يتم التحميل...

الجامعة بيئة البحث عن الحقائق في مختلف قضايا البلاد

الحوزة والجامعة

خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء الطلاب الجامعيّين

عدد الزوار: 17

خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء الطلاب الجامعيّين _ 19 شهر رمضان المبارك 1434 هـ _ 28-7-2013
الجامعة بيئة البحث عن الحقائق في مختلف قضايا البلاد

العناوين الرئيسية
· الطالب الجامعي هو من يسعى وراء العلم
· مسؤولية الشباب في تحقيق أهداف الثورى مسؤولية كبرى
· الناشط الجامعيّ المبدئيّ لا ينبغي أن يكون إنفعاليا
· الجامعة بيئة البحث عن الحقائق في مختلف قضايا البلاد
· إختلاف الرأي لا ينبغي أن يؤدي إلى الضغينة والخصومة
· الرأي المخالف يرد برأي آخر لا بالعنف
· الحروب النفسية تروج لوقائع غير حقيقية
· لتوثيق العلاقة مع الأساتذة المتدينيين

بسم الله الرحمن الرحيم

اشکر الله المتعال أن مدّ في عمري لكي ألتقي مرّة أخرى بجمع الشباب الأعزّاء الودّي في أيّام شهر رمضان الصافية هنا، في هذه الحسينيّة. ونسأل الله أن تكون هذه الجلسة، سواءً ما تفضّلتم به، وسواءً ما سأقوله أنا مفيدة في المستقبل للبلد، وللجامعة، ولحرکة الطلاب الجامعيين العظيمة.

إختلاف الرأي لا ينبغي أن يؤدي إلى الضغينة والخصومة
أشار أحد الأصدقاء إلى وجود ضغائن بين الطلبة الجامعيّين بسبب الاختلاف في تحليل المسائل المختلفة. أطلب بشدّة وأرجو من الجميع أن يسعوا إلى أن لا يجرّهم اختلاف الآراء في التحليل، وفي الاستنتاج، وفي فهم الحقائق، إلى الضغينة والتخاصم. حسنٌ، كما في الأجواء العلميّة، يمكن لشخصين أن يكون لهما آراء علميّة مختلفة، وهذا لا يؤدّي لزوماً إلى العراك والمخاصمة والعداوة، حسنٌ، هما رأيان. على صعيد المسائل السياسيّة والاجتماعيّة، أرى أيضاً أنّه ينبغي أن تتعاطوا بهذه الطريقة عندما تكونون متّفقين ومتّحدين على الأطر والحدود، لا تدعوا الأمر ينجرّ إلى الضغينة. نعم، قد يكون هناك أشخاصٌ يعادونكم بسبب الأصول والمباني، حسنٌ، هذا بحثٌ آخر، لكنّ اختلاف الرأي لا ينبغي أن يؤدّي إلى المخاصمة والضغينة وفي بعض الأحيان إلى العنف. لطالما كان الإمام (رضوان الله عليه) يوصي ــ بالطبع ليس الطلبة الجامعيّين ــ بل انه لطالما كان يكرر الوصية للسياسيّين والنوّاب والمسؤولين والنشطاء السياسيّين ويقول: تعاطوا كطلبة العلم في مباحثاتهم. فطلبة العلم أحياناً قد يغضبون من بعضهم في أثناء المباحثة الآن، يُقال عن الطلبة مثل هذه الأشياء، يُقال أنّهم ينهالون على بعضهم بالكتب! بالطبع، الأمر ليس كذلك . يبحثون، يصرخون، ويظنّ من يراهم أنّ هؤلاء سيقطّعون بعضهم إرباً إرباً، والحال أنّ الأمر ليس كذلك، ما إن تنتهي المباحثة، يقومون ويذهبون برفقة بعضهم، ويجلسون على مائدة واحدة،ويتناولون الطّعام معاً، ويتجاذبون أطراف الحديث، وهم أصدقاء ورفقاء. كان الإمام يقول: على السياسيّين سواءً في مجلس الشورى، أو في الحكومة، أو في حزب الجمهوريّة الإسلامية الذي كان موجوداً في ذلك الوقت، أو بقيّة الميادين السياسيّة أن يتعاطوا بهذا النحو مع بعضهم. يمكن أن يكون هناك اختلاف في الرأي، أن يكون هناك قيل وقال، لكن لا تدعوا الضغينة والعداوة تحلّ فيكم.

