يتم التحميل...

كلمة الإمام الخامنئي (دام ظله الشريف) في لقاء طلاب الجامعات

2015

لقد سرّني هذا الاجتماع حقاً ومن أعماق القلب. فإن الحضور الحيوي المفعم بالنشاط والاندفاع للشباب في شتى قضايا البلاد هو مسألة بالغة الأهمية.

عدد الزوار: 11

كلمة الإمام الخامنئي(دام ظله الشريف) في لقاء طلاب الجامعات في شهر رمضان المبارك في حسينية الإمام الخميني (رضوان الله عليه)_11-07-2015

بسم الله الرحمن الرحيم1

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام علی سيّدنا محمد وآله الطاهرين، لا سيّما بقيّة الله في الأرضين.

نرحب بكم أجمل ترحيب أيها الشباب الأعزاء الطيبون.

لقد سرّني هذا الاجتماع حقاً ومن أعماق القلب. فإن الحضور الحيوي المفعم بالنشاط والاندفاع للشباب في شتى قضايا البلاد هو مسألة بالغة الأهمية.
 
من هو المكتئب الشباب الإيراني أم الغربي؟
دوّنت نقطة لأطرحها عليكم، وسأستهلّ بها الحديث: إن الشاب الإيراني ولحسن الحظ شابّ مليء بالنشاط والحيوية والاندفاع، وهذا على النقيض تماماً مما يُعلنه بعض المراكز الإحصائية المغرضة التي تستند غالباً إلى مصادر أجنبية أو أنها أجنبية أساساً، حيث يدّعون أن الشابّ الإيراني مصابٌ بالكآبة، ويصنّفون ذلك قائلين إن الشابّ الإيراني يُصنَّف في الدرجة الفلانية من الكآبة، ويذكرون لذلك درجة عالية جداً! ليس هذا إلا كذباً صرفاً وخبيثاً ينشرونه اليوم، ويتخذونه ذريعةً لارتكاب سلسلة من الأعمال السيئة، بأن الشابّ الإيراني كئيب ولا بد لنا أن نهيئ له بيئة نشيطة وحيوية، ولكن بأية طريقة؟ بإقامة الحفلات الموسيقية والاجتماعات والمخيمات المختلطة، إلى غير ذلك من أمثال هذه الحريات التي تأتي نتيجة ذلك الكلام. كلا، إن الحقيقة على خلاف ادّعاءاتهم، فالشابّ الإيراني اليوم هو من أكثر الشباب نشاطاً وفعالية وحيوية. انظروا إلى العالم الغربي، فإن الشاب الأوروبي هو من يعاني من الكآبة، كل هذه الأرقام الهائلة من حالات الانتحار في تلك البلاد. الكآبة هناك، حيث يأخذ شابٌّ وعلى أثر الضغوط النفسية سلاحه بيده، ويذهب إلى ساحلٍ آمنٍ وهادئ في ظاهره ويطلق النار على حوالي ثمانين طفلاً! الواقعة التي حدثت قبل ثلاثة أعوام في أحد البلدان الأوروبية واطلع الجميع عليها، وذاع خبرها في العالم. هذه هي الكآبة. الكآبة تعني أن ينضمّ الشاب الأوروبي إلى صفوف داعش بهدف الانتحار؛ حيث تفيد التقارير التي في أيدينا أن الشباب الأوروبيين يشكّلون نسبةً عاليةً من أعداد العناصر الانتحارية في داعش. إنهم يريدون الانتحار، ويظنون أن في هذا النمط من الانتحار حالة إثارة وانفعال أكبر! وهو أفضل من إغراق أنفسهم في نهر البلد الأوروبي الفلاني، ولذلك يدخلون في هذا التنظيم بحثاً عن الإثارة بسبب معاناتهم من الكآبة بحدها الأعلى. هم المصابون بالكآبة. وأما الشاب الإيراني الذي ينزل إلى الشوارع في يوم الثالث والعشرين من شهر رمضان بعد أن أحيا ليلة القدر حتى الصباح، في حرّ الصيف الشديد وهو صائم، للمشاركة في مظاهرات يوم القدس، ثم يجلس تحت أشعة الشمس للمشاركة في صلاة الجمعة، إنه بعيد كل البعد عن الكآبة، إنه نشيط وحيوي وفعال.

إن لقاء اليوم وهذه الكلمات التي ألقاها أبنائي وشبابي الأعزاء، والتي غطت مساحة كبيرة من القضايا، كلها من مؤشرات النشاط والحيوية، ولها آثارها علينا وعلى أمثالنا؛ أي أنّ هذه الحيوية تترك أثرها على المستمع إليكم وعلى جمهوركم الذي يشاهدكم. على أيّ حال فقد سرّني كثيراً هذا الاجتماع، وأتقدم بالشكر لكل من تحدث فيه فرداً فرداً.

لقد دوّنت بعض النقاط للتعليق على ما أدلى به السادة والسيدات من آراء في كلماتهم، ولا أدري هل يتسع الوقت أم لا؟
 
