يتم التحميل...

اعرفوا قدر خدمة البلاد عن طريق العلم

وصايا القائد

اعرفوا قدر خدمة البلاد عن طريق العلم

عدد الزوار: 14

من كلمة الإمام الخامنئي في لقائه الشباب النخبة 26/08/2008

اعرفوا قدر خدمة البلاد عن طريق العلم
لحسن الحظ مؤسسة النخبة والسيد الدكتور واعظ زاده ينشطون بشكل جيد جداً والحمد لله. أنا سعيد جداً لأنهم بدأوا التحرك والعمل، ولكن ينبغي التفطن إلى مواطن الضعف وتلافيها ورفعها تباعاً.

إحدى نقاط الضعف هي عدم التنسيق.. لابد من التنسيق الدقيق في القطاعات ذات الصلة بالعلم والتقنية. لقد أثرنا قضية التواصل بين الجامعة والصناعة، ويجري العمل على هذا الصعيد والحمد لله وسيجري أكثر في المستقبل. وقد طرح علينا المسؤولون أموراً بشأن ارتباط النخبة بمراكز البحث أو بمراكز الصناعات وما إلى ذلك وهي تبشر بخير وستذاع عليكم إن شاء الله في حينها وتطلعون عليها، لكن التنسيق بين المراكز العلمية ذاتها مهم جداً. أي لا بد من تواصل وتعاون وتكاثر مستمر بين وزارتي العلوم والصحة والمعاونية العلمية والتقنية لرئيس الجمهورية ومؤسسة النخبة ومؤسسة البحوث العلمية والصناعية وأي قطاع من القطاعات الناشطة في هذه المجالات لئلا تحبط الأعمال والمشاريع أو تظهر فراغات وحلقات مفقودة على هذا الصعيد، من قبيل ما ذكرته إحدى السيدات حول مشكلة شباب »خوارزمي«.

القضية الأخرى التي لابد لي من إثارتها هنا ؛ رغم أن المعني بها أشخاص آخرون ، هي قضية تكريم النخبة واحترامهم. المعني بهذا الأمر هم العاملون في وسائل الإعلام وخصوصاً وسيلة الإعلام الوطنية الإذاعة والتلفزيون. لاحظوا أن الإعلام يسلط الأضواء على الفنانين والفنانين الأجانب والأسماء المختلفة. مثلاً يسألون في المسابقات التلفزيونية ما اسم بطل الفيلم الفلاني؟ وإذا كنت تعرفه وذكرته فسوف تفوز. وما الضير لو لم يكونوا يعرفونه؟! لنفترض أن ملايين الأشخاص لم يشاهدوا هذا الفيلم ولا يعرفون ممثله فهل سيكون ذلك منقصة؟ حتى تكون معرفته ميزة؟ أو في مجال الرياضة مثلاً. تعلمون طبعاً وقد ذكرت مراراً أنني من أنصار الرياضة البطولية، أي خلافاً لمن يقول: وما هي أهمية الرياضة البطولية؟ أقول أنا إن الرياضة البطولية ضرورية. الرياضة البطولية هي في الواقع إعداد للنخبة في مجال الرياضة.. وسيكون أولئك النخبة قمماً، وما لم تكن هنالك قمم لن تكون السفوح. حينما تكون هناك قمة ستكون هناك السفوح طبعاً أي الرياضة العامة. إذن، أنا ممن يؤمنون بالرياضة البطولية، وأحب الأبطال الذين يذهبون ويرفعون علم بلادنا ونشيدنا الوطني هنا وهناك أمام أنظار وأسماع العالم.. وأشكرهم وأحبهم كثيراً، وهم يأتون عندي أحياناً. لكني أقول: لماذا يجب أن نقدِّر النخبة العلمية بأقل مما نقدر به النخبة الرياضية؟ كم لدينا من النخب العلمية ممن هم في القمة؟ كم لدينا من النخب العلمية التي لو تمكنت البلدان الأخرى لسارعت لكسبهم واحتضانهم؟.. ينبغي تكريم هؤلاء.

وأذكر هنا من باب المثال المرحوم كاظمي آشتياني، أو هذا الشاب العزيز الذي ذكره الدكتور السيد واعظ زاده والذي كان في اجتماعنا هذا في العام الماضي ورحل عن الدنيا هذا العام.. يجب تكريم هؤلاء ومعرفتهم.. إننا لا نسلط الأضواء حتى على نخبنا العلمية التاريخية.. الكثير من أبناء بلدنا لا يعرفون علماءهم الكبار في الحقول المختلفة، لا في حقول الفقه والفلسفة والعلوم الدينية وحسب، بل حتى علماء الحقول المعروفة في العالم اليوم كالفيزياء، والرياضيات، والكيمياء، والميكانيك، ممن كانوا مميزين في تاريخنا وأنجزوا أعمالاً كبيرة في حينها، وبعض اختراعاتهم لا تزال تستخدم إلى اليوم، هؤلاء لا يعرف شبابنا أسماءهم ولا تسلط عليهم الأضواء ولا يذكرون! هذا نقص كبير ينبغي إصلاحه وتلافيه.

ثمة نقاط متنوعة أخرى ذكر الأصدقاء بعضها. مسألة انتقال المشاريع العلمية إلى سوق الاستهلاك من المسائل المهمة جداً التي ينبغي للحكومة أن تساعد عليها وهي تعتزم المساعدة عليها وأنا على علم بذلك.. ستتخذ خطوات على هذا الصعيد إن شاء الله كي تؤتي الأعمال نتائجها التجارية.

والنقطة الأخيرة - وقد حان الظهر ويبدو أنه وقت الأذان - هي أن تعرفوا قدر خدمة البلاد عن طريق العلم. خدمة البلاد متاحة بطرائق مختلفة، ومن أفضلها خدمة البلد عن طريق العلم. رجال السياسة يقدمون بدورهم خدمة للبلاد، ومجاهدو سبيل الله ومقاتلو سوح الحرب أيضاً يخدمون البلاد، لكن من أبرز سبل خدمة البلاد هو سبيل العلم. وذلك للأسباب المذكورة سابقاً وهي أن العلم من عوامل الاقتدار الوطني وقوة البلاد وإنتاج ثروتها وتحقيق شموخها. إذا كانت هذه هي نيّتكم في دراستكم وحيازتكم المراتب العلمية العالية كان عملكم عبادة. بمعنى أن عمل الإنسان - عمل واحد ليس إلا - يكتسب حالتين مختلفتين إذا كانت نوايا إتيانه مختلفة.. أحياناً يكون عبادة وأحياناً يكون العمل نفسه معصية. الصلاة التي يؤديها الإنسان إذا كانت بقصد القرب إلى الله والتوجه إليه وإذا صلّاها الإنسان بإخلاص كانت أرقى العبادات، وإذا صلّى الإنسان نفس تلك الصلاة ولكن من أجل الرياء كانت معصية وذنباً. الرياء ذنب كبير، وقد يكون مصداقه الصلاة التي تؤدى بدافع الرياء.. النية مؤثرة إلى هذا الحد. إذا نهضتم بهذا التحصيل الدراسي والجهد العلمي والسعي لإحراز المراتب النخبوية لأجل خدمة الناس والبلد ولرفعة النظام الإسلامي، فسيكون هذا بلا شك إحدى حسناتكم.
 

2017-03-09