يتم التحميل...

النحل والعسل

النحل والعسل

وَأَوْحى رَبُّكَ إِلى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِى مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتَاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثمّ كُلِى مِن كُلِّ الَّثمَرتِ فَاسْلُكِى سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا يَخْرُجُ مِن بُطُونِها شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْونُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لأََيَةً لِقَوْم يَتَفَكَّرُونَ.

عدد الزوار: 23

وَأَوْحى رَبُّكَ إِلى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِى مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتَاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثمّ كُلِى مِن كُلِّ الَّثمَرتِ فَاسْلُكِى سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا يَخْرُجُ مِن بُطُونِها شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْونُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لأََيَةً لِقَوْم يَتَفَكَّرُونَ.

(وأوحى ربّك إِلى النحل)!
انتقل الأسلوب القرآني بهاتين الآيتين من عرض النعم الإِلهية المختلفة وبيان أسرار الخليقة إِلى الحديث عن «النحل» وما يدره من منتوج (العسل) ورمز إِلى ذلك الالهام الخفي بالوحي الإِلهي إِلى النحل: (أن اتّخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر وممّا يعرشون).

وفي الآية المباركة جملة تعبيرات تستدعي التوقف والدقّة:

1 ـ ما هو «الوحي»
«الوحي» في الإصل (كما يقول الراغب في مفرداته) بمعنى الإِشارة السريعة، ثمّ بمعنى الالقاء الخفى.

وقد جاءت كلمة «الوحي» في القرآن الكريم لترمز إِلى عدّة أشياء، ولكنّها بالنتيجة تعود لذلك المعنى، منها:
وحي النّبوة: حيث نلاحظ وروده في القرآن بهذا المعنى كثيراً. كما في الآية (51) من سورة الشورى: (وما كان لبشر أن يكلّمه اللّه إلاّ وحياً...).

ومنها: الوحي بمعنى «الإِلهام» سواء كان الملُهَم منتبهاً لذلك كما في الإِنسان (وأوحينا إِلى أم موسى أن أرضعيه فإِذا خفت عليه فألقيه في اليم)، أو مع عدم انتباه المُلهم كالإِلهام الغريزي (كما في النحل) وهو ما ورد في الآية مورد البحث.

ومن المعروف أنّ الوحي في هذا المورد يعني الأمر الغريزي والباعث الباطني الذي أودعه اللّه في الكائنات الحيّة.

ومنها: أنّ الوحي بمعنى الإِشارة، كما ورد في قصّة زكريا في الآية (11) من سورة مريم (فأوحى إِليهم أن سبحوا بكرة وعشياً).

ومنها أيضاً: إِيصال الرسالة بشكل خفي، كما في الآيه (112) من سورة الأنعام (يوحي بعضهم إِلى بعض زخرف القول غروراً).

الإِلهام الغريزي بالنحل

2 ـ هل يختص الإِلهام الغريزي بالنحل؟
وإِذا كان وجود الغرائز (الإِلهام الغريزي) غير منحصر بالنحل دون جميع الحيوانات، فلماذا ورد ذكره في الآية في النحل خاصّة؟

والإِجابة على السؤال تتّضح من خلال المقدمة التالية: إِنّ الدراسة الدقيقة التي قام بها العلماء بخصوص حياة النحل، قد أثبتت أنّ هذه الحشرة العجيبة لها من التمدن والحياة الإِجتماعية المدهشة ما يشبه لحد كبير الجانب التمدني عند الإِنسان وحياته الإِجتماعية، من عدّة جهات.

وقد توصل العلماء اليوم لاكتشاف الكثير من أسرار حياة هذه الحشرة والتي أوصلتهم بقناعة تامة إِلى توحيد الخالق والإِذعان لربوبيته سبحانه وتعالى.

وأشار القرآن الكريم إِلى ذلك الإِعجاز بكلمة «الوحي» ليبيّن أنّ حياة النحل لا تقاس بحياة الأنعام، وليدفعنا للتعمق في عالم أسرار هذه الحشرة العجيبة، ولنتعرف من خلالها على عظمة وقدرة خالقها، ولعل «الوحي» هو التعبير الرمزي الذي اختصت به هذه الآية نسبة إِلى الآيات السابقة.


*اعتمدنا في بحثنا عن النحل وخواص العسل على جملة كتب منها: أوّل جامعة وآخر نبي، والنحل، تأليف مترليتك، وعجائب عالم الحيوانات.

2016-05-03