يتم التحميل...

كلمة الإمام الخامنئي في الآلاف من أبناء مدينة شاهرود

2006

الثورة تعيد للشعب هويته الوطنية والحضارية المفقودة منذ عهود الطاغوت

عدد الزوار: 23

كلمة الإمام الخامنئي في الآلاف من أبناء مدينة شاهرود أثناء زيارته لمحافظة سمنان الزمان: 20/8/1385هـ.ش ـ 19/ 10/1427هـ.ق ـ 11/11/2006م
الثورة تعيد للشعب هويته الوطنية والحضارية المفقودة منذ عهود الطاغوت

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، سيّما بقيّة الله في الأرضين.

سمات تميز أهلي شاهرود: الإيمان والإخلاص
أشكر الله تعالى من أعماق فؤادي, وأشعر بالغبطة الغامرة لوجودي بينكم يا أهالي شاهرود الأعزاء المخلصين الشرفاء وسط هذا الحشد العظيم المفعم بالصدق والحماسة، وأن أحظى من جديد بمشاهدة سيماء الحب والنبل والإيمان التي طالما تميّز بها أهالي هذه المدينة من قديم الزمان،على امتداد مراحل الحياة، سواء أكان ذلك في زمن الكفاح، أو عندما كانت الثورة في ذروة لهيبها، أو حينما كنتُ قبل ذلك طالباً حوزوياً في مشهد، أو بعد ذلك في سنوات الحرب المفروضة وفي المؤسسات الإدارية والثورية، عرفنا دائماً أهالي شاهرود بخصائص معيّنة هي: التديّن والإخلاص, والمودّة والإقدام, وحب العلم والقيم الدينية والإسلامية.

والآن، وبعد مرور سنوات عديدة على انتصار الثورة الإسلامية، وخوض بلدنا العزيز لتجارب مختلفة، فإننا مازلنا نجد أهالي شاهرود الأعزاء من رجال ونساء وشباب وكهول من كافة الفئات وقد احتفظوا بتلك السجايا حتى اليوم، فالمدينة وأهلها, وقلوب أهاليها تنبض بالصفاء.

دور علماء شاهرود في تنشئة أهاليها الأخلاقية
ومن المؤكّد أنّ معلّمي الدين والأخلاق في هذه المنطقة كان لهم دور مشهود ومؤثّر في تنشئة أهالي محافظة شاهرود على الأخلاق والمكارم الحميدة.

لقد كان للعلماء الأعلام دور بارز في المجالات الدينية والأخلاقية على مستوى هذه المنطقة وهذه المدينة وضواحيها، سواء أكان ذلك في الماضي أو في تلك الحقبة من الزمان, حيث شاهدنا ذلك عن قرب أو في العصر الحاضر.

لقد كانت الألسن تلهج ـ عندما كنّا شبابا ـ بأسماء الشخصيات البارزة في العلوم الدينية من أهالي شاهرود.

ومن هؤلاء العلماء الأعلام المرحوم آية الله العظمى الشاهرودي مرجع التقليد والأستاذ البارز في حوزة النجف العلمية، والمرحوم آية الله الشيخ الشاهرودي الكبير, وهو من علماء وسكان مدينة شاهرود البارزين، كما سمعنا قبل هؤلاء في مشهد بالمرحوم السيد عباس الشاهرودي أحد أبرز العلماء وعمّ أحد العلماء الكبار من ذوي الزهد والتقوى وهو المرحوم الحاج حسين الشاهرودي الذي رحل عنّا منذ سنوات، وفي زمان الثورة كان هناك المرحوم الشيخ التوحيدي ذلك العالم البارز الذي كان كتلة من النشاط، وهناك من هم أصغر سنّاً كالمرحوم الشيخ الطاهري وسواهم من العلماء الكثيرين.

إنّ هذه المنطقة غنيّة بالعلماء، وهي أرض معلّمي الدين والأخلاق. لقد سمع المعنيون بالمعارف الإسلامية، وحتى من غير المسلمين، منذ القدم بأسماء من قبيل بايزيد البسطامي وأبي الحسن الخرقاني، ولا ينبغي الخلط بين أمثال هؤلاء وأدعياء التصوّف، فالموضوع مختلف تماماً في شكله ومحتواه.