الشعارات: هل هي مفيدة ومؤثرة؟
طرح أحد الأعزاء من الجامعيين عبارة وقال إن الشعار لا يُجدي نفعًا. أجل، لو كان يراد بذلك أننا نُطلق الشعارات دوماً من دون أن نُتبعها بعمل، فإنه قولٌ صادقٌ، إذ إن مجرد الشعار لا يُجدي نفعًا، ولكن لا تعتبروا الشعار أمراً بسيطاً، فهو أمرٌ هام. قبل سنوات عديدة من انتصار الثورة، لا أنسى أننا كنّا نعقد جلسة طلابية في مشهد، وكنت ألقي فيها دروس التفسير على عدد من طلاب الجامعات، يُعتبر جمعا ًكبيراً بالنسبة إلى جماهير ذلك اليوم، حيث كان يصل عدد الحاضرين إلى عدة مئات من الطلاب، يلتقون لألقي عليهم درس التفسير. تفاصيل ذلك الدرس كثيرة. في إحدى هذه الجلسات أطلق أحد الحاضرين شعاراً، إلا أنني كنت أدير الجلسة بترتيب وتنظيم خاص، حيث كنت أطرح مباني الثورة الأساسية والمبدئية بين طيات تفسير الآيات، ولم أكن أرغب في أن تؤدي الأعمال الظاهرية إلى إثارة حفيظة الجهاز الحاكم وحيلولته دون مواصلة عملنا. فقلت خلال كلمتي إني أرجو منكم أن لا تطلقوا الشعارات، لأن الشعار هو ليس بقول ولا عمل؛ ليس قولاً لأنه لا يزيد عن كلمة واحدة أو كلمتين، وليس عملاً لأنه لا يمثل إلا صوتاً يتعالى من حناجركم. هذا ما ذكرته في محاضرتي هناك. وفي الأسبوع التالي، قال أحد الطلاب في الجلسة إني أريد أن أوجّه اعتراضاً على الكلام الذي طرحه فلان في الأسبوع الماضي، فقلنا له: تفضل واعترض. قال: لقد قال السيد إن الشعار ليس قولاً ولا عملاً، في حين أن الشعار قول وعمل كذلك؛ قولٌ لأنه يمثل كلمة تنطوي على مضمون هام، هو مجردة كلمة لكنها عامرة بمجموعة من المعاني والمضامين، وعليكم أنتم أهل الكلام - حيث كنا من أهل الكلام والقول والبيان - أن تغتنموا فرصة هذه الكلمة. والشعار أيضاً هو عملٌ لأنه محفّز ومنتج للدافع والحماس؛ فإن الشعارات هي التي تدفع الناس إلى الحضور في الساحة وتعبّئهم وتهديهم، ولذلك فهو عملٌ. وخلافاً لكلام الأستاذ - ويقصدني أنا - الذي قال إن الشعار ليس قولاً ولا عملاً، فإنّ الشعار هو قولٌ وعمل. ذلك الشابّ الجامعي الذي قال هذا الكلام حينها، أصبح اليوم واحداً من مسؤولي البلاد الذي تعرفونه جميعاً. كنت حينها جالساً ومستعداً لإلقاء المحاضرة، وحينما سمعتُ كلامه، قلت إن الحق معه وهو مصيب في قوله، فإن الشعار قولٌ وعملٌ كذلك. والآن أيضاً أكرر نفس ذلك القول لكم، حين يتم اختيار شعار جيّد مفعم بالمحتوى والمضمون، ومعبّر عن حقيقة فكرية لها قابلية الترويج والنشر، فسيكون قولاً وعملاً كذلك، وإطلاقه يهدي ويحفز الدوافع والحركة. فلو قام شخص مثلاً بتكرار كلمة "الاقتصاد المقاوم" التي طرحناها باستمرار، دون أن يتبع قوله بعمل، فإنّ مجرّد القول لا يُجدي نفعاً. ولكن إذا تصدى الناشطون في البلد، ومن أهمهم أنتم الجامعيون، لمتابعة شعار "الاقتصاد المقاوم" وتكراره في القلوب وعلى الألسن، سيكون ذا أهمية. وسأتناول هذا الموضوع إن شاء الله إلى ما قبل أذان المغرب إن سنحت الفرصة.
 
دعوا الطلاب المؤمنين الثوريين ينطلقون بحرية
النقطة الأخرى التي طرحها بعضكم هي التشدّد مع المنظمات الطلابية الثورية والتضييق عليها. وهذا ما طرحه عددٌ من هؤلاء الشباب الأعزاء. وقد وصلتني التقارير في هذا الخصوص. من هنا أخاطب المسؤولين والوزراء المحترمين الحاضرين في هذه الجلسة [الدكتور محمد فرهادي وزير العلوم والأبحاث والتقنيات، والدكتور السيد حسين قاضي زاده الهاشمي وزير الصحة والتعليم الطبي]، بأن لا يسمحوا لمن بيدهم مقاليد الأمور أن يضيقوا ويتشددوا مع المنظمات الطلابية الثورية والإسلامية بأي شكل من الأشكال، ولا يأذنوا لهم بأن يضيّقوا الخناق عليهم مطلقاً، وليَدَعوا التنظيمات الإسلامية والثورية تمارس أعمالها وأنشطتها. وإنّ هذه الكلمات التي طُرحت هنا، هي كلماتنا وأفكارنا، وهي الأفكار والكلمات التي يجب علينا طرحها، الأعمال التي يجب علينا القيام بها، وها هم الشباب باتوا يتحدثون بها، وسأشير فيما بعد إلى الدور المؤثر جداً للكلام وتكراره مرة بعد مرة من قبل طلاب الجامعات، فافسحوا المجال لأن يتحدثوا ويعملوا، واسمحوا للمنظمات الطلابية الإسلامية والثورية - وأؤكّد بالخصوص على المنظمات الثورية - دعوهم ينطلقوا بكل حرية، وأن تتوافر الإمكانيات بين يديهم، وأن لا يقيّدوهم ويكبّلوهم.
 
هل نجذب الآخرين بالرحلات المختلطة والموسيقى المحرمة؟
والقضية الأخرى هي الحفلات الموسيقية في الجامعات، حيث ذكر أحد الطلاب الأعزاء أن الجامعة ليست مكاناً خاصاً للحفلات الموسيقية. هذا كلام صحيح، ومن المطالب التي دوّنتها. فإن من أشدّ الأعمال خطأً أن نجرّ الطلاب إلى الرحلات والمخيمات المختلطة زعماً منا أننا نبثّ النشاط في البيئة الطلابية، أو أن نقيم في الجامعات حفلات موسيقية. فإن هناك طرقاً أخرى لبثّ الحركة والاجتهاد والنشاط في الوسط الطلابي، ولا ينبغي سوقهم إلى الذنب وإلى تمزيق حجاب التقوى التي يصرّ الشاب المتدين المعاصر على صيانتها. يجب توجيههم إلى الجنة لا إلى النار. فإن القيام بهذه الأعمال في الجامعات لا تبرير له أساساً. وإني قد شاهدتُ مظاهر هذه القضية وهذه المعضلة منذ أعوام مضت - حيث بادرت إحدى المنظمات الطلابية آنذاك إلى حركة في الجامعات - وحذّرتُ منها، لكن للأسف لم يتم الالتفات ومتابعة المسألة، إلى أن دفعنا ثمناً باهظاً لعدة سنوات! لا ينبغي اليوم السماح بالقيام بهذه الأعمال، فإنها مناهضة لطلب الحرية، ولا تدلّ على النزعة إلى الحرية ومناصرتها. وهي الأمور التي بات أعداء المجتمع الإيراني والمجتمع الإسلامي والحضارة الإسلامية وأعداء الطلاب الإيرانيين بالخصوص يتابعونها للحؤول دون أن يظهر من بينهم أمثال الدكتور شهرياري والدكتور شمران، فهؤلاء قد عاشوا بطهارة وتقوى. لم تكن المسألة فقط محصورة بالطاقة النووية، فإنّ الفروع التي سمعتم بها في الإحصائيات أننا تبوّأنا فيها المرتبة العالمية الثامنة أو التاسعة أو العاشرة وحققنا فيها كل هذا التقدم، كان معظم روّادها من الشباب المتدين الثوري، سواء في القضية النووية، أو في تقنية النانو، أو في الكثير من الحقول البحثية الأخرى المتاحة في هذا اليوم؛ فقد أنجزت هذه على يد أبناء هذا الشعب المؤمنين والمتدينين والثوريين، وهؤلاء هم الذين قاموا بهذه الإنجازات الكبرى. فهل نقوم بإبعاد هؤلاء الشباب عن التوجه الثوري والإسلامي والديني والتعلّق بالمعنويات عبر هذه الأعمال الخاطئة؟ هذه من أشدّ الأعمال خطأً، علماً أن كِلا الوزيرين المحترمين هو موضع ثقتي، ولكن عليهما أن يشرفا على من يعمل تحت إدارتهما، وأن يراقبا بالكامل المديرين المتابعين لهكذا أعمال، ويطّلعا على الأعمال التي تجري. هذه أيضاً نقطة.
 