من حسن الحظّ، أنّ المجتمع الجامعيّ في البلاد اليوم ــ أريد أن أقول بالأعمّ الأغلب ــ يسير من خلال مبانٍ مشتركة، حتّى ولو كانوا ذوي ميول سياسيّة مختلفة. وأنا أرى هذا أيضاً، حيث ينبغي البحث والمحاورة مع وجود الميول المختلفة ولربّما أشير إن شاء الله في خلال حديثي إلى مطالب بالمحصّلة. فلتتخلّصوا من العداوة والخصومة والضغينة وأمثال هذه الأمور، اسعوا قدر المستطاع أن تزيلوها من أجواء الجامعة.

الرأي المخالف يرد برأي آخر لا بالعنف
تبعاً للمسألة التي تكلّمت عنها، أقول هذا أيضاً، وهو أنّ أحد الأصدقاء قال إن حدث في الجامعة هذا الشيء أو ذاك سوف نردّ بشدة. أنا لم أفهم معنى هذه "الشدة" جيّداً! هذا الأخ الذي طرح هذا الموضوع، صادف أن كان منطقه البياني متين جدّاً وقويّ وموزون. حسنٌ، أنت عندما تكون من أهل المنطق، وتستدلّ بهذه الجودة، حين يمكنك الدفاع عن مبانيك الصحيحة هكذا، ما حاجتك إلى استعمال (الشدة)والقوّة؟ إذا كان المراد من الشدة، قوّة البيان والبحث والاستدلال والنظر، حسنٌ، لا إشكال في ذلك. أمّا إن كان بمعنى آخر فلا. أنا لا أوافق أن يتمّ استخدام العنف الشدة بذلك المعنى الذي قد تكون تفكّر فيه في مواجهة الرأي المخالف لكم، أو الظاهرة الفلانيّة المخالفة لرأيكم.

الطالب الجامعي هو من يسعى وراء العلم
أحد الإخوة سألني ما هي وصيّتي للطلبة الجامعيّين الذين سيدخلون جوّ الجامعة في شهر مهر القادم(ابتداء من 20 أيلول). وصيّتي لهؤلاء الطلبة كوصيّتي لجميع الطلبة الجامعيّين: أنا أدعو جميع الطلبة الجامعيّين إلى أن يكونوا "طلّاباً جامعيّين" بالمعنى الواقعي للكلمة أي السعي وراء العلم والنشاطات المتناسبة مع كونهم "طلّاب جامعات"، سواءً النشاطات الاجتماعيّة، أو السياسيّة.

مسؤولية الشباب في تحقيق أهداف الثورى مسؤولية كبرى
ما دوّنته هنا لأعرضه عليكم ــ حتماً، هذا الكلام مرتبط بمجموعات الطلبة الجامعيّين ــ لكنّه قابل للتعميم على كلّ البلاد وشرائح الشباب المختلفة في البلاد.

أحدهما، ماذا تمثّل الأهداف والمثل العليا للثورة بالنسبة للشابّ، والطالب الجامعيّ، والعنصر الثوري؟ باعتقادي إنّ أهداف الثورة التي أطرها محدّدة ــ حيث سأعلن عن بعضها بدوري وأسمّيه بالاسم ــ لا تُنال من دون قوّة ونشاط وجرأة الشباب. علاقتكم بالأهداف ينبغي أن تكون مثل هكذا علاقة. إذا لم تكن قوّة الشباب، أي القدرة الفكريّة والبدنيّة، وإذا لم يكن النشاط وروحيّة التحرّك، وكذلك الجرأة، أي كسر الحواجز، الموجودة في الشباب كخاصّيّة بارزة، لن نصل إلى تحقيق الأهداف. لذا، فعلى الشباب مسؤوليّات كبرى في الوصول إلى الأهداف وتحقّق مبادئ الثورة والمبادئ الإسلامية، كما إنهّم يتحلّون باللياقة والخبرة العالية جدّاً. على كلّ شخص يسعى لتحقيق الأهداف، أن يأخذ دور الشباب على محمل الجدّ، واعلموا أنّي أحمله أيضاً على محمل الجدّ. ما قلته عن الشباب سواءً الشباب الجامعي حتماً، بخصوص الطلبة الجامعيّين أو غيرهم، ليس هو مجاملة في الكلام، هذا هو اعتقادي، وأرى أنّ الشباب يمكنهم حلّ العقد. المهمّ بالطبع، أن يعرفوا ميدان العمل، وميدان التحرّك، وأن يعرّفوه جيّداً، وأن يعرّفوا العمل الذي يريدون القيام به بشكل صحيح. هذه مسألة.