الميل إلى المعنويات طبع أصيل في أهالي شاهرود
إنّ السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف استطاعت هذه المنطقة تربية كل هذا الرعيل من معلّمي الدين والأخلاق وعلماء الدين البارزين؟ لم يكن هذا مجرد صدفة، بل إنه دليل على وجود الطبع الأصيل بين هؤلاء الناس منذ القدم، وهو الميل إلى المعنويات والإيمان بالقيم المعنوية والإسلامية.

إننا لا نسوق هذه الحقائق من أجل إدخال السرور على قلوب أهالي شاهرود، فَهُم أنفسهم على علم بهذه القضايا.

الثورة تعيد للشعب هويته الوطنية والحضارية المفقودة منذ عهد الطاغوت
نّه ليس مجرد افتخار بالآباء والأجداد أو تغنّياً بأمجادهم، بل إنّ الحديث عن هذه المفاخر ينحو صوب هدف مهم آخر وهو: أنّ الأمم والشعوب لا تقع في شراك ما يحاك لها من مؤامرات عندما تكون على علم بقيمها الأساسية الأصيلة, وعلى معرفة بقدراتها ومكانتها الأخلاقية والإنسانية، ويبدو أمامها أفق المستقبل زاهراً ومشرقاً.

لقد بذل الاستعمار جهوداً مستميتة خلال عشرات السنين؛ لكي ينزع من الشعب الإيراني ثقته بنفسه وإيمانه بقيمه وماضيه الحضاري العريق.

وهذه هي خطيئة كبرى ارتكبها الجيل الأول من المثقفين الإيرانيين, الذين سعوا إلى نشر الأفكار والثقافة الغربية.

لقد أدخلوا في روع الشعب الإيراني بكل دأب وإصرار أنه مجرد نكرة ولا يساوي شيئاً، وأنّ قيمه وعقائده وماضيه وتاريخه ومفاخر أجداده لا قيمة لها.

وبهذا استطاعوا أن يوُجِدوا جيلاً غريباً عن نفسه؛ حتى يقبل بحكومة جائرة وعميلة مثل حكومة رضا خان المتغطرس.

وذلك ما فعله أعداؤنا خلال أعوام متمادية.

لقد كانت النهضة الإسلامية والحركة الدينية والشعبية العظيمة التي تكلّلت بانتصار الثورة هي التي جعلت الجماهير تستعيد هويتها وثقتها بقدراتها وماضيها الحضاري العريق، وكشفت قناع الكذب والوهم الذي غطّى به الأعداء وجه القيم والمثل التي يتحلّى بها شعبنا.

وكانت شاهرود في طليعة المدن التي فتحت صدرها حاضنة بوادر النهضة.

لقد كانت لي اتصالات عن قرب بشاهرود في مرحلة النضال، وكنّا نأتي إلى هنا مع أصدقائنا وأصحابنا الذين يسيرون على نفس النهج؛ فيستقبلنا شباب المدينة بالترحيب، وكانت تُعقد في هذه المدينة وفي مساجدها المختلفة لقاءات واجتماعات موسّعة لمناقشة وتبيان مبادئ ومفاهيم الثورة, وما يتعلّق بالنهضة الإسلامية من قضايا.

رحم الله الشيخ التوحيدي وعلماء المدينة الآخرين الذين كانوا على صلة بيّ, وبذلوا كل ما بوسعهم لمساعدة شبابنا، وقد كان عدد من هذا الشباب المؤمن والمتحمس من أهالي هذه المدينة على اتصال بنا في مدينة مشهد.

لقد جئت عدّة مرّات إلى شاهرود آنذاك، وأذكر أنني أمضيت ليلة في شاهرود بين هذا الشباب الثائر المؤمن؛ عندما كان فتيل الثورة في أوج التهابه.

إنها ذكريات لا تُنسى.

ولقد خضتم التجربة بنجاح:أنتم أيها الأخوة والأخوات والعوائل العزيزة المحترمة من أهالي شاهرود طوال مرحلة الدفاع المقدس.

