يتم التحميل...

كلمة الإمام الخامنئي في مراسم الذكرى الـ29 لرحيل الإمام الخميني

2018

كلمة الإمام الخامنئي في مراسم الذكرى الـ29 لرحيل الإمام الخميني

عدد الزوار: 9

كلمة الإمام الخامنئي في مراسم الذكرى الـ29 لرحيل الإمام الخميني(رضوان الله عليه)_4-6-2018

خطة العدو للسيطرة على بلدنا وأبعادها الإقتصادية والنفسية والعملانية

محاور رئيسية
• جبهة أعداء الإمام والجمهورية الإسلامية
• الإمام الخميني في تصديه لجبهة الأعداء
لإستئناف أنشطتنا النووية ما لم ترفع العقوبات
• للشباب العرب: إعملوا لاستقلال وتقدم بلدانكم

بسم الله الرحمن الرحيم (1)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين، لا سيما بقيّة الله في الأرضين. قال الله الحكيم في كتابه الكريم: «هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا» (2).

استحضار حالات العظمة والرفعة والعروج المعنوي للشخصيات الكبرى یمنح القلوب السكينة والطمأنينة والثقة بالنفس. تَعتبر الآية الشريفة السكينة والطمأنينة في قلوب المسلمين ناتجة عن الفتح والنصرة الإلهية، وترى أن الهدوء والطمأنينة والسكينة القلبية سببٌ لتقوية الإيمان وازدياده، العدو يريد عكس وخلاف هذا الأمر للأمة الإسلامية ولمجتمعنا المؤمن والمنطلق والحيوي.

الإمام الخميني المحرّك القوي للثورة
منذ ثلاثين عامًا ونحن نتحدّث في مثل هذا اليوم عن الإمام الخميني الجليل، الإمام الخميني قمةٌ من القمم الشامخة، وسوف يبقى شعبنا وأمتنا على الدوام يتحدثون عنه. وهذا هو العمل الجدير واللائق؛ لأنَّ الإمام هو رمز الثورة. ولن يصل هذا البلد إلى أهدافه وآماله الكبرى من دون المحرك القوي للثورة.

أوجه الشبه بين أمير المؤمنين(عليه السلام) والإمام الخميني
هذا التزامن بين ذكرى رحيل الإمام الخميني وأيام استشهاد الإمام أمير المؤمنين في هذه السنة، يعيد إلى الذهن التشابه بين هذا الموالي الحقيقي لأمير المؤمنين وذلك المولى العظيم والسامي.
ثمة نقاط تشابه هي مبعث فخر الشعب الإيراني والأمة الإسلامية؛ وإنّ التوجّه والانتباه إلى هذه النقاط، أمرٌ مهم ومفيد لتحديد الدرب الصحيح وكذلك للتعرف أكثر إلى إمامنا الجليل. لقد أعددت ثلاثة عناوين لنقاط الشبه هذه سوف أقوم بطرحها.

أ ــ الشدة على الطغاة والرقة بالمستضعفين
1 ــ أمير المؤمنين(عليه السلام)
أحد هذه العناوين هو أنَّ أمير المؤمنين جمع بين خصوصيتين متضادتين في الظاهر. إحداهما الصلابة والصمود والشدة، والثانية اللطافة والصفاء والرقة. لقد كانت هاتان الصفتان موجودتين في الإمام أمير المؤمنين، بدرجاتهما القصوى وبمستوى الذروة والكمال . الصلابة والشدة مقابل أي فعل مخالف للحق: مقابل الظلم ومقابل الظالم ومقابل الانحراف عن طريق الله ومقابل الطغيان ومقابل الإغراءات والوساوس. في مقابل هذه الأمور يقف أمير المؤمنين بمنتهى الصلابة والقوة بما لم يُشاهَد له نظير حتى اليوم. وفي مقام ذكر الله ومناجاته من ناحية، وفي تعامله مع المظلومين والمحرومين والضعفاء والمستضعفين من ناحية أخرى، كان يتصرف ويتعامل بمنتهى اللطف والرقة. تعامل الإمام أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) مقابل معاوية بتلك الصلابة، وقد أشار البعض على أمير المؤمنين أن ينتظر لمدة من الزمن ولا يعزل معاوية عن ولاية الشام، لكنه رفض. وكذلك صلابة الإمام أمير المؤمنين مقابل ذينك الصحابيين القديمين المحترمين وذوي السمعة الحسنة جدًّا عندما كان لديهما بعض التوقعات وأرادا أشياء لم يكن لها وجه حقٍّ في نظر أمير المؤمنين، لم يرضخ لتوقعاتهما ومطالبهما وقاوم بكل صلابة وثبات. وفي مقابل الخوارج الذين كانوا يدَّعون الإسلام ووقفوا بوجه أمير المؤمنين الذي كان ميزانًا ومعيارًا حقيقيًا للإسلام، وقف أمير المؤمنين بوجههم ومقابل انحرافهم وانحراف فهمهم بمنتهى الصلابة والقوة.