الحروب النفسية تروج لوقائع غير حقيقية
بالطبع، ينبغي النظر إلى الحقائق بالمعنى الواقعيّ للكلمة، وليس ما يقدم على أنه "الحقيقة". أنتم الشباب تعلمون جيّداً الحروب النفسيّة التي تروج اليوم في العالم. فإنّ من الأساليب المعتمدة إلقاء الحقائق غير الواقعيّة. يلقون الأشياء بعنوان الحقيقة وهي ليست كذلك، فيختلقون الشّائعات ويتحدّثون عن أمورٍ غير حقيقيّة والذي لا يمتلك عيناً مفتوحةً وباصرة سيقع في الاشتباه. وعندما نقول بصيرةٌ فلأجل ذلك. إنّ من نتائج وثمار البصيرة هو أن يرى الإنسان الحقائق كما هي. في الدّعايات قد تظهر بعض الوقائع مضخّمةً أضعافاً كثيرة عمّا هي عليه، في حين أنّها تُغفل بعض الحقائق من الأساس. افرضوا مثلاً أنّ إحدى الحقائق تقول أنّ بعض نُخب البلد يهاجرون ويتركون بلدهم، أجل إنّ هذه حقيقة ولكن في قبالها هناك حقيقةٌ أخرى وهي عبارةٌ عن ازدياد عدد النّخب وعدد الجامعيّين من النّخبة. فمتى كان لنا كلّ هؤلاء الجامعيين النخبة! انظروا إلى تاريخ جامعة البلد: في السّنوات العشر الأواخر كانت وفرة جامعيّينا النّخب في القطاعات المختلفة مشهودة جدّاً، وكم لدينا من أساتذة من النّخبة. عندما انتصرت الجمهوريّة الإسلاميّة كان عدد أساتذة الجامعات في البلد قليل ولأنّني لا أذكر بالدقّة لا أريد أن أقول ولكنّ عددهم كان محدوداً جدّاً ولا أذكر كم هو واليوم أصبح أكثر من عشرة أضعاف، فقد زاد هذا العدد كثيراً. حسنٌ، إنّ هؤلاء جميعاً نُخبة. والآن، هناك عددٌ معيّن من شريحة النّخب الواسعة هذه التي تربّت في جامعات البلد من الجامعيين والأساتذة والنّخب العلميّين وأمثالهم يهاجرون إلى الخارج. فلو شاهد الإنسان تلك الحقيقة فعليه أن يشاهد هذه الحقيقة أيضاً. أولئك الذين يثيرون الدّعايات ضدّ نظام الجمهوريّة الإسلاميّة، فإنّهم يضخّمون تلك ويلغون هذه. بل إنّهم في الأساس لا يأتون على ذكرها. لهذا يجب النّظر إلى الحقيقة. إنّ الأهداف السّامية إنّما تصبح قابلةً للتحقّق عندما يُنظر إلى الوقائع والحقائق. ولكن ينبغي أن يكون النّظر إلى الحقيقة، لا ما يُلقى إلينا تحت عنوان الحقيقة من خلال الأفعال المعادية.

