يتم التحميل...

كلمة الإمام الخامنئي في أمسية ذكريات الدفاع المقدس في ذكرى تحرير خرّمشهر

2017

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، لا سيما بقية الله في الأرضين.

عدد الزوار: 14

كلمة سماحة الإمام الخامنئي في "أمسية ذكريات" الدفاع المقدس في ذكرى تحرير "خرّمشهر" في الثالث من خرداد 1396 ه.ش (24 أيار 2017م)

تخليد ذكريات "الدفاع المقدس" تقوية لأركان الثورة والهوية الوطنية

المحاور الرئيسية
• هذه الذكريات هي حقا ثروة وطنية
• التنبه لمحاولات البعض شطب ثقافة الجهاد والشهادة
• أعمالكم تتجلى في شباب الجيل الحالي روحا ثورية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، لا سيما بقية الله في الأرضين.

إنّه لقاء جميل وجذاب وعميق ومفيد جدًا. ولا أقصد لقاءنا هذا اليوم فقط؛ بل هذا المسار والسلسلة من الجلسات التي شددتم الهمم لإقامتها وأوجدتم أمسیات ذكريات الدفاع المقدس كحركة خالدة ومستمرة دومًا. حسنًا، توفقتُ اليوم أنا العبد الحقير أيضًا بحمد لله لأجلس وأستمع وأنتفع منها. كانت أمسية جيدة جدًا، استفدنا وانتفعنا كثيرًا.

ذكريات "الدفاع المقدس": أهمها ما يروية المقاتلين أنفسهم
وبالتأكيد، إنّ ذكريات أمثالي ليست بالذكريات المهمة، إذ كما قال حضرته (1) إنّه عندما تحرّرت خرمشهر سمع خبر تحريرها وهو في كرمانشاه (2)، ونحن سمعنا خبر تحريرها في طهران. طبعًا لا بأس أن أقول، ولا أتذكر الآن هل كان الخبر قد أعلن على الإذاعة أم لا، لكن الشهيد صياد شيرازي اتصل بي هاتفيًّا في مكتب رئاسة الجمهورية وأخبرني، وذكر لي بعض التفاصيل ومنها أنه قال "إنني وأنا أتحدث الآن معك يصطفّ العراقيّون في طوابير لكي يقعوا في الأسر". كان تعبيره تعبيرًا عجيبًا جدًا. ركبتُ السيارة وتوجّهت فورًا لمحضر الإمام (الخميني ) في ذلك الوقت من بعد الظهر، وقد كان الناس في ذلك الحين قد ملأوا الشوارع باحتفالاتهم وكانوا يظهرون المحبة والفرح احتفالًا بالتحرير. ذهبتُ وذكرتُ العبارة نفسها للإمام الخميني. قلتُ له إن السيد صياد شيرازي يقول إن العراقيين وقفوا طوابير ليقعوا في الأسر، طوابير طويلة، عشرة آلاف أو خمسة عشر ألف مقاتل. ذكرياتنا نحن ليست مهمة. الذكريات المهمة هي ذكريات الإخوة والأخوات الذين صمدوا وقاتلوا في الحرب لفترات طويلة وعايشوا الأحداث بأعينهم. هذا هو المهم.

حرب "الدفاع المقدس" أضرار وفوائد
برأيي أنا العبد، أن هذه الحرب -حرب الدفاع المقدس هذه- إلى جانب ما سببّته لنا من خسائر، كانت لديها فوائد ومنافع كبيرة لنا. هذه المنافع أكبر وأكثر بكثير من تلك الخسائر. لقد كانت خسائرنا هناك هي الخسائر البشرية والمادية، أي أننا فقدنا شبابًا، وفقدتهم عوائلهم، وفجعنا كلنا بهؤلاء الشباب، ووقعت خسائر مادية، وتخلفت البلاد بنسبة ما، من حيث ظواهر الحياة لفترة من الزمن. كانت هذه خسائر الحرب. في كل الحروب توجد مثل هذه الخسائر والأضرار. لكن منافع الحرب كانت منافع طويلة الأمد ومنافع خالدة مستمرة. وبالطبع كانت لها منافع قصيرة الأمد وفورية أيضًا.