من ناحية يشاهد المرء مثل هذه الصلابة من قِبل هذا الإنسان السامي والولي الكبير من أولياء الله.
ولكن من ناحية أخرى نرى منه وفي التعامل مع الضعفاء والمستضعفين لطفًا ونقاءً وصفاءً يتحيَّر الإنسان منه. قصة ذهابه إلى بيت زوجة الشهيد صاحبة الأيتام - بشكل مجهول ومن دون أن تعرفه - وذهابه إلى التنور وإعداده الخبز لهم وتسليته للأطفال؛ قصةٌ معروفة وقد سمعتم بها. والإنسان ليحتار حقًّا من كل هذا اللطف والرقة! أو في حادثة الهجوم على محافظة الأنبار في العراق حيث هجم أشرار جيش الشام وقتلوا والي أمير المؤمنين هناك وهجموا على بيوت الناس وقتلوا الأطفال وهددوا النساء، فقال الإمام أمير المؤمنين: "فَلَو أنَّ امرَءا مُسلِمًا ماتَ مِن بَعدِ هٰذا أسَفًا ما كانَ بِهِ مَلومًا" (3). لو مات الإنسان المسلم حين يسمع أن هؤلاء هجموا على بيوت الناس الضعفاء العُزَّل وانتزعوا حلي ومجوهرات النساء؛ لو مات من ذلك أسفًا وحزنًا لما كان بذلك ملومًا، بل كان جديرًا أن يموت كمدًا. لاحظوا، يلاحِظُ المرء عند أمير المؤمنين مثل هذه المشاعر العجيبة المدهشة فيما يتعلق بالدفاع عن حقوق الضعفاء. هاتان خصوصيتان متضادتان في الإمام أمير المؤمنين.

2 ــ الإمام الخميني (رض)
هاتان الخصوصيتان نفسهما كانتا تشاهدان في إمامنا الراحل. من ناحية الصلابة والقوة والثبات والصمود مقابل الظالمين وبوجه المساوئ والسلبيات. حيث وقف كالصخرة الصلبة بوجه النظام البهلوي المنحط والطاغوتي والفاسد. ووقف مقابل أمريكا كالجبل الشامخ، مقابل التهديدات، ومقابل صدام المعتدي في الحرب المفروضة والدفاع الذي استمر ثمانية أعوام، وبوجه الفتن الداخلية، وحتى مقابل تلميذه وصاحبه القديم لأنه وجد أن سلوكه بخلاف الحق. وقف من دون أيِّ اعتبارات أو مجاملات؛ هذه هي صلابة الإمام.

من ناحية أخرى يلاحظ الإنسان رقة الإمام الخميني الجليل ولطافته. تصله رسالة من والدة شهيد ـ وقد نقلتُ له أنا العبد تلك الرسالة بنفسي من والدة شهيد ـ فامتلأت عينا ذلك الرجل الصلب بالدموع! إنه التأثر والرقة مقابل رسالة ولاء وتضحية وفداء من والدة شهيد. الدفاع عن المستضعفين والحفاة جليّ واضح في كلمات الإمام الخميني الجليل. هذا عنوان كلي من عناوين الشبه العجيب بين الإمام الخميني الجليل ومولى المتقين.

ب ــ إقتدار ومظلومية  وإنتصار
أما العنوان الثاني فقد كانت هناك حال مدهشة في الإمام أمير المؤمنين، حيث اجتمعت فيه ثلاث خصوصيات غير متلائمة فيما بينها حسب الظاهر. فقد كان الإمام أمير المؤمنين إنسانًا قويًّا ومقتدرًا وفي الوقت نفسه كان إنسانًا مظلومًا، وكان مع ذلك المنتصر النهائي في الأحداث المختلفة. هذه الخصوصيات الثلاث مشهودة في أمير المؤمنين وفي أحوال الإمام الخميني العظيم.

1 ــ أمير المؤمنين (عليه السلام)
إذا أردنا فهم قوة أمير المؤمنين واقتداره بصورة صحيحة فيجب أن ننظر للمساحة الواسعة للمنطقة التي كان يحكمها أمير المؤمنين، وذلك البلد العظيم الكبير الذي كان تحت إدارة أمير المؤمنين، من أقصى شرق أفغانستان الحالية إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط ومص. كلُّ هذه المنطقة الواسعة، كانت تدار من قِبَل أمير المؤمنين، بمنتهى القدرة والمتانة. إرادته الفولاذية وشجاعته وفنونه العسكرية ولسانه القوي ومنطقه الجذاب ـ حيث كلمات أمير المؤمنين وخطبه الحماسية الطافحة بالحكمة لا تزال إلى اليوم دروسًا نورانية لقلوب كل الناس - كلها علامات اقتدار. ذراعه القوية وفكره القوي وإرادته القوية وإدارته القوية ولسانه القوي، كلها مكونات إنسان قوي مقتدر.

ومع ذلك فإنَّ هذا الإنسان القوي هو إنسانٌ مظلوم! تتضح علامات هذه المظلومية وتظهر في سلوك أعدائه، وفي سلوك حُسَّاده، وفي التّهم الدنيئة التي وجهها له عملاء أعدائه في زمن حياته، وفي الخواص الطامعين في الدنيا حيث انفصل عنه بعض المقربين إليه والخواص بسبب طمعهم في الدنيا. هذه علامات ومؤشرات مظلومية هذا الإنسان العظيم. هذه الضغوط التي مورست من جهات مختلفة على هذا الإنسان الكبير كانت إلى درجة أن هذا الإنسان الصبور القوي الواسع الصدر ذا القلب الكبير الواسع كالبحر ـ كما هو معروف ت كان يبث همومه لبئر الماء ويبثها شكواه! هذا دليل مظلومية الإمام علي بن أبي طالب. وبعد رحيله واستشهاده وإلى سنين طويلة بقي أعداؤه المتربعون على عرش السلطة والحكم، يهينونه على المنابر في كل أنحاء البلد الإسلامي الواسع، ويسيئون القول له. وهو الذي كان مثالًا للتقوى والعدالة والإنصاف.