الناشط الجامعيّ المبدئيّ لا ينبغي أن يكون إنفعاليا
برأيي، إنّ الناشط الجامعيّ المبدئيّ و الذي يعرف الحقائق لا ينبغي أبداً وفي أيّ ظرفٍ من الظّروف أن يصبح انفعاليّاً ويشعر بانسداد الطّريق، أي إنّه لا ينبغي أن يترك التوجّهات المبدئيّة، لا أثناء الانتصارات الحلوة ولا حين الهزائم المرّة. لقد كان لنا في ميدان الدّفاع المقدّس انتصاراتٌ كبرى، وكذلك هزائم مرّة، وكان الإمام رضوان الله عليه يوصي ويقول: لا تقولوا هزيمة بل قولوا عدم الفتح. وأحياناً يكون النّصر نصيب الإنسان، وأحياناً لا يكون، فما هي أهميّة ذلك؟ يوجد من إذا حصلت الأمور وفق مرادهم وسارت باتّجاه ما يريدون فإنّهم يسحبون أيديهم من متابعة السّير نحو المبادئ وهذا خطأ . (فإذا فرغت فانصب)، فالقرآن يقول لنا إذا أنهيت لنا هذا العمل وأتممت هذا السّعي فجهّز نفسك مجدّداً، ينبغي أن يكون ذلك لاستمرار العمل. البعض كذلك، وهذا خطأٌ .والبعض بالعكس. إذا لم تجرِ الأمور وفق ما يريدون ويرغبون فإنّهم يُبتلون باليأس والانفعال والهزيمة وهذا خطأٌ أيضاً. فكلاهما خطأ. ففي الأساس لا يوجد طريقٌ مسدود على طريق السعي نحو المبادئ الصحيحة والرؤية الواقعيّة. عندما يلتفت الإنسان إلى الوقائع لا يبقى أيّ شيء لا يمكنه استشرافه بنظره. وتوقّعي من أعزّائي الجامعيّين هو أن يبقوا دائماً على طريق المبادئ والأهداف، سواء في تلك الحالات التي تقع فيها حادثةٌ طبق مرادكم أو عندما تقع حادثةٌ خلاف ما ترغبون. فلا تفقدوا التوجّه نحو المبادئ بالتلازم مع النّظر إلى الوقائع واستمرّوا على هذا الطريق. لقد كان الأمر كذلك في أساس الثّورة، وهكذا كان في أساس الحرب. في الأحداث المختلفة التي وقعت في هذه السّنوات أيضاً كان الأمر على نفس المنوال دوماً. نجد أنّ البعض في مواقفهم وحالاتهم المعنوية والرّوحيّة والفكريّة غير منسجمين مع ما يقتضيه الالتزام بالمبادئ حين تقع الأحداث المختلفة.

الجامعة بيئة البحث عن الحقائق في مختلف قضايا البلاد
النقطة الأخرى هي أنه لا بدّ من الحماس والنّشاط في الجامعات. فالجامعة الراكدة ليست جيّدة. فما هو المراد من الحماس والنّشاط ؟ فليظهر هذا الحماس والنّشاط نفسه في القطاعات المختلفة سواء في القطاعات العلميّة أو في القطاعات الاجتماعيّة والسياسيّة، فمثل هذا الاندفاع والحيويّة يمكن أن يظهرا نفسيهما. إنّ البيئة الجامعيّة هي بيئة البحث عن محلّ الآراء الصحيحة في المجال السياسيّ وفي مجال إدارة البلد وكذلك في مجال القضايا العامّة الأخرى. على سبيل المثال في قضية الصحوة الإسلامية وهي قضية مهمّة ؛ فإنّ محلّ البحث عن الرأي الصحيح في هذا المجال هو بيئة الجامعة والجامعيين. فالحراك العمليّ إنّما يتحقّق على أساس الفكر والبحث والحراك الذهنيّ؛ وحينها تتّضح المسؤوليّات. ووفق تلك المسؤوليّات تتحدّد الأعمال التي ينبغي أن تُنجز. لهذا إنّ البحث والتحليل والفهم والتشخيص في الجامعات كلّ ذلك من ساحات النّشاط والحيويّة المختلفة. إنّ التمييز بين القضايا الأصليّة والفرعيّة، قضايا الدرجة الأولى والدرجة الثانية وعدم الانشغال بالقضايا التي لا تتمتّع بالأولويّة وتحديد هذه القضايا، كل هذه من ميادين الحماس والاندفاع في الجامعات وبين الجامعيين. فلو أنّكم تشاهدون في الخارج بعض الأشخاص ينشغلون أحياناً بالقضايا الفرعيّة فإنّ البيئة الجامعيّة يجب أن تتمكّن من امتلاك الحكم الصحيح في هذا المجال. أيّها السيّد، إنّ هذه قضيّة أصليّة وهذه قضيّة فرعيّة، وهذه قضيّة لها أولويّة، وتلك ليست كذلكز إنّ بيئة الشاب الجامعي هي هذه البيئة، ولا يعني ذلك أن يسيطر على كل هذه الشريحة الجامعيّة تفكيرٌ واحد. كلا، فمن الممكن أن يحصل اختلافٌ في الآراء، فأنتم تقولون أنّ هذه القضية لا تتمتّع بالأولويّة والآخر يقول بلى. حسنٌ جدّاً إنّ البيئة هي بيئة البحث، فهذا ما يحقّق النّشاط.