إنّ معظم شهداء هذه المحافظة هم من أهالي شاهرود، وإنّ العديد من المضحّين والبارزين في القوات المسلحة هم من أهالي هذه المنطقة وهذه المدينة وضواحيها.

إنني لأرجو أن يكون دوركم أيها الأعزاء في المستقبل الزاهر لهذا البلد وهذه الثورة دوراً مشهوداً, كما كان في الماضي, وكما نراه في الحاضر.

الشعب الإيراني يمهد سبيل النهضة أمام الشعوب الإسلامية
إنّ الذي ينبغي عليكم أيها الأعزاء, وكافة أبناء الشعب الإيراني أن تعرفوه ـ ولحسن الحظ فإن شعبنا يتمتع بذاكرة قوية ـ هو أنّ نسبة انتصارات جبهة الإسلام والإيمان في صراعها المرير الذي دار بين الإسلام والحركة الإسلامية من جهة, ومعسكر الكفر والاستكبار من جهة أخرى, تبلغ أضعافاً مضاعفة ممّا حققته الجبهة المعادية.

إنّ القضية ليست قضية إيران وحدها، بل إنها قضية النهضة الإسلامية التي يحمل لواءها الشعب الإيراني، فعندما عقدنا العزم نحن أبناء الشعب الإيراني على تمهيد السبيل أمام النهضة الإسلامية في هذا البلد لم يكن ذلك بهدف إيجاد نهضة عالمية، وكل ما في الأمر أنّ المخلصين والأنصار والواعين أدوّا واجبهم فيما رأوه ضرورياً من نشر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, والدفاع عن الحق والثورة في وجه الظلم.

ولقد أعلن إمامنا العظيم في مرّات عديدة: أنه كان يقوم بكل ما يراه ضرورياً على كافة الأصعدة وفي كل الظروف، ولم يكن يؤجّل واجبه للغد.

وإنّ هدف المناضلين والقائمين بالنهضة وأبناء الشعب كان هو الإصلاح في البلاد.

ولكنّ طبيعة النداء والدعوة للحق من شأنها أن تجذب إليها قلوب الوالهين في كافة أرجاء العالم.

لقد استطاعت نهضة الشعب الإيراني أن تشدّ إليها أنظار المسلمين في شتّى بقاع العالم الإسلامي والبلدان الإسلامية، وأن تعقد عليهم الأمل العميق، فأيقظت الكثيرين من سباتهم, ودفعت الشباب إلى عقد العزم على تحقيق الآمال المنشودة.

ولهذا باتت الحركة حركة إسلامية.

إننا لا نتدخّل في الشؤون الداخلية للبلدان.

وإنّ القضايا في فلسطين أو في لبنان أو في العراق لا يديرها المسؤولون الإيرانيون أو الشعب الإيراني، ولكن ثورتكم ومقاومتكم ـ أنتم أيها الشباب, وصبركم ـ أنتم أيتها العوائل؛ كانت مما دفع الشعب الفلسطيني لليقظة, ومنح الشباب المؤمن في لبنان القوة والصمود, وبعث فيه روح التصدّي لجيش متجبّر متهوّر ومسلح بأحدث المعدات بدعم من أمريكا، فأحرزت المقاومة ذلك النصر الساحق.

إنّ الذين كانوا في هذا المشهد هم الشعب اللبناني وحزب الله، ولكن المراقبين في كل العالم قالوا: بأن الشعب الإيراني حقق نصراً في هذه الجولة.

إنّ كل جماعة إسلامية أو شعار إسلامي وقيمي يحرز انتصاراً نجد أنّ المحللين والسياسيين على المستوى الدولي يحيلون هذا الانتصار إلى الشعب الإيراني, مع أنّ الشعب الإيراني لم تكن له علاقة بذلك الشعب أو تلك الجماعة السياسية أو الثورية.

والسبب في ذلك يعود إلى أنكم ترفعون لواء الفخر والاستقلال تحت ظلال (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وقد استطعتم الحفاظ على هذا اللواء عالياً وخفّاقاً رغم كل التحدّيات؛ فلا تدعوه يسقط.