ومع ذلك عندما ينظر المرء إلى مُجمل هذه الأمور والأحداث يرى أنَّ المنتصر النهائي في هذه المعركة الطويلة هو أمير المؤمنين. لاحظوا اليوم اسم أمير المؤمنين وشخصيته أين هي في آفاق الإنسانية العظيمة وفي التاريخ البشري؟ إنها في الذروة ولا ذِكر لأعدائه. كتابه نهج البلاغة درسٌ للناس العظماء. سيرته أبرز وأبهى سيرة إنسانٍ بعد نبي الإسلام المكرم. وعدالته وعبادته وشخصيته العظيمة بارزة مشرقة في العالم اليوم. انتصر نهجه على سبيل أعدائه، كان هو المنتصر النهائي.

2 ــ الإمام الخميني (رض)
هذه الخصوصيات الثلاث نفسها اجتمعت أيضًا في إمامنا الراحل. كان الإمام الخميني العظيم إنسانًا قويًّا مقتدرًا، إنسانًا استطاع إسقاط الحكم الطاغوتي الديكتاتوري الوراثي بعد ألفي سنة في هذا البلد الكبير الواسع. وهذا شيء يستدعي الكثير من القدرة والقوة. فهو دليل على القوة الاستثنائية للإمام الكبير. كما إنه استطاع طرد وهزيمة أمريكا التي كان لها مصالح حيوية هنا، وأن يفرض عليها التراجع، وأن يحبط المؤامرات، وأن ينزل الفشل على المخططين للحرب المفروضة. فقد كان هدفهم القضاء على الثورة واستئصال النظام الإسلامي، حوّل الإمام هذا التهديد إلى فرصة، وهذه علامات على قوته واقتداره وقدرته.

ومع ذلك فقد كان الإمام الخميني الكبير مظلومًا بسبب الدعايات والإعلام الواسع الذي بثه الأعداء ضده. فقد كان هناك إعلام مستمر يبث الإهانات ضده في زمن حياته، واستمر لفترات طويلة بعد رحيله. كما صدرت سلوكات عن أشخاص لم يكن المتوقع منهم صدور هذه السلوكات عنهم تجاه الإمام الجليل، ما شكَّل مظلومية للإمام الخميني. ويمكن للمرء أن يلاحظ آلام الإمام الخميني ولوعته في ثنايا كلامه الصلب المتين في مجمل كلماته وخطبه، ما يدلُّ على أن هذا الرجل الكبير كان يعيش كثيرًا من الهموم. هكذا كانت مظلوميته.

والنقطة التالية هي الانتصار النهائي للإمام الخميني الكبير. لقد انتصر الإمام الخميني الجليل في نهاية المطاف كما انتصر أمير المؤمنين. وقد كان انتصاره ماثلًا في قوة ومتانة النظام الإسلامي وبقائه ورشده وتقدمه. لقد تحققت الكثير من آمال الإمام الخميني بعد رحيله. فالثقة بالذات في البلاد، والاكتفاء الذاتي للبلاد، والتقدم العلمي والتقني للبلاد، والتقدم السياسي للبلاد، واتساع مدى نفوذ الجمهورية الإسلامية في منطقة واسعة من غرب آسيا وشمال إفريقيا، هذه كلها دلائل ومؤشرات حدثت ووقعت ومثلت انتصارًا لخطاب الإمام الخميني ودربه ومنهجه. لقد تحققت الكثير من هذه الآمال، وسوف تتحقق الكثير من الآمال والأهداف الأخرى للإمام الخميني بإذن الله، وسوف تزداد الجمهورية الإسلامية التي أسسها إمامنا الخميني العظيم علوًّا ورفعة وعظمة يومًا بعد يوم. وهذا ما يجعل الأعداء غاضبين متخبطين.
أعزائي، أيها الشباب الأعزاء، أيها الشعب الإيراني الكبير: التحركات التي تشاهدونها من العدو اليوم مؤشرٌ على تخبطه وحيرته واضطرابه وانهيار أعصابه، وليست دليلًا على اقتداره. ما يصدر عن العدو ضد الجمهورية الإسلامية اليوم لا يعود لاقتداره وقوته، بل لأنه غاضب منفعل متخبط من عظمة الجمهورية الإسلامية ومن صمود الشعب الإيراني. هذه التحركات ناجمة عن هذا الشيء.

