يتم التحميل...

كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في المؤتمر الوطني الثامن للشباب النخبة

2014

لا يوجد بالنسبة إلى شخص مثلي، يبلغ هذا السنّ ويتحمّل هذه المسؤوليّة، ما هو أجمل من لقاء جمعٍ مثل جمعكم هذا، أنتم الشباب الذين دخلتم ساحة الحياة العلميّة وتبشِّرون بمستقبل مشرق لمستقبل هذا البلد. إنّ عيوننا _أنا وأمثالي_ ناظرة إليكم،

عدد الزوار: 14

كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في المشاركين في المؤتمر الوطني الثامن للشباب النخبة في حسينيّة الإمام الخميني (قدس سره)1_22/10/2014

بسم الله الرحمن الرحيم

لا يوجد بالنسبة إلى شخص مثلي، يبلغ هذا السنّ ويتحمّل هذه المسؤوليّة، ما هو أجمل من لقاء جمعٍ مثل جمعكم هذا، أنتم الشباب الذين دخلتم ساحة الحياة العلميّة وتبشِّرون بمستقبل مشرق لمستقبل هذا البلد. إنّ عيوننا _أنا وأمثالي_ ناظرة إليكم، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفّقكم من خلال ما تمتلكونه من قوّة فكريّة وعزيمة وإرادة لبناء بلدكم ومنزلكم الذي تفتخرون به، بنحو يليق بهذا البلد العزيز ويليق بهذا التاريخ. فأهلًا وسهلًا بكم، ونحن مسرورون اليوم بزيارتكم هذه.

في الحقيقة لقد سررتُ جدًّا ممّا عرضه لنا السيّد ستّاري، السيّد ستّاري هو من النخبة، وكذلك والده الشهيد أيضا _ الشهيد منصور ستّاري _ كان في الحقيقة من النخبة، سواء من الناحية الفكريّة والذهنيّة، أو من الناحية العلميّة والعمليّة، وكذلك من جهة الدافع والإيمان والحضور في المجالات الصعبة، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يحشر عزيزنا الشهيد ستّاري مع أوليائه، ويوفّق السيّد ستّاري أيضًا لكلّ خير؛ فإنّ الأمور التي أتى على ذكرها هي في الواقع صحيحة بالكامل ومهمّة جدًا، ونسأل الله سبحانه لمؤسّسة النُخَب ولهذه المعاونية التي انطلقت بعد إصرارنا ومتابعتنا لعدّة سنوات, وها هي بدأت عملها وبلغت النضج والعطاء، أن يوفّقهم لأداء وظائفهم على أكمل وجه.
 
 ما هي النخبة
أودّ أن أشير إلى مسألة مهمّة ولعلّها هي محور كلامي معكم: إنّ من الأمور المهمّة التي ينبغي على النخب في هذا البلد أن يفكّروا فيها جيدًا ويتعمّقوا فيها هي: أصل مقولة النخبة النخبويّة ومفهوم النخبويّة، فعليكم أن تنظروا لهذا المفهوم نظرة علميّة وحكيمة، فالنخبويّة تركيبٌ مؤلّف ومشكّل من استعداداتكم، وما قدّمتم من همّة في السعي والعمل، وبذلتم من مثابرة ومن تتّبع، وجميع هذه الأمور -الاستعداد والهمّة والمثابرة- هي عطاءات الله سبحانه وتعالى لكم، وهذا رزق إلهي منحه لكم، ﴿وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ2، هذا الرزق الذي أعطاه الله لكم، وكذلك فإنّ الاستعداد والسعي وقابليّاتكم الذهنيّة، وكذلك الهمّة والمثابرة وما قدّمتموه في الدرس والبحث والمطالعة والعمل _فكثير من الناس يمتلكون الاستعداد والقابليّات ولكن ليس عندهم الهمّة والنشاط_ وكذلك المثابرة التي منحكم الله إياها، فبذلتم الوقت وجلستم وقرأتم وفكّرتم وطالعتم وبحثتم، وكلّ هذه الأمور بحاجة إلى صبر، وهذا التحمّل أيضًا يعدّ نعمة إلهيّة، إنّ كلّ ذلك رزق إلهي.