أ ــ أكبر الفوائد حفظ وتعزيز روح الثورة عند جيلنا الشاب
إحدى أكبر فوائد حرب الثمانية أعوام ودفاع الثمانية أعوام هذه: حفظ وتعزيز روح الثورة والحركة عند جيلنا الشاب وفي مجتمعنا. لولا هذه الحركة الجهادية والفدائية المضحية لتعرضت الروح الثورية في تلك البدايات للتطاول واحتمال الاعتداء عليها، فلم تكن حينها قد اكتسبت عمقًا كبيرًا. نعم، كان الإمام العظيم موجودًا وقد كانت شخصيته شخصية تضمن الكثير من الأمور، لكن الأخطار كانت أخطارًا جسيمة؛ لقد كانت الروح الثورية ستتعرض للخطر بالتأكيد. حُفظت الثورة وترسخت بالمشاركة في ساحة الدفاع المقدس .

ب ــ اختبرنا عمليا عقيدتنا بـ "نصر الله للمؤمنين"
فائدة أخرى هي أننا جرّبنا واختبرنا بأنفسنا مرة أخرى فكرة الدفاع عن الهوية الوطنية والهوية الدينية والثورية، والتي تحدثنا عنها مرارًا وسمعناها ونقلناها من: أن الله تعالى ينصر الإنسان عند الشدائد والصعاب ويدافع عنه إذا سار في سبيل الحق. وهذا أمر بالغ الأهمية. المجتمع الذي يتحرك ويسير نحو الأهداف السامية يواجه بشكل طبيعي موانع وعقبات، وخصوصًا في العالم المعاصر المادي. إذا كانت تلك المثل والأهداف الكبرى، معنويةً ومناهضة للتسلط والهيمنة، فمن البديهي أن تكون هناك عقبات وموانع في وجهها. من الأمور المهمة جدًا، أنْ يشعر الشعب أنه قادر على الانتصار على العقبات. نعم، نحن نقرأ في الروايات والآيات عن التوكل على الله «وَمَن يَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ» (3) وأمثالها؛ نقرؤها ونقولها ونعتقد بها أيضًا. ولكن أن يشاهد الإنسان عمليًا حالة «وَمَن يَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ» فهذا يختلف كثيرًا عن مجرد القول والاعتقاد.

النبي إبراهيم، بكل ما يتمتع به من عظمة، يقول لله تعالى أريد رؤية إحياء الموتى، فيقول له الله: «أوَلَم تُؤمِن» فيجيب: «قالَ بَلى ولكِن لِيَطمَئِنَّ قَلبي» (4). هذه السكينة القلبية واطمئنان القلب والإيمان من أعماق الإنسان وروحه بحقيقة من الحقائق حالة على جانب كبير من الأهمية. وهذا ما أظهرته الحرب وأثبتته لنا. نحن الآن نستطيع أن ندّعي وبكل قوة، أن الجمهورية الإسلامية تستطيع أن تواجه كل التحديات التي تُوضع في طريقها وأن تنتصر عليها جميعًا، لأننا جربنا هذا الشيء، لقد جربنا هذا الأمر: «وَلا تَهِنُوا ولا تَحزَنُوا واَنتُمُ الاَعلَونَ ان كنتم مؤمنين» (5). إذا كان هناك إيمان في القلب والعمل، سوف تتذلل الجبال أمام مجتمع أو إنسان قوي، ولن تكون لديها قدرة على المقاومة. وهذه إحدى فوائد الحرب بالنسبة لنا. حسنًا. هذه حقائق وواقع.

