يتم التحميل...

أمير المؤمنين علي (عليه السلام): ملاذ المستضعفين ونصير المظلومين

شهيد المحراب

أمير المؤمنين علي (عليه السلام): ملاذ المستضعفين ونصير المظلومين

عدد الزوار: 35

.. يصادف اليوم الذكرى الدامية لضرب الرأس الشريف لأمير المؤمنين عليه السلام؛ هذه الليلة الحزينة، المظلمة في الكوفة. لن تتصوروا كيف كانت هذه المدينة في تلك الليلة. كل الناس كانوا أصحاب العزاء.فقد رحل المواسي والمؤنس،.كان علي عليه السلام؛ ذاك الذي كتب يوماً إلى أحد ولاته:"... أأقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر"2.

كان الإمام شريك الناس في كل آلامهم وهمومهم، مذكّراً في وصيته: "اللَّه اللَّه في الأيتام"3.

في تلك الليلة؛ في ليلة العشرين من شهر رمضان، انتظره الأطفال الذين كان يجلسهم على ركبته ويمسح على رؤوسهم بكل لطف، ويطعمهم بيده؛ انتظروا ذلك الرجل، لكنه لم يأتِ. في تلك الليلة عرفوا من هو. ولعلكم سمعتم بما جرى عندما طلب الطبيب المعالج للأمير عليه السلام إحضار الحليب لعله يدفع أثر السم كيف أن عشرات الأطفال الأيتام أتوا من كل أنحاء الكوفة يحمل كلّ منهم كوباً فيه حليب واندفعوا نحو منزل الإمام يريدون ردّ الجميل وشكره على محبته ورعايته وحنانه. ولعلكم سمعتم أيضاً عن ذلك العجوز الأعمى الذي كان في تلك الليلة يئن من عذاب الوحدة وألم الجوع فسأله بعضهم: فكيف كنت تصنع في الأيام السابقة؟ فذكر لهم بأن رجلاً كان يأتي إليه يواسيه ويطعمه بيده وأخبرهم بمواصفات ذاك الرجل؛ الذي ما كان سوى علي عليه السلام...

فكان الملجأ والحامي لكل من يشعر بالضعف والحاجة والوحشة.

هذا الإنسان الذي كان يقع مغشياً عليه في محراب العبادة من خشية اللَّه هو نفسه الحاكم الذي لم يتحمل وجود والٍ ظالم كمعاوية. وهو نفسه من وبّخ أحد الولاة ــ وكان من أصحابه ــ لأنه أسرع في تلبية دعوة أحد الأشراف إلى الضيافة والولائم.

وهو الحافظ لبيت المال، بحيث أنه وفي الليلة الأولى لاستلامه الخلافة يطفئ‏ المصباح كي لا يصرف من بيت مال المسلمين. وكي ينبه بعض الصحابة المدّعين ويحذرهم من سوء أعمالهم.

هذا الإمام كان مظهراً للدفاع عن البشر وحقوق الإنسان واحترامه. وهذا هو الإسلام الذي يتجلى بالتوحيد بكل أبعاده الحيّة، وإكرام الإنسان وعزته، وروح الأخوّة بين جميع الناس.

ومن يخرج عن هذا النهج فلا يعدّ مسلماً حقاً. وإن لم يخرج ظاهراً، فإن قلبه لم يؤمن بعد باللَّه والقرآن إيماناً كاملاً.

ومن يكن أسيراً للآمال والأهواء والانجذاب نحو حياة الترف والوجاهة المليئة بالزبارج والزخارف ويطلب المسؤولية والسلطة والمال فقط ويرغب في المظاهر الفارغة وإظهار القوة والقدرة؛ مثل هكذا شخص لا يمكن أن يدّعي بأنه خليفة لعلي‏عليه السلام. يجب علينا جميعاً أن نحفظ هذا المعيار دائماً كوننا ننادي بعلي ونبحث عن نهجه...".

* الإمام الخامنئي دام ظله.


1- نهج البلاغة، الخطبة: 69.
2- نهج البلاغة، ج‏3، ص‏72 (شرح الشيخ محمد عبده) دار المعرفة.
3- مستدرك سفينة البحار، ج‏10، ص‏583.
4- عيون أخبار الرضا عليه السلام، ج‏2، ص‏116.

2018-06-05