تكليف النخبة: الإنفاق من رزقهم
وعندما نعرف مصدر هذا الاستعداد وهذه الهمّة، حينها نعرف أين ينبغي أن تُصرف، وأين ينبغي أن تبذل، وقد حدّد الله سبحانه وتعالى في كتابه ﴿هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ3 أنّه لا بدّ من الإنفاق، وهذا الرزق الإلهي المقدّم لكم لا بدّ أن تنفقوا منه، وليس الإنفاق بمعنى أن يُخرج أحد من جيبه مالًا ليعطيه لأحد المحتاجين. إنّ هذا الرزق أرفع بكثير، وهو رزق ذو قيمة أغلى أيضًا، وكذلك إنفاقه يكون أغلى، ولا بدّ من إنفاقه، وإنفاق رزق العلم أن يكون في خدمة المجتمع، وفي خدمة تاريخكم، ومستقبلكم، وأن تضعونه في خدمة وطنكم وشعبكم، وهذا ما يوضّح ويحدّد تكليف النُخَب، فانفقوا هذا النحو من الرزق في سبيل الله، وابذلوه في خير ومصلحة عباد الله، وليكن خاليًا من أيّ مِنَّةٍ _ وهذا الأمر أيضًا أذكره لكم.

صحيح أنّ هذا الرزق الذي أعطاه الله لكم تقومون بتقديمه لعامّة الناس، لكنّكم أيضًا تستفيدون بنحوٍ آخر وبشكل دائم ومستمرّ من نتيجة هذا العمل وخدمتكم عامّة الناس؛ فالأمر بمثابة أخذٍ وعطاء. فالخبز نفسه الذي تأكلونه، وهذا اللباس الذي تلبسونه، وتلك الوسيلة التي تستخدمونها بالذهاب والإياب إلى أعمالكم، أليست هي نتيجة أعمال أولئك الذين لم يطلق عليهم اسم النخبة؟ فهؤلاء يقدّمون لكم نوعًا من الأعمال، وأنتم عليكم أن تقدّموا لهم نوعًا من الأعمال، هذه هي النخبة. إذا كان هكذا يتمّ الإنفاق فسوف يلحق ذلك الهداية الإلهيّة والمدد الإلهي. انظروا، في هذه الآية الشريفة ﴿هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ، أهدى هذا الكتاب وقدّم الهداية للمتقين. والمتّقون مَن هم؟ هم الذين ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُون. وعندما تقومون بهذا الإنفاق سوف تكونون من عداد أولئك الأشخاص الذين تشملهم الهداية الإلهيّة، هذه الهداية، سواء في مجال اتساع نطاق النخبويّة4 أم في مجال التوفيق لكيفيّة بذل وتفعيل هذه النخبة، هي هداية الله سبحانه وتعالى.

النخبة تحضر حيث الحاجة
إن الهداية ستجعلكم حاضرين لملء أي فراغ موجود وتستطيعون أن تتصدوا له وفي أي مكان، لا فرق بين ساحة وأخرى. انظروا؛ إنّ الشهيد شمران كان واحدًا من النخبة العلميّة، والجميع يعرفه كجندي وقائد ومقاتل، إلّا أنّه كان أيضًا أحد النُخَب العلميّة في الدرجة الأولى-أنا سمعت منه شخصيًا ومن الآخرين أيضًا- أنّه كان من الأشخاص والطلّاب أصحاب الدرجات العالية في المراكز العلميّة التي كان يدرس فيها في أميركا، لقد كان نخبةً علميّة بكلّ ما للكلمة من معنىً. إلّا أنّه شعر بوجود حاجة للمجيء والعمل في هذا المجال، فجاء واستفاد من ذلك الاستعداد ومن تلك القدرة والهمّة التي يمتلكها، ودخل إلى هذا العمل وقام بأعمال عظيمة جدًّا، هذا واحدٌ من النخبة.

مثالٌ آخر الشهيد مجيد شهرياري، الذي كان أيضًا واحدًا من النخبة. لم يكن عمل شهرياري متعلّقًا بالحرب، ولكن كان هناك مكانٌ خال ونقطةٌ فارغة هي محل حاجة. فذهب هذا الشهيد النخبة إليها وبدأ العمل فيها، وهكذا سائر شهدائنا النخبة الذين عملوا في الواقع.