• نصر الله لنا مع التفاوت الهائل بالإمكانات كان إعجازيا
بالطبع فإن فوائد الحرب أكثر من هذا بكثير. هذه أفكار تحليلية ولن نستفيض ونسترسل أكثر. لقد وقعت هذه الحادثة المفعمة بالبركة، هذه الحادثة العظيمة، والتي لا يمكن تصديقها عادةً بالنسبة لنا، نحن الناس البسطاء والسطحيي النظرة، وقعت وجرت في بلادنا؛ أي أننا في بداية الحرب لم نكن نمتلك أي شيء. وأقولها لكم، لم نكن نمتلك أي شيء، فأيدينا كانت خالية، وأسلحتنا كانت قليلة وناقصة أيضًا وكذلك لم يكن لدينا تواصل مع الخارج. بعض ما كنا نمتلكه في المخازن لم يُستخدم إلا بعد فترات من بدء الحرب. لقد كنتُ هنا في هيئة الأركان، في المركز الاستشاري وعلى تواصل وارتباط بالعسكريين. حسنًا، كان هناك شباب متدينون مؤمنون في الجيش يأتون إلينا ويرفعون لنا التقارير. وكنت أتابع الأمور باعتباري ممثلًا للإمام. جاءوا وقالوا إنّ لدينا مدافع من نوع 203، وهي أثقل أنواع مدفعيتنا، وهذه المدافع لم تُرسل للجبهة، بل لم تُذكر أصلًا. في حرب مثل هذه الحرب والعدو مدجّج بالسلاح والمعدات، ولدينا وسيلة نستطيع الاستفادة منها ولم نستفد منها. طرحت هذه القضية في الاجتماع الذي كان لنا مع هؤلاء السادة -بني صدر وغيره- طرحت هذه القضية، ولم يكن بني صدر على علم بالموضوع أصلًا، وكان هناك آخرون لم يرغبوا أساسًا في طرح مثل هذه الأمور. ثم قام أحد القادة العسكريين الذين كانوا في الاجتماع وقد استشهد فيما بعد -رحمة الله عليه- فقال: نعم، نحن نمتلك هذا النوع وهو مهم جدًا. فقلنا: إذًا لماذا لا تستخدمونه؟ أي إنه كانت لدينا أسلحة لم نستخدمها.

في الأهواز، جاءنا جندي شاب من قوات الجيش وقال إنّ لدينا في ثکنة الفرقة 92، ملالات حديثة؛ يطلق عليها اسم "بي أم پي تو" (BMP2)، وقد حصلنا عليها لاحقًا. وكنا نقول دائمًا إننا بحاجة للمعدات والتجهيزات الفلانية وكانوا يقولون لا نملك هذا. نهضنا ذات صباح وذهبنا مع ذلك الأخ الجندي نفسه، ودخلنا للثكنة من باب خلفي آخر إذ لم يكن بالإمكان الدخول من المدخل الرئيسي، دخلنا وذهبنا إلى وسط المعسكر، ورأيت أنّ الخبر صحيح. شاهدت نحو تسع أو عشر ملالات "بي أم پي"، وهي لا تزال جديدة و"بعلبتها" ولا تزال مغلفة بألواح الخشب، وقد أصابتها الأمطار والرياح ببعض الأضرار لأنها موضوعة في معرض الشمس تحت السماء. هكذا كان وضعنا في بداية الحرب. لم تكن لدينا أعتدة وتجهيزات عسكرية، ولم تكن لدينا قوات منظمة ومرتبة جاهزة للعمل أو إنها كانت قليلة جدًا. كانت لدينا أشياء قليلة لم تكن تستخدم؛ لأنه كان على رأس الأمور شخص أو أشخاص لم يكونوا مشفقين مهتمين. لقد تقدمنا إلى الأمام بمثل هذه الأوضاع والظروف. وما ذكرته يعود لسنة 59 ه.ش [1980 م]. هذه الأمور التي أتحدث عنها تعود للنصف الثاني من عام 59، أي الأشهر الستة الأولى بعد اندلاع الحرب.

