يتم التحميل...

الرد على شبهات الوهابية (1) - الإمام الخميني قدس سره

كيف نرد على شبهات الوهابية؟

كان السؤال الأول في طلب الحاجة من النبيّ والإمام وهل هذا شرك أم لا؟ وأعتقد أنّ القرّاء بعد أن توضح لهم معنى الشرك سيجيبون بأنفسهم عن ذلك ولا يحتاج الأمر إلى طول كلام ومع ذلك لا نأبى عن جوابه حتى يتميَّز قول الحقّ عن الباطل فنقول:

عدد الزوار: 18

الرد على شبهات الوهابية (1) - طلب الحاجة من غير الله

كان السؤال الأول في طلب الحاجة من النبيّ والإمام وهل هذا شرك أم لا؟ وأعتقد أنّ القرّاء بعد أن توضح لهم معنى الشرك سيجيبون بأنفسهم عن ذلك ولا يحتاج الأمر إلى طول كلام ومع ذلك لا نأبى عن جوابه حتى يتميَّز قول الحقّ عن الباطل فنقول:
إن كان طلب الحاجة من النبيّ والإمام وأيّ شخص آخر غير الله باعتبار أنه ربّ ومستقل في قضاء الحاجة فهذا شرك يدلّ على ذلك العقل والقرآن. وإن لم يكن على هذا الاعتبار فليس من الشرك وعليه نظام العالم إذ يقوم على قضاء حاجة البعض للبعض الآخر وتمدّن العالم يستند إلى تعاون البعض مع البعض الآخر. ولو كان مطلق طلب الحاجة من شخص شركاً لكان جميع العالمين بلا استثناء مشركين ولكان العالم مبنيّاً على أساس الشرك فالأنبياء يسعون في معاشهم أيضاً ولهم من الناس حاجات وقد ساروا في ركب الحياة بالتعاون.

أعمال الله:
قد يقال أنه ليس مطلق طلب الحاجة شركاً بل طلب الحاجات التي تخرج عن الطاقة البشرية هو الشرك. أي طلب الأعمال الإلهيّة من غير الله كفر وشرك.

والجواب: يجب أن نميّز بين فعل الله عن فعل غير الله ليعلم أن ليس كلّ عمل عادي هو غير إلهي وأن ليس كلّ عمل غير عادي هو إلهيّاً. فنقول: فعل الله حسب البرهان والوجدان عبارة عن الأفعال التي يقوم بها الفاعل دون الاستعانة بالغير والاستمداد من قوة أخرى. أي أن يكون الفاعل في فعله مستقلاً تامّاً لا يحتاج إلى الغير. أمّا الأعمال غير الإلهيّة فهي خلاف ذلك. مثلاً الله الذي خلق العالم قد يرزق أو يمرض أو يعطي الصحّة وهو في هذه الأفعال مستغنٍ عن أية قوة أخرى وليس لأحد أي دخالة في أفعاله لا كلية ولا جزئية وليست قدرته وقوته مكتسبة مستعارة من الغير. أمّا غير الله فإذا قام بعمل سواء كان عاديّاً وسهلاً أم غير عادي وصعباً فليست قوته من ذاته وهو لا يقوم بالعمل استناداً إلى قوته. وعليه، فلو طلب شخص من أحد غير الله عملاً مهمّاً كان صغيراً على أساس أنه ربّ فهو مشرك بحكم العقل والقرآن وإذا طلب على أساس أنّ ربّ العالم قد أعطاه القوة وأنه محتاج الله وهو غير مستقل في هذا العمل فليس هذا عملاً إلهيّاً وليس طلب الحاجة حينئذٍ شركاً.

دليل من القرآن:
قد يقال إنّ مطلق طلب الأعمال غير العادية شرك مهما كان اعتباره. وفي جوابه يقول بالإضافة إلى أنه لا دليل على هذا الكلام وإلى أنّ العقل حاكم بخلافه وإلى أن أفكاركم ؟؟؟ ليس إلا تعسّف وإثارة للفتن. بالإضافة إلى ذلك لدينا دليل واضح من القرآن على ما نقول ففي سورة النمل الآيات: 38 – 40: ﴿قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي.

فنسأل القرّاء هل إحضار عرش بلقيس قبل أن يرتدّ الطرف من مكان بعيد أمر عادي أم غير عادي فإن كان على خلاف العادة وبحسب كلام هؤلاء عملاً إلهيّاً فسليمان النبيّ بنصّ الله والممدوح من الله قد طلب هذا العمل غير العادي من الذين كانوا في محضره كما دلّت عليه الآية 38 وهي حاجة طلبها نبيّ عظيم الشأن من العفاريت والآخرين وقد لبّى آصف بن برخيا الحاجة، فسليمان إمّا مشرك فيلام الله على جعله نبيّاً ويخطّأ في ذلك وإمّا أن نلتزم بأن طلب أمثال هذه الأمور غير العادية ليس شركاً وأنّ كلام هذه الحفنة المتشرّدة الهاذية لا قيمة لها.

دليل آخر من كتاب الله:

يذكر الله حكايات عجيبة لعيسى بن مريم في القرآن مع احترام لائق وتقدير واضح وينسب إليه أفعالاً فوق مستوى القدرة البشريّة وهذا نموذج ليتضح ما في جعبة المفسدين.

سورة آل عمران الآية 48 - 49: ﴿وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ * وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ وهذه الأمور التي ذكرها عيسى أفعال غير عادية أو إلهيّة حسب تعبير هؤلاء فطلب بني إسرائيل هذه الأمور منه شرك وكفر وعيسى يكون – على ما ذكروه – مدّعياً للألوهيّة داعياً إلى الشرك فالله مخطئ في جعل مثل هذا المدّعي للألوهيّة الداعي إلى الشرك نبيّاً فإذا كان كلام هذه الشرذمة من نجد ووحوش الصحراء صحيحاً فالجوهر مهما بلغ فاسد.

وهناك شواهد أخرى من كلام القرآن أعرضنا عن ذكرها.


* كتاب كشف الأسرار، الإمام الخميني قدس سره.

2016-12-27