ج ــ فئات الإعداء: القاسطون والناكثون والمارقون
1 ــ أعداء أمير المؤمنين
أما العنوان الثالث فهو علامات وصفات أعداء الإمام أمير المؤمنين، وهذا بدوره شيء فيه دروس وعِبَر. لاحظوا الجبهة المقابلة لأمير المؤمنين والمعروفة في التاريخ: القاسطين، والناكثين، والمارقين. القاسطون هم الأعداء الأساسيون لحكومة أمير المؤمنين. والناكثون هم رفاقه ضعفاء الإرادة وسيئو المعدن الذين نكثوا بيعتهم له طمعًا في زخارف الدنيا وجريًا وراء وساوسهم وأهوائهم الدنيوية. والمارقون هم ذوو الفهم المعوج والجهلة الذين تصوروا أنهم يتَّبعون الإسلام والقرآن فوقفوا بوجه القرآن المجسَّم الناطق؛ أي أمير المؤمنين. هذه هي الجبهة التي كانت مقابل أمير المؤمنين. القاسطون هم الأعداء الأساسيون الذين عارضوا أساس حكومة أمير المؤمنين، وقد أثبت التاريخ بعد ذلك ما البديل الذي يمكن أن يُقدِّموه لحكومة أمير المؤمنين: أمثال الحجاج بن يوسف، وعبيد الله بن زياد، ويوسف بن عمر الثقفي، الذين كانوا أشخاصًا نصَّبهم القاسطون – أولئك الأعداء الأساسيون - كبديلٍ لحكومة العدل العلوية. وكان المطالبون بالحِصص واللاهثون وراء الدنيا قد عارضوه بشكل و[عارضه] أصحاب المفاهيم والأفكار المنحرفة بشكلٍ آخر. طبعًا كان الفهم المنحرف مِيزة المارقين، ومن المحتمل أنَّ رؤساءهم كانوا من المتآمرين والمتواطئين مع الأعداء، وهذا ما يقوله التاريخ ويدّعيه حول الخوارج.

2 ــ أعداء الإمام الخميني (رض)
وقد كانت هذه الجبهات الثلاث موجودة مقابل الإمام الخميني العظيم أيضًا؛ أي إنَّ جبهة معارضي الإمام الراحل تشكَّلت هي الأخرى من هذه المكونات الثلاثة. أمريكا والكيان الصهيوني والتابعون لهما في الداخل هم القاسطون الذين وقفوا بوجه الإمام الجليل. هؤلاء كانوا أطرافًا تعارض أصل حكومة الجمهورية الإسلامية والنظام الإسلامي وحاكمية إنسان مثل الإمام الخميني الجليل. هؤلاء أيضًا كانوا وما زالوا يبحثون عن بديل لهذه الحكومة. وبدائلهم هم أمثال "الحجاج بن يوسف" المعاصرون. هؤلاء أيضًا واضح أيُّ أناسٍ هم ومن هم. وهناك في جبهة معارضي الإمام الخميني ناكثون لبيعتهم، وهم الرفاق المتزلزلون وذوو الشخصيات الضعيفة. الويل من الرفاق الضعاف النفوس الذين لم يستطيعوا المقاومة أمام الرغائب الدنيوية. بدَّلوا مضمار "التسابق إلى الخيرات" إلى ساحة حرب من أجل السلطة وللحصول على حطام الدنيا. وقد كان بين هؤلاء كل الأنواع. وفي زمن أمير المؤمنين كان بينهم أمثال طلحة والزبير، وكذلك شخصيات بسيطة في جموع الناكثين. وفي زمن الإمام الخميني أيضًا كانت هذه هي الحال حيث وقف في مواجهة هذه الجبهة الواسعة المتنوعة. والمارقون- الجهلة غير الواعين - هم الذين وقفوا بوجه إمامنا الجليل ولم يدركوا ظروف البلاد وأوضاع الثورة وموقع الشعب الإيراني ووضعه وحاله، ولم يدركوا اصطفافات الأعداء وجبهاتهم، ولم يدركوا أساليب الأعداء في خططهم وأساليبهم، وانشغلوا بأشياء صغيرة ولم يستطيعوا إدراك عظمة مسيرة الإمام الخميني. وإذا أردنا ملاحظة نماذج لذلك في زماننا هذا لكانوا جماعات من أمثال داعش وما شاكل، وفي بداية الثورة كانت هناك جماعات من قبيل المنافقين الذين كان رؤساؤهم خونة والتابعون لهم - الطبقات الدنيا - جهلة ومخدوعين.

الفئات الثلاث في مواجهة الجمهورية الإسلامية
وهذه الفئات الثلاث وعداؤها ليس خاصًّا بزمن الإمام الخميني، إنما استمرت واستمر عداؤها بعد الإمام أيضًا. واليوم أيضًا تصطف هذه الفئات الثلاث مقابل النظام الإسلامي والتراث الضخم للإمام الخميني وهو الجمهورية الإسلامية، والذي يمنع تطاولهم هو كفاح الجمهورية الإسلامية ومقاومتها وثباتها ضدهم. وبالطبع فإن هذه الجبهة المتنوعة المختلطة تحاول بكل قواها الإخلال والعرقلة ضد الجمهورية الإسلامية، وتخلق مشكلات وتزيد من صعوبة حركة الشعب الإيراني وتبطئ مسيرته، لكنها لا تستطيع الحؤول دون تقدم الشعب الإيراني.
نشكر الله على أننا نعيش في عهد شهدنا فيه إنسانًا عظيمًا له نقاط الشبه هذه مع مولى المتقين وقائد الأحرار في التاريخ أمير المؤمنين، واستطاع أن يترك حصيلة عظمته هذه للشعب الإيراني.