منتديات الفكر الحر... استدلال وإقناع
والنقطة الأخرى التي أشار إليها أحد الطلاب الأعزاء هي إقامة منتديات الفكر الحرّ بكل ما للكلمة من معنى. وهو كلام صحيح بالكامل. أنا أؤيد إقامة هذه المنتديات. ولقد كانت هذه رؤيتنا منذ البداية حينما تحدثنا عن منتديات الفكر الحرّ، وهي أن يأتي الطالب ويطرح رأيه المخالف، ولكن عليك أيها الشاب الجامعي الثوري المسلم الولائي أن تتسلح بقوة المنطق وقوة الاستدلال، ليتسنى لك أن تقف أمامه بكل هدوء وتثبت بطلان استدلاله. وهذا أمرٌ جيد وصحيح وممكن تنفيذه في الوقت الراهن، ولعله لم يكن ميسراً قبل عشرة أعوام أو اثني عشر عاماً أو خمسة عشر عاماً، حيث يتوافر اليوم عددٌ كبيرٌ من الشباب الناشطين في المجالات الدينية والذين يتمتعون بقدرات فكرية جيدة. علماً بأن منتديات الفكر الحرّ بحاجة إلى بعض الآداب والتدابير والمتابعات التي يجب على العقلاء من مسؤولي الأجهزة والإدارات تحديدها، لتتوافر لهم إمكانية إرشادها بشكل صحيح من أجل القيام بأعمالها. وهذه نقطة أخرى.
 
إسمعوا أفكاري وكلامي مني أنا!
والنقطة الأخرى التي أشاروا إليها هي أن هناك من يتحدث عن لسان القائد بصفته ممثلاً عنه. حسنٌ، إن لساني حتى الآن سليم والحمد لله، وإن كلامي مقدّم على كلامهم. وما أقوله هو الذي يمثل افكاري وآرائي، والذين يتحدثون- من الممثلين والمعينين من قبل القيادة وهم كثيرون- لا يتحدثون باسم القائد، وهذا ما ينبغي لكم الالتفات إليه، وخاصة بالنسبة للشخص الذي ذُكر اسمه في هذه القضية، فقد تحدث عن نفسه ولم يتحدث عن القيادة، وأنا بدوري قد تحدثتُ عن نفسي قبل ذلك وبعده، فاسمعوا افكاري وكلامي مني أنا. نعم، قد يحمل البعض ممن هو معين من قبل القائد عقيدة في قضية تختلف عن عقيدة القائد، ولا إشكال في ذلك، وهذا موجود بالفعل. فإن الكثير من هؤلاء السادة المحترمين المعينين من قبل القيادة قد تختلف وجهات نظرهم مع وجهة نظر القائد في القضية الفلانية الخاصة، السياسية أو الاجتماعية أو الاعتقادية، وهذا ما لا نرى إشكالاً فيه، والأصل بالنسبة لنا هو التوجهات العامة والتوجهات الثورية. وإلا فإننا لا نجلس في كل قضية لننسّق فيما بيننا ونرى هل أن وجهات نظرنا فيها موحّدة أم لا. حسنٌ، إنه بالتالي أدلى برأيه. كما ولا يمكننا أن نقول لكل من يتحدث من ممثلينا على الفور إنك قد أخطأت الرأي أو أصبته، أو أن يعلن قسم العلاقات العامة ذلك، فإن هذا أمرٌ غير ممكن. نعم، لو نقل أحدٌ شيئاً عن هذا الحقير، وبلغني ذلك وكان مخالفاً للواقع، نُنبّهه على الفور. وهذا ما حدث مراراً، حيث نبّهناهم وقلنا لهم أن يعدّلوا هذا النقل بأنفسهم، وقاموا هم أيضاً بذلك. ولا أرى من المصلحة أن نصدر بياناً بمجرد أن يقول شخصٌ شيئاً ونذكر فيه أن فلاناً قد أخطأ في هذا النقل، ولا يصح هذا الأمر. ولكن حينما ينقل شخصٌ عني - لا عن نفسه، وإلا فلا - أمراً مخالفاً لرأيي، نخبره بذلك ونقول له: ايها السيد سمعنا انك نقلت عنا هذه المسألة وينبغي لك إصلاحها. وهذه نقطة أيضاً.
 
استمروا في مواجهة امريكا قبل المفاوضات وبعد المفاوضات
والنقطة الأخرى التي جرى السؤال عنها هي أنه: ما هو تكليفنا تجاه مكافحة الاستكبار بعد المفاوضات؟ حسنٌ، هل يمكن تعطيل مكافحة الاستكبار؟ إن مواجهة الاستكبار ومكافحة النظام المتسلط هي حركة لا تعرف التوقف. وهذه بالمناسبة هي أيضاً من النقاط التي كنتُ قد دونتها اليوم لأطرحها عليكم. هذه واحدة من مهامنا الأساسية، ومن مباني الثورة. ومعنى ذلك أننا إذا توقّفنا عن مكافحة الاستكبار، فلن نكون من أتباع القرآن أساساً. إن مواجهة الاستكبار لا تنتهي ولا تتوقف بالنسبة لمصاديق الاستكبار، فإن أمريكا هي المصداق الأتمّ للاستكبار.

لقد قلنا للمسؤولين المحترمين الذين يتفاوضون في الشأن النووي - حيث أُجيزَ لهم أن يتباحثوا وجهاً لوجه، وقد سبق أن حدث ذلك ولكن ليس على هذا المستوى، وإنما في مستويات أدنى، والمفاوضات تجري على هذا المستوى للمرة الأولى - إنه يحق لكم التفاوض في القضية النووية فقط، ولا يحق لكم أن تتفاوضوا بشأن أي قضية أخرى، وهذا ما يقومون به بالفعل. الطرف المقابل يطرح أحياناً قضايا المنطقة بما فيها سورية واليمن وأمثال ذلك، ومفاوضونا يقولون لهم: لا حوار لنا معكم في هذه المجالات، ولا يتباحثون في ذلك. والمفاوضات لا تجري إلا في مجال القضية النووية، وذلك لأسباب ذكرتها مرات عديدة أننا لماذا اخترنا في الملف النووي هذا الاتجاه وهذا المنحى، وشرحتُ هذا الموضوع بالتفصيل.

إن مواجهة الاستكبار لا تقبل التوقف والتعطيل، وتكليفنا في ذلك واضح، أعدّوا أنفسكم لمتابعة مواجهة الاستكبار.
 
للآباء والأمهات: سهّلوا زواج الأبناء والبنات
هناك قضية طُرحت مؤخراً هي قضية زواج الشباب. حسنٌ، وهذا أمرٌ مرغوب من الجميع – الشباب والشابات- بالتأكيد. وأنا هنا، ونزولاً عند رغبة هذا الشاب العزيز الذي طلب مني أن أنبّه الآباء والأمهات، فإني أنبّه الآباء والأمهات وأرجوهم وأطلب منهم أن يسهلوا قضية الزواج ويوفروا إمكاناتها. الآباء والأمهات يتشدّدون في هذه القضية، ولا ضرورة للتشدّد مطلقاً. أجل، توجد مشاكل طبيعية كالسكن والشغل وما إلى ذلك، ولكن ﴿إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ2، هذا كلام القرآن. فإنّ الشابّ قد لا تتوافر له حالياً إمكانيات مالية مناسبة، إلا أنّ الله تعالى سيوسّع عليه بعد الزواج إن شاء، فلا يحولوا دون زواج الشباب. وإني أرجو من الآباء والأمهات أن يتنبّهوا لهذه المسألة.