لقد تمكّنتم من إبراز هذه القدرة؛ وهذا يعتبر مثار فخر عظيم لشعبنا الإيراني.

ولكنّ هذا ليس كافياً.

واجبنا بناء مجتمع التقدم العلمي والعدالة الإجتماعية والقيم الأخلاقية
إننا لا نريد أن نثلج صدورنا بأن الشعب الإيراني عزيز ومرفوع الرأس على الصعيد الدولي أو الإسلامي، فهذه حقيقة، ولكننا لا نكتفي بها.

إنّ من الواجب علينا أن نظهر أننا قادرون على بناء مجتمع يرضى به الإسلام؛ فهذا واجب علينا وينبغي القيام به.

وفي الواقع فإن الأعداء المتآمرين على الإسلام على الصعيد العالمي يدركون جيداً هذه النقطة الأساسية, ويحولون دون تحقيقها.

إنّ البلد أو المجتمع المتمسّك بالإسلام لابدّ وأن يكون متقدّماً على المستويين المادي والمعنوي.

إنّ بلدنا يجب أن يكون على مستوى راقٍ من الناحية المادية, وأن يكون متقدّماً علمياً وتكنولوجياً.

وأما على مستوى البناء والعلاقات الاجتماعية فلا بدّ وأن تقوم العلاقة بين الأفراد على أساس صحيح ومتين, وأن تكون دليلاً على التحضّر والإزدهار, وأن تتفتح براعم الخلاقية والإبداع في هذا البلد.

إنّ بإمكان أفراد البشر جميعاً أن يتعاونوا وأن يساعد كل منهم الآخر؛ لبلوغ أهداف الحياة بفضل ما لديهم من طاقات فطرية.

وفي هكذا مجتمع لابدّ من إقرار دعائم العدالة الاجتماعية.

ولا تعني العدالة الاجتماعية أن يتمتع الجميع بنفس الخصائص، بل أن يتمتعوا بنفس الفرص وذات الحقوق.

لابدّ وأن يكون باستطاعة الجميع الإستفادة من فرص الحركة والتطور، وأن يقطعوا دابر الجائرين والمعتدين والمنتهكين للعدالة؛ فتشعر البشرية بالثقة, وتعيش باطمئنان.

وفي مجتمع كهذا لابدّ وأن تسير المعنويات والأخلاق في خط متوازٍ مع التقدّم المادي، وأن تقترب القلوب من الله وتنبض بالمعنويات، وتأنس بالله تعالى وعالم الروح والمعنى، وأن تشيع ثقافة ذكر الله وحب الآخرة في مثل هذا المجتمع.

خصوصية المجتمع والحضارة الإسلامية
وهنا تبرز الخصوصية النادرة للمجتمع والحضارة الإسلامية، أي ذلك المزيج الفريد بين الدنيا والآخرة.

لقد تقدّمت الحضارة المادية الغربية علمياً وتكنولوجياً، وأنجزت نجاحاً كبيراً على صعيد الأساليب المادية المعقّدة، ولكنّ كفّتها المعنوية تنحدر إلى هاوية الخسران يوماً بعد آخر؛ مما جعل العلم والتقدّم المادي الغربي يؤول إلى ضرر البشرية.

إنّ العلم لابدّ وأن يكون لصالح الإنسان، ومن الضروري أن تكون سرعة وسهولة الاتصالات في خدمة هدوء وأمن وراحة البشرية.

إنّ العلم الذي يتسبّب في خوف وهلع الإنسانية ـ كالقنابل الذرية والصواريخ بعيدة المدى والإنفجارات العشوائية ـ ليس من العلم الذي يخدم البشرية.

لقد وقع العالم الغربي تقدّمه المادي في هذه الهوّة الخطيرة.

إنّ الحضارة والفكر الإسلامي بحاجة إلى التقدّم المادي, ولكن من أجل أمن وراحة ورفاهية الناس والتعايش الودود بين الإنسان وأخيه الإنسان، وهذه هي مميّزات النظام الإسلامي.

لقد نادينا بكل هذه القيم وبصوت عالٍ وأصغت إليه مسامع العالم منذ بداية الثورة؛ مما جذب الكثير من أفئدة المسلمين وغير المسلمين.

