يتم التحميل...

طبيب القلب

الحج

يجيب الإمام الباقر عليه السلام: "رسولُ الله أفضلُ الراسخين"5. ويكمل الإمام الصادق عليه السلام الجواب بقوله: "الراسخون في العلم هم آلُ محمّد"6. ويقول: "نحن الراسخون في العلم فنحن نعم تأويله"7.

عدد الزوار: 26

إنّه الله تبارك وتعالى، فهو الطبيب الحقيقيُّ الذي علَّمنا في قرآنه أن نقول ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ1. وإنّه الله جلّ وعلا الذي علمنا نبيُّه الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أن ندعوه قائلين: "يا طبيبَ القلوب، يا منوّرَ القلوب، يا أنيسَ القلوب"2.

دواء القلب

ولله دواء خاصّ في علاج أمراض القلب أخبرنا عنه بقوله: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ3.

واصف الدواء

لكنّ هذا الدواء لا يُحسِنُ توصيفَه إلاّ أطباء فهموا سرَّ الدواء وأدركوا معانيَه الجليلة، إنّهم الراسخون في العلم، إنهم أصحاب الآية ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ4.

من هم هؤلاء الراسخون في العلم أطباء القلوب؟

يجيب الإمام الباقر عليه السلام: "رسولُ الله أفضلُ الراسخين"5. ويكمل الإمام الصادق عليه السلام الجواب بقوله: "الراسخون في العلم هم آلُ محمّد"6. ويقول: "نحن الراسخون في العلم فنحن نعم تأويله"7. من هنا كان أمير المؤمنين عليه السلام يصف النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: "طبيبٌ دوَّارٌ بطبِّه، قد أحكمَ مراهمَه، وأحمى مواسمَه، يضع ذلك حيث الحاجةُ إليه، من قلوبٍ عُمْي، وآذان صمّ، وألسنة بُكْم، متتبِّعٌ بدوائه مواضعَ الغفلة، ومواطنَ الحَيْرة"8.

نداء مريض لأطبّاء القلب

وينادي مريض الروح والقلب محمّداً وآل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم شاكياً آثار الذنوب التي سوَّدت قلبه، ويسأل ما هو العلاج؟!!
جواب محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وآله عليهم السلام
ويجيب محمّد صلى الله عليه وآله وسلم محدِّداً الدواء: "التوبة تَجُبّ ما قَبْلَها"9.
ويجيب عليّ عليه السلام قائلاً: "التوبة تطهِّر القلوب وتغسل الذنوب"10.
ويبيِّن الحسين عليه السلام لائحة أدويةٍ لمريض جاءه طالباً العلاج في هذه القصَّة الجميلة.

مريض في مشفى الحسين عليه السلام

فقد ورد أنّ رجلاً تكرَّرت منه المعاصي، وكلّما حاول التوبة غلبته نفسه، فالتفت إلى مرضه وبحث عن الطبيب فإذا به يجده عند أبي عبد الله الحسين عليه السلام فجاءه قائلاً:
ـ يا ابن رسول الله، إنّي مُسرِفٌ على نفسي، فاعرض عليَّ ما يكون لها زاجراً أو مستنقذاً.
ـ قال الحسين عليه السلام: إن قبلتَ منّي خمسَ خصال فقدَرْتَ عليها لم تَضُرَّكَ المعصية.
ـ قال الرجل: جاء الفرج.
قال الحسين عليه السلام: إذا أردت أن تعصي الله عزَّ وجلَّ فلا تأكل رزقه.
قال الرجل: كيف؟ إذاً من أين آكل، وكلُّ ما في الأرض رزقه؟!
قال الحسين عليه السلام: أفيحسُنُ بك أن تأكل رزقه وتعصيه؟!
قال الرجل: لا بأس، هاتِ الثانية، فربّما كانت فرجاً ومخرجاً.
قال الحسين عليه السلام: إذا أردت أن تعصيَه فلا تسكن شيئاً في بلاده.
قال الرجل: يا سبحان الله! هذه أعظم من تلك، فأين أسكن. وله المشرق والمغرب وما بينهما؟!
قال الحسين عليه السلام: يا هذا، أَيليقُ بك أن تأكل رزقه وتسكن بلاده وتعصيه؟!!
قال الرجل: لا حولَ ولا قوّةَ إلاّ بالله، هاتِ الثالثة، فربّما كانت أهونَ الثلاث.
قال الحسين عليه السلام: إذا أردت أن تعصيَه فانظرموضعاً لا يراك فيه، وهناك افعل ما شئت.
قال الرجل: ماذا تقول؟! ولا تخفى على الله خافية.
قال الحسين عليه السلام: أتأكل رزقه وتسكن بلاده ثمّ تعصيه، وهو بمرأى منك ومسمع؟!
قال الرجل: هاتِ الرابعة، وإلى الله المشتكى.
قال الحسين عليه السلام: إذا جاءك ملَكُ الموت ليقبض روحك فقل له أخّرني حتى أتوب.
قال الرجل: لا يقبل منّي ذلك.
قال الحسين عليه السلام: أَكرِهْهُ على القبول.
قال الرجل: كيف؟! ولا أملك لنفسي معه شيئاً!
قال عليه السلام: إذا كنت لا تقدر أن تدفعه عنك فتُب قبل فوات الأوان.
قال الرجل: علي أيّ حال بقيت الخامسة فهاتِها.
قال الحسين عليه السلام: إذا جاء الزبانية يوم القيامة ليأخذوك إلى الجحيم فلا تذهب معهم.
فقال الرجل: حسبي حسبي، أستغفر الله وأتوب إليه، ولن يراني بعد اليوم في ما يكره11.
عرف هذا الرجل من هو وإلى من يتوب فتاب إلى الله تعالى.

* كتاب كيف ترجع كما ولدتك أمك؟، سماحة الشيخ أكرم بركات.


1-  سورة الشعراء، الآية: 80.
2-  المجلسي، بحار الأنوار، ج94، ص385.
3-  سورة الإسراء، الآية: 82.
4-  سورة آل عمران، الآية: 7.
5-  تفسير العياشي، تحقيق المحلّاتي، منشورات المكتبة العلمية، طهران، ج ، ص164.
6-  المصدر السابق، ص163.
7-  المصدر السابق، ص164.
8-  نهج البلاغة، خطبة رقم 108، أنظر: نهج البلاغة الملحق بالمعجم المفهرس لألفاظ نهج البلاغة إعداد محمدي ودشتي، منشورات نشر الإمام علي عليه السلام، قُمٌ، ص53.
9-  الريشهري، ميزان الحكمة، ج1، ص450.
10-  المصدر السابق.
11-  أنظر: الحسني، سيرة الأئمّة الإثني عشر، (رواه مع تغيير يسير)، ج2، ص35 ـ 36.

2016-09-09