سياسة الإمام الخميني في تصديه لجبهة الأعداء
حسنًا، القلوب الآن جاهزة والأذهان مستعدة. فكيف واجه الإمام الخميني (رضوان الله عليه) هذا الوضع؟ كيف كان نموذج الإمام؟ أشير إلى هذا الجانب باختصار شديد، فهي دروس لنا. أذكر عدة خصوصيات للنموذج العملي لسلوك الإمام الجليل مع هذا الوضع.

أولًا: كان تعامل الإمام الخميني في مواجهته لهؤلاء الأعداء وحالات عدائهم شجاعًا وفعَّالًا، ولم يكن يتعامل بطريقة ضعيفة ومنفعلة ولم يتحرك كردّ فعل. لم ينفعل الإمام الخميني إطلاقًا ولم يشعر بالضعف ولم يُبدِ ضعفًا، ووقف مقتدرًا فعَّالًا أمام الأعداء.

ثانيًا: كان الإمام الخميني يجتنب الضوضاء وافتعال الضجيج. فلم يكن يتأثر ويثور مقابل الأحداث، ولم يكن يعتمد على المشاعر الخالية من العقلانية. قرارات الإمام الخميني كانت قرارات شجاعة مرفقة بالمشاعر القوية لكنها قائمة على حسابات عقلانية.

ثالثًا: كان الإمام الخميني يراعي الأولويات ويركِّز عليها. خذوا مثلًا في مرحلة الكفاح والنضال كانت أولوية الإمام الخميني مواجهة النظام الملكي فلم يكن يستغرق في الأمور الهامشية على ساحة العمل. وخلال فترة الحرب المفروضة كانت الحرب هي أولوية الإمام الخميني. وقد قال مرارًا إنَّ الحرب والدفاع المقدس على رأس الأمور (4). وقد كان هذا هو الواقع. كان يُركِّز على قضية تتمتع بالأولوية ولا يسمح للأمور الهامشية والجانبية بالتأثير على ساحة اهتماماته. في بداية الثورة ـ في الأيام الأولى والأسابيع الأولى بعد انتصار الثورة ـ كان المرء يلاحظ بدهشة أنَّ جهد الإمام الخميني كان مُنصبًّا على دستور البلاد وتأسيس النظام والترتيبات القانونية وما شابه. أي إنه كان يركز على هذه النقطة.

رابعًا: الاعتماد على قدرات الشعب، فقد كان الإمام الخميني يعتبر الشعب الإيراني شعبًا كبيرًا واعيًا قديرًا. وكان يثق به ويعتمد عليه ويحسن الظن به، وخصوصًا بالشباب. لاحظوا مقدار حسن الظن بالشعب في كلمات الإمام الخميني، وكم هناك حسن ظن بالشباب.

خامسًا: عدم الثقة بالعدو، فلم يثق حتى للحظة واحدة بالعدو طوال عشرة أعوام من حضوره المبارك على رأس النظام الإسلامي. كان سيّئ الظن باقتراحات العدو، وكان لا يكترث بما يتظاهر به الأعداء. كان يعتقد أنَّ العدو عدوٌّ بالمعنى الواقعي للكلمة ولم يكن يثق به.

سادسًا: الاهتمام بتلاحم الشعب واتحاده، وهذه أيضًا من خصوصيات النموذج العملي للإمام الخميني مقابل العداوات. كل شيء يقسِّم الشعب إلى فئتين وقطبين كان مرفوضًا في نظر الإمام الخميني.

سابعًا: الإيمان والاعتقاد الراسخ بالنصرة الإلهية وبالوعد الإلهي، وهذه أيضًا من النقاط الأساسية. كان اعتماد الإمام الخميني مركزًا على النصر الإلهي. كان يبذل كل سعيه ويحضر في الساحة بكل وجوده وكيانه وطاقاته. لكن أمله منعقدٌ على النصرة الإلهية والقدرة الإلهية واعتماده على القوة الإلهية. كان الإمام الخميني يعتقد اعتقادًا حقيقيًا بإحدى الحسنيين - ما لنا إلا إحدى الحسنيين - (5). وكان يؤمن أننا إذا كنا ننجز العمل لله فإنَّ أبواب الضرر والخسران مغلقة. إذا كان العمل في سبيل الله ومن أجل الله فلن يعود على الإنسان أيُّ ضرر؛ سوف نتقدم وننجح. وحتى لو لم نتقدم نكون قد أدينا الواجب الملقى على عاتقنا ونكون بذلك مرفوعي الرأس أمام الله.