علماً بأن واحدة من المسائل الهامة هي سُنّة الخطوبة وتوسيط الأفراد لتزويج البنات، وللأسف فقد ضعفت هذه المسألة، وهي أمرٌ ضروري. هناك أشخاص - وهذا ما كان شائعاً في السابق، ويجب علينا أن نروّج له حالياً أيضاً مع ازدياد عدد أبناء الجيل الشاب في مجتمعنا - يعرفون الشباب فيعرّفونهم إلى عائلة الفتاة، ويعرفون الفتيات فيعرّفونهنّ إلى عائلة الشاب، في سبيل تسهيل الزواج وتمهيد الأرضية له، فليتم القيام بهذا العمل. كلما تمكنّا من حل مشاكل الشباب الجنسية، كان ذلك في صالح دنيا مجتمعنا وآخرته، وفي صالح دنيا بلدنا وآخرته. وهناك أيضاً مسألة مهمة وهي قضية زيادة النسل والتي أؤكد عليها كثيراً. من هنا ولمرة أخرى أخاطب وزير الصحة المحترم بأنه بلغني بعض التقارير التي تفيد بعدم التطبيق الصحيح لطلبكم والذي هو طلبنا أيضاً في الحيلولة دون منع الإنجاب - وهي سياسة كانت جارية في الماضي، وتقرر الحؤول دون إجرائها حالياً -، وأن الأوضاع في بعض الأماكن تجري كما كانت عليه في السابق.
 
ربيع المعنويات في ربيع العمر
أعزائي! ها هو شهر رمضان، فصل المعنويات، ربيع المعنويات وربيع الصفاء قد انقضى، وبتنا نقضي أيامه الأخيرة. إذا استقبلت أرض قلوبكم الخصبة وأرواحكم الطاهرة الأمطار اللطيفة لرحمة الله ولطفه في هذا الشهر، فإنها سوف تؤتي ثمارها في المستقبل. علماً بأن فصل النمو والرشد المعنوي للشباب لا ينقضي أبداً. صحيح أن لشهر رمضان ميزة خاصة، إلا أن الرشد المعنوي متيسر للشباب على الدوام.
 
أهم عمل للتعالي الروحي
لقد تكرر سؤال الشباب لي- في الرسائل ووسائل الإعلام والتواصل- يطلبون النصيحة حول المسائل المعنوية والتكامل الروحي وأمثال ذلك. ويوجد بالطبع أفراد يفرشون مائدة الإرشاد وأمثال ذلك، ولا يمكن الوثوق بهم جميعاً، فالبعض منهم ليسوا سوى أصحاب دكاكين، ولا يمكن للمرء أن يثق بهم. وإن الذي سمعته من العظماء وأذكره لكم، لا يعدو كلمة واحدة، وهي أن العمل الأهم للتعالي المعنوي والروحي هو اجتناب الذنب، فهو أهم الأعمال. اسعوا لاجتناب الذنوب على اختلافها، حيث توجد ذنوب مختصّة باللسان وذنوب مختصة بالعين وذنوب مختصة باليد، ولها أنواع مختلفة. فتعرّفوا إلى الذنوب وراقبوا أنفسكم، فإن التقوى تعني المراقبة. إذ إنكم حينما تسيرون في مسير خطير، تراقبون أنفسكم بدقة، وهذه هي التقوى. فراقبوا أنفسكم وتجنّبوا الذنوب، وهذا أهم سبل التسامي المعنوي.

ويلي ذلك على الفور بالطبع أداء الفرائض. والأهم من بين الفرائض هو الصلاة؛ أدّوا الصلاة في أول وقتها وبحضور قلب. وحضور القلب يعني أن تعلموا أثناء الصلاة بأنكم تخاطبون أحداً، وأن هناك من يسمعكم ويراكم. وهذا ما ينبغي أن تلتفتوا إليه. أحياناً قد يشرد ذهن الإنسان، فلا بأس، ولكن بمجرد أن يعود من غفلته، عليه أن يحيي حالة الشعور بحضور المخاطب ويحافظ عليها. هذا هو حضور القلب. فالتزموا بالصلاة بحضور قلب، والصلاة في أول وقتها، والصلاة جماعةً ما أمكن، وحين تراعون هذه الأمور فستتكاملون من الناحية الروحية، ستصبحون ملائكة، بل وأعلى منها، فاعلموا ذلك.

إذ إنكم شباب، ذوو قلوب طاهرة، أرواحكم طيبة، غير ملوثة أو أن تلوّثها قليلٌ جداً، وإذا بلغ الإنسان من العمر مرحلتنا فسوف يواجه الكثير من المشاكل. ومن هنا فإن راعيتم هذه الأمور، لا إلى أية نصيحة أخرى، ولا توجد أي ضرورة للجوء إلى ذكر خاص وأمثال ذلك. وبالطبع فإن من الأمور المطلوبة للغاية الأنس بالقرآن، فاقرؤوا القرآن بالتأكيد حتى ولو كانت آيات قلائل في كل يوم، وهو أمرٌ جيد جداً.

اهتموا بالفرائض ومنها الفرائض [الواجبات] الطلابية. فإن الشريحة الطلابية هي فئة متميزة وخاصة، لأسباب ذكرتها مراراً في جلسات شهر رمضان مع طلاب الجامعات لسنوات مضت، ولا أريد الآن تكرارها، وتقع على عاتقها جملة من الفرائض.
 
الفريضة الطلابية الأولى: كونوا مثاليين ولا تكونوا محافظين!
أوّل فريضة طلابية هي روحية المثالية، طلب المثل العليا والأهداف السامية. هناك من يروّج ويوحي بأن النزعة المثالية هذه تناقض النزعة الواقعية، كلا أيها السيد! إنها تناقض النزعة المحافظة لا النزعة الواقعية. النزعة المحافظة تعني أن تستسلم أمام أيّ واقع مهما بلغ من السوء والمرارة، ولا تحرّك أيّ ساكن. هذه هي النزعة المحافظة. والنزعة المثالية وطلب الأهداف الكبرى، تعني النظر إلى الواقع لمعرفته بشكل صحيح، واستثمار الواقع الإيجابي، ومواجهة ومكافحة الواقع السلبي. هذا هو معنى الروحية المثالية. فلتتركز أبصاركم إلى الأهداف والمثل السامية. هذه هي الفريضة الطلابية الأولى.