وعلى كلّ حال، عندما نعلم أنّ هذه الأمور عطاءات إلهيّة، ونعم إلهيّة، ورزقٌ إلهي عندها نفهم أين ينبغي أن ننفق هذا الرزق الإلهي. هذا موضوع وهو أساس كلامي الذي كنت بصدد الحديث عنه.

علينا مواصلة الحركة العلميّة
أما بالنسبة لمسألة العلم والبحث، فقد تحدّثنا كثيرًا منذ سنوات، ولله الحمد لم يكن هذا الكلام بلا جدوى. وقد نهض البلد في السنوات العشر والاثني عشر الأخيرة بحركة علميّة حيّةٍ، وموجّهة وجدّية. وبحمد الله انطلقنا بشكلٍ كامل، لكن علينا أن نكمل هذا الطريق. وقد أكّدت أنا شخصيًّا في الحكم الأخير الذي صدر عن المجلس الأعلى للثورة الثقافية5، أنّه ينبغي للحركة العلميّة أن لا تتوقّف، لأنّ أيّ توقّف يترافق مع التأخّر، ونحن في سباقٍ عالمي، ونعاني من التأخير الكثير. والآن تعتبر سرعة تقدّمنا جيّدة إلّا أنّ التأخّر كبيرٌ إلى حدٍ لم تتجاوزه سرعة تقدّمنا، ولحدّ الآن لم يستطع أن يوصلنا إلى المحل المطلوب، لذلك لا بدّ أن نتابع السير ونسعى جاهدين. هذه الحركة العلميّة ضروريّة. وإذا ما استمرّت هذه الحركة العلميّة مع ما يلحقها من الحواشي والمتعلّقات - والتي يعدّ واحدًا منها تشكيل هذه الشركات العلميّة المحور والإقبال على الاقتصاد العلمي المحور. وهذه الأمور من لوازم هذه الحركة العلميّة التي انطلقت بحمد الله- فإنّنا سوف نوصل البلد إلى شاطئ النجاة.

الدولة بإدارة الاستعدادات الداخليّة
 لقد تحدّث منذ قليل عزيزنا السيّد ستاري بكلامٍ صحيح وقال: لا مكان للنخبة في بلد واقتصاد يعتمد على المصادر الجوفيّة وتكون الثروة التي جاءت مع الريح هي الحاكمة؛ فلا يتمّ التعرّف على النخبة فيها، ولن يتمّ استقطابها ولا الشعور بالحاجة إليها أصلًا. وعندما نتّجه إلى استخراج ثروتنا التاريخيّة من أعماق الأرض، ونستمرّ في بيع الخام، ونصبح بحالة "ابن الثري الوطني"6 - لنقل هكذا، فإنّ أولاد الأغنياء لا يعرفون قيمة المال، فهم يصرفون أيّ مال يصل إلى أيديهم- إذا أردنا إدارة البلاد بهذا الشكل، فلن يتم التعرّف على النخبة ولا الشعور بالحاجة إليهم، ولن يستطيعوا القيام بدور، وفي النتيجة سيكون مصير البلاد بيد واضعي السياسات العامة للنفط العالمي والمصادر الجوفيّة. وهذا ما يحدث في هذه الأيّام: تقوم سياساتهم على أن تنخفض قيمة النفط يومّا؛ فجأةً ترون أنّ البرميل انخفض 20 دولارًا، فحتى الأمس كان يباع بسعر 105 دولارات، واليوم ينبغي أن يباع بقيمة 85 دولارًا، وهذه سياسة عالميّة، والدولة التي تربط اقتصادها بالسياسيّين والمنظّرين والمخطّطين الذين يفكّرون ويعملون خارج مصالحها، فمعلوم كيف سيكون مستقبلها. على الدولة أن تدار من خلال قواها الداخليّة، وبتعبيره الصحيح أي السيّد ستّاري أن تدار من خلال الذخائر التي هي فوق الأرض(الفوقية) أي من خلال استعداداتنا الداخليّة، قوانا الإنسانيّة، ذكاء الشباب، ينبغي أن تدار الدولة بهذه الأمور، وإذا تحقّق هذا الأمر فإنّه لا يوجد قدرة في العالم تستطيع أن ترسم نهاية اقتصاد البلد أو أيّ شيء يتعلّق باقتصاد البلد، أو تتلاعب به كما تشاء، وعلى هذا الأساس لا بدّ من الذهاب باتجاه العلم والبحث، وهذا عمل ضروري، ومن الطبيعي جدًّا أن لا نخلط بين إنتاج العلم الذي تحدّثت عنه وبين تقديم البحوث والمقالات، فإنّ الإحصاءات التي تقدّم، والمقالات التي تنشر، هي مقالات علميّة، وبعضها قيّم جدًّا ويعدّ من المقالات المصدر والمرجع في العالم، وهذا أمر جيّد وله مكانته القيّمة في حدٍّ ذاته، ولكن ليس هذا هو كلّ القضيّة؛ أوّلًا يجب أن تكون المقالات إبداعيّة، وثانيًا لا بدّ أن تحاكي هذه المقالات الاحتياجات الداخليّة للبلد، وهذا ملقًى على عاتق الجامعات ومراكز البحوث العلميّة، وينبغي الاعتماد على هذا الأمر.