1 ــ قضية الملحمة الإقتصادية مثالا
برأيي، يوجد موضوعات يمكن أن تكون محلّاً للبحث في البيئة الجامعيّة ؛ وهي التي تصنع هذه المجالات التي تنبعث منها كل الأنشطة والحماس المختلف على الصّعيد العلميّ والاجتماعيّ، ومنها قضّية الملحمة الاقتصادية. حسنٌ، إنّ الملحمة الاقتصاديّة هي عنوان وقد استُخدمت، فهل يمكن التفكير بشأن حدود هذا العنوان والبحث فيه؟ وهل يمكن البحث عن سبل الوصول إلى هذه الملحمة. البيئات الجامعيّة يمكن أن تكون فعّالة في هذا المجال. إنّ هذا من الأبحاث التي يمكن أن تغيّر مصير البلد. وبالطبع إنّ الملحمة الاقتصادية ليست قضية عابرة. والأمر ليس كأن نطبّق الملحمة الاقتصاديّة لعدّة أشهر ونصل إلى نتائج. كلا، الملحمة الاقتصادية هي عنوان لحركة بعيدة المدى، يمكن أن تبدأ من هذه السّنة ويجب أن تبدأ.

2 ــ القتصاد المقاوم مثال آخر
أو على سبيل المثال الاقتصاد المقاوم. حسنٌ، إنّ هذا العنوان مهمٌّ، وبالطبع لقد عُمل عليه وتمّ تعريفه والبحث بشأنه ووُضعت السّياسات حوله في المراكز المسؤولة فغاية الأمر أنّ المجال مفتوح للبحث. فما هو الاقتصاد المقاوم؟ وفي مجال القضايا الاقتصاديّة للبلد كيف يمكن أن تكون المقاومة؟ والجامعة التي تقوم بالعمل العلميّ والعبء العلميّ؛ إلى أي مدى يمكن أن تنهض بهذه القضيّة؟ إنّ كل هذه يمكن أن تكون موضوعات للأبحاث الجامعيّة.

3ــ قضية نمط العيش مثال ثالث
أو قضيّة نمط العيش حيث قمت أنا العبد، في السّنة الماضية في سفر بجنورد بطرحها ولاقت ترحيباً هي قضيّة مهمّة. إنّ البحث بشأن قضايا نمط العيش وإبداء الآراء والموافقة والمخالفة في القضايا المختلفة هي من الأبحاث التي تحفظ الجامعة حيّةً ونشطة. إنّ مثل هذه الأبحاث المهمّة والمتعلّقة بالوقائع تجري الدّم في عروق هذا الجسد العظيم. ومثل هذه لا تشبه الأبحاث الرّائجة التي كنّا نراها وكانت مشهورة في زماننا. فتلك الأبحاث التي كنّا نطلق عليها حينها عنوان التنوير الفكري كانت معزولةً تماماً عن الواقع. فكانوا يقومون لساعات بالبحث ويثبتون شيئاً فينفيه آخرون دون أن يكون له أيّ نتيجة أو أن يكون ناظراً إلى شيء من الوقائع الاجتماعيّة، لكنّ أبحاثنا اليوم ناظرةٌ إلى القضايا الاجتماعيّة.