لكن ما هي المثل والأهداف؟ إن من المبادئ والمثل التي دوّنتها هنا إيجاد المجتمع الإسلامي وبناء الحضارة الإسلامية؛ أي إحياء الفكر السياسي للإسلام. فقد بذل البعض جهدهم منذ قرون لإبعاد الإسلام ما استطاعوا عن ساحة الحياة والسياسة وإدارة المجتمع، وحصره في المسائل الشخصية، وتقييد المسائل الشخصية شيئاً فشيئاً بالمقابر والقبور ومجالس عقد الزواج وما إلى ذلك. كلا، فإن الإسلام لم يأتِ "إلّا لِيُطاعَ بِإِذنِ الله". ولا يختصّ هذا الأمر بالإسلام، بل يشمل جميع الأنبياء. فقد جاءت الأديان الإلهية من أجل أن تُطبَّق في المجتمع وتتجسّد على أرض الواقع، وهذا ما يجب أن يتحقق. هذا أحد أهم الأهداف السامية.
 
نحن قادرون
وهناك هدفٌ كبير وهو الثقة بالنفس وبـ"نحن قادرون" العبارة التي وردت في كلماتكم، وهو [أي هذا الهدف] من المثل العليا. فإنه لا بد من الاستمرار بمنهج التفكير بالثقة بالنفس على المستوى الوطني والإيمان بالقوة والقدرات الوطنية بصفتها من المثل العليا بالتأكيد. علماً بأن العمل لتحقيق المثل والأهداف الكبرى بحاجة إلى بعض المقتضيات التي يجب الالتزام بها.
 
مبدأ مواجهة نظام الهيمنة
ومن المثل الأخرى التي دوّنتها مبدأ مقاومة نظام الهيمنة والاستكبار. فإن نظام الهيمنة هو ذلك النظام القائم على أساس العلاقة بين المهيمن والخاضع للهيمنة، ومعنى ذلك أن بلدان العالم أو المجموعات البشرية في العالم تُقسّم إلى مجموعة مهيمنة ومجموعة خاضعة للهيمنة. وهذا ما هو حاصل اليوم في العالم، حيث يوجد فيه مهيمن وخاضع للهيمنة. واعلموا أن الصراع مع إيران قام على هذا الأساس. الصراع مع الجمهورية الإسلامية قائم على رفضها للنظام "المهيمن والخاضع للهيمنة"، إذ إنها لا تطلب الهيمنة ولا ترضخ للهيمنة في الوقت ذاته، وقد ثبتت على هذا المبدأ. ولو نجحت إيران في تحقيق حالات التقدم في المجالات العلمية والصناعية والاقتصادية والاجتماعية وفي توسعة رقعة النفوذ الإقليمي والعالمي، فإن ذلك سيُثبت للشعوب أنه يمكن رفض الرضوخ للهيمنة، والاستقامة والتقدم. وهذا ما لا يريدون تحققه، وهو المنشأ لكل أنواع الصراع والنزاع، وسائر الأمور ليست سوى ذريعة.

ومن المثل والأهداف طلب العدالة، وهي التي أشار إليها بعض الإخوان هنا في كلماتهم. فإن طلب العدالة قضية بالغة الأهمية، ولها فروع مختلفة، ولا ينبغي الاكتفاء بالاسم، بل يجب متابعتها حقاً. ومنها نمط الحياة الإسلامية. ومنها طلب الحرية، والحرية لا بمعناها الغربي الخاطئ والمنحرف، والذي يعني أن تعيش الفتاة بهذه الطريقة والشاب بهذا الإسلوب. لعنة الله على أولئك الذين يعارضون سنّة الزواج بصراحة خلافاً للسنن الإسلامية وسنّة الزواج. ومما يؤسف له أن بعض منشوراتنا وأجهزتنا الثقافية يروّج لذلك، وهذا ما يجب الوقوف أمامه ومواجهته. بل طلب الحرية في الفكر وفي العمل الفردي والعمل السياسي والعمل الاجتماعي، وكذلك في المجتمع؛ حيث إن طلب الحرية في المجتمع هو الاستقلال بعينه.
ومن المثل الأخرى التقدم العلمي، ومنها العمل والكدّ وتجنّب الكسل وترك العمل في منتصف الطريق، ومنها تأسيس الجامعة الإسلامية. هذه هي المثل والأهداف السامية.
 
كيف نحقق المثل العليا؟... صناعة الخطاب
ولقائل أن يقول: كيف يمكننا العمل لتحقيق هذه المثل والأهداف؟ إذ إنه لا تأثير لنا في البلاد! حيث يوجد عدد من المديرين والمسؤولين الذين يقومون بعملهم كما يشاؤون. ونحن هنا ليس لنا سوى الكلام وإطلاق الشعارات. وهذا خطأ في فهم المسألة. ليست القضية على هذا النحو إطلاقاً. فإن الطالب الجامعي صانع للقرار وصانع للخطاب. إذ إنكم عندما تتابعون أيًا من المثل والأهداف السامية وتتحدثون عنه وتكررونه وتصمدون وتستقيمون عليه بشكل جدي، فهذا الهدف سيتحوّل إلى "خطاب" ومنطق ثقافي في المجتمع، وسيؤدي إلى اتخاذ القرار؛ فإن "زيدًا" الذي يتخذ القرار في المركز الإداري الفلاني الصانع للقرارات، سوف يضطر ولو مجبراً إلى متابعة ذلك الأمر الذي تحول إلى "خطاب". من المصاديق الحية لذلك خطاب "النهضة البرمجية" و"إحياء الحركة العلمية" التي طُرحت وتكررت المطالبة بها وقوبلت بالترحيب لحسن الحظ وتحوّلت إلى خطاب، ونهضت حركة المجتمع على أساسها، وأخذنا نشق طريقنا ونمضي قُدماً إلى الأمام من الناحية العلمية لمدة عشرة أعوام أو خمسة عشر عاماً. وهكذا هو الحال في سائر المجالات، فإن بإمكان الطالب الجامعي أن يكون مؤثراً. وقد نقل أحد الأعزاء قولاً عن المرحوم الشهيد بهشتي، حيث قال: "الطالب الجامعي مؤذِّن المجتمع، فإن بقي نائماً سيبقى الناس نياماً أيضاً". حسنٌ، إنه تعبير جيّد، فبإمكانكم أن تكونوا من يوقظ الآخرين ومن يصنع الخطاب، ولا تتصوروا أبداً أن أنشطتكم الطلابية أنشطة عديمة التأثير.

لا تضيّعوا أوقاتكم عبثاً، فإن الكثير من شبابنا الجامعيين وغيرهم يضيّعون أوقاتهم في شبكات التواصل الاجتماعي وأمثالها أو في الحضور في الاجتماعات والجلسات العبثية التي يدور فيها بحث وجدل لا طائل منه. لا تضيّعوا أوقاتكم، وخططوا لها وامضوها بشكل صحيح. اهتموا بدرسكم، واهتموا كذلك بعملكم التنظيمي، يجب متابعة الأمرين معًا.

حسنٌ، لقد فات وقت الأذان، وطرحتُ جزءاً صغيراً جداً مما كنتُ أريد أن أطرحه عليكم، وبقي الجزء الأكبر، برأيكم ماذا نفعل؟... كونوا مستعدين بعد الإفطار، لنتابع اللقاء بشرط أن تكون حالتي جيدة، وإن تكلّمتُ فسأتكلم طبعاً باختصار.
 