مستمرون في متابعة طريق الإمام
وأقولها لكم أيها الإخوة الأعزاء وأيتها الأخوات العزيزات ويا شعب إيران العظيم: لقد تابعنا بعد الإمام الخميني طريق الإمام نفسه بمنتهى الدقة. وسوف نتابعه بعد الآن أيضًا إن شاء الله: فلن نرضخ للانفعال والضعف وسنقف بحول الله وقوته أمام جشع الأجانب والأعداء وهيمنتهم ولا نتخذ قراراتنا بانفعال وعواطف، ولا نهتم للهوامش التي يخلقونها لنا بدل الاهتمام بالأمور الأصلية، ولا ندخل ولا ننشغل بأمور جانبية، ونشخِّص بتوفيق وهداية من الله أولوياتنا، ونعتمد بعون الله على شعبنا وقدراته وعلى شبابنا الأعزاء، ولا نعتمد على العدو ولا نثق به مطلقًا، ونحذِّر شعبنا العزيز من الانقسام والقطبية، ونحن واثقون من النصرة الإلهية. ليس لدينا شكٌّ في أنَّ الشعب الإيراني بهذه الدوافع والحوافز وبهذه المشاعر التي يسير بها اليوم وبهذا الإيمان والأمل سوف ينتصر قطعًا بتوفيق من الله وبحول منه وقوة.


خطة العدو للسيطرة على بلدنا وأبعادها الثلاثة
كما أننا نعرف خطة العدو، نعلم تمامًا ما هي خطة العدو ونكشف للشعب هذه الخطة. وبالطبع فإنَّ شعبنا العزيز يعلم بنفسه الكثير من الأمور ويفهمها ويشعر بها. إن خطة العدو اليوم تتكون من هذه الأبعاد الثلاثة: الضغوط الاقتصادية، والضغوط النفسية، والضغوط العملية. والهدف من أنواع الضغوط الثلاثة التي يمارسها العدو هو السيطرة على بلدنا العزيز إيران. كما يسيطرون ويتسلطون على بعض البلدان التعيسة الذليلة في المنطقة.

الأول، الضغط الاقتصادي.
هو الحظر والحيلولة دون تعاون البلدان معنا في المجالات الاقتصادية، لذلك يمارسون هذه الضغوط. والنتيجة التي يريدون الوصول إليها من هذه الضغوط الاقتصادية ـ وتنبهوا إلى هذه النقطة جيدًا ـ الغاية التي يريدونها من الضغوط الاقتصادية والحظر ليست مجرد الضغط على الدولة والحكومة، بل يريدون لصبر الشعب الإيراني أن ينفد حسب أوهامهم. يقولون لنجعل الشعب الإيراني يجزع ويمل ليضطر النظام الإسلامي للاستسلام لهيمنتنا وسلطتنا. هذا هو هدفهم. لم يعرفوا الشعب ولا النظام. الضغط الاقتصادي يصبّ في هذا الهدف. ولن يتحقق هذا الهدف أبدًا إن شاء الله؛ بتوفيقٍ من الله وبفضلٍ منه وبجهد المسؤولين وهمة الشعب.

الثاني، الضغوط النفسية.
وهذه نقطة على جانب كبير من الأهمية. إنهم يستهدفون نقاط قوة الجمهورية الإسلامية، ونقاط القوة التي تعدُّ للبلاد وللشعب مبعث اقتدار وقوة، فيطرحونها في إعلامهم وتعاملاتهم كنقاط تحدٍّ، من أجل أن يثبطوا معنويات الشعب الإيراني تجاهها.

أ ــ التقدم في التقنية النووية مثالا
لنفترض التقدم في المجال النووي. التقدم النووي كان ولا يزال فخر التقنية في البلاد. التقدم النووي مبعث فخر التقنية والعلوم في البلاد، وهو الذي دلّ على مواهب وقدرات شبابنا؛ إنه ليس بالشيء القليل. ربما تتذكرون اليوم الذي كنا فيه بحاجة لليورانيوم المخصب بنسبة عشرين بالمائة لعلاج الأمراض. وكان مخزوننا من العشرين بالمائة في طريقه للنفاد ويجب أن نحصل عليه، فمن أين نحصل عليه؟ يجب أن نحصل عليه من البلدان الأجنبية مثل أمريكا وأوروبا التي وضعت أنواع وأشكال العقبات والإشكالات في طريقنا، ووضعت شتى أنواع الشروط والموانع في طريقنا لأنهم علموا أننا بحاجة إلى هذا الشيء. عندما يحتاج الشعب إلى شيء ما، حاجة حيوية فهو مضطر لقبول شروط البائع وما يفرضه. وأرادوا أن يستغلوا هذه الفرصة فراحوا يضعون الشروط تلو الشروط. لمدة أشهر وربما لمدة سنة كاملة كانت هناك حوارات وذهاب وإياب وكلام مستمر، ولم يكونوا يتراجعون بل يكررون مطالبهم. لكن الجمهورية الإسلامية وثقت بشبابها وطلبت منهم هذا الشيء. فعكف شبابنا وشمَّروا عن سواعدهم واستطاعوا - مقابل أنظارهم [أي الغربيين] المذهولة - إنتاج اليورانيوم المخصَّب بنسبة عشرين بالمائة في الداخل، ومن دون أن يكون أمامهم نموذج يحتذونه من الخارج؛ ما أصاب الدول الغربية بالحيرة والدهشة. هكذا هي القضية. قدرة العمل والتحرك العلمي والتقني لدى متخصصينا وعلمائنا وشبابنا ـ ولا يزال هؤلاء العلماء والشباب موجودين في البلاد - أدت إلى غضب العدو وتحطيم أعصابه. هذه نقطة قوة كبيرة جدًّا للبلاد. فهي مبعث سمعة واعتبار، وهي من الناحية العملية سبب تقدم للبلاد. هذه النقطة التي هي نقطة قوة وطنية عمدوا في إعلامهم المكثف المتراكم إلى تبديلها في أذهان البعض إلى نقطة تحدٍّ ونقطة ضعف، فقالوا إن قضية البلاد النووية تقف خلف ما يمارسه الأعداء من توتر وتحدّ. ما هي فائدتها لنا؟ بدَّلوا نقطة القوة إلى نقطة تحدٍّ من أجل أن يسلبوا نقطة القوة هذه. هذه إحدى ممارساتهم النفسية. إنها عملية نفسية جذرية ومهمة جدًّا أن يجعلوا شعبًا سيئ الظن بمنجزاته الكبرى.

