يتم التحميل...

أذيَّة المؤمن

لا تقربوا

هذه الآية أعطت الحرمة للإنسان بعنوانه الإنساني بغضّ النظر عن أيّة صفة لاحقة به، مفيدةً أن الخروج عن أصل الحرمة هذه يحتاج إلى عنوان خاص كأن يكون قاتلاً أو مفسداً في الأرض.

عدد الزوار: 270

قال الله تعالى: ﴿مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعً1.

هذه الآية أعطت الحرمة للإنسان بعنوانه الإنساني بغضّ النظر عن أيّة صفة لاحقة به، مفيدةً أن الخروج عن أصل الحرمة هذه يحتاج إلى عنوان خاص كأن يكون قاتلاً أو مفسداً في الأرض.

وحرمة الإنسان هذه تعلو وتعظم كلّما علا الإنسان في تكامله، فإذا وصل إلى مرحلة الإيمان تصل درجة حرمته إلى الحدّ الذي عبّر عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما نظر إلى الكعبة وقال: "مرحباً بالبيت، ما أعظمك وأعظم حرمتك على الله، والله للمؤمن أعظم حرمة منك"2. والذي عبَّر عنه صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: "مثل المؤمن كمثل ملك مقرَّب، وإن المؤمن أعظم حرمةً عند الله من ملك مقرَّب"3.

وحرمة المؤمن هذه تقتضي مراعاة خاصة في تعامل الناس معه، والحدّ الأدنى لهذه المراعاة هو عدم أذيّته وهذا ما أكدَّت عليه الأحاديث الواردة عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام.

فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "من آذى مؤمناً فقد آذاني"4.

وعن الإمام الصادق عليه السلام: "قال الله عزَّ وجل: ليأذن بحربٍ منّي من آذى عبدي المؤمن"5.

هذا فضلاً عن تأثير إيذائه على سعادة الإنسان، فعن الإمام زين العابدين: "كفُّ الأذى من كمال العقل، وفيه راحة للبدن عاجلاً وآجلاً"6.

كيف تتحقق الأذيّة؟
إنَّ التأمل فيما تقدّم يجعل الإنسان حريصاً على عدم الإقدام على أيّ أمر يؤذي إلى الأذيّة التي تتحقّق بأمور كثيرة منها:

1- النظرة، فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه الله عزّ وجلّ يوم لا ظلّ إلا ظلّه"7.

2- الكلمة، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "من أعان على مؤمن بشطر كلمة لقي الله عزّ وجل يوم القيامة مكتوب بين عينيه "آيس من رحمتي"8.

3- الضرب، فعن الإمام علي عليه السلام: "من ضرب رجلاً سوطاً ظلماً ضربه الله تبارك وتعالى بسوط من نار"9.

4- إشهار السلاح: عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "من أشار إلى أخيه المسلم بسلاحه لعنته الملائكة حتى ينحيه عنه"10.

وروى محمد بن مسلم عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: "من شهر السلاح في مصر من الأمصار فعقر، اقتص منه ونفي من تلك البلد. ومن شهر السلاح في غير الأمصار، وضرب، وعقر، وأخذ الأموال، ولم يَقُتل، فهو محارب وجزاؤه جزاء المحارب وأمره إلى الإمام إن شاء قتله، وإن شاء صلبه، وإن شاء قطع يده ورجله. وإن ضرب وقتل وأخذ المال، فعلى الإمام أن يقطع يده اليمنى بالسرقة، ثم يدفعه إلى أولياء المقتول فيتبعونه بالمال، ثم يقتلونه"11.

5- اطلاق النار: ولو في الهواء، لا على وجه حق، وهو من المحرَّمات الشرعيَّة، لما يوجبه من خطر على الأرواح وأذيَّة للناس، كما أفتى بذلك المراجع الكرام.

* لا تقربوا، سماحة الشيخ أكرم بركات، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.


1- سورة المائدة، الآية 32.
2- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج64، ص 71.
3- المصدر السابق، ص 72.
4- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج64، ص 72.
5- الكليني، محمد، الكافي، ج2، ص 350.
6- المجلسي، محمد باقر،بحار الأنوار، ج75، ص 141.
7- الكلينيّ، محمد، الكافي، ج2، ص 368.
8- المصدر السابق، ج3، ص 68.
9- القاضي النعمان، أبو حنيفة، دعائم الإسلام، ج2، ص 541.
10- الطبرسي، حسين، مستدرك الوسائل، ج9، ص 148.
11- الهندي، الفاضل، كشف اللثام، تحقيق ونشر مؤسسة النشر الإسلامي، ط1، قم، 1416هـ، ج10، ص 642.

2017-04-17