الصبر والإستقامة

مـسـالـة الصبر هي اساس لكل الاعمال الصالحة وركن اساس في امتثال كل طاعة واجتناب كل معصية.

وعـلى هذا الاساس فلا عجب ان يعد الصبر من احدى العوامل المهمة في دخول الجنة كما ذكر ذيل الاية 12 سورة الإنسان: ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾.

وعـنـد دخـولهم الجنة تستقبلهم الملائكة بالترحيب، وهذا دليل على عظمة مقام الصابرين ﴿سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ﴾ الرعد ـ24.

مـن المعلوم ان الاية التي نحن بصددها هي من آيات سورة الدهر التي نزلت على قول اكثر مفسري الشيعة والسنة فى حق علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، حيث ضربوا اروع الامثلة في الصبر والتحمل حينما تصدقوا بماعندهم من طعام الى "المسكين" و"اليتيم" و"الاسير" وبقوا ثلاثة ايام متتابعة يفطرون بالماء فقط وهذا هو الصبر على الطاعة.

مـن الـبـديـهي: ان الصبر والتحمل عند مشاكل ومصاعب الحياة وكذلك الصبر والتحمل على ترك ما نهى اللّه عنه من عوامل الاثارة والذنوب والمعاصي يكون مفتاح من مفاتيح الجنة فيبدل اللّه تعالى ما لقوه من المشقة والكلفة نعمة وراحة.

ومـمـا تـجدر الاشارة اليه ان هذه الاية خصت من بين جميع النعم الالهية الالبسة الفاخرة الجميلة ويـعود السبب في ذلك اما لان هذه الثلة من الصابرين اضافة الى ما جادوا به من الطعام للجياع كذلك انـهـم وما وهبوه من الالبسة اليهم واكتفوابلباس بسيط او ان جمال ظاهر الانسان بالدرجة الاولى يكمن في زيه ولباسه كما ان لباس "التقوى" هو زنية وجمال الباطن.
 

الايمان والاستقامة

ركـزت بـعـض الايات القرآنية على مسالة الاستقامة والثبات على طريق الايمان واطاعة الاوامر الالـهية فقد ورد في سورة الاحقاف آية 13، 14 قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.

اسـتـقـاموا مشتقة من مادة"الاستقامة" اي ملازمة الطريق المستقيم والثبات على الطريق الصحيح وبتعبير آخر الابتعاد عن كل زيغ وانحراف والثبات على ما شهد الانسان به من دين الحق والتفسير بـ""الاعتدال"" من ارباب اللغة انما هو من هذا الباب ايضا.

قـال الـراغـب في مفرداته: "يقال الاستقامة الطريق الذي يقع على خط مستقيم ولهذا يقال للطريق الحق "الصراط المستقيم" واستقامة الانسان هي ملازمة الطريق المستقيم".

ونختتم هذا الموضوع بحديث عن الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم قال سفيان الثقفي قلت يارسول اللّه اخبرني بـامـر اعـتصم به قال الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم: "قل ربي اللّه ثم استقم" قال فقلت: ما اخوف ما تخاف علي: فاخذ رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم بلسان نفسه فقال "هذا".

* نفحات قرأنية /6/ بحث الجنة / اية الله مكارم الشيرازي.