداد لتلقّي المعلومات في كلّ وقت وفي كل حالة، فمتى توجّه إلى شيء من الأشياء وأراد معرفته استطاع علمه بتلك القوة القدسية الإلهامية بلا توقّف ولا ترتيب مقدمات ولا تلقين معلّم، وتنجلي في نفسه المعلومات كما تنجلي المرئيات في المرآة الصافية، لا غطش فيها ولا إبهام.

ويبدو واضحاً هذا الامر في تاريخ الأئمة عليهم السلام كالنبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، فإنّهم لم يتربّوا على أحد ولم يتعلّموا على يد معلّم، من مبدأ طفولتهم إلى سن الرشد، حتى القراءة والكتابة، ولم يثبت عن أحدهم أنه دخل الكتاتيب أو تلمذ على يد أستاذ في شيء من الأشياء، مع ما لهم من منزلة علمية لا تجارى، وما سئلوا عن شيء إلاّ أجابوا عليه في وقته، ولم تمر على ألسنتهم كلمة: لا أدري، ولا تأجيل الجواب إلى المراجعة أو التأمّل أو نحو ذلك.

في حين أنّك لا تجد شخصاً مترجماً له من فقهاء الإسلام ورواته وعلمائه إلاّ ذكرت في ترجمته تربيته وتلمذته على غيره، وأخذه الرواية أو العلم على المعروفين، وتوقّفه في بعض المسائل، أو شكّه في كثير من المعلومات، كعادة البشر في كلِّ عصر ومصر.

*عقائد الامامية، الشيخ محمد رضا المظفر، ص:76- 78.


1- البيت لأبي نؤاس، راجع: دلائل الإعجاز: 196 و 424 و 428.

2010-02-28