كم يفصل ما بين النصف الثاني من سنة 59 [1980] والأشهر الستة الأولى من سنة 61 [1982 م]؟ خلال هذه الفترة الزمنية كانت حركة الشعب الإيراني وقواتنا المسلحة [في وضع]بحيث تم القيام بعمليتين كبيرتين مهمتين في الشهرين أو الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 61، أي عملية "الفتح المبين" في فروردين سنة 61 [آذار ونيسان 82م]، وعملية "بيت المقدس" وتحرير خرمشهر في أرديبهشت وبداية خرداد [أيار وحزيران]، أي إن التقدم والتحرك كان سريعًا إلى هذه الدرجة. بمعنى أننا في نفس الشهر الذي كانوا يقصفون فيه الأهواز بالقذائف عن بعد عشرة كيلومترات - كانوا يقصفون الأهواز بالمدافع من "دُبّ حردان" على بعد تسعة أو عشرة كيلومترات عن الأهواز كما أتذكر- وصلنا من تلك الأوضاع إلى أوضاع نأسر فيها عدة آلاف من العسكريين العراقيين في عملية الفتح المبين، وعدة آلاف من الأسرى في عملية بيت المقدس، ونتمكن من استعادة مساحات واسعة من الأراضي وتحرير مدينة خرمشهر وتقوية القوات وأمور أخرى.

لقد استمرت هذه الحالة إلى أواخر الحرب. أي إننا استطعنا أن نتعرف على هويتنا وقدراتنا أكثر فأكثر، وأن نتقدم إلى الأمام ونعرف أنفسنا. هذا ما حصل.

طوال ثمانية أعوام اجتمع العالم كله ضدنا وحاربنا، هذه حقيقة وواقع؛ كل العالم. أي أن أمريكا كانت ضدنا عمليًا، وحلف الناتو كان ضدنا عمليًا، والاتحاد السوفياتي في ذلك الحين كان ضدنا عمليًا، والرجعيون في المنطقة -هذه السعودية والكويت وغيرهما- كانوا ضدنا، كلهم شاركوا في العمل ضدنا. كلهم تعاونوا وحاربونا وشاركوا في تلك الحرب؛ والحال أنّنا كنا نبتة جديدة وغرسة حديثة الظهور قليلة التجارب. ومع هذا، استطعنا التغلب على كل هؤلاء؛. هذه هي تجربتنا. أليس هذا بكاف لـ «لِيَطمَئِنَّ قَلبي»؟ إن هذا مثل إحياء الطيور الذي طلبه النبي إبراهيم (عليه السلام) من الله تعالى. قال له الله افعل هذا ليطمئن قلبك، ويجب أن نمتلك هذه الطمأنينة القلبية. كل من لا يتحلى بهذه الطمأنينة القلبية فهو معيوب؛ فيه عيب. أي إن التعبير الأفضل هو أن نقول إن فيه عيبًا. إذا نظرنا نظرة متفائلة إيجابية نقول إن فيه عيبًا، أما إذا نظرنا نظرة سلبية فيجب أن نحكم بشكل آخر.

تخليد ذكريات "الدفاع المقدس" تقوية لأركان الثورة والهوية الوطنية
نستطيع أن نتغلب على كل الصعاب والتحديات بروحية إيمانية. هذه نتيجة الحفاظ على هذه الذكريات وتقديرها. أريد أن تتنبهوا إلى أهمية هذا العمل؛ لا تسمحوا بأن تُنسى ذكريات هذه الأعوام الثمانية من الدفاع المقدس. هذه التفاصيل، هذه الأشياء التي ذكرها الأصدقاء كلها أمور مهمة، هذه الكتب التي تُؤلف مهمة، إنها كتب قيّمة؛ وليست مجرد أعمال فنية فقط، بالطبع ولحسن الحظ يتم إنجاز أعمال فنية جيدة، سواء في الكتابة والآداب أو في السينما ومثل هذه الأعمال. يجري القيام بأعمال جيدة لحسن الحظ. طبعًا نحن متقدمون في بعض المجالات ومتأخرون في مجالات أخرى؛ يجب أن نتقدم إلى الأمام. تم إنجاز أعمال قيمة من النواحي الفنية ومن النواحي الأدبية. إنها أعمال قيّمة؛ غير أن هناك قضية أسمى وراء هذه الأعمال الفنية. هذا الفيلم الذي يخرجه هذا السيد، وهذا الكتاب الذي يكتبه ذلك السيد، هو في الواقع، بمثابة ضخ إسمنتا في هذه الأركان والأعمدة التي نريد تقويتها. نريد أن نجعلها أكثر متانةً وخلودًا. إنها تقوية لأركان الثورة ودعائمها. تقوية لأركان تقدم البلاد. تقوية للهوية الوطنية. هذه أمور قيّمة جدًا.