التقدّم العلمي؛ مسؤوليّة الجميع
وأذكر لكم هذا الأمر أيضًا، وهو أنّ التقدّم العلمي هو عمل الجميع، بمعنى أنّ المسؤولية على عهدة جميع مؤسّسات الدولة، فعلى المعاونية العلميّة ومؤسسة النُخَب مسؤوليّات مهمّة ولها شأنها، ولها أعمالها الخاصّة، ولكن تستطيع كلّ جامعات الدولة وكلّ المؤسّسات المختلفة في الدولة _ وزارة التربية والتعليم، ووزارة العلوم، والمنظّمات المختلفة الموجودة في البلد_ أن تساهم في لعب هذا الدور، وتستطيع هذه الخارطة العلميّة الشاملة _والتي تمّ تدوينها ونشرها بحمد الله_ أن تحدّد وظيفة مؤسسات مختلفة ومتنوّعة، وينبغي علينا في كلّ منظومة جامعات البلاد أن نشكّل سلسلة علميّة متكاملة، وبالمعنى الواقعي، علينا أن نشكّل شبكة عظيمة إنتاج العلم في جميع المجالات والأقسام التي هي محلّ الحاجة، ويكون كلّ واحد منها مساعدًا للآخر ومكمّلًا له ، فلا بدّ من التعاون بين كلّ من مراكزنا التحقيقيّة وكذلك جامعاتنا، وكذلك سائر المؤسّسات التي لها ارتباط ما بالمسائل العلميّة، وبعون الله سبحانه  سيتحقّق هذا الأمر، وتتشكّل الشبكة العلميّة الشاملة.

أذكروا الله والجؤوا إليه
أيّها الشباب الأعزاء؛ أوصيكم جميعًا بتعزيز علاقتكم مع الله سبحانه وتعالى، مهما استطعتم، ولا بدّ أن تكون البرامج التي توضع لكم بصدد تقوية وتعزيز هذا الأمر، فإنّ قلوبكم أيّها الشباب نقيّة طاهرة، ومنوّرة، وهي أكثر معرفة بالله سبحانه _ تحدّثوا مع الله، اطلبوا من الله، الجؤوا إلى الله، تحدثوا معه عن آلامكم وآمالكم، حاولوا ما استطعتم أن توجدوا هذه الحالة في أنفسكم _ واعلموا أنّ نجاحكم في المستقبل سيكون بشكل أكبر، وفي هذه الآية الشريفة: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ7، نجد قبل ذكر الإنفاق ذكر إقامة الصلاة، والصلاة هي مظهر الارتباط والاتصال بالله.

 أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفّقكم جميعًا، وأن يرضى عنكم إمامنا العظيم وشهداؤنا الأعزاء، ويقومون بالدعاء لكم، كما أنّني دائمًا أدعو لكم أيّها الشباب.

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

الأفكار الرئيسية:

1. " النخبة" مفهوم يتكون من عناصر ثلاث: القابليات الذاتية والهمة العالية والمثابرة.

2. النخبة تنفق ما رزقها الله تعالى من علم في خير ومصلحة عباد الله ومن دون مِنّة.