إنّ هذه هي ضمانة عزة وكرامة الشعب الإيراني.

لقد تأثّر الكثيرون من المفكرين المسيحيين والسياسيين غير المسلمين في كل أنحاء العالم ـ وكان بعضهم أحياناً من الملحدين ـ وانشدّوا إلى أدبيات وفكر نظام الجمهورية الإسلامية، ولقد حدث هذا مرّات ومرّات.

إننا نريد ترسيخ هذا الفكر وتعميقه في بلادنا؛ وهذا أيها الأخوة والأخوات الأعزاء بحاجة إلى جد وعمل، ويتطلب أناساً مؤمنين يتحلّون بالتضحية والإقدام، ولابدّ له من تشديد عُرى الثقة بين الشعب والحكومة.

الأعداء يفشلون في فك اللحمة بين الجاهير والمسؤولين
إنّ أعداء هذا البلد وهذا الشعب يستهدفون هذه المنطقة، وقد عكفوا على وضع الخطط والمشاريع لزعزعة أواصر العلاقة بين المسؤولين والجماهير, وإضعاف عزيمة المسؤولين.

فخلال السنوات الماضية أعلنت أجهزة الدعاية والإعلام الغربي بكل صراحة: أنهم بصدد إشعال أتون الخلاف بين أجهزة نظام الجمهورية الإسلامية, وزرع بذور التفرقة؛ لشقّ عصا الوحدة والتآلف.

لقد اعترفوا بذلك، ولكن الفشل كان من نصيبهم والحمد لله.

لقد كانوا يهدفون إلى جرّ شبابنا نحو الملاهي والشهوات, وحرفه عن التفكير والعمل لبناء المستقبل، ورسموا لذلك الخطط.

إنّهم يحاولون إيجاد اليأس والقنوط وتثبيط همّة أبناء الشعب؛ حتى يتراجعوا عن مواصلة هذا الطريق الطويل الصعب والمثير, الذي يمكن أن يقطعوه في ظل الأمل؛ وهذا يمثّل جانباً من الخطط التي يضعها الأعداء.

أقول لكم: إنّ العدو شعر بالفشل في مسلسل مؤامراته التي لم يكف عن حياكة خيوطها طوال سبعة وعشرين عاماً مرّت على انتصار الثورة، وذاق مرارة الهزيمة في مواجهته مع الشعب الإيراني وصراعه مع الثورة الإسلامية وهذا المدّ العظيم.

إنّ العدو لم يحرز أية انتصارات على الإطلاق.

لقد كانت قلوب الأعداء يراودها الأمل الواهي أحياناً عندما تصلهم إشارة خاطئة من هنا وهناك، فكانوا يتصوّرون حينها أنّ مؤامراتهم نجحت ضد هذا البلد. ولكن كان يتّضح سريعاً أنهم مخطئون. ولهذا فقد مُني الأعداء بالفشل.

المسؤولون ماضون في بناء مستقبل البلاد بعزيمة راسخة
إنّ برامج المسؤولين الإيرانيين برامج محسوبة ودقيقة وواضحة فيما يتعلّق ببناء المستقبل وعلى كافة الأصعدة والمستويات، وإنّ المسؤولين اليوم يسيرون بخطى واثقة وعزائم راسخة وثقة كاملة بالنفس نحو تحقيق هذه الأهداف.

ولعلّني أستطيع القول: بأن إرادة مسؤولي الحكومة وعزمهم على مواصلة السير على هذا الطريق الطويل الشاق نحو تحقيق الأهداف المنشودة بات أمراً أكثر رسوخاً وتعميماً في هذه المرحلة عن ذي قبل, رغم أنّ أعداء ومبغضي شعبنا كانوا يتصوّرون ويتوقّعون خلاف ذلك.

لقد كانوا يعتقدون أنّ الآمال سيخبو بريقها؛ بتقادم عمر الثورة، بينما نجد أنّ العكس صحيح.

إنّ أمل مسؤولينا وحكومتنا اليوم وثقتهم بأنفسهم وتصميمهم على التغلّب على المشاكل وتمهيد السبل أصبح أشدّ مما مضى.