هذه الذكريات هي حقا ثروة وطنية
وأقول لكم إنّ هذه الذكريات هي حقًا ثروة وطنية. هذه الذكريات ثروة وطنية. وهي ليست ملكًا للشخص الذي روى هذه الذكريات، بل هي ملك للجميع. يجب على الجميع أن يرووا هذه الذكريات، يجب أن يكتبوها. طبعًا من المعلوم والمعروف -وقد قلنا مرارًا والظاهر أن الوضع هكذا- إنه يجب اجتناب المبالغة والتضخيم وما شابه. يجب ذكر أصل الواقعة كما هو وكما حدث فعلًا. إن ما وقع هو فاخر وجميل وإعجازي إلى درجة لا يحتاج معها لأية مبالغة. ما حدث فعلًا هو هكذا. يجب أن يتكلموا ويحدّثوا بالشيء الذي حدث ويحيوه ويستخدموا الأساليب الفنية من أجل التعبير الأبلغ والبيان الأفضل.

أعمال تخليد هذه الذكريات بمثابة حسنة لأصحابها
كل هذه الأعمال حسنة، إنها صدقة. هؤلاء الأشخاص الذين يقومون بأعمال في هذا المجال، هؤلاء الإخوة الحاضرون هنا، سواء الذين يعملون في مجال الكتابة والأدب، أو الذين يعملون في مجال الأفلام والسينما وأمثالها؛ ليعلموا أن هذا العمل الذي يقومون به إنما هو حسنة، إنّه إنفاق معنوي كبير. إنكم تمنحون الرزق للناس ولهذا المجتمع وهذا البلد. إنكم واسطة الرزق الإلهي والرزق المعنوي لهم. اعرفوا قدر هذا الأمر. هذا أمر جيد وحسن جدًا. "قوافل النور" (الرحلات الى الجبهات) من جملة هذه الأعمال، من هذه الصدقات والحسنات. وكذلك كتابة الذكريات والخواطر وروايتها والتحدث بها، هذه اللقاءات والجلسات أيضًا.

التنبه لمحاولات البعض شطب ثقافة الجهاد والشهادة
لا تسمحوا لهذا الحدث الإعجازي بأن يضعف. أعزائي:توجد دوافع ونوايا لإضعاف هذه الحقيقة في واقع حياتنا وفي واقع أذهاننا. هناك من لديهم هذه الدوافع؛ الأشخاص أنفسهم الذين يخططون ويبرمجون للبلدان الإسلامية ويبلغونهم، فيوافقون على إلغاء وحذف قضايا الجهاد وقضايا الشهادة من مجموعة المعارف الدينية في الكتب المدرسية والجامعية وباقي الكتب. لقد تم تبليغ هذا الشيء لبعض البلدان فقالوا لهم احذفوا مفهوم الجهاد ومفهوم الشهادة وما شاكل، وقد حذفوها فعلًا. هذه النوايا والدوافع بهذا الشكل؛ هذه الدوافع نفسها تستمر وتتواصل في الداخل وتلاحظ هنا وهناك على شكل سياسات ثقافية جزئية. ينبغي عدم الغفلة. فلنحافظ على هذه المفاهيم والقيم ولنجعلها حيّة مؤثرة. الحرب والدفاع المقدس والشهادة والجهاد، لنعرف قدر هذه الذكريات، إنها قيّمة جدًا.