3. الإنفاق في عمقه أخذ وعطاء: النخبة تقدم للناس نوعاً من الأعمال والناس يقدمون للنخبة نوعاً آخر من الأعمال.

4. إذا تمّ إنفاق النخبة في مصلحة عباد الله فسوف تدركهم الهداية الإلهية.

5. أفراد النخبة- مع توفر الكفاءة والقدرة- يحضرون لملأ الفراغ حيث تدعو الحاجة ولو في غير ساحاتهم الأصلية،أي الساحة العلميّة.

6. تعزيز النخبة لارتباطها بالله يعزز نجاحها ويزيد عطاءها وخدمتها لعباد الله.

مختارات:

1. النخبويّة تركيبٌ مؤلّف ومشكّل من استعداداتكم، وما قدّمتم من همّة في السعي والعمل، وبذلتم من مثابرة ومن تتّبع، وجميع هذه الأمور -الاستعداد والهمّة والمثابرة- هي رزق إلهي منحة منه تعالى لكم.

2. هذا الرزق الإلهي المقدّم لكم لا بدّ أن تنفقوا منه، وإنفاق رزق العلم أن يكون في خدمة المجتمع، وفي خدمة تاريخكم، ومستقبلكم، وأن تضعونه في خدمة وطنكم وشعبكم، وهذا ما يوضّح ويحدّد تكليف النُخَب، فأنفقوا هذا النحو من الرزق في سبيل الله، وابذلوه في خير ومصلحة عباد الله، وليكن خاليًا من أيّ مِنَّةٍ.

3. صحيح أنّ هذا الرزق الذي أعطاه الله لكم تقومون بتقديمه لعامّة الناس، لكنّكم أيضًا تستفيدون بنحوٍ آخر وبشكل دائم ومستمرّ من نتيجة هذا العمل وخدمتكم عامّة الناس؛ فالأمر بمثابة أخذٍ وعطاء. فالخبز نفسه الذي تأكلونه، وهذا اللباس الذي تلبسونه، وتلك الوسيلة التي تستخدمونها بالذهاب والإياب إلى أعمالكم، أليست هي نتيجة أعمال أولئك الذين لم يطلق عليهم اسم النخبة؟

4. إذا تمَّ الإنفاق في مصلحة عباد الله فسوف يلحق ذلك الهداية الإلهيّة والمدد الإلهي، والمتّقون مَن هم؟ هم الذين ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ وعندما تقومون بهذا الإنفاق سوف تكونون من عداد أولئك الأشخاص الذين تشملهم الهداية الإلهيّة.

5. إن الهداية ستجعلكم حاضرين لملء أي فراغ موجود وتستطيعون أن تتصدوا له وفي أي مكان، لا فرق بين ساحة وأخرى. انظروا؛ إنّ الشهيد شمران كان واحدًا من النخبة العلميّة، والجميع يعرفه كجندي وقائد ومقاتل.

6. أيّها الشباب الأعزاء؛ أوصيكم جميعًا بتعزيز علاقتكم مع الله سبحانه وتعالى، مهما استطعتم، تحدّثوا مع الله، اطلبوا من الله، الجؤوا إلى الله، تحدثوا معه عن آلامكم وآمالكم، حاولوا ما استطعتم أن توجدوا هذه الحالة في أنفسكم _ واعلموا أنّ نجاحكم في المستقبل سيكون بشكل أكبر، وفي و في هذه الآية الشريفة: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ، نجد قبل ذكر الإنفاق ذكر إقامة الصلاة، والصلاة هي مظهر الارتباط والاتصال بالله.


1- قبل أن يبدأ القائد المعظم بخطابه قدّم الدكتور سورنا ستاري (المعاون العلمي والتقني لرئيس الجمهورية ورئيس مؤسسة النخب الوطنية) تقريرًا كاملا.
2-  سورة النحل، الآية:71.
3- سورة البقرة، الآيتان: 2 و 3.
4- بمعنى زيادة عدد ونوع النخبة.
5- راجع حكم تعيين أعضاء المجلس الأعلى للثورة الثقافية في (26\07\ 1393).
6- للتعبير عن ابن الثري المبذَر الذي لا يعرف قيمة ما لديه
7- سورة البقرة، الآية: 3.

2014-10-28