ب ــ الإقتدار الصاروخي مثال آخر
ومثال آخر نطرحه حول قضية الصواريخ. صناعة الصواريخ المتنوعة والاقتدار الصاروخي من شأنه توفير الأمن للبلاد. شبابنا لا يتذكرون، لكن طهران هذه كانت تحترق تحت نيران صواريخ العدو التي يطلقها ليلًا ونهارًا. كانت البيوت تتهدم والناس يقتلون في مدينة طهران؛ فضلًا عن المدن القريبة من الجبهة مثل دزفول والأهواز وشوش وباقي المدن. لقد كانت صواريخ العدو تصل للمدن البعيدة حتى. ولم يكن لدينا صواريخ ولم تكن لدينا وسيلة دفاعية وكنا مضطرين أن نضع يدًا على يد ونتفرج. وقد استطاع شبابنا اليوم أن يصيروا القوة الصاروخية الأولى في المنطقة. والعدو يعلم أنه "إذا ضرب ضربة واحدة فسيتلقى عشرة". إذًا، فالصواريخ سبب أمن ونقطة قوة. لاحظوا، العدو يركز على قضية الصواريخ، وثمة أشخاص في الداخل للأسف يضمون أصواتهم لصوت العدو فيقولون: "وما فائدة ذلك يا سيدي"؟


ج ـ المطالبة بالعدالة الدولية مثال ثالث
من نقاط قوتنا الأخرى قضية مطالبة الجمهورية الإسلامية بالعدالة الدولية. وهذه الحالة مصدر فخر وسمعة حسنة للجمهورية الإسلامية. أن تناصر الجمهورية الإسلامية الشعوب المظلومة فهذه كرامة لها. وأن تناصر الشعب الفلسطيني فهذا مبعث ماء وجه لها. لقد دعمت الجمهورية الإسلامية قوى المقاومة مقابل الكيان الصهيوني في المنطقة. لقد أوجدوا عوامل مضرة ومضايقة - باسم داعش وجبهة النصرة وما شاكل - في العراق وسوريا، فدعمت الجمهورية الإسلامية قوى المقاومة في المنطقة وساندتها. وهذا الأمر مطالبة بالعدالة. وهو دفاع عن الشعب الفلسطيني وهو دفاع عن استقلال بلدان المنطقة ودفاع عن وحدة أراضي البلدان. هذه نقطة قوة. ويحاولون أن يطرحوا نقطة القوة هذه كتدخل من قِبَل الجمهورية الإسلامية، ويحوّلونها إلى قضية تحدٍّ ويشددون عليها. هذا هو وضعنا مع العدو اليوم. وعملاؤهم في الداخل يعملون أيضًا للأسف. وذات يوم رفعوا في شوارع طهران بمناسبة يوم القدس الذي هو يوم الدفاع عن فلسطين، شعار "لا غزة، لا لبنان". إن الذين يساعدون العدو في الداخل على حربه النفسية موجودات سيئة وحقيرة. وهذا مبعث خزي.

د ــ أخيرا؛ الإتفاق النووي
واليوم يحاول البعض أن يفرضوا على البلاد شكلًا مشوهًا من الاتفاق النووي "برجام". تسعى الحكومات الأجنبية والبعض في الداخل يبلغون ويروجون بأنه إذا لم يحصل هذا فستنشب حرب. لا يا سيدي، هذا كذب. هذه الدعاية لمصلحة العدو. هدف العدو معلوم. يريد العدو أن نغضَّ الطرف عن نقاط قوتنا وعن عناصر اقتدارنا الوطني ليستطيع بسهولة أكبر التسلط على بلادنا وشعبنا ومصيرنا ومستقبلنا. إنهم يفكرون بمثل هذا الشيء، والشعب صامد مقابل هذه التحركات. هذا ضغط نفسي.

