يتم التحميل...

نصر الله لنا مع التفاوت الهائل بالإمكانات كان إعجازيا

خواطر

نصر الله لنا مع التفاوت الهائل بالإمكانات كان إعجازيا

عدد الزوار: 21

من كلمة سماحة الإمام الخامنئي في "أمسية ذكريات" الدفاع المقدس في
ذكرى تحرير "خرّمشهر" في الثالث من خرداد 1396 ه.ش
(24 أيار 2017م)


نصر الله لنا مع التفاوت الهائل بالإمكانات كان إعجازيا

لقد وقعت هذه الحادثة المفعمة بالبركة، هذه الحادثة العظيمة، والتي لا يمكن تصديقها عادةً بالنسبة لنا، نحن الناس البسطاء والسطحيي النظرة، وقعت وجرت في بلادنا؛ أي أننا في بداية الحرب لم نكن نمتلك أي شيء. وأقولها لكم، لم نكن نمتلك أي شيء، فأيدينا كانت خالية، وأسلحتنا كانت قليلة وناقصة أيضًا وكذلك لم يكن لدينا تواصل مع الخارج. بعض ما كنا نمتلكه في المخازن لم يُستخدم إلا بعد فترات من بدء الحرب. لقد كنتُ هنا في هيئة الأركان، في المركز الاستشاري وعلى تواصل وارتباط بالعسكريين. حسنًا، كان هناك شباب متدينون مؤمنون في الجيش يأتون إلينا ويرفعون لنا التقارير. وكنت أتابع الأمور باعتباري ممثلًا للإمام. جاءوا وقالوا إنّ لدينا مدافع من نوع 203، وهي أثقل أنواع مدفعيتنا، وهذه المدافع لم تُرسل للجبهة، بل لم تُذكر أصلًا. في حرب مثل هذه الحرب والعدو مدجّج بالسلاح والمعدات، ولدينا وسيلة نستطيع الاستفادة منها ولم نستفد منها. طرحت هذه القضية في الاجتماع الذي كان لنا مع هؤلاء السادة -بني صدر وغيره- طرحت هذه القضية، ولم يكن بني صدر على علم بالموضوع أصلًا، وكان هناك آخرون لم يرغبوا أساسًا في طرح مثل هذه الأمور. ثم قام أحد القادة العسكريين الذين كانوا في الاجتماع وقد استشهد فيما بعد -رحمة الله عليه- فقال: نعم، نحن نمتلك هذا النوع وهو مهم جدًا. فقلنا: إذًا لماذا لا تستخدمونه؟ أي إنه كانت لدينا أسلحة لم نستخدمها.

في الأهواز، جاءنا جندي شاب من قوات الجيش وقال إنّ لدينا في ثکنة الفرقة 92، ملالات حديثة؛ يطلق عليها اسم "بي أم پي تو" (BMP2)، وقد حصلنا عليها لاحقًا. وكنا نقول دائمًا إننا بحاجة للمعدات والتجهيزات الفلانية وكانوا يقولون لا نملك هذا. نهضنا ذات صباح وذهبنا مع ذلك الأخ الجندي نفسه، ودخلنا للثكنة من باب خلفي آخر إذ لم يكن بالإمكان الدخول من المدخل الرئيسي، دخلنا وذهبنا إلى وسط المعسكر، ورأيت أنّ الخبر صحيح. شاهدت نحو تسع أو عشر ملالات "بي أم پي"، وهي لا تزال جديدة و"بعلبتها" ولا تزال مغلفة بألواح الخشب، وقد أصابتها الأمطار والرياح ببعض الأضرار لأنها موضوعة في معرض الشمس تحت السماء. هكذا كان وضعنا في بداية الحرب. لم تكن لدينا أعتدة وتجهيزات عسكرية، ولم تكن لدينا قوات منظمة ومرتبة جاهزة للعمل أو إنها كانت قليلة جدًا. كانت لدينا أشياء قليلة لم تكن تستخدم؛ لأنه كان على رأس الأمور شخص أو أشخاص لم يكونوا مشفقين مهتمين. لقد تقدمنا إلى الأمام بمثل هذه الأوضاع والظروف. وما ذكرته يعود لسنة 59 ه.ش [1980 م]. هذه الأمور التي أتحدث عنها تعود للنصف الثاني من عام 59، أي الأشهر الستة الأولى بعد اندلاع الحرب.

كم يفصل ما بين النصف الثاني من سنة 59 [1980] والأشهر الستة الأولى من سنة 61 [1982 م]؟ خلال هذه الفترة الزمنية كانت حركة الشعب الإيراني وقواتنا المسلحة [في وضع]بحيث تم القيام بعمليتين كبيرتين مهمتين في الشهرين أو الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 61، أي عملية "الفتح المبين" في فروردين سنة 61 [آذار ونيسان 82م]، وعملية "بيت المقدس" وتحرير خرمشهر في أرديبهشت وبداية خرداد [أيار وحزيران]، أي إن التقدم والتحرك كان سريعًا إلى هذه الدرجة. بمعنى أننا في نفس الشهر الذي كانوا يقصفون فيه الأهواز بالقذائف عن بعد عشرة كيلومترات - كانوا يقصفون الأهواز بالمدافع من "دُبّ حردان" على بعد تسعة أو عشرة كيلومترات عن الأهواز كما أتذكر- وصلنا من تلك الأوضاع إلى أوضاع نأسر فيها عدة آلاف من العسكريين العراقيين في عملية الفتح المبين، وعدة آلاف من الأسرى في عملية بيت المقدس، ونتمكن من استعادة مساحات واسعة من الأراضي وتحرير مدينة خرمشهر وتقوية القوات وأمور أخرى.

لقد استمرت هذه الحالة إلى أواخر الحرب. أي إننا استطعنا أن نتعرف على هويتنا وقدراتنا أكثر فأكثر، وأن نتقدم إلى الأمام ونعرف أنفسنا. هذا ما حصل.

طوال ثمانية أعوام اجتمع العالم كله ضدنا وحاربنا، هذه حقيقة وواقع؛ كل العالم. أي أن أمريكا كانت ضدنا عمليًا، وحلف الناتو كان ضدنا عمليًا، والاتحاد السوفياتي في ذلك الحين كان ضدنا عمليًا، والرجعيون في المنطقة -هذه السعودية والكويت وغيرهما- كانوا ضدنا، كلهم شاركوا في العمل ضدنا. كلهم تعاونوا وحاربونا وشاركوا في تلك الحرب؛ والحال أنّنا كنا نبتة جديدة وغرسة حديثة الظهور قليلة التجارب. ومع هذا، استطعنا التغلب على كل هؤلاء؛. هذه هي تجربتنا.

2017-10-04