بعد الصلاة والإفطار

بسم الله الرحمن الرحيم

إذاً، وكما ذكرتُ، فإنه إذا وُجد في البيئة الجامعية بين الطلاب، اعتقاد راسخ بأمر ما وجرت متابعته ونشره في الأنشطة الطلابية المتنوعة والمتعددة، فإنه سيؤثر في مستقبل البلاد. هناك تصوّر غير صحيح، كأن نفكر بأنه ما الفائدة من نشاطنا هذا وجهودنا هذه كطلاب جامعيين؟ أي تأثير سيترك على الواقع في البلاد؟ كلا، إن عملكم مؤثر، وتأثيره كبير أيضاً. آليات تأثيره هي بالشكل الذي ذكرتُه؛ حيث إن اعتقادكم بهذا الأمر وبذل الجهود لأجله يبدّله إلى "خطاب" في أجواء الطلاب الجامعيين والجامعة في البداية، ومن ثم ينتشر على مستوى البلاد ويصبح عاملاً في صناعة القرار. نعم، أنتم في المنظمة الطلابية الفلانية قد لا تكونون ممن يأخذ القرار، ولكن يمكنكم أن تكونوا من صنّاع القرار. وبناءً على هذا، ثابروا وتابعوا وابحثوا في المثل والأهداف الكبرى. لقد حدّدتُ في كلامي بعض مصاديق المثل العليا ولكنها لا تنحصر بهذا. طالعوا وابحثوا في مجموعة كلمات وبيانات الإمام [الخميني]، في مجموعة معارف الثورة الإسلامية، في دراسة دقيقة للقرآن ونهج البلاغة، استخرجوا فهرساً لهذه المثل والأهداف، قوموا بتصنيفها وتبويبها وتحديد الأهم فالمهم منها، واعملوا على أساسها واستقيموا واصمدوا في دفاعكم عن هذه المثل العليا وهذه الأهداف السامية.
 
الواقع سلّم الوصول للمثل العليا
وعليه فإن الواقع ينبغي أن لا يبعدنا عن تلك المثل. حقائق الواقع يجب أن تكون كالسلّم، الذي يقرّبنا من المثل والأهداف الكبرى. وإذا ظهرت وقائع مزاحمة ومزعجة، يجب أن نواجهها ونقاومها ونزيلها عن الطريق. الروحية المثالية هي هذه. وبالتأكيد فإن النقطة المخالفة والمقابلة لها –كما أشرتُ سابقاً- هي الروحية المحافظة؛ أي أن نتأقلم مع الوقائع، فنقبل السيئ منها كما نقبل الجيد، تحت ذريعة وعنوان "ماذا يمكن أن نفعل؟، لا حول لنا ولا قوة!" ونمّر على الأحداث هكذا. حسنٌ، من البديهي معرفة المصير الذي سيصل إليه هكذا شعب بهكذا روحية.

إذا أرادت المنظمات الطلابية والتيار الجامعي الوصول إلى امتلاك التأثير المطلوب، فإن هناك مقتضيات يجب مراعاتها. أحد هذه المقتضيات والإلزامات العمل على المفاهيم الإسلامية، أي التعمّق للوصول إلى عمق المسائل؛ فالنظرة السطحية تؤدي إلى الضرر والخسارة. وبالتأكيد فإنني قد لمستُ اليوم في الكلمات التي ألقاها الأصدقاء – في عدد من الكلمات ولا أقول في جميع الكلمات - علامات وآثار التعمّق وشاهدتُ لحسن الحظ كيف أن الشاب الجامعي يقارب الأمور بنظرة عميقة. هذا هو الشرط الأول.
 
"الإسلام الرحماني" ليس إسلامياً ولا رحمانياً
تُطلق أحياناً بعض الشعارات، وهي شعارات إسلامية بحسب الظاهر ولكنها في الباطن والعمق غير إسلامية؛ من جملتها الأفكار التي انتشرت وراجت مؤخراً ويلاحظها الإنسان في بعض الكتابات والأقوال <ومنها< مصطلح "الإسلام الرحماني". حسنٌ، إنه تعبير جميل، إسلامه جميل ورحمانيته جميلة أيضاً! ولكن ماذا يعني؟ ما هو تعريف الإسلام الرحماني؟ حسنٌ، الله تعالى هو رحمان ورحيم وكذلك هو "أشدّ المعاقبين". الله تعالى عنده جنة وكذلك جهنم، وهو سبحانه لا يجعل المؤمنين كغير المؤمنين؛ ﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ3.

ما هي نظرة وحكم الإسلام الرحماني الذي يتم طرحه، بالنسبة للمؤمن وغير المؤمن؟ بالنسبة للكافر والعدو؟ وما هو رأيه بالنسبة للكافر غير العدو؟ إن إطلاق مصطلح أو تعبير ما بهذا الشكل ودون فهم عميق وإدراك دقيق هو عمل خاطئ وقد يكون مضللاً أحياناً. حين يستخدم البعض تعبير "الإسلام الرحماني" هذا في كلامهم وكتاباتهم وتصاريحهم، يشاهد الإنسان ويشعر بشكل واضح بأن هذا "الإسلام الرحماني" هو كلمة مفتاحية للمعارف المنتزعة من "الليبرالية"، أي ما يقال له في الغرب "ليبراليسم"، مع العلم بأن استخدام تعبير الليبرالية وعنوان الليبراليسم للحضارة الغربية والثقافة الغربية والايديولوجيا الغربية هو تعبير خاطئ وغير صحيح؛ ففي الواقع هم ليسوا ليبراليين ولا اعتقاد لديهم بالليبرالية بالمعنى الحقيقي للكلمة. ولكن حسنٌ، هناك اصطلاح حالياً باسم الليبرالية. فإذا كان الإسلام الرحماني هو إشارة إلى هذا، فهذا ليس إسلاماً وليس رحمانياً أبداً.

إن الفكر الليبرالي ينبع من الفكر الأوروبي في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، حيث إن البنية التحتية له هي الفكر الأومانيستي [محورية الإنسان] والذي يُنكر البعد المعنوي والله وما شابه.

فحين لا يكون هناك إله، ستكون الأمور ذوقية ومزاجية. هكذا هي أمور البشر. حتّى بالنسبة للحقائق العلمية والحقائق التجريبية المختبرية. انظروا إلى اختلاف الأذواق والسلائق. يحددون اليوم خواصّ لمادة معينة أنها مثلاً مفيدة للمرض الفلاني أو المشكلة الفلانية. بعدها بعدة أيام يعلن علماء أنها ليست مفيدة، بل مضرّة! أي أن الأعمال التي لا تستند للوحي الإلهي هي في معرض الخطأ والاشتباه وازدواجية التفكير وما شابه. وعليه، حين يكون الفكر غير إلهي، سيعتمد على الذوق والسليقة الخاصة؛ عندها سيتم تعريف القيم وتحديدها على أساس مصالح الفئات القوية المقتدرة.
 
