يتم التحميل...

حرية المعتقد في الاسلام-1

شبهات حول الدين

من المسائل المهمة المطروحة في وقتنا الحاضر وتثار حولها العديد من الشبهات هي قضية الحرية الدينية وحرية الفكر والمعتقد والتي راجت بشكل كبير في الدول الغربية

عدد الزوار: 15

حرية المعتقد

من المسائل المهمة المطروحة في وقتنا الحاضر وتثار حولها العديد من الشبهات هي قضية الحرية الدينية وحرية الفكر والمعتقد والتي راجت بشكل كبير في الدول الغربية وانتقلت آثارها الى الشرق تحت شعار أنه يحق للانسان أن يختار الدين الذي يريد ويمارس الطقوس التي يريدها فله أن يترك دينه ويختار دينا آخر دون أن يتعرض له القانون أو أن ينظر اليه باعتباره مذنبا من قبل المجتمع.

فهل يقبل الاسلام ذلك؟ وإذا كان يقبل ذلك فكيف نفسر الأمر بقتال الذين لا يدينون دين الحق؟وكيف ينسجم قوله تعالى لا اكراه في الدين مع ذلك؟ ألا يعني قتال الذين لا يدينون بدين الحق القضاء على الفكر؟

يقول الله تعالى في كتابه الكريم ﴿لا إِكْرَاهَ فى الدِّينِ قَد تّبَينَ الرّشدُ مِنَ الغَىِّ ( البقرة:256) تتحدث الاية الكريمة عن نفى الدين الإجباري، وذلك لأن الدين عبارة عن إيمان وعمل والإيمان عبارة عن مجموعة من المعتقدات والاعتقاد من الأمور القلبية التي لا يمكن أن تتم تحت الإكراه والإجبار، لأن الإكراه يمكن أن يتم ويؤثر في الأعمال الظاهرية دون الاعتقاد الباطني، فقوله: لا إكراه في الدين نهي عن الحمل على الاعتقاد والإيمان كرها، وهو نهي مستند على الحقيقة التكوينية التي تقول أن الاكراه لا يمكن أن يتم في الاعتقادات القلبية.

والسبب الذي تبينه الآية الكريمة لعدم الاكراه والاجبار في الدين هو قوله تعالى "قد تبين الرشد من الغي" بمعنى أنه لا حاجة للاكراه بعد أن تبين الحق من الباطل فلا موجب لأن يكره أحد أحدا على الدين.

و هذه إحدى الآيات الدالة على أن الإسلام لم يقم على السيف والدم، ولم ينتشر بالإكراه والعنوة على خلاف ما يزعمه البعض من أن الإسلام دين السيف.وأوامر القتال في الإسلام ليست لغاية إحراز التقدم وبسط الدين بالقوة والإكراه، بل لإحياء الحق والدفاع عن التوحيد ومحاربة الشرك (وهو خضوع انسان لانسان مثله) لأن أساس بناء الإسلام في تشريعه هو التوحيد والنبوة والمعاد وهو الذي يجتمع عليه المسلمون واليهود والنصارى والمجوس أهل الكتاب ويمكن للاسلام أن يتعايش معهم بخلاف الشرك فالاسلام لا يمكن أن يتعايش معه لذلك فبعد انبساط التوحيد بين الناس وخضوعهم لدين النبوة ولو بالتهود والتنصر فلا نزاع ولا جدال ولا قتال.

هل يعني عدم الاكراه حرية المعتقد؟

من الأمور التي يجب أن نلتفت اليها أن أي نظرية يجب أن تكون منسجمة مع نفسها ولا ينقض بعضها بعضا وبعبارة أخرى يجب أن لا تتعارض التشريعات مع الهدف الأساس الذي بنيت عليه النظرية! كمثال على ذلك فإن الحرية الدينية في الغرب مثلا لا تتعارض مع القوانين المدنية الحاضرة لأنها تهدف الى رفاهية الانسان وسعادته الدنيوية وتمتعه المادي فطالما أن الفرد لا يخالف القوانين العامة فلا مشكلة في انتمائه لأي دين وفي اتباعه لأي مسلك من المسالك والمناهج.لأن الأساس الذي بنيت عليه القوانين المدنية لا يتعارض مع الحرية الدينية.فهل أن الأساس الذي بني عليه الدين يتعارض مع الحرية الدينية وهل تتناقض حرية المعتقد مع الغاية التي أرسل من أجلها الرسل وأنزلت من أجلها الكتب؟

كما ذكرنا سابقا فإن الأساس الذي بني عليه الإسلام ووضع قانونه عليه هو التوحيد ونفي الشرك أي نفي العبودية لغير الله تعالى أي أنه في نفس الوقت الذي يكون الانسان فيه حراَ يكون عبداَ أمام الله تعالى! بمعنى أن الحرية تتوقف عند تعارضها مع العبودية لله تعالى ومع التوحيد لأن ذلك يعني التناقض الصريح؟ فالقول بحرية العقيدة أمام الله تعالى في الأديان يشبه القول بالحرية أمام حكومة القانون في القوانين المدنية.

ونلفت النظر هنا أن المنع من حرية العقيدة ليس عن نفس الاعتقاد لأنه أمر باطني فلا يمكن المنع منه أو السماح به وإنما (المنع )عن الالتزام بما تستوجبه العقيدة من الأعمال كالدعوة إلى العقيدة وإقناع الناس بها وكتابتها ونشرها و.... وهذا يعني أن الاسلام لا يمس حرية التفكير!! فلا يمكن لأحد أن يمنع أحدا من الشرك أو أي اعتقاد باطل ولكن المنع يكون عن اظهار عقيدة الشرك والباطل ونشرها.


* تفسير الميزان ج 4 بتصرف.

2016-11-11