4 ــ قضية الصحوة الإسلامية رابعا
أو قضيّة الصحوة الإسلاميّة هذه وآفاتها. إنّ الحدث الذي حصل في عالم الإسلام في بعض هذه الدّول لم يكن حادثاً صغيراً، بل كان حدثاً كبيراً. وبالطّبع إنّ تحليل أحد الإخوة هو صحيحٌ تماماً. فلا شكّ أنّه كان نابعاً من الصّحوة الإسلاميّة في الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران الإسلاميّة. ونحن لا نريد أن نطرح هذا الأمر جزافاً لكي لا يحرّك ذلك مشاعر بعض الدّول المختلفة. لكنّ الواقع والحقيقة هي هذه. إنّ هذه الصّحوة الإسلاميّة نفسها هي ظاهرةٌ غاية في الأهميّة. وليس مناسباً أن نقول أنّ هذه الصّحوة قد انتهت بناءً على ما أوجدوه لها من أطروحات مضادّة بحسب قولهم. كلا، ليس الأمر كذلك. لقد وُجدت هذه الصّحوة. هذه الأحداث نفسها التي تشاهدونها اليوم في مصر وفي بعض الأماكن الأخرى هي جميعاً علامة على وجود عمق الصّحوة الإسلاميّة في هذه البلدان. بالطبع، لم تتمّ إدارتها جيّداً وحصل تهور. وإنّ من الأمور التي ينبغي أن تُبحث هي أن تكتشفوا هذا التسرع والتهور لتروا أين أخطأوا وما هي الأمور التي قاموا بها ولم يكن ينبغي لهم القيام بها، وما هي الأعمال التي لم يفعلوها ممّا كان ينبغي. إنّ هذه من المواضيع المهمّة لأبحاث الدوائر الجامعيّة. برأيي، إنّه من المهم أن نعلم ونقارن بين الثّورة الإسلاميّة وتشكيل النّظام الإسلاميّ في إيران، وبين ما حدث تحت عنوان الثّورة الإسلاميّة على سبيل المثال في دولة كبيرة كمصر. فهناك قد برزت هذه الآفات. إنّ السّاحة المصريّة اليوم هي ساحةٌ مؤلمة جدّاً، فبالنسبة لنا عندما ننظر نرى كم أنّ الأمر هو في الواقع مؤلماً. إنّ هذا قد كان بسبب الأخطاء التي وقعت، وهناك أعمالٌ ما كان ينبغي أن تحصل وقد حصلت، وهناك أعمالٌ كان ينبغي أن تُنجز ولم تُنجز. وحينها نقوم بمقارنة بين هذه الأمور ونظائرها في نظام الجمهوريّة الإسلاميّة. فكيف عُمل هنا في البداية وكيف عُمل هناك(مصر)؟ برأينا إنّ هذه الأمور مهمّة جدّاً. في يومنا هذا يصطفّ الاستكبار بصورةٍ عجيبة وقد أوجد خندقاً طويلاً في مقابل هذه الصّحوة. وها أنتم اليوم تشاهدون أجزاءً منه في هذه الدّول وفي هذه الأحداث، وكذلك في أحداث بلدنا. إنّ العمل هنا مهمٌّ جدّاً.

5 ــ عمق إستراتيجية الجمهورية الإسلامية خامسا
أو أنّ من الموضوعات التي يمكن أن تكون مورد بحثٍ ودراسة هي عمق استراتيجّية النّظام في النّظر إلى قضايا المنطقة. ففي النّظر إلى قضايا المنطقة يتوجّه الإنسان إلى موضوعٍ ما وهو عمق استراتيجيّة الجمهوريّة الإسلاميّة في هذه المناطق. ففي بعض الأماكن يوجد أحداث يمكن أن تُعدّ بالنسبة لداخل البلد كجذور وأسس الاستحكام أو كحبال تثبيت الخيمة فهذا هو عمق استراتيجيّ. فما لاحظتموه من الإمام في مجال الثّورات في الخارج، أو النّواة الثوريّة في كلماتٍ صريحةٍ أظهرها في تلك الأيّام، فإنّما كان لأجل تشكيل مثل هذا العمق وقد حصل. فاليوم، نجد أجهزة الاستكبار تحارب هذا العمق الاستراتيجيّ بحيرةٍ واضطراب. وبالطّبع، لم يصلوا إلى أيّ مكان ولن يصلوا.