الثالث، الضغوط العملانية.
عن هذا الجانب أقول شيئًا واحدًا فقط؛ لكل شعبنا العزيز في كل أنحاء البلاد. ضغوطهم العملية عبارة عن إشعال اضطرابات في البلاد. هذه هي خطّتهم القطعية. وبالطبع فإن رؤوسهم ستصطدم بصخرة الواقع، كما اصطدمت لحد الآن. خطة العدو هي استغلال المطالبات الشعبية. قد تكون للبعض مطالب معينة في مدينة أو في منطقة من البلاد فيتجمعون ويتابعون مطالبهم. كأن يكونوا عمالًا مثلًا لهم مطالبهم العمالية أو أهالي مدينة من المدن لهم مطالبهم. في مثل هذه الحالات يرسم العدو خططه فيُدخل عملاءه المندسين، وفي الواقع يُدخل أشرارًا وأناسًا خبثاء بعدد محدود في هذه التجمعات ليبدِّل تجمعات الناس الهادئة إلى تحركات مناهضة للأمن وأعمال شغب وتوتّر ليسيء بهذه الطريقة إلى سمعة البلاد والشعب ونظام الجمهورية الإسلامية. ليتنبه الشعب في كل أنحاء البلاد إلى هذه النقطة. هذه هي خطة العدو ونحن على علم بها. اجتَمَعوا وخطَّطُوا لهذه العملية. وطبعًا، باعتقادي بل باعتقادي الراسخ أن سهمهم لن يصيب الهدف. وأن شعبنا العزيز سيقف بكل قوة وشهامة ووعي بوجه مخططاتهم. وأنا أوصي أن يحافظ شعبنا العزيز على وعيه ويقظته كما حافظ عليها حتى الآن.


الشعب الإيراني والحضور يوم القدس
حضور الشعب في الساحة مهم جدًّا. ويوم القدس قريب. يوم الجمعة هو يوم القدس. وسوف يرى العالم حضور الشعب في يوم القدس. بتوفيق من الله سوف يقام يوم القدس هذا العام مع أن الناس صيام والجو حار. سيتم بشكل أقوى وأكثر حماسة من يوم القدس في السنين الماضية، وسيحضر الناس وهم صيام مثل كل السنوات الماضية..

لإستئناف أنشطتنا النووية ما لم ترفع العقوبات
ذكرت اسم الاتفاق النووي "برجام". ولِأَقُل عبارة مختصرة حول هذا الاتفاق. يبدو من ثنايا كلام بعض الحكومات الأوروبية أنهم يتوقعون أن يتحمل الشعب الإيراني الحظر ويكابد العقوبات ويتخلى مع ذلك عن أنشطته النووية التي هي حاجة أكيدة لمستقبل البلاد، ويواصلوا هذه القيود التي فرضوها عليه. وأنا أقول لهذه الحكومات ليعلموا أن أضغاث الأحلام هذه لن تتحقق. لن يتحمل الشعب الإيراني والحكومة الإيرانية أن يكون الحظر قائمًا وتكون القيود النووية والحظر النووي قائمًا أيضًا. هذا ما لن يكون. من واجب منظمة الطاقة النووية أن تعد بسرعة المقدمات والاستعدادات اللازمة للوصول إلى 190 ألف سو (6)، في إطار الاتفاق النووي الحالي، وأن يبدأوا من الغد بتجهيز المقدمات الأخرى التي أصدر أمرها رئيس الجمهورية المحترم.

للشباب العرب: إعملوا لحرية واستقلال وتقدم بلدانكم
أريد أن أخاطب الشباب العرب ببضع جمل في حضوركم:
وأحبّ أن أخاطب الشّباب الغيارى العرب في خاتمة حديثي هذا؛ وأقول لهم: إنّ شعوبكم اليوم تعقد الأمل عليكم،.أنتم أيها الشّباب: أعدّوا أنفسكم لغدٍ تنعم فيه بلدانكم بالحرّية والتّقدّم والاستقلال. الخضوع للهيمنة الأمريكية، عدم اتّخاذ موقف حازم وحاسم من العدوّ الصّهيونيّ الغاصب، المواقف العدائية من الإخوة، والتّزلّف للأعداء، كلّ ذلك قد جعل من بعض الحكومات العربية عدوّة لشعوبها. وأنتم أيها الشّباب تتحمّلون مسؤولية إلغاء هذه المعادلة الباطلة.

أدعوكم أيها الأعزّة، إلى أن تكونوا مفعمين بالأمل والابتكار والعمل وبناء شخصياتكم. اهتمّوا ببناء شخصياتكم. المستقبل يكون لكم إن كنتم أنتم الّذين يبنونه اليوم. إن بنيتم المستقبل فتنعّمه سيعود عليكم. لا تهابوا هيمنة عالم الكفر، وثقوا بوعد الله عزّ وجلّ. وهذا قوله سبحانه وتعالى يقرّر بكلّ صراحة ووضوح: "أم يريدونَ كيدًا فَالَّذينَ كفَروا هُمُ المَكيدون" (7).
يوم الجمعة هو يوم القدس، والدّفاع فيه عن الشّعب الفلسطينيّ المقاوم والمجاهد والمضحّي خطوة رحبة على هذا الطّريق. أدعو الله تعالى لكم ولتوفيقكم ولبقاء صمودكم في هذا الطّريق الواضح.

والسّلام عليكم ورحمة ‌الله وبركاته.


1- أقيمت هذه المراسم في يوم التاسع عشر من شهر رمضان المبارك إلى جوار المرقد الطاهر للإمام الخميني (قدس سره).
2- سورة الفتح، الآية 4.
3- نهج البلاغة، الخطبة رقم 27.
4- من ذلك كلمة الإمام الخميني في أعضاء مجلس الشورى الإسلامي بتاريخ 24/01/1983 م، صحيفة الإمام، ج 17، ص 254.
5- اقتباسًا من القرآن الكريم، سورة التوبة، الآية 52.
6- وحدة لقياس الطاقة النووية.
7- سورة الطور، الآية 42

2018-06-13