أعمالكم تتجلى في شباب الجيل الحالي روحا ثورية
وبالطبع، نحن لا يزال لدينا الكثير من الأفكار والكلام لنقوله في هذا المجال. حين أقول "نحن " أقصدكم أنتم ومن كانوا وشاركوا في الحرب. فهذه أعمال تستطيع حقًا وصل الجيل الحالي بذلك الجيل الذي أبدع ذروة الدفاع المقدس وبنى قمة تاريخنا. شبابٌ كثرٌ يأتون أو يكتبون لنا مرارًا وتكرارًا رسائل بأعداد كبيرة، وبإصرار وتوسل وبكاء، من أجل أن يُسمح لهم بالذهاب للدفاع عن الحرم وليكونوا من المدافعين عن الحرم. هذه الحالات نفسها، كنا نشاهدها في أيام الستينيات [الثمانينيات من القرن العشرين للميلاد]. كان الشباب والفتيان الصغار يأتون ويتوسلون؛ من الذين لم يكن بالإمكان السماح لهم لأسباب معينة بالذهاب إلى الجبهات. الآن أيضًا نجد الحالات نفسها لدى كثير من الشباب والفتيان؛ هذا هو «الَحِقني بِالصّٰلِحين» (6)،. هذا هو الإلحاق بالصالحين. هذه نتيجة وآثار جهودكم وأعمالكم التي تقومون بها. إن شاء الله يبارك في جهودكم وأعمالكم ويضاعف في تأثيرها يومًا بعد يوم.

أعمالكم قيمة للغاية: تابعوها وجددوا في أسليبها
أتقدم بالشكر حقًا من الدائرة الفنية "حوزه هنري"، ومن أخينا العزيز السيد سرهنگي وباقي الإخوة العاملين. إن عملهم هذا عمل قيّم للغاية. فليتابعوه ويواصلوه، سواء هذا العمل "أمسية الذكريات" أو تنظيم هذه الذكريات وتدوينها. كم هي قيّمة! وهم موجودون في كل مكان، ونحن لا نعرف سوى عدد محدود من الشخصيات التي شاركت في الحرب، وكنا قد سمعنا منهم ذكرياتهم، هم ذهبوا شيئًا فشيئًا إلى آذربيجان وهمدان ولورستان وخراسان وإصفهان وإلى كل مكان وكتبوا ذكرياتهم وأحيوها، فوجدناها عالمًا، بحرًا زاخرًا، بالأفكار والكلام والمنطق والروح والمعنويات. هذا عمل قيّم جدًا فتابعوه واستمروا فيه. لقد قلتُ وكررت مرارًا إننا لو تحدثنا وعملنا وأنجزنا أعمالًا جديدة حول هذه الأعوام الثمانية من الدفاع المقدس لخمسين سنة، لما كان هذا كثيرًا، وأظن أننا حتى بعد خمسين سنة لن ننتهي من هذا العمل. طبعًا ينبغي استخدام الأساليب الجيدة، يجب استخدام الأساليب الفنية.

أشكركم كثيرًا، كان لقاء اليوم جيدًا جدًا؛ استفدنا من كلمات السادة، والتقينا ببعض الأصدقاء الأعزاء الذين لم نرهم منذ وقت طويل. نسأل الله أن يوفقكم جميعًا.

والسّلام‌ عليكم ‌ورحمة اللّه وبركاته.


1- السيد ماشالله شاهمرادي
2- ضحك سماحة القائد والحضور.
3- سورة الطلاق، جزء من الآية 3 .
4- سورة البقرة، جزء من الآية 260 .
5- سورة آل عمران، جزء من الآية 139 .
6- سورة يوسف، جزء من الآية 101 .

2017-05-27