أخبروا الشعب الأمريكي
يوجد اليوم شيء باسم "القيم الأمريكية"؛ فتسمعون في كلام الأمريكين تعبير "القيم الأمريكية" أو "قيمنا". حيث إن مؤسسي أمريكا المستقلة، الذين أخرجوا أمريكا من سيطرة الاستعمار الانكليزي في القرن الثامن عشر وقدّموا أمريكا بعنوان بلد مستقل في ذلك الطرف من العالم – أبرزهم حينها جورج واشنطن وبعض رفاقه وخلفائه فيما بعد - قد وضعوا مجموعة قيم وأطلقوا عليها اسم القيم الأمريكية. هذه القيم نفسها حين يتم تقييمها فإنها تحوي الكثير من المشاكل والاعتراضات عليها؛ وهي نفسها التي أدت إلى "وضعية الهيمنة" ونهب العالم التي نشهدها اليوم في نظام السلطة. لَكن حتّى هذه القيم – أي بعض الأمور الجيدة والإيجابية الموجودة فيها - قد تم نسيانها وتجاهلها بالكامل في المجتمع الأمريكي والنظام السياسي الأمريكي في زماننا المعاصر.

وأنا العبد لله، كنت أطالع منذ سنوات عديدة أفكار وكلمات هؤلاء السادة الذين أطلق عليهم اصطلاحاً مؤسسي أمريكا قبل أكثر من مئتي سنة – حيث إن كلماتهم وأفكارهم قد جرت صياغتها وتدوينها باسم المنشور الأمريكي أو منشور القيم الأمريكية - وقمت بمقارنة تلك القيم ومطابقتها مع سلوك وعمل القادة والزعماء الأمريكيين اليوم، فوجدتُ كيف أن أغلب هذه القيم قد تم نقضه ومخالفته. خطر على بالي حينها أنه من اللازم والمناسب أن يقوم أحدٌ بعرض هذا الأمر وطرحه في وجه الشعب الأمريكي، أن هذه هي القيم التي تدّعونها، لا أثر لها اليوم في سلوك الحكومة الأمريكية ونظام الولايات المتحدة الأمريكية. حالياً، هذا هو الموجود!

إذا كان مصطلح "الإسلام الرحماني" هذا، هو إشارة لمثل هكذا أمور، فواضح أنه خطأ بنسبة مائة في المائة.

وإذا كان المقصود من "الإسلام الرحماني" أننا ننظر إلى جميع موجودات العالم بعين الرحمة والمودة، فإن هذا أيضاً غير صحيح! هذا مخالف للقرآن، والقرآن ينطق بخلافه في صريح بيانه. نعم، لم تُجعل المحبة والمودة والعدالة خاصة بالمسلمين؛ القرآن يقول إنكم قادرون وينبغي لكم أن تتصرفوا بمودة وعدالة ورحمة مع غير المسلمين أيضاً بشرط أن لا يكونوا قاتلوكم أو سوف يعادونكم ويقاتلونكم.

يقول أمير المؤمنين في تلك الخطبة المعروفة: "بلغني أن الرجلَ منهم كانَ يدخلُ على المرأةِ المسلمة والأخرى المعاهدة"4؛... إلى أن يقول إن الأمر جدير بأن يموت الإنسان المسلم من غضبه وكمده. لماذا؟ لأن جيش معاوية قد أغار على نساء غير مسلمات - "المعاهدات" أي من المسيحيين أو اليهود الذين يعيشون مع المسلمين في رعاية الإسلام - وقد أهان تلك النساء وانتزع من أيديهن الحلي مثلاً! يقول عليه السلام إن على الإنسان أن يموت حزناً وتعاطفاً معهن. نعم، هكذا هي المحبة والمودة مع غير المسلمين من الذين لا يحاربون ولا يعادون الإسلام. وقد جاء في القرآن الكريم ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ5؛ وفي المقابل ﴿أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ6. هذه الآية القرآنية تخاطب المسلمين بعتاب وملامة، وتسألهم (أتخشَوُنَهم؟) ثم تجيب (فالله أحقّ أن تخشوه). إن كنتم صادقين ومؤمنين فعليكم أن تخشوا الله ولا تخشوا هؤلاء.

حسنٌ، هذا هو القرآن، إذا كان معنى "الإسلام الرحماني" أن نتعامل مع الأعداء الذين يبذلون كل جهودهم لمواجهة الإسلام وإيران والشعب الإيراني ويحاولون منع إيران من التقدم ولم يوفروا جهداً في هذا السبيل، ونقابلهم بالوجوه المفعمة بالمحبة والقلوب الصافية والمودة والرحمة. كلا، هذا ليس إسلاماً! فلا أوصيكم بهكذا معارف التقاطية هجينة من صنع بعض الأشخاص ووفق أهوائهم، لكني أوصيكم بالمعارف الإسلامية الحقيقية. فلتعمل المنظمات الطلابية الجامعية على المعارف الإسلامية. الكتب ليست قليلة، بل لدينا كتب كثيرة. في السابق كنا نضطر لإرجاع الشباب فقط لكتب الشهيد مطهري - وبالطبع فإن هذه الكتب لا تزال في القمة وذات قيمة عالية جداً - ولكننا اليوم نملك، إضافة إلى تلك الكتب، الكثير من تلك الكتب الأخرى؛ حيث يمكن للطلاب أن يختاروا أساليب وأنواعًا متعددة للمطالعة، وليشتغلوا على البحث والتحليل والبيان لمفاهيم هذه الكتب، وليقيموا جلسات الخطابة والمؤتمرات وطاولات الحوار. وهذا كله يعني رفع المستوى والإدراك العميق. هذا الأمر من المقتضيات المطلوبة. أحد مستلزمات التأثير هو أن تتمكنوا من جذب الجسم الطلابي.
 
أبدعوا أساليب لجذب الآخرين
إن المنظمات الجامعية هي أقلية بين الطلاب، فلو جُمعت كل المنظمات الطلابية فلن تكون أكثرية بين جموع الطلاب الغفيرة. ينبغي أن توجدوا قدرة جذب لديكم بحيث تجذب الطلاب. كيف يتم إيجاد هذه الجاذبية؟ أنا أتصور أن هناك العديد من السبل والأساليب؛ أنتم شباب، ابتكاراتكم وإبداعكم أكثر منّا - نحن كذلك حين كنّا في مرحلة الشباب كان يخطر على بالنا عشرة أساليب وطرق عمل لكل مسألة، ولكن ذهنَكم الآن يعمل بشكل أفضل - أبدعوا إبتكارات لجذب جموع الطلاب الجامعيين.

وبالتأكيد فإن الجذب من خلال الرحلات المختلطة هو خطأ بنسبة مائة في المائة. البعض يرغب في إيجاد جاذبية بهذا الشكل. تقوم مجموعة طلابية، وتحت عناوين برّاقة وبذريعة أنها اتحاد نقابي أو نادٍ علمي وتخصصي أو حتّى تحت مسمّى إسلامي، فتجمع الشباب والشابات بشكل مختلط وتأخذهم في رحلة إلى الجبل أو تنظم لهم سفراً أو رحلة إلى أوروبا! رحلات إلى خارج البلاد! وهذا بالتأكيد خيانة للبيئة الجامعية وخيانة للجيل القادم في البلاد. لا شك ولا ريب أن هذا ليس أسلوب الجذب الصحيح والمطلوب.