وإنني أقول: بأن كل ما عقدوا عليه العزم يمكن تحقيقه.

إنّ كل ما حدث في هذا البلد منذ اندلاع الثورة وحتى الآن من تقدّم مختلف على كافة الأصعدة أشبه بمعجزة.

إنّ ثمة مشاكل بالطبع، وأنا على دراية بمشاكل البلاد المختلفة ومشاكلكم أنتم يا أهالي شاهرود.

إنني على علم بما ينقصكم، وما تشتكون منه، وما تتوقّعونه، وما عندكم من أولويات كمشاكل المياه والعمل وسواها مما تعانون منه، وهذا من حقّكم.

والواقع أنه لا يمكن أن نساوي مشكلة بأخرى على صعيد الحل، فبعض المشاكل في حاجة إلى صبر، وبعضها يمكن التغلّب عليه أسرع.

والمهم أن يكون المسؤولون على علم بما يلزم, وأن يبذلوا جهودهم من أجل تحقيقه, وأن يغلقوا سبيل الفساد والاستغلال، وإنني أشعر أنّ كل ذلك سيتحقق بلطف الله وتوفيقه.

إنّ الأسناد المتعلّقة بهذه المحافظة هي أسناد موثّقة.

وإنّ المسؤولين على علم بمتطلبات وإمكانيات المنطقة، ولديهم العزم الأكيد، وهم لحسن الحظ نشطون وعلى استعداد لأداء واجباتهم، وينبغي لهم أداؤها.

إنّ بعض الأعمال يتطلّب فترة من الزمن، وإنّ بعض الطرق التي يُراد قطعها قد يتطلب عشر ساعات؛ لبلوغ الهدف, ولا يمكن قطعه في ساعة واحدة.

فالطرق بعضها قصير وبعضها الآخر طويل، والمهم أن يتحلّى المسؤولون بالإرادة والوعي والشعور بالمسؤولية؛ وهذا هو الواقع والحمد لله.

إنّ تحرّك المسؤولين يعتمد على ما لديكم من مشاعر وثقة وأمل، فهذه هي الضمانة، وهم يعلّقون الأمل على هذه الثقة والمحبة والمشاعر الجيّاشة، وقد تمّت عليهم الحجة.

الشعب مدعو لمساندة المسؤولين لبلوغ الأهداف
إنّ مساندة الشعب للمسؤولين هي مساندة شاملة ومتينة وتعود إلى جذور إيمانية.

وإنّ على المسؤولين أن يجعلوا من ثقتكم وحسن ظنّكم دافعاً لهم للإنطلاق في القيام بواجباتهم، وأنا متفائل تماماً إزاء ذلك.

وعلى المواطنين أيضاً ألاّ ينسوا نصيبهم، فالتحلّي بالعزم والإرادة، والشعور بالمسؤولية في أداء الوظائف، والمتابعة في العمل، كلها من واجبات الأهالي، فالمسؤولون يتحمّلون جانباً من المسؤولية والمواطنون جانباً آخر.

وإن شاء الله ستسير الأمور على ما يرام، وكما استطعنا إيقاظ المشاعر في قلوب الأمة الإسلامية؛ بفضل ما رفعناه من شعارات وآمال إسلامية كبرى، أرجو أن يقدّم شعبنا نموذجاً أتمّ وأكمل وأدقّ للنظام الإسلامي يكون أجدى بالتأسّي والإقتداء.

أللهم إنّا نسألك بحق محمد وآل محمد أن تُنزل لطفك وفضلك على أبناء هذا الشعب المؤمنين الأوفياء، وأن توفّق المسؤولين لخدمتهم والسهر على راحتهم، وأن تشدّ بأزرك أواصر المحبة بين الجماهير والمسؤولين.

وأخيراً أشكركم أيها الأهالي الأعزاء، وأشكر الجموع المحتشدة هنا في هذه الساحة، والذين كانوا في استقبالنا على طول الطريق على ما أوليتموه لنا من لطف عظيم ومحبة عميقة، وأسأل الله تعالى أن يشملكم بالنفحات الصافية لبقية الله (أرواحنا فداه).

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

2017-02-14