وأحد الأبحاث المهمّة في هذه القضيّة هو العمل الذي يقوم به العدوّ في مجال إيجاد الاختلافات بين الشّيعة والسنّة. وضرب الفئات الشيعيّة في مختلف نقاط العالم الإسلاميّ؛ فتصور العدوّ أن الشيعة هم في الواقع معاقل طبيعيّة للجمهوريّة الإسلاميّة لذا يريد تدمير هذه المعاقل. وبالطّبع، هو يرتكب خطأً. فمعاقل الجمهوريّة الإسلاميّة لا تنحصر بالشيعة، فالكثير من الإخوة السنّة في العديد من الدول يدافعون بشراسة عن الجمهوريّة الإسلامية بما لا يفعله الكثير من الشيعة. بعض هؤلاء المعادين للثّورة الذين استقرّوا خارج بلدنا تراهم يتحدّثون ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة دائماً ولو سألتهم ما هو مذهبكم لقالوا شيعة. إنّ بعض المسلمين الذين هم ليسوا من الشيعة الإماميّة إما أن يكونوا من الشيعة الزيدية أو السنّة هم ليس بأقل من الإخوة الشيعة في الدّفاع عن النّظام الإسلاميّ. لهذا، لا يمتلك أعداؤنا فهماً صحيحاً فيما يتعلّق بالعمق الاستراتيجيّ، وما يقومون به هو خطأٌ. لهذا، هناك ساحةٌ مهمّة للنّشاط الضروريّ للجّامعات وهي هذه السّاحة المتعلّقة بالقضايا السياسيّة والاجتماعيّة والقضايا النّاظرة إلى وقائع الحياة، والتي يمكنكم أن تبحثوا فيها وتنضّجوها وتقيسوها وتقدّموها لإدارات الدّولة وتطرحوها كنتاجات فكريّة وعلميّة للنّظام الإسلاميّ. فأنتم ستصبحون من هؤلاء المدراء في القطاعات المختلفة للدّولة بعد عدّة صباحات، فعليكم الاستفادة منها. واليوم ينبغي الاستفادة منها.

6 ــ الحركة العلمية في البلاد
وساحةٌ أخرى هي ساحة العلم. النّشاط العلميّ. أقول لكم أنّ الحاجة العلميّة هي من الحاجات الأساسيّة للبلاد وتقع في المرتبة الأولى. فلو استطعنا أن نتابع السّير في ساحة العلم والتطوّر الذي تحقّق لحدّ اليوم بحمد الله وبنفس السّرعة هذه، فإنّه سيتحقّق الكثير من الفتوحات الكبرى حتماً في مجال المشاكل الاقتصادية وكذلك المشاكل السياسية والاجتماعية وأيضاً في مجال القضايا الدوليّة. إنّ العلم قضيّة مهمّة جدّاً. لقد أُنجز الكثير خلال السّنوات العشر الماضية لكن ينبغي الاستمرار بعد ذلك على نفس هذا المنوال ومضاعفة الجّهود. وإنّني أعتقد بأنّ العمل العلميّ في الجامعة وفي البلد ينبغي أن يصبح جهاديّاً، ويجب القيام بالعمل العلميّ الجهاديّ.

لتوثيق العلاقة مع الأساتذة المتدينيين ومضاعفة المطالعة الفكرية
ووصيّة أخرى للجامعيين الاعزّاء أن تحكموا من علاقاتكم مع الأساتذة المتديّنين وأصحاب القيم. فاليوم، لحسن الحظّ إنّ أمثال هؤلاء الأساتذة ليسوا قلّة في البيئة الجامعيّة. فضاعفوا من عمق الارتباط معهم، وضاعفوا من العلاقات مع المراجع الفكرية سواء في الفكر الدينيّ أو السياسيّ ممّن يُطمأنّ إليهم وإلى نزاهتهم ويوثق بهم. وزيدوا من مطالعاتكم الفكريّة كما كنت أوصي الجامعيّين الاعزّاء دائماً وما زلت.


 

2017-02-22