وكما قال [أحد مندوبي الطلاب] وأنا العبد لله أعيد وأكرر: إضفاء الجاذبية على مجموعتكم لا يتم من خلال إقامتكم للحفلات الموسيقية. لقد قلتُ في أحد الأيام - قبل سنوات عديدة - إن بعض المنظمات الطلابية قام بهكذا أعمال. وقد أثار هذا تساؤلاً عندنا بأن هذه المجموعة الجامعية لماذا تقوم بهذا العمل؟ كان أمراً مثيراً للتعجب بالنسبة لي. حين سألنا، قالوا: نريد أن نجذب الطلاب. حسنٌ، لقد دفعنا الثمن باهظاً فيما بعد.

وهنا أتذكر حادثة ذكرها "سيّد قطب" في أحد كتبه وقد نقلتها عنه وذكرتها في بعض المؤلفات - قبل انتصار الثورة بسنوات - حيث يقول: كنتُ أسير في الشارع في إحدى المدن الأمريكية، وصلت إلى إحدى الكنائس، لاحظت أن هناك قاعة اجتماعات مجاورة للكنيسة وقد وضع على لوحة الإعلانات ملصق حول "برنامج السهرة". قرأتُه فوجدتُ برنامجاً يضم نوع الموسيقى الفلانية ثم مقاطع غنائية وبعدها عشاء خفيف ومن ثم لقاء وجلسة فلانية. أثار هذا البرنامج فضولي وتشجعت للمجيء ومعرفة ماذا يجري. يتابع فيقول: ذهبتُ مساءً فوجدتُ هذه القاعة تشبه ملهىً ليليًا! يأتي الشباب والشابات والناشئة، يجلسون ويتسامرون، ويتم إجراء برنامج على خشبة مسرح، موسيقى وغناء. جلست أتابع الوضع. أحضروا وجبة عشاء خفيفة وبعدها مشروبات غازية مثلاً؛7 الجزء الملفت للنظر هنا: بعد مرور عدة ساعات وفي آخر الليل، شاهدت الراهب - راهب تلك الكنيسة التي تتبع القاعة لها - قد دخل بكل وقار إلى خشبة المسرح وأطفأ بعض الأنوار والمصابيح ومن ثم ذهب! يقول أنا أيضاً ذهبت8. وفي اليوم الثاني ذهبت إلى ذلك الراهب وسألته ما هذا الوضع؟ أنت عالم دين ومبلغ للدين فما هذا الذي فعلته بالأمس؟ وما هذا البرنامج مع هؤلاء الشباب؟ قال لي: أيها السيّد أنت لا تعرف الوضع. أنا مجبر على هذا العمل كي أجذب الشباب إلى الكنيسة! يقول إني قلت له حينها - بالمضمون والتعبير منّي - تبّاً لك ولهذه الكنيسة!9 حسنٌ، فليذهبوا إلى الملاهي الليلية وعلب الليل، إن كانوا سيقومون بهذه الأعمال فلماذا يأتون إلى الكنيسة؟.

إذا قررنا أن نجذب الشباب ونشدّهم بأسلوب الفسق والفجور والموسيقى الحرام وهذه الوسائل فلمَ نسمي أنفسنا منظمة إسلامية؟ فهذا العمل ليس إسلاميّاً بل هو ضد الإسلام. بناءً على هذا، فحين أتحدث عن الجاذبية التي ينبغي للمنظمات الطلابية الإسلامية أن توجدها، لا أقصد هكذا أنواع من الجذب والجاذبية، فهذا مخالف للصلاح والمصلحة وضد الحق. بل هو خيانة للبيئة الجامعية. الجاذبية المقصودة تحصل عبر الطرق الصحيحة والسليمة.
 
قل لي كلاماً جديداً...
من أنواع إيجاد الجاذبية أن تقدّموا أفكاراً جديدة "قل لي كلاماً جديداً فإن للجديد حلاوة من نوع آخر"10، الكلام الجديد والأفكار الجديدة وليس المقصود هنا أن يخترع شخص ما أموراً عجيبة من عنده. يوجد الكثير من الحقائق التي يجدها الإنسان من خلال المطالعة في القرآن ونهج البلاغة وروايات المعصومين. أنا العبد لله على سبيل المثال، ومع أنني أمضيتُ ستين أو سبعين سنة في مجال العلوم الإسلامية، يحدث أحياناً أن أدير التلفاز فأشاهد أحد السادة يتحدث وفجأة ألاحظ أنه قد طرح نقطة جديدة بالنسبة إلي، مما لم أكن قد التفتُّ إليه وأدركته سابقاً، فأتعلمها وأستفيد منها. وهذا الأمر بالنسبة لشخص مثلي، ممن قضى أكثر من ستين سنة في مجال العلم الديني – فأنا معمم منذ أكثر من ستين سنة - ولا يزال هناك كلام جديد وأفكار نضرة بالنسبة لي. كم قرأتُ القرآن وعلاقتي بالروايات والأحاديث قديمة وقد قمتُ بتدريس القرآن ونهج البلاغة لسنوات طوال، ثم يأتي عالم دين شاب يطرح مسألة في التلفاز، تكون جديدة وأستفيد منها.

هناك الكثير من الكلام والأفكار الجديدة، فليتم البحث وليقدموا كلاماً جديداً على أن يتمتعوا باللياقة والكفاءة اللازمة لهذا العمل. وسيتمكّنون من هذا الأمر. كذلك فإن الأفكار الجديدة لا تنحصر في المجال الديني، هناك أفكار سياسية جديدة وأفكار اجتماعية جديدة وكذلك في مجال القضايا الدولية. حين تطرحون في منظماتكم أفكاراً جديدة، فإن الشباب سينجذب نحوكم. إن الأفكار الجديدة جذَابة.
 
الفن والمسرح والأناشيد والكاريكاتير
من الأساليب الأخرى أن تستفيدوا من الوسائل الفنية والتي قلّما جرى استخدامها؛ المسرح على سبيل المثال؛ المسرح الجامعي. مع الأسف في أجوائنا الفنية فإن المسرح كان سيئاً منذ ولادته. أي أن مسرحنا كان إما مسرحاً لغوياً لا معنى له ولا فائدة مثل فرق "الزفّة" وما شابه وإمّا مسرحاً اعتراضياً ليس له توجّه وهدف واضح وسليم، إضافة إلى استخدامه لغة الإبهام والغموض حيث كانوا يتخيلون أن من شروط المسرح أن يكون بلغة مبهمة ورمزية غامضة. والحال أن الأمر ليس كذلك. فالمسرح هو التمثيل أمام عيون المشاهدين وخلافاً للسينما حيث يشاهد الناس الفيلم عبر الش 2015-07-23